- ThePlus Audio
الاعتقاد الصحيح بإمام الزمان (عج)
بسم الله الرحمن الرحيم
علاقة المؤمن بإمام زمانه (عجل الله فرجه)
إن علاقتنا بإمام زماننا (ع) هي علاقة اعتقادية كعلاقتنا بالله عز وجل. فإذا سألت طفلا في الخامسة أن السابعة من ربك لقال: الله ربي، فهو يتعلم هذه المعاني منذ الصغر وهذا أمر جيد في نفسه إلا أن هذا الاعتقاد هل سيدفعه للعمل وهل سيعيش المشاعر القلبية تجاهه؟ هل سيحب الله عز وجل أكثر من حبه لأبويه؟ بالطبع لا يعقل ذلك لأنه إيمان لساني واعتقاد عابر. وكذلك هي علاقة الكثير منا بربه هي علاقة نظرية اعتقادية والشاهد على ذلك أن لو كان أحدنا بين مفترق طريقين؛ طريق هدى وطريق هوى لاختار الهوى على الهدى في كثير من الأحيان.
وكذلك نحن في اعتقادنا بإمام زماننا (ع). فنحن نذهب إلى أرض سامراء ونذهب إلى مسجد السهلة وما شابه ذلك من البقاع وندعوا لفرج الإمام ولكن من منا يعيش الحالة الشعورية؟ والحال أن هناك فرق كبير بين إمامنا وآبائه؛ فإمامنا حي يرزق ويحضر معنا في مواسم الحج وفي الزيارات وفي مشاهد آبائه؛ حتى إن البعض إذا ظهر الإمام (ع) يقول: إن هذا الوجه مألوف لدينا فلطالما رأيناه. قد تكون في عمرك المديد وفي المشاهد في الحج والعمرة لامس كتفك كتفه الشريف وأنت لم تشعر بذلك. وهو ولي أمرنا الذي تتنزل عليه المقدرات في ليلة القدر، فهو يعلم أنت في أين وإلى أين؟
العلاقة الشعورية بالإمام (عجل الله فرجه)
فمن المهم أن نحول هذه العلاقة الاعتقادية إلى علاقة شعورية ولكن كيف يتم ذلك؟ أولا، الإحساس بآلامه ومشاركته تلك الآلام. فقد ترى صديقا قريبا منك قد وقع في محنة ومطلوب مالا كثيرا وأنت فقير لا يمكنك أن تساعده في شيء ولكنك ترجع إلى المنزل مهموما مغموما حتى ترى زوجتك أثر ذلك فتقول لك: ما بك؟ فتقول: أن فلانا في ضائقة مالية. فتقول لك: أنك إنسان لا تملك قوت يومك أو سنتك. فتجيبها: بأن قلبك يتألم من أجله ولو مررت مرور الكرام بهذا الصديق لعلم أن ليست لك صلة مميزة به.
تراكم الهموم والغموم على قلب الإمام (عجل الله فرجه)
ولا أبالغ – وأنت فكر معي – إذا قلت: أن الإمام (ع) قرابة ألف ومائتي عام وهو يحمل الهموم الكبرى. افتح كتب التاريخ واقرأ ما فعل هولاكو بالمسلمين عند فتح بغداد وما فعله الطواغيت طوال العصور السالفة. إنك تقرأ في كتب التاريخ أن فلان الطاغية قد قتل في يوم كذا ألفا من الناس فتمر على هذا الخبر مرور الكرام ولكن الإمام (ع) هو الذي شاهد تلك المصائب فهو عين الله الناظرة ويد الله الباسطة. وأي قلب هذا الذي تراكمت عليه الأحزان عشرات السنين؛ بل مئات السنين؟
وكم رأينا أفرادا تمر عليهم المحن فتتغير حتى أشكالهم وتبيض أشعارهم وتنحني ظهورهم فلا تكاد تعرفه بعد شهر أو شهرين من تلك المحنة. تقول له: يا فلان ما بك؟ فيقول لك: إن المصيبة قد حطمتني. وقد تفقد عائلة شابا من شبابها فتقيم له الفاتحة، ثم ترى بعد أسابيع تقام فاتحة أخرى وعندما تسأل لمن هذه الفاتحة؟ يقال لك: لأمه المسكينة التي ماتت هما وغما من أجله. فإذا كانت مصيبة عابرة تفعل بالإنسان هذا فكيف بإمام زمانك؟
تصور مؤمنا أصيب في سبيل الله عز وجل بجرح في انفجار أو في عمل إرهابي وهو ينزف دما ويعلم أنه سيموت بعد دقائق وهو مع ذلك يستنجد بإمام زمانه ويقول: يا أبا صالح المهدي أدركني، فماذا يجري على قلبه الشريف وهو لا يمكنه أن يعينه لأنه في زمن الغيبة؟ وكيف سيكون حال الإمام (ع) عند موت هذا المؤمن؟ وأمثال هذه الأمور كثيرة. وكيف إذا كان الإنسان منسوب إليهم ومن ذرية رسول الله (ص) كأن تكون علوية ترتكب كبيرة من الكبائر أو يعتدى عليها؟ كم سيكون وقع ذلك أليما على قلبه الشريف؟
فالمصائب من جهة والمعاصي من جهة أخرى وما يراه من سوء حال المسلمين من جهة كل هذه الأمور تجري على قلبه وأظنه من أكثر القلوب تألما في التاريخ. إن أئمتنا (ع) كانت أعمارهم في حدود الستين؛ فالنبي (ص) مضى إلى ربه في الثالثة والستين من عمره وأما الأئمة المتأخرون من الإمام الجواد (ع) إلى أبيه العسكري (ع) استشهدوا في ريعان شبابهم ولكن الإمام (ع) هو أطولهم عمرا ولا نعلم كم بقي من عمره الشريف؟
ولذلك إذا لم ندخل السرور بأفعالنا وطاعتنا على قلبه فلا ينبغي لنا أن نضيف هما إلى همومه. فعلى سبيل المثال إن الأب عند رجوعه إلى المنزل وهو مهموم لا يتوقع من زوجته وأولاده أن يزعجوه وأن يذروا الملح على جرحه.
ومن موجبات التعلق بالإمام (ع) أن نعلم أنه الذي سيحقق آمال الأنبياء. إن الأنبياء كآدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى المسيح صلوات الله عليهم ونبينا الخاتم (ص) عندما نقرأ سيرهم لا نرى نبيا منهم ذهب من هذه الدنيا وقد حقق جميع آماله وإنما تحقق بعض هذه الآمال. إن نوحا (ع) لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما فما آمن معه ألا قليل. وإن موسى (ع) أنقذ قومه من ظلم فرعون وجعل لهم طريقا في النيل يبسا واتخذوا العجل في نهاية المطاف. وإن عيسى (ع) تعرض لكثير من الأذى من قومه، وهكذا هو نبينا (ص). ولا تحقق آمال الأنبياء إلا عندما يظهر إمامنا (ع) ليملأ الأرض قسطاً وعدلا. وكم كان الإمام العسكري (ع) مسرورا – وإن كان قد قتل في ريعان شبابه – عندما يرى ولده الحجة يمشي أمامه، وكان يقول له: (أَرْجُو يَا بُنَيَّ أَنْ تَكُونَ أَحَدَ مَنْ أَعَدَّهُ اَللَّهُ لِنَشْرِ اَلْحَقِّ وَوَطْءِ اَلْبَاطِلِ وَإِعْلاَءِ اَلدِّينِ وَإِطْفَاءِ اَلضَّلاَلِ)[١]؛ أي أحد الأوصياء في هذا الطريق. وآخر أنبياء أولى العزم قبل نبينا الخاتم (ص) ذلك الذي رفعه الله إليه، أعني المسيح الذي يأتي ليصلي خلف إمام زماننا (ع)، ومن الطبيعي أن ينطوي تحت لواء إمامنا من كان يؤمن بالمسيح إذا رآه مصليا خلفه.
خلاصة المحاضرة
- افتح كتب التاريخ واقرأ ما فعله الطواغيت طوال العصور. إنك تقرأ في كتب التاريخ أن فلان الطاغية قد قتل في يوم كذا ألفا من الناس فتمر على هذا الخبر مرور الكرام ولكن الإمام هو الذي شاهد تلك المصائب فهو عين الله الناظرة ويده الباسطة. وأي قلب هذا الذي تراكمت عليه الأحزان مئات السنين؟