إن هنالك بعض الأمكنة، وبعض الأزمنة، وبعض الحالات؛ يفتح الله فيها أبواب الرحمة الإلهية.. ومن هذه الأمكنة المساجد، التي هي بيوت الله -عز وجل- في الأرض.. فالمساجد كلها متساوية في الشرف والفضيلة، من مسجد القرية إلى المسجد الحرام.. نعم هناك تفاضل لا شك في ذلك!.. ومن حيث الأزمنة، هناك مثلا: ليلة الجمعة، وليلة النصف من شعبان، وليالي القدر،…الخ.. في هذه الليالي، يهب الله -عز وجل- عباده ما يشاء من الفضل.
أما الحالات التي تتجلى فيها الرحمة الإلهية، فمنها:
– نزول المطر: فالمؤمن بمجرد أن ينزل المطر، يرفع يديه إلى السماء بالدعاء.. وقد وصفه الله تعالى في القرآن الكريم بالماء الطهور: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا}.. حتى أن البعض يشرب ماء المطر بنية الاستشفاء، ويقول: أن هذا قريب عهد بربه، لم يلمس هذا الماء أي إنسان.. روي عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: «تفتّح أبواب السماء عند نزول الغيث، وعند الزحف، وعند الأَذان، وعند قراءة القرآن، ومع زوال الشمس، وعند طلوع الفجر».
– عند هبوب الرياح: قال تعالى في كتابه الكريم: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ}؛ أي نحن الذين جعلنا الرياح تنتقل من مكان إلى مكان.. قال الإمام الصادق (عليه السلام): «اطلبوا الدعاء في أربع ساعات: عند هبوب الرياح، وزوال الأَفياء، ونزول القطر، وأول قطرة من دم القتيل المؤمن؛ فإنّ أبواب السماء تفتّح عند هذه الأشياء».
– عند الزوال: يقول تعالى: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلَّهِ قَانِتِينَ}؛ أي الظهيرة.. عند صلاة الظهر تفتح أبواب السماء، ولهذا أمرنا بالحفاظ على جميع الصلوات وخاصة صلاة الظهر.. وهناك توصية من بعض العلماء الكبار، أنه من المناسب للمؤمن عند أذان الظهر أن يلزم نفسه -بنحو الاستحباب- بدعاء الفرج: (اللهم!.. كن لوليك الحجة بن الحسن…).. فمن يفعل ذلك يرجى له الخير.
– عند التقاء الصفين.. ومن حالات استجابة الدعاء عند التقاء الصفين؛ أي صفي المسلمين والكفار للقتال، قال أمير المؤمنين (ع): «اغتنموا الدعاء عند خمسة مواطن: عند قراءة القرآن، وعند الأذان، وعند نزول الغيث، وعند التقاء الصفين للشهادة، وعند دعوة المظلوم؛ فإنّها ليس لها حجاب دون العرش».
– السحر.. إن المطر له موسم، والرياح لها مواسم.. ولكن أبواب السماء تفتح بدءاً من ساعات السحر، حتى طلوع الشمس.. أيضا هذا الوقت من الأوقات التي تنغمر فيه الرحمة الإلهية، خصوصا بالنسبة إلى الرزق.. عن الجواد (ع): (وذكر اللّه بعد طلوع الفجر، أبلغ في طلب الرزق من الضرب في الأرض).. نحن مشكلتنا أننا جعلنا الأرزاق تساوي المال، والحال أن المال آخر الأرزاق: أول الرزق الإيمان والاطمئنان النفسي، وبعد الإيمان الزوجة الصالحة، وبعد الزوجة الذرية الطيبة.. وبعدها الدابة السريعة، والدار الوسيعة، والمال الوفير؛ وهي في أسفل القائمة.. وذلك لأن رب العالمين يعطي الإنسان الأهم فالأهم!.. فالمؤمن الذي يصبح ويمسي لا يخاف شيئا، ولا يحزن على شيء.. هذا الإنسان قمة في الراحة النفسية.
سر هذه الخصوصية لهذه الحالات:
أولا: إن هذه الحالات تستقطب الرحمة.
ثانيا: إن الله -عز وجل- يريد أن يرحم، ولكن يجعل لرحمته علامة، وليست الحالات هي التي أوجبت الرحمة.. هو أراد أن يرحم في مثل هذه الساعة منذ الأزل، ولكن ليلفت نظرنا قال: إذا نزلت عليكم المطر، وهبت الرياح، و…الخ؛ سأرحمكم.. فاغتنموا الفرصة!..
فإذن، على كل التقديرين، المؤمن صياد الفرص، يغتنم كل الأزمنة وكل الأمكنة وكل الحالات.. ويلجأ إلى الله تعالى؛ كي يفتح له الأبواب المغلقة.
ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.