Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

إمامة المهدي المنتظر (عج) ووظائفنا تجاهه

بسم الله الرحمن الرحيم

إمامة الإمام المهدي (عجل الله فرجه)

إن المناسبة المتاخمة واللصيقة باستشهاد إمامنا أبي محمد الحسن بن علي العسكري (ع)؛ مناسبة تولي إمام زماننا (عج) زمام الإمامة الخالدة. إن آبائه الكرام تولوا الإمامة في سنوات محدودة من أعمارهم وخصوصا آبائه الثلاث؛ الإمام الجواد والإمام الهادي والعسكري (ع) فكم كانت مدة إمامتهم؟ بل قل كم هي مدة أعمارهم؟ لقد مضوا كلهم في ريعان شبابهم؛ ولكن الله عز وجل شاء أن يجعل الإمامة المستمرة إلى الآن؛ أي أكثر من ألف عام. ولا ندري كم بقي من الزمان إلى ظهوره الشريف؟ وبعد ظهوره الشريف إلى ما شاء الله. إذ يفهم من بعض الأخبار؛ أن إمامته ملاصقة أو قريبة للساعة، فلعل هذه الإمامة تمتد قروناً.

إن هذه الإمامة إمامة مباركة لا نظير لها. إن إمامة إمامنا اليوم تجاوزت إمامة نبي الله نوح (ع) الذي لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، ولا نعرف نبياً من الأنبياء غير نوح (ع) قام بالدعوة لهذه الفترة الطويلة.

غصص الأنبياء

قد يستغرب البعض من قولنا: إن الإمام يحقق ما لم يحققه الأنبياء. فلا داعي للاستغراب. إن هذا التاريخ هو بين أيديكم، وقد نقل لنا القرآن الكريم قصص الأنبياء، وبالإضافة إلى القرآن قد بينت الروايات جانبا من حياة الأنبياء. فأي نبي قد ذهب من هذه الدنيا مرتاحاً؟ لقد ذهبوا وقلوبهم مليئة بالغصص. إن موسى (ع) مضى وفي قلبه غصص من بني إسرائيل؛ فقد آذوه كثيرا.

وكذلك قد رفع الله عيسى (ع) وفي قلبه الغصص. وقد ركب نوح (ع) في السفينة وهو ينظر إلى ولده يغرق، وإلى البشرية التي غرقت؛ فحز الأمر في صدره كثيرا. وأخيرا جده المصطفى (ص) الذي قال: (ائتوني بدواة وصحيفة اكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً‌، فقال من كان عنده إن نبي الله ليهجر). وهذه قصص الأنبياء بين أيدينا تبين لنا أن كل نبي قد ذهب من الدنيا بغيض وغضب وخيبة أملٍ، من بعض ما جرى بعدهم. ولهذا يقال للنبي (ص) يوم القيامة: لا تدري ماذا أحدثوا بعدك.

تتويج الإمام المهدي (عجل الله له الفرج)

إن اليوم التالي لاستشهاد إمامنا العسكري (ع) هو يوم توج فيه إمامنا (عج). إن كلمة التاج ليست مقدسة كثيرا؛ فإمامنا قد شُرّف بشرف إمامة الخلق إلى يوم القيامة، وأعظم به منصب. إن الإمام له وظيفته، وهو ممن قال عنهم سبحانه: (عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ)[١].ولكن ما هو واجبنا نحن؟

إن واجبنا أن نكون من الممهدين لظهوره. فلو أراد الله عز وجل أن يخرج إمامنا بحركة إعجازية وبالاستعانة بملائكة السماوات أو بصيحة أو ما شابه ذلك لظهر منذ أمد طويل؛ فلماذا هذه الغيبة الطويلة؟ إنه ينتظر الأعوان والأنصار. نحن أنصاره، ونحن الذين آمنا به بحمدالله. ونحن الذي شُرفنا بخير الأديان وشُرفنا بخير المذاهب، ومن بين شيعة علي (ع) نحن الذين نلقب بالاثنى عشرية. إنه كمال في كمال في كمال.

من وظائفنا في زمن الغيبة؛ الدعاء له بلهفة

وبما أننا ننتسب إلى الإمام الثاني عشر، فلنا كذلك وظائف لا بد أن نتعرف عليها. من وظائفنا الدعاء له؛ ولكن بشرطين. أولا: الجدية وثانيا: الاستمرارية. إن الدعاء العابر الذي يأتي إسقاطا للتكليف؛ دعاء لا يغني ولا يسمن. بل ينبغي لك أن تدعو بلهفة. فلو قيل لك:  أن ولدك ضاع في الطريق كيف كنت تخرج من المنزل لتبحث عنه؟ ألم تكن تخرج كالمجانين؟ ألسنا نرى النساء اللواتي ضاع منهن أولادهن في المشاهد وهي تبكي بكاء الثكلى؟ والحال أنها ستلتقي بالولد بعد ساعات وتراه في مكان ما.

كن ملهوفاً عند الدعاء لفرجه؛ لهفة من فقد عزيزاً. إن يعقوب (ع) كان عالما بحياة يوسف (ع) ولكن فقد يوسف (ع) جعل عينيه تبيض من الحزن وهو كظيم. ولا أقول: أن تدعو له بلهفة في كل يوم؛ بل لا بأس أن تقوم بذلك بين وقت وآخر، في جمعة أو في زيارة لسامراء أو تحت قبة الحسين (ع) مثلا. فاجعل لنفسك بين وقت وآخر وقفة مهدوية. إنني سمعت بعض كبار علمائنا السلف؛ كان يلهج في قنوته دائما وأبداً بدعاء الفرج. فإن أردت أن تدعو دعاء آخر فذلك شأنك ولكن أضف إليه دعاء الفرج، ولا تجعل الدعاء للفرج لا محل له من قاموسك.

التأسي بالإمام المهدي (عجل الله فرجه)

والدعاء من أهون الأمور والأهم من الدعاء التأسي به. هل من شك أن إمامنا يصلي في أول الوقت أينما كان؟ فاجعل صلاتك مقترنة بصلاته. إن من يصلي متأخرا لا تلحق صلاته بصلاة إمامه. فإن صليت في أول الوقت حاول أن تصلي في المسجد، فهي خير البقاع. إن بيوت الله هي أحب البلاد إلى الله عز وجل. فإن صليتها في المسجد؛ صلها في جماعة من المؤمنين إذ لا يحصي ثواب الركعة إلا الله عز وجل. ورابعاً: صلها بتوجه. إنها أربعة أركان في الصلاة؛ أول الوقت، جماعة في المسجد، وبتوجه. كم فاتتك هذه المزايا في ما مضى من عمرك؟ أليست هذه حسرة؟ لماذا صليت في البيت؟ لماذا صليتها فرادى؟ ولماذا صليتها بلا توجه؟ كل هذه بطاقات قد احترقت. إن لك في كل يوم ثلاث بطاقات لدخول الجنة ضعيتها في الأسواق وفي المنزل.

إن من يحب إمام زمانه يتأسى به في كل شيء في صلاته وفي قيامه بالليل وما إلى هنالك. إن الأئمة (ع) كانوا يبدون أشواقهم لإمام زماننا قبل مولده. يقول إمامنا الصادق: (سَيِّدِي غَيْبَتُكَ نَفَتْ رُقَادِي)[٢]، إن الإمام يقول له: سيدي. وروي عن الإمام الكاظم (ع) أنه كان يقول: (يَعْتَوِرُهُ مَعَ سُمْرَتِهِ صُفْرَةٌ مِنْ سَهَرِ اَللَّيْلِ بِأَبِي)[٣]. ومن يحب إمام زمانه لابد وأن تكون ليلته متميزة.

إن إمامنا لا يحمل هم نفسه وهو في أمان؛ فأي ظالم يصل إليه؟ أم أي سيف يدني منه؟ إنه في أمان الله وحفظه، وهذا الذي يعتريه إنما هو لنا نحن شيعته والمؤمنين بجده. كن كإمامك في تحمل هموم الأمة؛ سواء في مجال معاشهم أو معادهم. جيبك مبذول للمحتاجين ولو بتشجيع الآخرين وحثهم، ولسانه ممدود لهداية الآخرين. وهكذا هو المؤمن في زمن الغيبة؛ تارة ينظر إلى نقص في معاش الأيتام والفقراء وتارة ينظر إلى نقص في معادهم. إن كافل أيتام آل محمد؛ تارة يكفل ظواهرهم، وتارة يكفل بواطنهم.

تكفل أيتام آل محمد (عليهم السلام)

وهذه رواية عن الإمام العسكري والد إمامنا يبين فيها ما لكافل اليتيم من الأجر. إن النبي (ص) قد بين أجر كافل اليتيم وأنه كهاتين معه في الجنة. ولكن الإمام العسكري (ع) يبين فضل من تكفل قلوب وعقول أيتام آل محمد ممن قطعتهم الغيبة عن إمام زمانهم. فإن كان من تكفل جسم اليتيم الفاني له هذه الدرجة؛ فكيف بمن تكفل روحه الباقية؟

[١] سورة الأنبياء: ٢٦-٢٧.
[٢] اثبات الهداة  ج٥ ص٩٠.
[٣] فلاح السائل  ج١ ص١٩٩.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إن واجبنا أن نكون من الممهدين لظهوره. فلو أراد الله عز وجل أن يخرج إمامنا بحركة إعجازية وبالاستعانة بملائكة السماوات أو بصيحة أو ما شابه ذلك لظهر منذ أمد طويل؛ فلماذا هذه الغيبة الطويلة؟ إنه ينتظر الأعوان والأنصار. نحن أنصاره، ونحن الذين آمنا به بحمدالله.
  • إنها أربعة أركان في الصلاة؛ أول الوقت، جماعة، في المسجد، وبتوجه. كم فاتتك هذه المزايا في ما مضى من عمرك؟ أليست هذه حسرة؟ لماذا صليت في البيت؟ لماذا صليتها فرادى؟ ولماذا صليتها بلا توجه؟ كل هذه بطاقات قد احترقت.
Layer-5.png