- ThePlus Audio
إليك بعض علاجات الاكتئاب
بسم الله الرحمن الرحيم
مرض يعاني منه الكثير اليوم
لو قمنا اليوم بإحصائية شاملة اليوم، قل من نجد من الناس يخلو من داء الهم والغم. وهذا الهم والغم الذي يعاني منه الناس جميعا في أيامنا هذه، لو بقي بالمستوى المتعارف كما قال الشاعر:
كل من ألقاه يشكو دهره
ليت شعري هذه الدنيا لمن؟!
لما كان مشكلة كبيرة. ولكن تكن المشكلة في تحول الهم والغم إلى حالة مرضة تُعرف اليوم بالاكتئاب الذي قد يتطور ويُصبح مزمنا إن لم يعالج. وقد سألت أحد أطباء النفس حول هذه المسألة، فأكد لي: أن أكثر المراجعين للعيادة هم من الذين يعانون من الاكتئاب. وكم من المؤلم أن يتحول المؤمن إلى مريض نفسي يتعاطى العقاقير الرافعة للاكتئاب، بدل أنسه بذكر الله عز وجل الذي يُطمئن القلب. وهذه الأدوية بمثابة سائر العقاقير المخدرة، لا تنفع الإنسان إلا بضع سويعات ثم ينتهي مفعولها ولا يُمكن اعتبارها علاجا أساسيا.
مصدري الهم والغم
وللهم والغم مصدران: رحماني وشيطاني؟ أما الهم والغم الشيطاني هو الذي لا مبرر ولا داعي له كهم الإنسان لخسارته شيئا من متاع الدنيا؛ الأمر الذي لا يخلو منه إنسان على وجه البسيطة، فقد قال عز من قائل: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)[١]. والمؤمن لا يحمل هم هذه الدنيا ولا يتألم لشيء من متاعها زوي عنه. وإنني لأعرف من المؤمنين من يتظاهر عند المصيبة بالحزن أمام الآخرين، لئلا يتهم بالخلط؛ وإلا فهو في واقعه يعيش الفرح الباطني أن الله عز وجل أتحفه بهذا البلاء. يُقال: أن الملكي التبريزي صاحب كتاب لقاء الله مات ابن له في يوم الغدير، فعلت أصوات النساء بالبكاء فقال: إنها هدية من الله عز وجل في هذا اليوم ولكنهن يجهلن قدرها…!هذا هو فهم الإنسان الرباني الذي يصل إلى مرحلة من مراحل الصفاء الباطني.
الهم الرحماني
أما الهم والغم الرحماني هو ذلك الهم والغم الذي له منشأ معقول ومنطقي كأن تفوت المؤمن نافلة الليل أو ينام عن صلاة الفجر؛ لأنه قد فاتته درجة من درجات القرب من الله عز وجل. أو يُفحش في القول سهوا عند الغضب مثلا أو يتذكر معصية من المعاصي فيهتم لذلك، وهو هم كلما ازداد، اشتد قربه من الله عز وجل.
زادك الله هما يا رجل…!
يقال عن إحدى النساء الصالحات: أنها كلما دخل عليها زوجها مهموما قالت له: إن كان همك للدنيا فلا داعي لهذا الهم وإن كان همك للآخرة فزادك الله هماً…! إن هذا الهم والغم مقدمة للإنابة والتوبة إلى الله عز وجل.
كيف نتخلص من الهم والغم؟
الخطوة الأولى؛ الاستغفار بين يدي الله عز وجل إذا كان الهم شيطانيا وعقوبة من الله عز وجل ولم يكن لرفع درجة كما الهم الرحماني. ولهذا نلاحظ البعض عندما يرتكب فاحشة من الفواحش ويستغفر الله عز وجل استغفاراً بليغاً ببكاء وإنابة وتضرع وأنين يحس ببرد المغفرة الإلهية كما تذكر الروايات الشريفة. يقال: فلان قرت عينه، وبرد قلبه، وهذا البرد وهذا الاستقرار يأتي به الاستغفار.
الخطوة الثانية؛ إدخال السرور على المهمومين والمغمومين. إن شككت في مصدر هذا الهم الذي ابتليت به وهل هو رحماني أم شيطاني؟ فما عليك إلأا أن تستغفر الله عز وجل في المنزل في جوف الليل من جانب، وأن تبحث عن القلوب المنكسرة فتدخل عليها السرور وترفع عنها الهموم بفكاهة معقولة شرعا أو تقديم هدية أو اصطحابه في سفرة أو ما شابه ذلك. وقد روي: (إنّی أحبّ القلوب المنکسرة و القبور المندرسة)[٢].
خلاصة المحاضرة
- قد يكون الهم والغم الذي يعاني منه الإنسان له منشأ رحماني كهمه من فوت صلاة الليل أو النوم عن صلاة الفجر. وهذا الهم مما ينبغي أن يزداد منه، لأنه مما يقربه إلى الله. ومن الهم ما يكون له منشأ شيطاني كهم الإنسان لفقد متاع من متع الدنيا وهذا مما ينبغي أن يحذره ويستغفر الله منه.