- ThePlus Audio
أسرار الحج
بسم الله الرحمن الرحيم
ملكوت الأعمال وأسرار الحج
إن للشريعة ظاهرا وباطنا. وممن من الله عليهم عز وجل وأراهم ملكوت السماوات والأرض هو النبي إبراهيم (ع) وهو قوله سبحانه: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)[١]. وينبغي للمؤمن أن ينظر إلى ملكوت الأعمال في كل صغيرة وكبيرة تصدر منه. فظاهر الغيبة هي بضع ألفاظ يتفوه بها الإنسان في زواية مغلقة ولكن ملكوتها هو كما وصف سبحانه أكل ميتة. وظاهر الصلاة هي حركات من قيام وقعود وركوع وسجود ولكن باطنها وملكوتها هو ما ورد في الروايات الشريفة من أن: (اَلصَّلاَةُ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِيٍّ)[٢]، وأنها معراج المؤمن.
وأكثر الأعمال التي تتضمن الأسرار هو الحج. والحج هو حركة رمزية ولكنه يتضمن معان كثيرة؛ فالحجاج بحركاتهم وبسكونهم، وبطوافهم وبسعيهم، وبرميهم وبذبحهم، وبحلقهم وبتقصيرهم، وبوقوفهم وببيتوتهم يرمزون إلى معنى من المعاني. ولذلك لا يستفيد من الحج أحد كما يستفيد العاشق لربه الذي يجد متسعا ومجالا فسيحا لأن يعبر عن احساسه ومشاعره تجاه رب العالمين.
الإمام السجاد (عليه السلام) والاستسقاء لأهل مكة
وقد دخل الإمام السجاد (ع) مكة يوما ورأى أهلها مجدبون – ومن المعلوم في الأزمنة السابقة عندما كانت لا تمطر السماء، فإن الأرض تجدب، والناس يموتون جوعا وعطشا – ورأى بعض من يعرف بالعبادة والزهد حول البيت يدعون فقال: (أَ مَا فِيكُمْ أَحَدٌ يُحِبُّهُ اَلرَّحْمَنُ فَقُلْنَا يَا فَتَى عَلَيْنَا اَلدُّعَاءُ وَعَلَيْهِ اَلْإِجَابَةُ فَقَالَ أَبْعِدُوا مِنَ اَلْكَعْبَةِ فَلَوْ كَانَ فِيكُمْ أَحَدٌ يُحِبُّهُ اَلرَّحْمَنُ لَأَجَابَهُ ثُمَّ أَتَى اَلْكَعْبَةَ فَخَرَّ سَاجِداً فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ سَيِّدِي بِحُبِّكَ لِي إِلاَّ سَقَيْتَهُمُ اَلْغَيْثَ قَالَ فَمَا اِسْتَتَمَّ اَلْكَلاَمَ حَتَّى أَتَاهُمُ اَلْغَيْثُ كَأَفْوَاهِ اَلْقِرَبِ فَقُلْتُ يَا فَتَى مِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ أَنَّهُ يُحِبُّكَ قَالَ لَوْ لَمْ يُحِبَّنِي لَمْ يَسْتَزِرْنِي فَلَمَّا اِسْتَزَارَنِي عَلِمْتُ أَنَّهُ يُحِبُّنِي فَسَأَلْتُهُ بِحُبِّهِ لِي فَأَجَابَنِي)[٣]. وفي هذه الرواية الشريفة إشارة إلى أن مجرد التوفيق لزيارة بيت الله الحرام؛ يكشف عن محبة الله عز وجل لعبده. وحاشا للكريم أن يدعو الضيف ثم يرده خائباً.
الاقتصاد من أجل التوفيق للحج
وقد يحرم البعض من التمتع بالحج بسبب ظروفهم المادية؛ ولو أنهم ادخروا ما يسرفون طوال العام لأمكنهم الحج الواجب والمستحب. ويقول الإمام الصادق (ع): (إِنِ اِسْتَطَعْتَ أَنْ تَأْكُلَ اَلْخُبْزَ وَاَلْمِلْحَ وَتَحُجَّ كُلَّ سَنَةٍ فَافْعَلْ)[٤]. ولو اقتصد الإنسان في معيشته وادخر شيئا من ماله لما حرم من بركات الحج الكثيرة ولعل في بعض الحالات يكون شيء من الأثاث أو قطعة من الذهب يشتريها الإنسان تساوي حجة لبيت الله الحرام. وشتان بين هذا وبين الوفادة إلى حرم أكرم الأكرمين..!
الدعاء من أجل التوفيق للحج
وينبغي للمؤمن بالإضافة إلى الاقتصاد في المعيشة أن يدعو الله عز وجل بنية صادقة حتى يوفقه للحج. وهناك الكثير من الأدعية خصوصا في شهر رمضان المبارك وفي ليالي القدر منه تؤكد على هذا الطلب. ويبدو من ذلك أن الذي يريد أن يوفق للحج لا بد وأن يهيء تلك المقدمات من شهر رمضان المبارك خصوصا في ليالي القدر منه.
آثار الحج على الفرد والمجتمع
ولا تقتصر آثار الحج على الحاج فحسب؛ بل يستفيد من ثمراتها الأهل والجيران والأرحام. فقد روي عن الصادق (ع) أنه قال: (إِنَّ اَلْحَاجَّ لَيُشَفَّعُ فِي وُلْدِهِ وَأَهْلِهِ وَجِيرَانِهِ)[٥]. ويوزع الحاج غدا بطاقات الشفاعة على ولده وأهله وجيرانه. هذا وقد روي عن رسول الله (ص) أنه قال: (مَا اِسْتَفَادَ اِمْرُؤٌ مُسْلِمٌ فَائِدَةً بَعْدَ اَلْإِسْلاَمِ، مِثْلَ أَخٍ يَسْتَفِيدُهُ فِي اَللَّهِ ثُمَّ قَالَ يَا فَضْلُ، لاَ تَزْهَدُوا فِي فُقَرَاءِ شِيعَتِنَا فَإِنَّ اَلْفَقِيرَ لَيُشَفَّعُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ فِي مِثْلِ رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ، ثُمَّ قَالَ يَا فَضْلُ إِنَّمَا سُمِّيَ اَلْمُؤْمِنُ مُؤْمِناً لِأَنَّهُ يُؤْمِنُ عَلَى اَللَّهِ فَيُجِيزُ أَمَانَهُ)[٦]. وسئل الإمام الصادق (ع) عن المؤمن هل يشفع في أهله؟ فقال: (نَعَمْ اَلْمُؤْمِنُ يَشْفَعُ فَيُشَفَّعُ)[٧]. فإذا كان المؤمن العادي يشفع، فكيف إذا كان حاجاً، وكيف إذا كان صالحاً، وكيف إذا كان عالماً، وكيف إذا صار شهيداً وهلم جرا؛ فلكل درجة من هذه الدرجات سهم من الشفاعة يوم القيامة. ولا بد لنا من بعد هذه المقدمة أن نتحدث شيئا عن آداب الحج وأسراره الكثيرة.
من آداب الحج؛ إخلاص النية
حلية المال: من الأمور المهمة التي ينبغي الاحتياط فيها كثيرة هي الأموال التي تعد للحج. فإذا كان المال قد جاء من سحت أو حرام فإن الله سبحانه سوف لن ينظر إليه ولا يقبل منه الحج البتة. ولو تدبرنا قصة هابيل وقابيل نرى بوضوح أن القربان الذي أعد ليكون وسيلة قرب من الله عز وجل أصبح سببا في قتل هابيل؛ حيث بلغ الحسد بقابيل أن يقدم على قتل أخيه فأصبح من الخاسرين النادمين. وكما قال الشاعر:
إِذَا حَجَجْتَ بِمَالٍ أَصْلُهُ سُحُتٌ فَمَا حَجَجْتَ وَلَكِنْ حَجَّتِ الْعِيرُ
لا يَقْبَلُ اللهُ إِلاَّ كُلَّ طَيِّبَةٍ مَا كُلُّ مَنْ حَجَّ بَيْتَ اللهِ مَبْرُورُ[٨]
أن يحج لله تعالى مخلصا. وعلامة الإخلاص: أن لا يحب أن يحمده على فعله أحد ولا ينتظر من صديق أو جار أو أي أحد آخر أن يناديه بالحاج فلان. فقد روي عن الصادق (ع) أنه قال: (مَنْ حَجَّ يُرِيدُ اَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يُرِيدُ بِهِ رِيَاءً وَلاَ سُمْعَةً غَفَرَ اَللَّهُ لَهُ اَلْبَتَّةَ)[٩].
خدمة الإخوان
فقد ذهب أحدهم إلى المدينة وكان له صديق مريض يتركه ويذهب إلى المسجد فطلب منه صديقه أن يجلس عنده بدل الذهاب إلى المسجد. فقال: لا بد أن أسأل الإمام الصادق (ع). فقال له الإمام (ع): (قُعُودُكَ عِنْدَهُ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِكَ فِي اَلْمَسْجِدِ)[١٠]. وقد روي عن النبي الأكرم (ص) أنه قال: (سَيِّدُ اَلْقَوْمِ خَادِمُهُمْ فِي اَلسَّفَرِ)[١١]. وقد يذهب الحاج إلى الحج تاركا خلفه أهله وصغاره من دون راع وكافل؛ فمن تكفل شأن عياله وقام بأعماله وقضى لهم حوائجهم كان له من الأجر مثله. فقد روي عن الإمام السجاد (ع) أنه قال: (مَنْ خَلَفَ حَاجّاً فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ كَانَ لَهُ كَأَجْرِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ يَسْتَلِمُ اَلْأَحْجَارَ)[١٢].
ترك الوسوسة
فإذا ما دخلت الوسوسة في قلب الحاج أو المصلي سلبت منه روح العبادة؛ ثم بدل أن يستشعر حضور الملائكة المقربين في الطواف عند البيت – ففي مقابل هذه الكعبة الأرضية التي يطوف حولها البشر هناك كعبة عرشية تطوف حولها الملائكة – ويذكر الله عز وجل عند كل ركن من أركان البيت؛ تراه منشغلا بكتفه هلى وازى الكعبة أم لا؟! وما عليه إلا الموازاة العرفية والطواف العرفي ولا ينبغي له أن ينشغل بالجزئيات التي تسلبه ذلك.
أو بدل أن يستشعر حالة العداء مع الشيطان وهو يرمي الحجر؛ تراه ينظر إلى الحجر هل وقع على الحجر وفي أية زاوية وقعت؟ وهل أصابت أم تصب؟ لا نقول أن الدقة غير مطلوبة؛ ولكن ليس من الواجب أن يرى الحاج بعينه إصابة الحجر لذلك النصب، وهكذا الأمر في سائر المناسك. فالمؤمن لا يفتح للشيطان بابا يدخل عليه منه. وإذا دخل الشيطان من هذا الباب فلا يخرج إلا بخروج دينه..! وقد ورد في الأثر: (لاَ تُعَوِّدُوا اَلْخَبِيثَ)[١٣]. وعلى الحاج أن يوازن بين إتقان الأعمال، وبين أن يعيش روح العبادة وجوهرها.
ترك المزاحمة
ونرى للأسف الشديد أن الحجاج يتزاحمون بشدة على تقبيل الحجر الأسود وقد يطأ بعضهم بعضا؛ فتُدفع النساء والأطفال في بعض الأحيان، والحال أن الإمام الصادق (ع) كان يقف بعيدا عن الحجر حتى يفرج له. وما على الحاج إلا المحاولة فإن وصل فهو المطلوب وإن لم يصل فلا بأس بذلك.
من أسرار الحج؛ العدد سبعة
فالطواف سبعة والسعي سبعة أشواط والرمي سبع حصيات ولكن لا ندري ما هو السر في هذا العدد؟ ولماذا خلق الله السماوات سبعا والأرضين سبعا. ومن الطريف أن الإنسان عندما يطوف حول البيت، يطوف في عكس اتجاه عقارب الساعة، يطوف وقلبه جهة البيت وكأنه يريد أن يقول: يا رب..! أطوف حول البيت بقلبي الصنوبري الظاهري، وبقلبي الباطني. إن قلبي يطوف حول بيتك في مكة، وفي المدينة، وخارج الحرمين، وأين ما كنت جعلت قلبي يطوف حول محور شريعتك ودينك..!
التأكيد على الإمامة
بعد الانتهاء من الطواف ينبغي للحاج أن يتخذ من مقام إبراهيم مصلى وهو قوله تعالى: (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)[١٤]. إن إبراهيم (ع) إمام الأمة ومحطم الأصنام، ينبغي للحاج أن يقف في ذلك المقام، تكريماً لمقام الإمامة، وأن يذهب إلى الركن اليماني، وينظر إلى ذلك الشق الذي دخلت منه فاطمة بنت أسد (س). ومن المعلوم بأن المرأة لا يحق لها أن تدخل المسجد في حال النفاس والولادة، ولهذا مريم انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً، وحتى إذا كانت في المسجد؛ لذهبت خارج المسجد لتضع وليدها. ولكن أم حيدرة الكرار وأم أمير المؤمنين (ص)؛ وضعت وليدها داخل الكعبة.
ولم يعهد في تاريخ البشرية أن أذن لامرأة بالولادة في بيت من بيوت الله كفاطمة بنت أسد، وليس في أي المسجد؛ بل في المسجد الحرام بل جوف في الكعبة، ولم تدخل من باب الكعبة، وإنما شق لها الجدار، ودخلت البيت لتضع ذلك الوليد المبارك. وكأن علي (ع) أراد أن يرد هذا الجميل لرب العالمين، فكان هو المرشح لأن يرتقي كتف النبي (ص) في يوم فتح مكة، ليحطم الأصنام. وكما عهد الله سبحانه لإبراهيم وإسماعيل (ع) أن يطهرا الكعبة في قوله سبحانه: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)[١٥] قام بهذه المهمة مرة أخرى النبي (ص) وأمير المؤمنين (ع).
زيارة النبي (صلى الله عليه وآله) والمعصومين (عليهم السلام) في البقيع
إن من الجفاء أن يوفق المؤمن للحج والعمرة ولا يتشرف بزيارة المصطفى (ص) وزيارة عمه سيد الشهداء (ع). بل ينبغي له أن يقف على أبوابهم ويقول: السلام عليك يا رسول الله، أشهد أنك تسمع كلامي، وتشهد مقامي، وأنك حي عند الله مرزوق. أأدخل يا رسول الله؟ فيستأذنه في الدخول إلى روضته، فإذا رق القلب وجرى الدمع، فمعنى ذلك أنه قد أذن له بالدخول في حرم المصطفى (ص). وقد ورد عن النبي (ص) أنه قال: (مَنْ أَتَانِي زَائِراً فِي اَلْمَدِينَةِ مُحْتَسِباً كُنْتُ لَهُ شَفِيعاً يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ)[١٦] وكذلك روي عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: (أَتِمُّوا بِرَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ حَجَّكُمْ إِذَا خَرَجْتُمْ إِلَى بَيْتِ اَللَّهِ فَإِنَّ تَرْكَهُ جَفَاءٌ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُمْ)[١٧].
وهنيئا لمن وفقه الله لزيارة بضعة الرسول (ص)؛ تلك المرأة التي قيل في حقها: (اَلْمَجْهُولَةِ قَدْراً وَاَلْمَخْفِيَّةِ قَبْراً اَلْمَدْفُونَةِ سِرّاً)[١٨]. فتارة في روضة الرسول (ص) وتارة في الحجرة المباركة وتارة في البقيع بين يدي أئمة الهدى (ع). ليس على الحاج والمعتمر أن ينظر إلى البنيان. هب أنه ليس هنالك قبة شماء، وليس هنالك فرش أو ما شابه ذلك، ولكن ليدخل حرمهم متأدباً، ولا ينظر إلى هذه الحجارة المتناثرة، بل لينظر إلى أرواحهم الصاعدة عند المليك في المحل الأعلى؛ فإن أرواحهم واحدة، وطينتهم واحدة، وقبورهم في القبور، وأسماؤهم في الأسماء، ولا فرق بين مشاهدهم في هذه الناحية؛ ففي جميعها ملائكة تهبط من السماء إلى الأرض، وتعرج من قبورهم إلى السماء، وهذه خصوصية لكل معصوم؛ سواء كان قبره مشيداً أو كان قبره غير مشيد.
[٢] الخصال ج٢ ص٦١٠.
[٣] بحار الأنوار ج٤٦ ص٥٠.
[٤] تهذيب الأحكام ج٥ ص٤٤٢.
[٥] مستدرك الوسائل ج٨ ص٥٠.
[٦] وسائل الشیعة ج١٢ ص٢٣٣.
[٧] المحاسن ج١ ص١٨٤.
[٨] أبو الشمقمق.
[٩] من لا یحضره الفقیه ج٢ ص٢١٩.
[١٠] الکافي ج٤ ص٥٤٥.
[١١] بحار الأنوار ج٧٣ ص٢٧٣.
[١٢] وسائل الشیعة ج١١ ص٤٣٠.
[١٣] بحار الأنوار ج٨٥ ص٢٣٨.
[١٤] سورة البقرة: ١٢٥.
[١٥] سورة البقرة: ١٢٥.
[١٦] كامل الزيارات ج١ ص١٤.
[١٧] الخصال ج٢ ص٦١٠.
[١٨] زاد المعاد ج١ ص٤٠٠.
هاشتاغ
خلاصة المحاضرة
- الحج هو حركة رمزية يتضمن معان كثيرة؛ فالحجاج بحركاتهم وبسكونهم، وبطوافهم وبسعيهم، وبرميهم وبذبحهم، وبحلقهم وبتقصيرهم، وبوقوفهم وببيتوتهم يرمزون إلى معنى من المعاني. ولذلك لا يستفيد من الحج أحد كما يستفيد العاشق لربه الذي يجد متسعا ومجالا فسيحا لأن يعبر عن احساسه ومشاعره.
- قد يحرم البعض من التمتع بالحج بسبب ظروفهم المادية؛ ولو أنهم ادخروا ما يسرفون طوال العام لأمكنهم الحج الواجب والمستحب. ويقول الإمام الصادق (ع): (إِن استَطَعتَ أَن تَأْكُلَ اَلْخُبْزَ وَاَلْمِلْحَ وَتَحُجَّ كُلَّ سَنَةٍ فَافْعَلْ). وقد تكون قطعة من الذهب يبتاعها لزوجه تعدل حجة..!
- ليس على الحاج والمعتمر أن ينظر إلى البنيان عند زيارة أهل البيت. هب أنه ليس ثمة قبة شماء فرش مزخرفة أو ما شابه ذلك، أفلا ينبغي أن يدخل حرمهم متأدباً؟ ولا ينظر إلى هذه الحجارة المتناثرة، بل لينظر إلى أرواحهم الصاعدة عند المليك في المحل الأعلى؛ فإن أرواحهم واحدة، وطينتهم واحدة.