بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ملأ من أصحابه، وإذا أسود تحمله أربعة من الزنوج ملفوف في كساء، يمضون به إلى قبره، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): عليّ بالأسود!.. فوُضع بين يديه، فكشفَ عن وجهه ثم قال لعلي (عليه السلام): يا علي!.. هذا رباح غلام آل النجار، فقال علي (عليه السلام): (والله!.. ما رآني قط إلا وحجل (أي رفع رجلاً وقفز على الأخرى فرحا) في قيوده، وقال: يا علي!.. إني أحبك)..
فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بغسله، وكفّنه في ثوب من ثيابه، وصلى عليه وشيّعه والمسلمون إلى قبره.. وسمع الناس دويّا شديدا في السماء، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إنه قد شيّعه سبعون ألف قبيل من الملائكة، كل قبيل سبعون ألف ملك، والله ما نال ذلك إلا بحبك يا عليّ)!..
ونزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في لحده، ثم أعرض عنه، ثم سوى عليه اللبن، فقال له أصحابه: يا رسول الله!.. رأيناك قد أعرضت عن الأسود ساعة سويت عليه اللبن.. فقال: (نعم، إن ولي الله خرج من الدنيا عطشانا، فتبادر إليه أزواجه من الحور العين بشراب من الجنة.. وولي الله غيور، فكرهت أن أحزّنه بالنظر إلى أزواجه، فأعرضت عنه).
أرأيتم كيف حاز ذاك العبد الأسود، بحبه الخالص لعلي (عليه السلام)، على ذلك التكريم النبوي العظيم!..
ونحن نقول: يا أبا الحسن!.. نحن نحبك أيضا، فسل الله لنا أن يمن علينا بأمرين: الأول في الدنيا، والثاني في الآخرة:
أما الأمر الأول: سل الله -تعالى- أن يعيننا على أن نترجم هذا الحب في حياتنا.. أي ألا ندّعي المحبة الخالية، بل نتبع علياً في أفعاله وأقواله.
والأمر الثاني: أن نكون في عرصات القيامة، من عباد الله الصالحين ممن يردون عليك الحوض!..
ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.