أين أنت عن الدعاء بعد زيارة آل ياسين؟

بسم الله الرحمن الرحيم

ما معنى السلام على المعصوم؟

إننا نصدر زيارتنا لأئمة أهل البيت (ع) بالسلام عليهم، فنخاطب المعصوم قائلين: السلام عليك، ولكن ماذا نعني بالسلام؟ هنالك عدة معان لهذا السلام منها: أننا نطلب من الله عز وجل أن يُبارك عليهم، ولكن كيف يُبارك سبحانه عليهم؛ فهو أعلم بذلك. فأنت عندما تقول: صلوات الله وصلوات ملائكته؛ فأنت تطلب من الله عز وجل أن يوجه السلام إلى هذه الذوات الطاهرة المباركة. ومن هذه السلامات التي نزور بها إمام زماننا (عج)؛ ما نقرأه في زيارة آل ياسين: سلام على آل ياسين.

الوقفات المهدوية

إن للمؤمن وقفات أسبوعية يلهج فيها بذكر إمام زمانه، وله وقفات مهدوية في قنوت صلواته وفي تعقيباتها وما شابه ذلك. ولكن أن يأخذ زاوية في المنزل أو في المسجد ويسلم عليه؛ فهذا ينم عن شوق عميق تجاه إمامه. إن الرجل الذي يترك عياله مسافرا إلى البلاد البعيدة، يبحث عن رصة للاتصال بهم والاطمئنان عن صحتهم ولإطفاء نار الشوق في قلبه. والمؤمن في قلبه شوق لأوليائه بما لا يقاس بالأهل والعيال؛ فهو يبدي هذا الشوق بهذه الوقفات.

ولابد أن تكون هذه الوقفة وقفة شعورية يلتفت فيها المؤمن إلى إمامه وإلى المضامين التي يخاطبه بها. لو كتب الزوج رسالة إلى زوجته وقرأ تلك الرسالة لها من دون أي مشاعر، لعابت عليه فعله وقالت: تأتيني بكلمات متكررة تقرأها علي مجردة من عواطفك؟ وتُريد مع ذلك أن أصدق أنك صادق فيما تلقيه علي؟ إن المرأة تشخص العواطف الصادقة من غير الصادقة. والأمر سيان في الزيارة التي لا تتفاعل فيها مع النص الذي تقرأه، والأفاظ التي تلهج بها.

علة وجود الأبحاث العقائدية في الأدعية الشريفة

إننا نلاحظ في مستهل دعاء الندبة وجود أبحاث عقائدية؛ فهي تُشير إلى حديث الغدير، وفيها إشارة إلى الناكثين والقاسطين وإلى آخر ذلك. أي أنك في دعاء الندبة تأخذ جولة سريعة في أصول العقيدة ومنها الإمامة. وزيارة آل ياسين تُشير إلى آية التطهير لنعلم أننا نتخذهم قدوة وأئمة لأن الله عز وجل قد أذهب عنهم الرجس. فمن المهم أن نمزج العقيدة بالعاطفة.

ثم إنك عندما تقول في الدعاء بعد زيارة آل ياسين: (اَللَّهُمَّ اُنْصُرْهُ وَاِنْتَصِرْ بِهِ لِدِينِكَ وَاُنْصُرْ بِهِ أَوْلِيَاءَكَ وَأَوْلِيَاءَهُ وَشِيعَتَهُ وَأَنْصَارَهُ وَاِجْعَلْنَا مِنْهُمْ)[١]؛ فأنت تدعو لنفسك من حيث لا تشعر إن كنت من شيعته وأنصاره، وممن يحمل هم الدين وشريعة سيد المرسلين (ص) ونشر المبادئ التي دعى إليها أهل البيت (ع).

هذا الرجل يستطيع أن يدعي نصرة إمام زمانه…!

لقد القتيت ذات يوم برجل ترك وطنه وهاجر إلى أقصى البلاد، ولم يكن له هناك مأوى ولا مصدر للرزق. فقلت له: ماذا تصنع في تلك البلاد البعيدة؟ فلا اللغة لغتك، ولا الدين دينك ولا البيئة بيئتك؟ فقال: أريد أن أرفع كلمة أهل البيت (ع) في تلك الديار وأكون من أنصار إمام زماني (عج). وكان يصرف من أمواله الخاصة وكان مليئا بالنشاط والثقة والطموح وكان يصوم السنة ما عدى الأعياد. لشد ما أعجبني هذا الرجل الذي خرج من بيئة مترفة، وترك وطنه وذهب إلى أقصى بلاد العالم ليكون من أنصار إمام زمانه (عج) وهذا صادق في دعواه، فعلامة صدقه عمله الدؤوب وحرصه على الدين. وقال لي: أنه لم يلبث طويلا في تلك الحال وفُتحت له الأبواب من حيث لا يحتسب، وهذا مصداق ما ورد في الدعاء: انصر به أوليائك وأوليائه.

هل الإمام يحتاج إلى دعائنا؟

ثم تقول في آخر الدعاء: (اَللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ كُلِّ بَاغٍ وَطَاغٍ وَمِنْ شَرِّ جَمِيعِ خَلْقِكَ وَاِحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ)[٢]. إن الإمام لا يحتاج إلى دعائك؛ فهو محفوظ بحفظ الله عز وجل، والملائكة تحرسه؛ إلا أنها حركة عاطفية أن تطلب من الله عز وجل أن يقي إمامك من كل سوء. إنه عندما يراك تلهج له بهذا الدعاء في زاوية؛ فبالتأكيد سيرد لك هذا الجميل، ويقول (عج): اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه، ولكن أين دعائه من دعائنا؟

ولا ينبغي أن يقتصر الدعاء له في وقت محدد كيوم الجمعة؛ بل عليك أن تلهج له بالدعاء في سفر كنت أو في حضر. تصور أن تدعو له وأنت في الطائرة بين السماء والأرض ومن إلى جانبك يشرب المسكر. وادع له وأنت على فراش المرض وادع له في ليلة الزفاف وفي كل لحظة من لحظات الحياة سعيدة كانت أم حزينة، وقد يسر لك الهاتف الوصول إلى هذه الأدعية بسرعة.