- ThePlus Audio
الإقبال على الله عز وجل
عنوان المحاضرة: الإقبال على الله عز وجل
بسم الله الرحمن الرحيم
وأفضل الصلاة وأتم السلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين.
اغتنام الفرصة في الإقبال على الله عز وجل
إن المؤمن يغتنم الفرص في تقربه إلى الله عز وجل، وقد ورد عن أميرالمؤمنين (ع) أنه قال: (الفُرصَةُ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ، فانتَهِزُوا فُرَصَ الخَيرِ)[١]، وهي فرص محدودة تكون على نوعين: إما أن تكون بفعل العبد، فتراه يهجر فراشه أحوج ما يكون إليه ويقيم الليل وهو في مكان مظلم ليس ثمة أحد غيره، فيصلي لربه ويتكلف الخشوع والبكاء وهما لا يطاوعانه، وإذا به في موقف من مواقف تلك الصلاة ينقلب التخشع إلى الخشوع والتباكي إلى بكاء، ويتنهمر الدموع بما لا يستطيع إيقافها، فيعلم أنها فرصة من الرب تستحق زيادة في الشكر، ويعلم أن الله سبحانه قادر بلحظات أن يغير حاله ولكن شرط أن يلتزم بهذا العمل فترة من الزمن ولا يسأم من الممارسة والمحاولة حتى يصبح الخشوع ملكة من ملكات نفسه.
وهناك فرصة أخرى تأتي الإنسان في ساعة غفلة ومن دون إعداد مسبق لها، وإذا به يحس بمنحة إلهية غير عادية، وهذه النفحات الإلهية إنما هي تفضل منه سبحانه إذ يعلم العبد أنه ليس أهلا لها، ولكن لا يمكن أن تكون أية نفحة أو حركة أو خطوة تقرب الإنسان من الله عز وجل من دون علة وسبب، فكل تصرفات الحكيم حكيمة، وهذه العلل والأسباب تعود للعبد نفسه، يقول سبحانه: (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ)[٢]، وقيل أن فاعل يشاء قد يكون الرب وقد يكون العبد نفسه، ويمكن القول أن العبد يقوم بمجاهدات متفرقة هنا وهناك ولفترة من الزمن لا يرى نتيجتها عاجلا، وإذا بالرب سبحانه نتيجة تلك المجاهدات يفيض عليه نفحة من النفحات التي تقلب كيانه أو تكون مقدمة لنفحات وهبات أكبر، كأن يرزقه الحج وفي الحج يفيض عليه النفحات تلو الأخرى،
أقبل ما دام مقبلا عليك..!
ولا يجدر بالمؤمن الذي يشعر بالإقبال في أعماله أن يتحول عنها قبل أن تزول حالة الإقبال تلك، فتراه مقبلا في صلاة الليل لم يعتريه نعاس ولم يعترضه ملل أو ضجر فإذا به ينتهي من الصلاة ليخلد إلى النوم ثانية، وهنا يرى العلماء المختصون بشئون النفس أن العبد قد أساء للرب في إعراضه، وكما ورد عن السجاد (ع) أنه قال: (لَوْ مِلْتُ بِوَجْهِي عَنْهُ لَمَالَ بِوَجْهِهِ عَنِّي)[٣]، فهل ترى سيمنح فرصة أخرى؟ وقد يقال للعبد المصر على طلب الإقبال مرة أخرى: أنك قد تكبرت علينا في ما مضى فلا نفتح لك الباب في الثانية، وأعظم بها عقوبة أن يطرق الإنسان باب الرحيم والرؤوف فلا يفتح له!
ومادام الإنسان يرزخ تحت ضغط الغريزة والشهوة؛ فبإمكانه أن يعقد صفقات كبرى مع رب العالمين، فيجاهد شهوة البطن والفرج وحب المال والرئاسة والثناء، ويترصد الوقت الذي يمتحنه الله عز وجل في إحدى هذه الشهوات ليخرج منها سالما فيستحق بذلك الرحمة والنفحة..!
تحين الفرصة لاغتنام النفحات الإلهية
وقد يصل المؤمن من خلال المراقبة الدقيقة إلى معرفة الأعمال التي تعقب النفحة الإلهية، من زيارة مريض أو تفريج كربة مؤمن أو زيارة الموتى أو مجلس يذكر فيه أهل البيت (ع) أو صلاة جمعة أو غسل مستحب أو ما شابه ذلك، فيحرص المؤمن على هذه الأعمال خوفا من أن تفوته نفحة تعطيه من اللذة ما لا تعدلها لذة من لذائذ هذه الدنيا الفانية، وهكذا هي اللذائذ المعنوية، فلقد كان أحد العلماء المسلمين كلما سهر الليل لحل مسألة من المسائل يصرخ في نهايته: (أين الملوك وأبناء الملوك من هذه اللذة)[٤].
خلاصة المحاضرة
- لا يجدر بالمؤمن الذي يشعر بالإقبال في أعماله أن يتحول عنها قبل أن تزول حالة الإقبال تلك، فتراه مقبلا في صلاة الليل لم يعتريه نعاس ولم يعترضه ملل أو ضجر فإذا به ينتهي من الصلاة ليخلد إلى النوم ثانية، وهنا يرى العلماء المختصون بشئون النفس أن العبد قد أساء للرب في إعراضه.