Search
Close this search box.
  • ThePlus Audio
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

البطنة في شهر رمضان المبارك وآثارها السلبية

بسم الله الرحمن الرحيم

اغتنام فرصة الفطور والسحور ولكن ليس للأكل..!

هناك محطتان للأكل في شهر رمضان المبارك: محطة الإفطار، ومحطة السحور. حاول أن تغتنم الفرصة في هاتين المحطتين، ولا يكن طعامك فيهما بمثابة الدخول إلى مطعم من المطاعم حيث يأكل الإنسان ويخرج من المطعم في عملية – كما يقال بهيمية – فإن رب العالمين قد خلق ما في الأرض من المأكول لنا ولأنعامنا ونحن معهم في ذلك على حد شواء. أن يقبل الإنسان على المائدة بنهم وبحالة من حالات الولع والحرص الشديد؛ فلا يعلم ماذا يأكل، ولا ماذا يقول؛ فليس هذا من الإنصاف. إننا نتعب من الصباح إلى الليل، وننتظر الطعام بفارغ الصبر ولكن لنلتزم على الأقل في شهر رمضان المبارك بآداب المائدة.

مراعاة آداب الطعام على موائد شهر الصيام

إنني لا أتحدث عن أمر يفوق الخيال. أن تبدأ المائدة بذكر الله عز وجل، وأن تختم المائدة بشكر الله عز وجل، وبحمده هذا أضعف الأيمان؛ بل لابد أن يشكر كذلك من كان له دور في إعداد الطعام وتهيئته كالزوجة التي تعبت من الصباح وهو نائم في حال استراحة، وهذه المرأة تتصبب عرقاً لكي تهيئ طعام الإفطار. فهل يُعقل أن الإنسان يأكل هذا الطعام ولا يقدم لها شكراً على ما بذلت؟ كيف يكون ذلك وقد روي: (مَنْ لَمْ يَشْكُرِ اَلْمُنْعِمَ مِنَ اَلْمَخْلُوقِينَ لَمْ يَشْكُرِ اَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ)[١]. علينا أن نتأدب بالآداب الواردة في مسألة الأكل عموماً، ونستثمر فرصة شهر رمضان المبارك من أجل ذلك.

عدم الإكثار من الطعام والشراب

ومن الأمور التي ينبغي أن يهتم بها المؤمن عند تناول الإفطار أو السحور؛ هو عدم الامتلاء من الطعام والشراب، والإكثار منهما. هناك الكثير ممن يصوم شهر رمضان طواعية؛ ولكن في قلبه شيء من الضيق لأنه يُحرم من الأكل والشرب ويتبرم عند اقتراب الشهر. وهذه الحالة حالة غير إيجابية. تصور أن أحدهم يجلس مع السلطان ثم ينظر بين حين وآخر إلى ساعته فيقول له: يا فلان، لم تنظر إلى ساعاتك؟ فيقول مثلا: لدي موعد مستعجل. ألا يقول له السلطان: اخرج الآن ولا تتململ أمامي؟ أنت جالس مع سلطان السلاطين، وعلى مائدته وعينك على لقاء إنسان مستضعف مثلك مثلاً؟ هذا ليس من الأدب في شيء.

الحزن على بداية الشهر أم نهايته؟

لابد أن يكون الإنسان مرتاحاً من صيامه. ولهذا ليلة العيد يفرح المؤمن بالعيد؛ ولكن في قلبه حزن لانتهاء الضيافة. ولو تأملنا في وداع إمامنا زين العابدين (ع) لشهر رمضان المبارك لوجدنا كمية الحرقة فيه كبيرة ولرأينا أنه وداع محب لحبيبه. كل واحد منا على نفسه بصيرة، ولينظر إلى قلبه؛ فإن كان مرتاحاً من صيامه ففهو بخير. بل يتلذذ الخواص بالترك فكما يُقال: ترك اللذة لذة. بل في بعض الحالات؛ يكون ترك اللذة أشهى من اللذة. فإذا رأى الشاب أمامه منظرا محرما؛ فأغمض عينيه؛ يرى في قلبه لذة لا يعيشها ذلك الذي رأى الحرام. إن ترك الطعام والشراب للبعض عين اللذة.

ولهذا عندما تأتي ساعة الإفطار لا يرى في نفسه ولهاً إلى المائدة؛ بل يبحث عن مكان يصلي فيه إذا لم يكن من ينتظره، ويجدها فرصة للإطالة. من آثار هذا الارتياح والتلذذ بترك الطعام عدم الانتقام ليلاً…! إن البعض يجمع كل ما لم يأكله في النهار من طعام الفطور والغداء؛ ليتناولها ليلا. فهو من الإفطار إلى السحر على مائدة متصلة، وفي كل ساعة يأكل شيئاً، وهذا أيضا من موجبات الحرمان من بعض الفيوضات. إن الممتلئ بالطعام ست ساعات والذي يأكل من هنا وهناك، وكلما ذهب إلى منزل يجدد طعام الإفطار؛ من الطبيعي أن لا يرى في قلبه ذلك الإقبال المتميز.

حلية الطعام والشراب عند الإفطار

بعض المؤمنين يجعل رأس سنته الخمسية في أول شهر رمضان المبارك، ويرد المظالم، وما عليه من مجهول المالك ويرضي الخصوم ويؤدي الديون؛ فيدخل الشهر الكريم وقد جعل طعامه طيباً حلالاً. والبعض يجعل رأس سنته في ليالي القدر لكي يثاب ثواب ألف شهر. فمما يوجب تضاعف البركات في الصيام والقيامه؛ الحرص على حلية المأكل والمشرب ولكن بالمقدار المتوسط. فالبعض يبالغ في مسألة الحلية في مقابل من يُنكر الآثار الوضعية.

أثر الطعام المحرم

إن العلماء الكبار يقولون بأصالة الحلية، وبأصالة الطهارة ويكفينا هذا. وإن كان البعض يشبه الطعام الحرام بالسم الذي اذا أُكله الإنسان كان له أثره من الهلاك أو بالخمر المجهول الذي له أثره من السكر. ولكن الذي يبدوا بالنظرة الفاحصة أنه بعد وجود الإذن الشرعي بأصالة الحلية والطهارة، وإلى آخره على المؤمن أن يرتاح في طعامه وشرابه بعد أن قام بما ينبغي له من أخذ الاحتياطات اللازمة في هذا المجال.

[١] بحار الأنوار  ج٦٨ ص٤٤.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • بعض المؤمنين يجعل رأس سنته الخمسية في أول شهر رمضان المبارك، ويرد المظالم، وما عليه من مجهول المالك ويرضي الخصوم ويؤدي الديون؛ فيدخل الشهر الكريم وقد جعل طعامه طيباً حلالاً. والبعض يجعل رأس سنته في ليالي القدر لكي يثاب ثواب ألف شهر.
Layer-5.png