الطبع البشري..
إن حُب البقاء والخلود موجود في غريزة الكائِن البشري، لذا عندما يذهب إلى الأماكن التي يزورها الكثير من الناس كـ: الكهوف والمغارات والغابات؛ فإنه ينقش اسمه على حجرٍ أو على شجرة، ليخلد اسمه!.. ولكن هذه الأعمال لا قيمة لها، بل إن البعض يقع في إشكال شرعي عندما يكتبُ على أبوابِ المشاهد؛ لأنه غير مأذونٍ له بذلك. فأصل هذه الحالة أن بني آدم لا يُحب الموت، وإن خَضَعَ للموت يُحب الخلود وبقاء الذِكِر، إلى درجة أن البعض يرضى أن يشتهر ولو بالباطل أو بالحرام!.. وقد يبلغ السُخف ببني آدم أن يرتكب الجرائم من أجل ذلك، والبعض يذهبُ إلى قِمَم الجبال وإلى أعماقِ البحار، وقد يموت بهذه العملية، وذلك ليسجل اسمه في قائمةِ الأرقام القياسية، يُعرِّض نفسه للهلاك والموت لأنه يُريد رقماً في موسوعةٍ. هذا طبعُ بني آدم!.. ولكن ما هو المطلوب في هذا المقام؟..
الخلود..
إن الاستثمار المضمون الذي يوجِب الأبديّة والبقاء يكمن في أمرين؛ هما:
أولاً: العملِ الصالح.. إن كلُ عملٍ يقوم به الإنسان في هذه الدنيا من المُمكِن أن يتحول إلى فقاعة، فلا يبقى له أثر وكأنه لم يكن، وبالتالي هذا لا قيمة له!.. ولكن بعض الأعمال تتحوّلُ إلى أمرٍ باقٍ، مِثالَهُ: الوقود الذي في السيارات، إذ إنه قطرة بعد قطرةٍ يتحول إلى قوةٍ دافعة، توصل الإنسان إلى أي مكان يريده، فإن كان ينوي الذهاب إلى العُمرة -مثلاً- وإذا بهذه السيارة بعد ساعات توصله إلى المسجد الحرام. إذن، الفُقاعة تتلاشى، وهذه القوة أيضاً تتلاشى؛ ولكن فرقٌ بين الباقي والفاني!..
لذا، المؤمن يحاول أن يحول كلَّ ساعة، وكل دقيقة، وكل يوم إلى عمل باقٍ. فحتى هذه الساعات التي يمضيها الإنسان أمام التلفاز، يمكن أن يحولها إلى عمل يفيده في آخرته، إذ إننا ننفق ساعات طويلة من العُمُر ونحن أمام هذا الذي يُعبَد من دونِ الله عز وجل، روي عن الإمام الجواد (عليه السلام) أنه قال: (من أصغى إلى ناطق فقد عبده: فإن كان الناطق عن الله فقد عبد الله، وإن كان الناطق ينطق عن لسان إبليس فقد عبد إبليس). فإن كان ينظر إلى ما لا يُسمِن أو إلى ما يَحرُم، فإن هذه الساعات تذهب هباءً!.. وإن كانت أمامَ مُحاضرةٍ نافعة؛ فإنها تتحوّلُ إلى شجرةٍ في الجنة -مثلاً- أو إلى حورية، فالشجرة في الجنة لا تفنى، والحوريُة لا تموت. وشتان ما بين ساعةٍ تستتبع ندامةً دائمة وبين ساعةٍ تبقى!..
فإذن، إن الاستثمار المضمون الذي يوجِب الأبدية والبقاء هو العملُ الصالِح.
ثانياً: الذريُة الصالحة.. إن الإنسان مهما عاشَ في هذه الدنيا فإنه سيموت في يوم من الأيام، روي عن النبي (صلی الله عليه) أنه قال: (إذا مات المؤمن انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)، فالإنسان الصالح يربي ولداً صالحاً، والولد الصالح يُربي حفيداً صالحاً، والحفيد يُربّي حفيداً؛ وهكذا!.. ومن المُمكن أن يكون في صُلبه العاشِر مَرجِعٌ من مراجع التقليد، هذا المَرجِع من بركاته هو. ولهذا أميرُ المؤمنين (عليه السلام) في معاركه كان يتجاوزُ عن البعض ولا يقتلُه مع أنَّه مُستحقٌ للقتل؛ لأنه يرى أن في صُلبِه ذريّةً طيبة قد تأتي بعد قرون!.. فالسادة الكرام الذين هم ذريّة رسولِ الله (صلی الله عليه) أنسابهم محفوظه هنيئاً لهم!.. ولكن غير السادة لا يُعلَم أين تنتهي أنسابهم، إذ قد تنتهي هذه الأنساب إلى مَن كان كافراً!.. لذا فإن الإنسان الذي يُريد الذريُة التي هي صدقةُ جارية؛ عليه أن يستثمِر هذا الاستثمار المضمون من خلال:
١.الإسراع في الإنجاب: إن بعض الشباب يتزوج، ولكن يبقى خمس سنوات دون ذرية؛ لأنه يريد الخلوة والمتعة والسفر، والولد يُقيّده في أسفاره، هذا المنطِق غير سليم!..عليه أن يفكر في الإنجاب أولاً لأنه لا يعلم العوارِض، فرب العالمين قد يبتليه بمرضٍ لاحقاً، فكيف يأمن الأيام؟!.. إذن، عليه بالمبادرة والإسراع في إنجاب الذرية، فالدنيا كُلُّها فُرَص.
٢. التقارب العُمري: كلما كان فارق العُمر بين الولد والوالِد مُتقارِباً هذا أدعى للتعامُل!.. لأن الأبّ عندما يكون في السبعين والولد في الخامسة لا يكون بينهما أيُّ ارتباطٍ؟.. بينما الشاب الذي يتزوج في الثامنة عشر، فبعد عشرِ سنوات عندما يصبح في الثامنة والعشرين -أي في ريعان الشباب- يكون له ولد في العاشرة، في هذه الحالة السنخية تكون متحققة بينهما، وبالتالي فإن القُدرة على التأثيرِ تكون أكثر!..
الحث على طلب الذريّة..
إن الروايات لا تَدُّل على مطلوبيةِ الذُرية فقط بل على الكُثرة أيضاً، منها هاتان الروايتان:
١. روي عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال: (إن فلانا رجلا سماه قال: إني كنت زاهدا في الولد حتى وقفت معرفة، فإذا إلى جانبي غلام شاب يدعو ويبكي ويقول: يا رب والدي والدي، فرغبني في الولد حين سمعت ذلك).. إذن، بعضُ أنواع البلاء يُدفَع بدعوةِ الولد، كما أن بعضَ البلاء عن الولد يُدفَع بالأب أيضاً.
٢. يقول النبيّ الأكرم (صلی الله عليه): (تناكحوا تكاثروا؛ فإني مفاخر بكم الأمم يوم القيامة). البعض يتذرَّع بأن الكثرة مانعة من التربية؛ ولكن لماذا التقاعُس!.. عليه أن يرفع مستوى الهمة، فما المانع من الجمع بين الكَمِ والكيف!.. فالمرأة بطبيعتها تَحُب الذَهَب فهي لا تكتفي بالقطعة والقطعتين؛ تحبه كمّاً وكيفاً. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الذُرية الطيبة فهي كالذهب!..
الخطوات العملية..
إن الإنسان الذي يريد أن يُنجِب ذريّةً طيبة، عليه بمايلي:
أولاً: النية.. إن بعض الناس يحاولُ الإنجاب، ويحاولُ أن يُكثر من الذرية؛ ولكن في مقامِ العمل الله عز وجل هو الذي: ﴿يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا﴾.. لذا، عليه أن ينوي قائلاً: أريدُ الكثرة من الذُرية التي تُثقِل الأرض بكلمةِ “لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله” (صلی الله عليه)”.
ثانياً: الاستغفار.. يقول الحسن الطبرسي في (مكارم الأخلاق): (وَفد الحسن بن علي (عليه السلام) على معاوية، فلما خَرَج تَبِعَه بَعض حُجّابه، فقال: إني رجل ذو مَال، ولا يُولَد لي، فَعَلِّمْني شيئا لعل الله يَرزقني وَلدا. فقال: عليك بالاستغفار. فكان يُكْثِر الاستغفار حتى ربما استغفر في يوم واحد سبعمائة مرة، فَوُلِد له عشرة بَنين، فبلع ذلك معاوية، فقال: هلاّ سألته مِـمَّ قال ذلك؟.. فَوَفد وَفدة أخرى فسأله الرجل، فقال: ألم تسمع قول هود (عليه السلام): ﴿وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ﴾؟.. وقول نوح (عليه السلام): ﴿وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ﴾)؟.. المشكة هي أنه عندما يقال للإنسان: عليك بالذِكِرِ الفلاني!.. فإن أول سؤال تقليدي يتبادر إلى الذهن هو: متى؟.. وكيف؟.. وكَم؟.. وكأنّ العدد هكذا يُتعبد به!.. يجب عدم التقيد بهذه الأمور إلا إن كانت واردة عن أهل البيت (عليهم السلام) كتسبيحات الزهراء (عليها السلام)، أما ما لم يرد عنهم فلا يؤخذ به.
-(وَفد الحسن بن علي (عليه السلام) على معاوية): بمقتضى الصُلح والمفاوضات كانت هناك بعضُ اللقاءات بين الإمام المُجتبى (عليه السلام) وبين معاوية.
-(فلما خَرَج تَبِعَه بَعض حُجّابه، فقال: إني رجل ذو مَال، ولا يُولَد لي، فَعَلِّمْني شيئا لعل الله يَرزقني وَلدا): أحدُ حُجّاب معاوية عندما رأى الإمام المجتبى (عليه السلام) يخرُج تَبِعَهُ، وذلك لأن الناس يعرفون قدَرَ وقيمة أهل البيت (عليهم السلام).
-(فقال: عليك بالاستغفار): أنظروا الى كَرَم أهل البيت (عليهم السلام)!.. فالإمام لم يستنكف، ولم يقل له مثلاً: أنت حاجِبُ خصمي لا أُعطيكَ ذِكراً ولادُعاءً؛ بل قال له: عليك بالاستغفار!.. إن هذه الرواية تدعو إلى عدم ردّ السائل أيّاً كان، ومهما كان الطلب: لا في المال فقط بل حتى في الأمور المعنوية كالدعاءِ مثلاً.
-(فكان يُكْثِر الاستغفار حتى ربما استغفر في يوم واحد سبعمائة مرة): هذا الحاجِب التزم بكلام الإمام (عليه السلام) وأخذ يُكثُر من الاستغفار بلا عدد حتى بلَغَ سبعمائة مرة!.. وعليه، فإنه إذا لم يرد عدد معين في الذِكِر؛ فليكثر الإنسان منه!.. فالذِكِر اليونسي لم ترد فيه رواية تذكر العدد، حتى أن يونُس (عليه السلام) ربما ذكرها مرةً واحدة، يقول تعالى: ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ﴾ لم يقل: مائة أو مائتين أو..الخ!.. ولكن يونُس الذي كان في ظُلمات ثلاث: ظُلمة البحر، وظُلمة الليل، وظُلمة الحوت، لابد أنه قالها بانقطاع. لذا، فإن الإنسان الذي يقولها بانقطاع مرة واحدة؛ فإن الجائزة هيَ نفسها: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ﴾.
-(فَوُلِد له عشرة بَنين): ولِدَ له عشرة بنين بعد إن كان عقيماً ببركةِ إمامُنا المُجتبى (عليه السلام).
-(فبلع ذلك معاوية): عَرَفَ معاوية أن هذا الحاجب استفاد من زيارة الإمام (عليه السلام).
-(فقال: هلاّ سألته مِـمَّ قال ذلك؟..): أي هلّا سألته: ما العلاقة بين الاستغفار وبين الذرية؟.. فهو (عليه السلام) لم يقل له عليك بـ: ﴿رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ﴾، ولم يقل له: ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾؛ فهذا يبدو مناسباً أكثر!.. فلماذا طلب منه الاستغفار؟..
-(فسأله الرجل، فقال: ألم تسمع قول هود (عليه السلام): ﴿وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ﴾؟..): سأله الرجل كما طلب منه معاوية، فذكر له قول هود (عليه السلام) ولكنه لم يذكر الآية كاملة، فقبلها يقول تعالى: ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ﴾. إذن من بركاتِ الاستغفار أن تزدادَ قوةً إلى قوة، ومن القوة الذرية الطيبة!..
-(وقول نوح (عليه السلام): ﴿وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ﴾): وذكر له قول نوح (عليه السلام) وأيضاً لم يذكر الآية كاملة، فقبلها: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا﴾. فنتيجة الاستغفار الأموال والبنين!..
فإذن، في قصةِ هود أمرٌ بالاستغفار؛ والجائزة زيادةُ القوّة. وفي قصة نوح أيضاً أمر بالاستغفار؛ والجائزة كثرة الأموال والأولاد!..
ثالثاً: الدعاء.. هناك دعاءٌ لطلب الذرية، أنظروا الى أهل البيت (عليهم السلام) كيف يُعلّمون اتباعهم الدعاءَ المأخوذ من الكتابِ الكريم!.. قال الإمام زَينُ العابدين (عليه السلام) لبعض أصحابه: (قل في طلب الولد: “رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَ أَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ، وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي فِي حَيَاتِي، وَيَسْتَغْفِرُ لِي بَعْدَ مَوْتِي، وَاجْعَلْهُ لِي خَلْقاً سَوِيّاً، وَلَا تَجْعَلْ لِلشَّيْطَانِ فِيهِ نَصِيباً. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ” سبعين مرة؛ فإنه من أكثر من هذا القول رزقه الله ما تمنى من مال وولد ومن خير الدنيا والآخرة، فإنه يقول: ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾).
-﴿رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ﴾: المؤمن يدعو بهذا الدعاء في ساعاتِ الاستجابة.
-(وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي فِي حَيَاتِي، وَيَسْتَغْفِرُ لِي بَعْدَ مَوْتِي): يطلب ولداً يكون وريثاً له في الدنيا، وبعد موته يستغفر له.
-(وَاجْعَلْهُ لِي خَلْقاً سَوِيّاً): سويّا في البدن وسوياً في الروح.
-(وَلَا تَجْعَلْ لِلشَّيْطَانِ فِيهِ نَصِيباً): بعض الآباء والأمهات يطعمون ولدهم حلالاً، ويتعبون أنفسهم في تربيته، وفي كل عام يذهبون به في زيارة إلى البيت العتيق وإلى المشاهد المشرفة، ولكن عندما يكبر يرتدُّ على عقبيه، لايعترِفُ بأُمٍ ولا بأب، بل لا يعترف بربه؛ هذه كارثة!.. بعض الآباء والأمهات يدعوان بحُرقة لموت الولد؛ لأنه بعد تعب عشرين عاماً، وإذا بالشيطان يتغلغل فيه ويسرقه منهم بميلة واحدة. كأن يكون قد غفل في يوم ما وشَرِبَ المُسكِر، أو تعاطى المُخدِّر، أو اعتدى علىَ الأعراض، وإذا بأتعابِ العُمر تتبخر في ليلةٍ واحدة!.. ولهذا يقول الإمام زين العابدين (عليه السلام): (وَلَا تَجْعَلْ لِلشَّيْطَانِ فِيهِ نَصِيباً)؛ لأن هذا الشيطان تنطبق عليه قصة مسمار جحا الذي يُضرب به المثل فى اتخاذ الحجج للوصول إلى الهدف ولو بالباطل.. حيث يُنقل أن جحا كان يملك داراً، وأراد أن يبيعها، ولكنه اشترط على المشتري أن يترك المسمار الذي في الحائط، فوافق المشتري.. وبعد أيام ذهب جحا ليطمئن على مسماره، فرحب به صاحب الدار وأجلسه وأطعمه. ولكنه فوجئ به يخلع جبته ويفرشها على الأرض، فسأله المشتري: ماذا تنوي أن تفعل؟!.. فأجابه بكل هدوء: سأنام في ظل مسماري!.. وهكذا ظل جحا يذهب يوميا إلى الرجل بحجة مسماره، وكان يختار أوقات الطعام. فلم يستطع الرجل الاستمرار، فترك الدار بما فيها وهرب!.. فهذا المسمار كان ذريعة كي يدخل المنزل، والشيطان اللعين هكذا: لو وَجَدَ في نفسِ الإنسان أو في ولده موضع قدم؛ فإنه يوسّع من مملكته تدريجاً. لذا يجب الحرص على أن لا يجعل الإنسان للشيطان فيه نصيباً” ولو قليلاً.
-(اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ): بعد ذلك يذكر الإمام (عليه السلام) هذا الاستغفار.
-(سبعين مرة؛ فإنه من أكثر من هذا القول رزقه الله ما تمنى): هذا الذكر فيه عدد معين، يجب الالتزام به ليتحقق المطلوب، سواء لمن ليس له ذرية، أو لمن يخشى من الذُرية غير الطيبة.
رابعاً: التختم بالفيروز.. عن علي بن محمد الصيمري الكاتب (أنه ذكر لعلي بن محمد بن الرضا (عليه السلام) أنه لا يولد له، فتبسم وقال: “اتخذ خاتماً فصه فيروزج واكتب عليه: ﴿رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ﴾”، قال: ففعلت ذلك، فلما أتى عليّ حول حتى رزقت منها ولداً ذكراً). هذا الفص المعروف بالفيروزج موجود بكثرة في أرض طوس، حيث مرقد الإمام الرضا (عليه السلام).
الخلاصة:
أن أصل الذُرية استثمارٌ مضمونٌ في الدنيا والآخرة، وهنيئاً لِمَن كَتَبَ اللهُ من نطفتهِ -ولو بعدَ أجيال- ولداً صالِحاً يكونُ في ركابِ إمام زمانه، يُقاتِلُ بين يديه ويترحم على جده الخامس الذي كان يتمنى أن يكون من أعوانه وأنصاره، ولكنه مات قبل ظهور الإمام وقيامه، فيشركه في ثواب جهاده!..
ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.