– إن الموت بالنسبة لنا يمثل النهاية، والحال بأنه هو البداية.. ويمثل الفراق، والحال بأنه يمثل الوصال (أي فراق مع الخلق، ووصال للخالق).. الموت بالنسبة لنا يعتبر صورة من صور الفناء، ولهذا عندما ندخل المقابر نقول: (اللهم!.. رب هذه الأرواح الفانية)، والحال بأن الموت بداية الحياة الباقية والحياة الأبدية.. إن الموت حقيقة راهنة في حياتنا، نفر منه، وهو يلاقينا شئنا أم أبينا.
– إن عنصر المباغتة والاستعداد، من موجبات النصر في الحروب.. وكذلك فإن من موجبات النجاح والسعادة في هذا اللقاء، هو الاستعداد لذلك.. إن باب المحبة والحب من أوسع الأبواب.. فالإنسان بعض الأوقات لا يوفق للقيام بعمل خارجي مهم: كصدقة جارية، أو طاعة يعتد بها.. وهنا يأتي دور الحب في جبر هذا الكسر.. وفي هذه الرواية رب العالمين يبين لنا طبيعة العلاقة.. فكم من الجميل أن نزين بيوتنا بالأقوال البليغة!.. وهذه الرواية من الروايات التي من المناسب أن نزين بها جدران بيوتنا، وقبل ذلك نكتبها بكتابة نورية على قلوبنا: أوحى الله تعالى إلى داود (ع): يا داود!.. مَنْ أحبّ حبيباً صدّق قوله، ومَنْ رضي بحبيب رضي فعله، ومَنْ وثق بحبيب اعتمد عليه، ومَنْ اشتاق إلى حبيب جدّ في السير إليه.. يا داود!.. ذكري للذاكرين، وجنتي للمطيعين، وحبي للمشتاقين، وأنا خاصة للمحبين.. وقال سبحانه: أهل طاعتي في ضيافتي، وأهل شكري في زيادتي، وأهل ذكري في نعمتي، وأهل معصيتي لا أويسهم من رحمتي.. إنْ تابوا فأنا حبيبهم، وإنْ دعوا فأنا مجيبهم، وإنْ مرضوا فأنا طبيبهم، أداويهم بالمحن والمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب.
إن الموت عبارة عن لقاء مع هكذا رب!.. وكأن هذه الرواية تريد أن تقول: لماذا لا تحول الطاعة إلى طاعة من تحب؟.. ولماذا تعمل بالفرائض الإلهية على أنها أوامر إلزامية، وخوفا من النار؟.. ولماذا نحضر هذه المجالس، طلباً لبعض المزايا، وقضاء الحوائج؟.. فالحسين (ع) من أحب العباد إلى الله عز وجل، فهو صاحب دعاء عرفة، الذي كان يناجي الله -عز وجل- ويقول: (إلهي!.. عميت عين لا تراك.. ألغيرك من الظهور ما ليس لك)!.. هذه العبارات التي أطلقها الحسين (ع) في يوم عرفة، وعيونه تجري كأفواه القرب.. كان يستطعم كما يستطعم المسكين، وإذا به يعامل هذه المعاملة.. نعم، عندما نزداد معرفة بالإمام، يزداد تفاعلنا مع ذكره.
– إن من اشتاق إلى حبيب، جد في السير إليه!.. فالسير والسلوك والسفر: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}.. {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}.. كل هذه تعابير أهل البيت (ع).. (يا داوود ذكري للذاكرين)؛ أي أن المعاملة متكافئة.. (اذكروني أذكركم) ويا لها من مفارقة!.. ما قيمة ذكر العبد لله عز وجل!.. ولكن إذا صار بناء رب العالمين على أن يذكر ذلك العبد، فماذا سيحصل؟..
– إن هنالك شبها كبيرا بين الضفادع في البرك، وبين الإنسان في مراحل نموه: عينان كبيرتان، وذيل، وأنف عجيب وغريب، وآذان عجيبة غريبة.. وإذا برب العالمين بريشته الفنانة، {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء} يحوله إلى لوحة فنية رائعة.. إن أبداننا محكومة بالقوانين التي خلقها الله، فكل ما في الوجود مسخر لله عز وجل.. ولكن عندما يصل الأمر إلى الأرواح، فإن الإنسان حر في أن يفعل ما يشاء.. فهذه الروح مطابقة للفطرة (كل مولود يولد على الفطرة: فأبواه يهودانه، أو ينصرانه…).. وإذا بالإنسان هذا الذي خلقه في أحسن تقويم {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} بشقيه: الأبدان، والأرواح.. وإذا به يتنزل إلى أسفل سافلين.. فهو يعترف بأن هذا الجسم لله وهو الذي خلقه، ولكن بلسان الحال يقول: يا رب!.. أريد أن أكون حراً، فما هي الشريعة؟.. وما التعبد؟.. وما الحلال؟.. وما الحرام؟.. سواء قاله كفراً أو عصياناً لا فرق.. فالذي يعصي الله -عز وجل- وهو مؤمن، هذا الإنسان يقول بلسان الحال: يا رب هذه عيني لي، وأنا الذي أتحكم بعيني.. أوجهها هنا وهناك على حسب مزاجي.. والحال بأن العبد العاقل يقول: هذه كاميرا إلهية راقيه جداً، وستبقى معي سبعين أو ثمانين سنة، لذا لابد أن أعمل وفق الضوابط.. ولا منة على الله -عز وجل- عندما أغض بصري عن الحرام، لأنها هي ملك لله تعالى.. وأيضا فإن هذا اللسان، هذه الكتلة اللحمية التي وضعت في فم الأنبياء، فهدوا الناس إلى طاعة الله عز وجل.. فجعلنا خير أمة أخرجت للناس، هي أيضا ملك لله عز وجل.
هنيئاً لمن قال في جوف الليل، أو في موقف من مواقف الخلوة، أو في أرض عرفة، أو تحت قبة الحسين (ع): يا رب!.. كما حسّنت جسمي في عالم التكوين، حسّن روحي في عالم التشريع.. وليس هذا بدعاء، ولكن كما يقول الإنسان عندما ينظر إلى المرآة: اللهم!.. حسن خُلقي كما حسنت خَلقي.. خاصة المرأة الفاتنة الجميلة، عندما تقف أمام المرآة، بدلاً من الإلتهاء بأدوات الزينة، تقول: يا رب خلقت هذا الخلق المتناسق في وجهي، اجعل هذا التناسق في روحي أيضا.
– إن الإنسان عندما يموت، فهو في ضيافة الله عز وجل، وفي ضيافة أكرم الأكرمين (أهل طاعتي في ضيافتي).. إن البعض عندما يمر بثواب الأعمال، ويقرأ بأن هناك أجراً عظيماً لمن قام بهذا العمل البسيط، فإنه يستغرب!.. فالمسألة ليست مسألة قراءة الدعاء، والثواب ليس لمن قرأ، بل لمن دعا!.. والدعاء يكون بتذلل، وفيه معرفة للمخاطَب.. والذي يشك في الثواب هذا متهم بأحد أمرين: بالشك في قدرة الله عز وجل، أو الشك في كرم الله.. إن الله كريم، وقادر.. إذن، لمَ الشك في هذه الأجور الكبيرة؟!..
– إن صاحب المعصية، في كنف الله عز وجل، إن أبدوا حركة إيجابية (وأهل معصيتي لا أؤيسهم من رحمتي).. فمثلا: الذين أقاموا عزاء الحسين (ع) هذه الليالي والأيام، فإنه في اليوم العاشر من أطهر خلق الله.. فلماذا يلوث هذا البياض الذي اكتسبه من خلال إقامة عزاء حبيب الله وابن حبيبه؟!.. فرب العالمين يبحث عن العاصين.. إذ أن أنين المذنبين أحب إلى الله -عز وجل- من تسبيح المسبحين.
– عندما ذكر المطيعين قال: (أهل طاعتي في ضيافتي)، ولكن التائبين: (إن تابوا، فأنا حبيبهم.. وإن دعوا، فأنا مجيبهم.. وإن مرضوا، فأنا طبيبهم).. ألا يقول إبراهيم {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}.. إن الطبيب يداوي، وفي الأزمنة القديمة كان يكوي.. ويقال: أن آخر الدواء الكي!.. فالله -عز وجل- يداويهم بالمحن والمصائب، ليطهرهم من الذنوب والمعاصي. . فالذي تاب إلى الله -عز وجل- ثم بدرت منه هفوة، فإن الله -عز وجل- يمحصه في الدنيا قبل الآخرة.. أحدهم جلس في محضر الإمام أمير المؤمنين (ع) على الكرسي، فانكسر الكرسي وسقط الرجل.. قال له الإمام (ع) -ما مضمونه-: لأنك ما سميت.. بينما نحن لا نسمي، ونقوم بكل أعمالنا: نسوق، ونذهب، ونأتي، ونعمل.. فهذا عبد صالح، ولكن رب العالمين ما غفر له ترك التسمية عند الجلوس على الكرسي.. نعم كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه باسم الله، فهو أبتر.. هكذا هي علاقة الله -عز وجل- مع أوليائه.
– إن الله -عز وجل- أوحى لداود (ع): (يا داود!.. لو يعلم المدبرون عني شوقي لعودتهم، ورغبتي في توبتهم، لذابو شوقا إلي)!.. فرب العالمين يشتاق لتوبة عبده.. نعم، لأنه هو الذي خلقه، وهو الذي نفخ فيه روحاً من عنده.. فالإنسان الذي تشهد الشهادتين، وآمن بولاية أمير المؤمنين (ع)، يكون قد قطع نصف المسافة أو أكثر من النصف.. وما بقي إلا أن يلتزم ببعض الواجبات البسيطة، ويترك بعض المحرمات.
– إن الدين سهل، جاء ليقول للإنسان: تحكم في شبر في نصف شبر، فتعطى جنة عرضها السماوات والأرض.. هل هناك عاقل لا يشتري جنة عرضها السماوات والأرض، بشبر في نصف في شبر!.. وهي المساحة التي تربط بين الأذنين طولاً، وارتفاعاً من الجفنين إلى الفم.. أي من يتحكم في قوله، وفي سمعه، وفي نظره.
– إن هذه الليالي والأيام ببركة سيد الشهداء هي فترة العزم.. إن أربعينية الزيارات، ودعاء العهد، وزيارة عاشوراء، هي أربعينية مباركة.. ولكن الأرقى من كل ذلك أربعينية ترك المعاصي والذنوب!.. خادع نفسك، وقل: يا نفسي!.. عكفتِ على المعاصي طوال السنة، أعطيني فرصة أربعين يوما، احتراماً لأيام عزاء أهل البيت، وبعد الأربعين سأرجع للمعاصي.. فالذي يعيش الصفاء والنقاء أربعين يوم، بعد الأربعين هل يشتهي الحرام؟!..
فمثلا: الذي يترك التدخين في شهر رمضان، ويصبح نقي الرئتين.. هل يعود إلى ذلك بعد شهر رمضان إن كان عاقلا؟!.. فهو إنسان يحرق مالاً قبل أن يحرق سيجارة!.. ويجلب لنفسه الأمراض، فما الفلسفة في ذلك؟.. هل يهدئ ويطمئن عندما يدخن؟.. إذن، أين ذهب قوله تعالى: {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.. وكأنه يقول: ألا بالتدخين تطمئن القلوب!.. فيكون بذلك قد حرف الآية مقام العمل.
– إذا كان الله -عز وجل- أشتاق إلى العاصين، وإلى توبتهم، فكيف بالمقبلين عليه!.. (يا داوود!.. هذه رغبتي في المدبرين، فكيف محبتي في المقبلين علي)!.. إن الإنسان الذي يتحكم في هذا الشبر المربع.. الإنسان الذي يقوم بواجباته: الصلاة اليومية، والصيام الواجب، والحج والعمرة، والخمس إن كان عنده مال.. لماذا يخاف الموت بعد ذلك؟.. فإن رب العالمين يشتاق إلى لقائه.. ولكن مع الأسف أضعنا الطريق.
– إن الإمام الصادق (ع) يقول: (سيّدي!.. أنا من حبّك جائع لا أشبع، وأنا من حبّك ظمآن لا أروى، واشوقاه إلى من يراني ولا أراه).. هذا الجوع والعطش الذي جعل سيد الشهداء في يوم عاشوراء -وهو يهوي من فرسه، وهو في الميدان يجود بنفسه- يتغزل بالحب الإلهي، فيقول.. إلهي رضاً بقضائك، وتسليماً لأمرك لا معبود سواك..
تركت الخلق طراً في هواكا *** وأيتمت العيال لكي أراكا.
إن سورة الفجر هي سورة الحسين (ع).. {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}.. وكأن الله -عز وجل- أعارنا روح الحسين، وبعثه للدنيا.. كانوا أنوارا في العرش محدقين، فمنّ الله علينا وأنزلهم إلى الأرض، أهل الأرض ما عرفوا قيمتهم، لا المحبون ولا الأعداء.
– إن المذنبين من أقرب الناس إلى التكامل.. فالمذنب حتى المرهق في المعاصي، عندما يتوب له امتيازان:
أولاً: أنه تذوق كل شيء.. فالإنسان المطيع لم يتذوق الخمرة والزنا وو ..الخ.. ولكن هذا العبد المبتلى اجتاز كل المراحل.. لذا، فإنه يعمل مقارنة، بين ما كان عليه سابقاً من سكر الخمرة، وبين السكر بمناجاة المحبين لزين العابدين (ع)، فهذا الإنسان من المستحيل أن يتراجع!.. بينما الطائع من الممكن أن يقول: نحن ما جربنا العالم الآخر، فلنجرب كم يوم، ثم نرجع مرة ثانية.. أما التائب فقد كان مبتلى والآن رجع، ولهذا فإنه يستقيم في السير.
ثانيا: أنه دائماً منكسر.. ولهذا عندما يسمع أو يقرأ مناجاة، فإنه يبكي.. وعندما يحضر مجالس سيد الشهداء، يكون أكثر الناس بكاءً؛ لأنه يعيش حالة الاحتقار للنفس.. وهذه مزية كبيرة، لا توجد حتى في مراجع التقليد.. فمرجع التقليد قد لا يبكي في مناجاة التائبين، ويقول: أنا من أول أيامي في الحوزة، والآن مرجع تقليد، حتى لو تباكى، فإن البكاء يكون بكاء بسيطا.. ولكن التائب، فإن أنينه يرتفع إلى العرش، ورب العالمين يباهي به الملائكة.
ومن الأمثلة على ذلك: ذلك العبد العاصي، الذي مشى مع ولي من أولياء الله، فأظلتهما غمامة.. هذا الشاب ظن أن الغمامة لهذا العابد، والولي أيضا ظن أن هذه الغمامة له.. ولكن عندما افترقا، وإذا بالغمامة تظلل الشاب المرهق المذنب، لأنه كان محتقراً لنفسه.. ولهذا فإن الذي يتوب إلى الله عز وجل، يكون مرشحا لأن يكون من كبار القوم في هذا المجال.
وأيضا بشر الحافي، الذي كان يرتكب المجون.. فمر الإمام موسى بن جعفر (ع) على داره، وبعث له إشارات عبر الجارية، وإذا ببشر يتحول إلى ولي من أولياء الله.
وذلك الذي كان يسرق البيوت، فسمع قارئا يقرأ هذه الآية: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} وإذا بهذا العاصي يقول: بلى قد آن.. ونحن أيضاً نقول: يا أبا عبد الله جاء وقت التوبة، ونريد أن نتأسى بالحر.. يا أبا عبد الله أنت إمامٌ للحر، ولكل أحرار العالم، ولكل حر في زمانه.. فالإمام (ع) دعا له.. والإكرام الذي أكرمه الإمام للحر، لعله ما أكرم به أحداً من أصحابه، لأنه ضيفٌ جديد، والضيف الجديد يكرم.. فلنحاول أن نكون كذلك!..
– إن الإمام الصادق (ع) يعيش حرقة.. يقول: (واشوقاه إلى من يراني، ولا أراه)!.. ولكن ما معنى قوله تعالى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}.. إن الرب لا يُرى، ولكن في عرصات القيامة هناك تجليات.. أو لا تكفي هذه الآية شوقاً للموت؟.. إن الذين يرون الله -عز وجل- بدرجة من درجات الرؤية الباطنية؛ يتمنون الموت شوقاً إلى ذلك اليوم.
– إن البعض يحل ضيفا على أهل الجنة، كأن يكون عنده بسمة في وجه مؤمن -مثلا- ولكن أين البسمة في وجه المؤمن، من القتال في سبيل الله!.. فيدخل الجنة، ولكنه يعيش الأبدية، وهو في كل يوم ضيف على أحد المؤمنين!..
وهناك قوم يدخلون الجنة، ولا يريدونها؛ لأنهم مشغولون بالنظر إلى جلال الله وجماله.. ولكن بإمكان الإنسان أن يأخذ نعيم الجنة هذا، وهو في الدنيا.. فأولياء الله في جوف الليل، يعيشون شيئاً من هذه العوالم.. ولهذا يصيح أحدهم: أين الملوك من هذه اللذة؟!.. إن ملوك الأرض مساكين، لأن لذائذهم صغيرة جداً ومحدودة.. أما أولياء الله، فإنهم عندما يسجدون يذهبون إلى عالم لا يوصف، وإلى عالم لا يفهم.
ولكن كي تعطي المستحبات ثمارها الكاملة، لا بد من المثابرة.. فالبعض يتوقع أنه في أربعين يوما، يستطيع أن يلتحق ببشر الحافي والحر وغيرهم!.. بينما ليصبح الإنسان تقنيا في معمل حدادة، يحتاج إلى سنة أو سنتين من الدراسة، وهو يريد أن يصبح من أولياء الله في أربعين يوما!..
– إن العبادات الكثيرة لا يعول عليها.. فمعرفة الله ومعرفة أوليائه، تكون عن طريقين: طريق متعارف، وطريق غير متعارف..
الطريق المتعارف: عن طريق القراءة، والتدبر، وأخذ الدورات.. وبحمد الله هذه الأيام وسائل المعرفة متنوعة: من الفضائيات، ومن المواقع الهادفة، ومن علماء البلاد.. فالإنسان يأخذ دورة في التوحيد، ودورة في الإمامة، ودورة في السير إلى الله عز وجل، ومعالم السفر إلى الله.
ولكن هنالك طريقا غير متعارف.. {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}.. أي أنهم آمنوا بجهدهم، ولكن الله -عز وجل- زادهم هدى، وكشف لهم الطريق.. فأولياء الله -عز وجل- عندما تثبت أقدامهم على الطريق، يعرفون ما لا يعرفه حتى العلماء.
ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.