- ThePlus Audio
إتقان الصلاة في شهر رمضان ودور ذلك في استجابة الدعاء
بسم الله الرحمن الرحيم
كيف نحول شهر رمضان المبارك إلى ضيافة إلهية؟
إننا في ضيافة الله عز وجل منذ أن خلقنا؛ فالوجود هو الضيافة الإلهية. ولكن شهر رمضان المبارك هو ضيافة في ضيافة؛ فالضيافة العامة هي أننا في أصل الوجود وفي محضر الله عز وجل وبين يديه، والضيافة الخاصة في شهر رمضان المبارك. وهناك ضيافة أخص، وهي ضيافة في ضيافة في ضيافة؛ ألا وهي أوقات الصلوات في شهر رمضان المبارك، والدعاء أثناء الصلاة في شهر رمضان يكون ضيافة في ضيافة في ضيافة في ضيافة؛ أي أربع ضيافات. إن هذا ليس شعراً أو قافية موزونة؛ بل هو مستل ومأخوذ من حديث النبي الأكرم (ص).
مزايا الدعاء في شهر رمضان
إن الدعاء في الصلاة في شهر رمضان المبارك هو الكبريت الأحمر، والإكسير الأعظم. كيف يُهملك رب العالمين وأنت صائم مصل صلاة خاشعة، وترفع يديك في قنوت صلاتك أو في السجدة وتطلب من الله ما تطلب؟ إنك في أربع ضيافات؛ فوجودك ضيافة، والشهر ضيافة، والصلاة دعوة (حي على الصلاة، حي على الفلاح) والدعاء دعوة لقوله سبحانه: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡ)[١]. وقد أمرت بالتكليف بقوله سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا). إن الضيافة الإلهية في الحياة تبدأ من التكليف. فأنت عندما كُلفت صرت ضيفاً ينادونك بيا أيها الذين آمنوا.
خصوصية الدعاء في الصلاة
يقول النبي الأكرم (ص): (اِرْفَعُوا إِلَيْهِ أَيْدِيَكُمْ بِالدُّعَاءِ فِي أَوْقَاتِ صَلاَتِكُمْ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ اَلسَّاعَاتِ)[٢]. إن مرجع الضمير للصلوات بحسب الظاهر؛ ولكن هناك في الصلاة أيضا محطة متميزة، وهي محطة الدعاء. يقول (ص): (يَنْظُرُ اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا بِالرَّحْمَةِ إِلَى عِبَادِهِ)[٣]. وليست الرحمة الإلهية على مستوى واحد من حيث التوجه إلى العباد. فهل يُعقل أن الرحمة في يوم عرفة هي كالرحمة في سائر الأيام؟ من ذهب إلى عرفة يُدرك ويرى جوا من الرحمة لا يقاس بغيره من الأماكن والأيام. يقول بعض العلماء الكبار: إن الرحمة والرأفة في حرم الرضا (ع) يحسها الجميع؛ فهي رأفة محسوسة يشعر بها كل من أتى ذلك المشهد الشريف، وهذا هو اللطف الرضوي؛ فكيف باللطف الإلهي الذي كل لطف في هذا الوجود هو فرع ذلك اللطف؟
فرصة الدعاء في الصلاة في شهر رمضان المبارك
إن النبي الأكرم (ص) في روايته يدعونا لاغتنام فرصة الدعاء في الصلاة في شهر رمضان المبارك، ويقول (ص): (يُجِيبُهُمْ إِذَا نَاجَوْهُ وَيُلَبِّيهِمْ إِذَا نَادَوْهُ وَيُعْطِيهِمْ إِذَا سَأَلُوهُ وَيَسْتَجِيبُ لَهُمْ إِذَا دَعَوْهُ)[٤]. فكما أن شعارك هو: أن يكون شهر رمضانك خير من سائر الشهور التي مرت عليك؛ فكذلك لتكن صلواتك في هذا الشهر خير صلوات أقمتها في جميع الشهور التي مرت عليك. لقد ذكر لي بعض الناس: أن فرصتهم الوحيدة لإتقان صلاة الفجر وإقامتها في وقتها هو شهر رمضان المبارك. ولعل البعض لا يصلي الفجر إلا ثلاثين يوماً في شهر رمضان المبارك.
ويمكن القول: أن الصلوات المنضبطة هي ساعة الإفطار؛ حيث يجلس الجميع ينتظرون الأذان، وكثير من المؤمنين يقدمون الصلاة على الإفطار. فإذا أتقنت الظهرين والفجر، ثم العشائين؛ فما المانع من أن تجعل شهر رمضان المبارك خير موسم للإتيان بالصلاة الخاشعة المقبلة وخاصة مع إضافة النوافل الليلية؟ فماذا يبقى لو صمت نهاراً، وصليت صلواتك الواجبة وأديتها بإتقان ثم قمت ورداً من ليلك؟
تعلم أسرار الصلاة
ومن موجبات إتقان الصلاة المشاركة في دورات أو الاستماع إلى الخطب التي تهتم بهذا الشأن؛ فإتقان الشيء فرع معرفته والإلمام به. فلا يُمكن أن يتثن الرجل إصلاح السيارات أو الهواتف المحمولة مثلا من دون أن يكون قد شارك في دورة أو تعلم الفن ذلك من أحدهم. إن إتقان الصلاة ليس بأقل من إتقان صنع هذه الأجهزة. أن تطير بالطائرة في ارتفاع ست وثلاثين ألف قدم يحتاج منك إلى خمس أو ست سنوات من الدراسة؛ فكيف الأمر في المعراج إلى الله عز وجل؟ لا ستون ولا ثلاثون ألف قدم.
إن الصلاة معراج المؤمن؛ ولا يمكن أن تطير إلى الله عز وجل ما لم تشارك في دورة وما لم تعطي من عمرك شيئا لتعلم ذلك. ولم يأل علماءنا قديما وحديثاً جهدا ولم يدخروا وسعا في بيان الصلاة وأسرارها؛ فحاول في شهر رمضان المبارك حاول أن تقرأ شيئا من أسرار الصلاة لتجمع بين بركات الصيام المتميز وبين بركات الصلاة المتميزة .
خلاصة المحاضرة
- إن الدعاء في الصلاة في شهر رمضان المبارك هو الكبريت الأحمر، والإكسير الأعظم. كيف يُهملك رب العالمين وأنت صائم مصل صلاة خاشعة، وترفع يديك في قنوت صلاتك أو في السجدة وتطلب من الله ما تطلب؟
- كما أن شعارك هو: أن يكون شهر رمضانك خير من سائر الشهور التي مرت عليك؛ فكذلك لتكن صلواتك في هذا الشهر خير صلوات أقمتها في جميع الشهور التي مرت عليك. لقد ذكر لي بعض الناس: أن فرصتهم الوحيدة لإتقان صلاة الفجر وإقامتها في وقتها هو شهر رمضان المبارك.