الأسرة الإيمانية السعيدة..
إن الإنسان الذي يُريد أن يعيش عِيشة مُنعزلة مُنفصلة عَن المجتمع هذا لَهُ سبيله، ولكن الذي يُريد أن يعيشَ مَعَ الآخرين؛ لابُدَ أن يتعلَم قواعدَ التعامُل معهم، فهذا فَنٌ من الفنون!.. وهذهِ الأيام تُقام دورات في كُلّ مكان حول فَن إدارة الآخرين، أو ما يُسمى بـ: “قيادة الذات” أو “فَن التعامل”.
أسس التنمية الأسرية كما يريدها اللهُ عَزَ وجل..
إنَّ الدُنيا مليئةٌ بالألغام، والمؤمن يعمل على نزع الفتيل مِنَ تلك الألغامِ التي تعترض طريقه، هو لا يمكنهُ أن يُزيلها تماماً، ولكنه يحاول أن يُبطِل مفعول الأزمة قَبلَ وقوعِها؛ فمَنْ منا كُلُ من حوله يُحققون أمنيته، ويوافقون مزاجه؟!.. هَب أنّه سيطرَ على زوجته وأولاده؛ ماذا يعمل مع الزميل في العمل، أو مع الجار، أو مع الأرحام البعيدين؟.. هذهِ الدُنيا دارُ تزاحم!.. لذا من الأسس المهمة:
أولاً: الحكمة.. يقول تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾، هذه من الآيات الاجتماعية والتي قلما تأملنا فيها!.. فالآيات تقسم إلى: آيات في عالم الآفاق، وآيات في عالم الأنفس؛ فكما أن الآيات الآفاقيّة كالمعادلات الفيزيائية والكيميائية معادلات نتيجتها لا تقبل الشك، أيضاً ما يذكرهُ القرآن الكريم في عالم الأنفس هو في هذا السياق!..
-﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾: أي يجب على المؤمن أن ينظر ويتأمل في الأسلوب الأمثل لعلاج المُشكلة، فمثلاً: إن كان ولده تاركاً للصلاة، فهذه كارثة أن يُعيل الإنسان مخلوقاً لا يُصلي، ويُدخل الطعام في جَوفِ إنسانٍ لا يسجدُ للهِ عَزَّ وجل!.. أو إن كانت ابنته تخرج من المنزل بطريقة لا تُرضي اللهَ عَزَ وجل، بلا حِجابٍ أو بغيرِ حِجابٍ شرعي؛ هذهِ كارثة أيضاً!.. هذا الإنسان عليه أن يجأر ويتضرع إلى الله عز وجل، وأن يتبع الأسلوب الذي ذكره القرآن الكريم في التعامل مع الآخرين، إذ إن هُناكَ أساليب مختلفة من أجلِ عِلاج المُشكلة، مثل:
١. الوعظ المُباشِر.
٢. الوعظ المُبطَن.
٣. من خلال الأصدقاء.
٤. الترغيب.
٥. الترهيب.
٦. الإعراض.
٧. التشويق.
٨. التشجيع.
وفي آية أخرى يقول تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾؛ أي كُن حكيماً أولاً ثُمَّ كُن واعظاً، لا ترفَع العصا دائماً، أنظر إلى السبيل الأقوم!..
-﴿فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾: إن الفَرق بين معركةِ بَدر وأيام الجاهليّة سنوات، ولكن ما الذي جرى؟.. يقول تعالى في كتابه الكريم: ﴿لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾، فرَب العالمين الذي ألف بينَ الأوسِ والخزرج، وبينَ المُهاجرِين والأنصار؛ يَدهُ مبسوطة وهو الذي يصلح أمر الأولاد كذلك؛ فهؤلاء قلوبهم بيد اللهِ عَزَّ وجل!ّ..
-﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾: هذا المقام ليسَ بالمقام الهَيّن، هذا مقام مَن لَهُ حَظٌ عَظيم!.. فطبيعة الإنسان هي على المواجهة بالمِثل، ولكن أن يصلَ الإنسان إلى درجة ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾، فهذا يجب أن:
١. يعلم مختلف الطرق.
٢. يعلم الطريق الأحسَن.
إن الإنسان الذي يصل إلى هذه المرحلة هو إنسان لَهُ حَظٌ عظيم، والذي على خِلافِ هذا؛ هو إنسان لا حَظَ لَه؛ أي لا عقلَ له، ولا منزلة له.. فإذن، إن آية ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا﴾ فيها إشعار أنَّ هذا المقام يمكن أن يُعطى للإنسان، وأنه يصل إلى درجة يصبح فيها أمره بيده عند الغضب وعند الشهوة ﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.
ثانياً: القيمومة.. يقول تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾، يالها من آية!.. إن القرآن الكريم مسبوكٌ سَبكَ مواقع النجوم، فالذي خَلَقَ الأفلاكَ والمجرات هو الذي أنزلَ القرآن؛ والقرآن أين والأفلاكُ أين؟.. هذا الكون ما وزنهُ في قِبالِ كتاب اللهِ عز وجل؛ هذا كلامُ رَب العالمين!.. وهذهِ الآية من الآيات التي لم نعرفها حَقَ معرفتها، وتسبب بعض المشاكل، لذا يجب أن يجعل الإنسان لنفسه برنامجاً لفهم كتاب الله عز وجل، عليه أن يكمل دورةً في تفسيرِ القرآن الكريم، هذهِ الدورة لها درجات من فهم الألفاظ المُشكلة إلى معرفةِ بواطن الآيات!.. قبل أن يذهب من هذه الدُنيا فليجعل القرآنَ في صدره بمعنى المعاني لا الحِفظ الظاهري، ولو دارَ الأمر بينَ حفظ القرآن هذا الحِفظ المتعارف، وبينَ فَهم القرآن، فالفَهم أفضل من الحِفظ!.. لأن الببغاء يحفَظُ أيضاً، والأقراص المُدمجة هذهِ الأيام تقرأُ القرآن، وهناك أطفال دُونَ سِن البلوغ يقرؤون القرآن عَن ظَهرِ الغَيب، ولكنهم بَعدَ أن ينتهوا من تلاوة القرآن يلعبون مثل الأطفال الآخرين.. إذن، المُهم فَهمُ القرآن الكريم.
-﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء﴾: إن المرأة التي لا تقبل هذهِ الآية لا إيمان لها!.. والقرآن لم يقل: “الرجال قائمون”؛ بل قال: ﴿قَوَّامُونَ﴾؛ هذه صيغة مُبالغة، الآية فيها تشبيه؛ فالرجلُ قوام وقائمٌ في المنزل، أي هو الذي يُديرُ الأسرة إدارةً قواميّة، وهم قوامونَ على النِساء لأمرين:
١. ﴿بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾: إن الذي خَلَقَ الذَكر والأنثى، جعلَ للذكرِ ميزة وللأنثى ميزة!.. ما من شَك أن قُدرة الرجل على الإدارة أفضل من المرأة: فعنصر الحزم، وغَلبة العقل، والعاطفة المتوازنة؛ كُلَّ هذهِ الأمور يمتازُ بها الرجُل.. فطبيعة الرجل تجعله أقدر على إدارة الأمور من المرأة، فمثلاً: عندما تقع كارثة في المنزل، كأن يسقط الطِفلُ -مثلاً- وينزفُ دَماً، أو يشب حريقٌ في البيت: انظر إلى موقف المرأة وإلى موقف الرجُل: أولُ موقف للمرأة الصُراخ، والإنهيار العصبي، والبُكاء إلى آخره.. أما الرجُل: فإنه يبحثُ عَن الحل، يتصل هُنا وهُناك، يأخذ الطِفلَ إلى الطبيب، يُعالجُ القضية بقُدرة.. ولهذا المناصب المهمة في الشريعة، كـ: القضاء، والمرجعية في التقليد، وغيرها من المناصب، وما يعطى للفقيه من الولاية؛ هذهِ المقامات خاصة بالرجل.
إن نسبة الانفصال في دولنا هذهِ الأيام -معَ الأسف- من أعلى النسب في العالم، والسبب أنَّ المرأة تُريد أن تكون كالرجل، تقول: أنا وأنت لكُلٍّ واحدٍ منا رأي، كما يقول الشاعر:
قومي رؤوس كلهم *** أرأيت مزرعة البصل
ولكن كيف تُدار هذه الأسرة عندما يقع الخِلاف ويتشبث كل واحد منهما برأيه؟.. إن المُشكلة تكمن في عَدَم العَملِ بهذهِ الآية، فالرجل هو الذي يأخذُ القرارَ الأخير، ولكن ليس المقصود هنا بالرجل المتحكم الذي لا عَقلَ له، إنما الرجل الذي يتخذ القرآن الكريم منهجاً له في الحياة!.. فالرجل لَهُ قرار، والمرأة لها قرار مُخالف، وعلى الاثنين أن يقدما الدليل على صوابية رأيهما؛ فالرجل لم يهبط عليه الوحي، والمرأة أيضاً لم يهبط عليها الوحي، وهذهِ قضية شخصية وليست حُكماً شرعيّاً، أما إن قال الرجل: صلاة الفجر ثلاث ركعات، والمرأة قالت: ركعتان، من الواضح أنَّ الحَق معَ المرأة!.. ولكن إن كان النقاش حول السفر، كأن يقول الرجل: في صيفِ هذا العام نذهَبُ للعُمرة، والمرأة تقول: نذهبُ إلى إحدى الدول الأجنبية؛ فهذا رأيٌ وهذا رأي، وإن لم نجعَل الحسم والحزم والكلمة الأخيرة للرجل؛ فإن هذه الأسرة تتفكك.
فإذن، إنَّ الرجل بَعدَ المشورة وبعدَ المناقشة، يحاول أن يُقنعَ الطرف الآخر؛ ولكن في آخر الأمر الكلمة له.
٢. ﴿وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾: إن القرآن الكريم أيضاً يُشير إلى سبب آخر، وهو أن الرجل هو صاحب المال: فيوم العَقد دفعَ المهر، وبعدَ العقد دفعَ تكاليف الحياة الزوجية، فالمرأة وإن كانت بنت أثرى الأثرياء لا تنفقُ من مالِها شيئاً في حياتها ولها الحَق، ولكن أليس لهذا الرجُل الحَق في أن يُديرَ هذهِ الأسرة بما أنفق؟.. فبما أن المال هو مالُ الرجُل؛ وقراره صائب، وقرارُ المرأة غَير مُقنِع؛ لماذا تتحكم هي في ماله؟..
فإذن، هذا خِلافُ الإنصاف أن نقول: أيها الرجُل، لَكَ رأيٌ ولي رأي، الرجالُ قوامونَ!.. ولكن رَب العالمين رؤوفٌ ودود، ففي نفس الآية التي أكد فيها على قيمومة الرجال، قال:
-﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾: هذهِ ليست بآية أخرى، بل تابعةٌ لـ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء﴾ و﴿وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾، يقول تعالى مُباشرةً: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ﴾؛ أي: أيتها المرأةُ الصالحة، كوني قانتة، وكوني حافظة!.. هنا ذكر صفتين للمرأة الصالحة:
١. صفة مع الله عز وجل: يقول تعالى: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ﴾؛ فما معنى قانتات؟.. هُناكَ رأيان:
الرأي الأول: إن هذا الرأي يقول: ﴿قَانِتَاتٌ﴾ أي مُطيعاتٌ للرجل، هنا عاد الأمر مرة أخرى للتأكيدِ على طاعة المرأةِ للرجل؛ أي: أيتها المرأة إن أردت أن تكوني صالحة عليك بإطاعة الزوج!..
الرأي الثاني: إن البعض يقول: ﴿قَانِتَاتٌ﴾ هُنا بمعنى المطيعات للهِ عز وجل، أي: أيتها المرأة إن إطاعة الرجُل أمر إلهي، وإطاعته هي إطاعة لرَب العالمين، على فرض أنَّ هذا الأمر خِلافَ المزاج؛ عليك بالتقرب إلى اللهِ عز وجل بإطاعته.
فإذن، إن المرأة الصابرة على الرَجُل، وعلى قرارات الرَجُل من منطلق قناعة باطنية؛ فهذا لكونه حُكم اللهِ عَزَ وجل، هل هناك امرأة صالحة مؤمنة تعترضُ على القاضي وعلى المرجع وتُطالب الإرثَ بالسَويّة؟.. بالطبع لا؛ لأنّها قانتة!.. فأيُّ امرأةٍ لا تحبُ المال، ولا تُحبُ أن ترثَ من أبيها كما يرثُ أخوها؟.. ولكن القرآن الكريم والسُنة المُطهرَة جعلت إرثَ المرأة نِصفَ الرَجُل.. لذا، في الأرث وفي غير الأرث، وفي طاعة الرجل، وفي ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء﴾، المرأةُ القانتة تقول: يا رَب، هذا حِكمُك؛ وحكمكَ على رأسي وعلى رأس مَن على الأرض، أنتَ الرَبُ المتعال!..
٢. صفة مع الزوج: يقول تعالى: ﴿حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾.. إن خَيرَ نساء أهل الأرض، هي السيدة فاطمة (عليها السلام)، ولكن بَعدَ الزهراء مَن هِيَّ خَيرُ النِساء من أمة المصطفى (صلی الله عليه)؟.. النبي (صلی الله عليه) يُعطي مواصفات، إن انطبقت هذه المواصفات على امرأةٍ طِوالَ التاريخ؛ فهيَّ خَيرُ النساء!.. في كُلِّ عَصر وفي كُلِّ زمان هُناكَ سَيدةُ نساء العالمين بالمعنى الفعلي، فالزهراء سيدة مطلقاً إلى يوم القيامة، ولكن في كُلِّ عَصر هُناكَ سيدةٌ على وجه الأرض، هي مَلكةُ جَمال العالم في عالم المعنى، وكل امرأة مؤمنة مُرشحة لأن تكون أفضلَ امرأةٍ على وجه الأرض!.. فهذا الأمر لا يحتاجُ إلى عصمة الأنبياء، ما على المرأة إلا أن تكون مؤمنة صالحة، وهنيئاً لمن نَظرَ اللهُ عز وجل إليها فرآها خَيرَ نِساءِ أهلِ الأرض!.. علماً أن هذه الصفة لا تبقى ثابتة لامرأة واحدة، بل لكُل ساعةٍ هناك مُرشحة لأن تكونَ خَير النساء!.. والطريق إلى ذلك هو ما ذُكر في هذه الرواية عن النبي المصطفى (صلی الله عليه) حيث يقول: (خَيْرُ النِّسَاءِ: إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهَا سَرَّتْكَ، وَإِذَا أَمَرْتَهَا أَطَاعَتْكَ، وَإِذَا غِبْتَ عَنْهَا حَفِظَتْكَ فِي مَالِكَ وَنَفْسِهَا).
-(إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهَا سَرَّتْكَ): عندما يدخل المنزل النَظرُ إليها يُريحُ باطنه!.. بعضَ الرجال عندما يريدُ أن يفتح بابَ المنزل: يستعيذُ بالله، ويقرأ القلاقل والمعوذات، ويدعو ربه أن يكفيه شَرَ هذا الدخول؛ لأنه لا يدري ماذا سيجري؛ وأيُ معركة ستنشب بعدَ قليل!.. بعضُ الرجال يجعل علامة في هاتفه فإن اتصلت بهِ الزوجة لا يُجيبُ عليها خوفاً من المشاكل؛ هل هذهِ خَيرُ النساء؟!.. إن نظر إليها سرته؛ فكيفَ إذا تحدثت؟..
-(وَإِذَا أَمَرْتَهَا أَطَاعَتْكَ): أحد العلماء الذين هم من أكثرِ عُلماء الإمامية في زمان الغيبة توفيقاً، كانت زوجتهُ من خَير النساء، تحومُ حولَهُ كالفراشة، لترى ماذا يُريد؟.. هيأت لَهُ كُلَّ أسباب الراحة؛ فصارَ من كبار العلماء الموفقين ببركة زوجته.. فهذه الحالة ينطبق عليها المثل القائل: وراء كُل عظيمٍ امرأة.
-(وَإِذَا غِبْتَ عَنْهَا حَفِظَتْكَ فِي مَالِكَ وَنَفْسِهَا): بعضُ الرجال إذا غابَ عن المنزل يُكلِف الخادمة بمراقبة زوجته، وإن خرجت مِنَ المنزل يمشي وراءها إلى فترة ليرى أينَ ذَهبت؛ هل هذهِ خَيرُ النساء؟!..
وعليه، فإن طريق الكمال مفتوحٌ لنا جميعاً، فلنكن كما أرادنا اللهُ عَزَ وجل!..
ثالثاً: الصبر.. يقول تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾، إن الإنسان الذي -بسوءِ اختياره- لم يختر امرأةً صالحة، أي أنه كان يعلَم أن هذهِ الفتاة سيئة الخُلق، ولكنه تزوجها لأنها من أجملِ النساء، ولأنها ابنة أحد الأثرياء، فهذا الجمال بَعدَ عشرين أو ثلاثين سنة يزول!.. ولكن هذا الإنسان الذي أساءَ الاختيار وتورطَ بهذا الزواج؛ عليه العمل بقوله تعالى:
-﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾: أي يجب أن يكون رَجُلاً أميناً ومُحسناً، وليصبر على سوء خلقها؛ قربة إلى الله عز وجل.. فإن النتيجة كما يقول القرآن الكريم:
-﴿فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾: أي قد يُرزق بولد صالح منها، رغم أنها سيئة الخُلق، الولد يكون حَسن الخُلق!.. وهناك أدلة على ذلك: فزعيم المُنافقين في المدينة، أنجبَ ولداً من خَيرةِ أصحاب النَبي (صلی الله عليه)!.. ففي حياة الأنبياء وغَير الأنبياء نُلاحظ هذا المعنى جلياً: ﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ﴾.
فإذن، يجب على المؤمن أن لا يحاول الانتقام منها، ولا يبادلها السيئة بالسيئة، بل عليه بالدعاء قائلاً: يا رب، أرزقني خيرها، واكفني شرها،!.. ينبغي أن يصبر عليها، فلعل الله عز وجل يريه الخَيرَ الكثير منها كما وعدنا!..
ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.