- ThePlus Audio
التعامل الشرعي مع المنامات
بسم الله الرحمن الرحيم
قانون عالم الدنيا مادي خاضع للحواس
هنالك بعض المظاهر الغريبة في حياتنا اليومية لا تخضع للحواس ولا يمكن إنكار حقيقة هذه الامور فالإنسان يرى في المنام بعض الصور الغريبة المبشرة والمنذرة وبعض الصور التي لا معنى لها، فيمكن أن يرى بعض الصور تثير غضبه أو تثير شهوته، ولكن في بعض الأحيان يرى في عالم اليقظة أموراً لا يمكن أن ننفيها، القرآن الكريم ينقل قصة مريم (عليها السلام)، عندما جاءها الملك تمثل لها بشراً سويا – وكما هو معلوم هي ليست من الأنبياء أو الأوصياء- لكن هذا الملك رسول ربها وقد تمثل لها على شكل بشر، وكما هو ثابت في محله فإنَّ الوجود الملكي لا يخضع لقوانين المادة فالملك موجودٌ فوق عناصر الطبيعة المادية؛ ولهذا نحن لا نرى ملائكةً في ليالي القدر ولو كانت مادةً لرأيناها؛ لكن الله (عز وجل) إذن للملك أن يتمثل لمريم (عليها السلام)[١]، على شكل بشر مادي يحدثها ويتكلم معها وما شابه ذلك، وقد تتمثل الملائكة على شكل رائحة طيبةَ أو نورٍ يخطفُ بالابصار وفي هذا الكلام لا نقول أو نتبنى تصديق كل ما يقال في هذا المجال، فهنالك وهم وادعاء وكذب وهنالك صدق كما في قصة مريم (عليها السلام) إذن ما هو الموقف اتجاه هذه الإمور الغريبة.
في مقام الجواب نقول بأنَّ المؤمن أو العاقل إذا أراد أن يثبت شيئاً لا بدَّ أن يثبته بدليل وإذا أراد أن ينفي فينفي بدليل، نعم في القضاء بين الناس توجد قاعدة محكمة وهي (البينة على المدعي واليمين على من أنكر) ولكن في عالم المعاني والبراهين الأمر مختلف فالطرفان مطالبان بالدليل ولا نكتفي بالقسم من أحدهما؛ لأنَّ عالم الأفكار قانونه يختلف عن القضاء فالمثبت لا بدَّ أن يأتي بدليل والنافي يأتي بدليل أيضاً، وهناك كلمة معروفة ومشهورة عن شيخ الفلاسفة ابن سينا أو من أحد شيوخ الفلاسفة حيث يقول ما مضمونه كل ما قرع سمعك من العجائب فذره في بقعة الإمكان حتى يأتيك عنه قاطع البرهان. هذا هو القانون في عالم المعاني والأفكار.
ليس هدف المؤمن تجاوز عالم المادة والمحسوسات
نحن لا ننفي ولا نثبت انكشاف ما وراء المادة للبعض، إلا أنَّ المؤمن ينبغي له أن لا يهتم ولا يلتفت إلى هذه الأمور، نعم رب العالمين من الممكن أن يفتح عليه باباً من هذه الابواب إكراماً له ولكنه في الوقت نفسه لا يرى هذه الإمور أهدافاً يسعى إليها هذه آثار أو نتائج أو مشجعات لا يشغل المؤمن نفسه بذلك.
ينبغي للمؤمن أن لا يعتقد بما يراه في المنام
نسمع في هذه الأيام أنَّ هناك أسئلة كثيرة ترد عن تفسير منام أو ما شابه ذلك، والكلام نفس الكلام، المنام بما هوَ هوَ لا حجية له فلا يمكن الفرح بمنام جميل كما لا يمكن الحزن بمنام قبيح فالإنسان يستأنس بهذا ويحذر من هذا إما أنه يبني عليه ويعتبره حجة ودليلاً فهذا مما ينهى عنه بشدة.
والبعض الذي يتخرص في تأويل الاحلام بقراءة كتابٍ أو كتابين هذا إنسان متوهم، ولا ينبغي الركون إليه؛ لأنَّ تعبير الرؤى كرامة ربانية أُعطيت أمثال يوسف (عليه السلام) فقد علمه الله (تعالى) من تأويل الأحاديث أما ياتي كل من هب ودب ليدعي ذلك فهذا أمر مرفوض.
السبل الشرعية التي يتبعها الإنسان للتعامل مع المنامات
أوصى أهل بيت العصمة (عليهم السلام) عندما يرى أحدٌ مناما مزعجاً فبعد أن يستيقظ يدفع صدقةً ويسأل الله تعالى أن يكفيه شر ذلك المنام وقبل أن ينام عليه أن يتبع بما ورد في الكتاب والسنة ويذكر الله في هذه الساعة فيستحب قراءة آخر سورة الكهف مثلاً وتسبيحات الزهراء (صلوات الله وسلامه عليها) وقراءة المعوذات وغير ذلك، وهذا سبيل من سبل تصفية المنامات وأما أن نعول عليها فليس هذا من منطق الدين أبداً إلا اللهم اذا وجدت قرائن أخرى تدل على ذلك المنام.
خلاصة المحاضرة
- قد يرى الإنسان في المنام بعض الصور الغريبة، وقد يرى في عالم اليقظة أموراً لا يمكن أن ننفيها، نعم ينقل القرآن الكريم في قصة مريم (عليها السلام) عندما جاءها الملك تمثل لها بشراً سويا، و لكن لانتبنى تصديق كل ما يقال في هذا المجال، فهنالك وهم وإدعاء و كذب و هنالك صدق كما في قصة مريم (عليها السلام) والموقف تجاه هذه الأمور أنَّ المؤمن أو العاقل إذا أراد أن يثبت شيئاً أو ينفيه لابدَّ أن يثبته بدليل وفي عالم المعاني و البراهين مطالب الإنسان بالدليل.
- والمنام بما هوَ هوَ لايمكن للمؤمن أن يبني عليه ويعتبره حجة ودليلاً فهذا مما ينهى عنه بشدة.
- و البعض الذي يتخرص في تأويل الاحلام بقرائة كتابٍ أو كتابين هذا إنسان متوهم ولا ينبغي الركون إليه؛ لأنَّ تعبير الرؤى كرامة ربانية أُعطيت أمثال يوسف (عليه السلام) أما ياتي كل من هب و دب ليدعي ذلك فهذا أمر مرفوض، نعم من سبل تصفية المنامات يدفع صدقة و قراءة أخر سورة الكهف مثلاً قبل النوم.