- ThePlus Audio
آخر وصايا علي (عليه السلام) ساعة الاحتضار
بسم الله الرحمن الرحيم
حياة الإمام علي عليه السلام بين بيتين من بيوت الله (تعالى)
الحديث عن الإمام علي (عليه السلام) من الأحاديث الصعبة؛ لأنَّ هذا الرجل كما نعلم ما عرفه إلا الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذا الرجل إذا أردنا أن نلخص حياته بين البيت والمحراب، نجد أنَّ حياته بدأت من المسجد الحرام (بيت الله الحرام) وختمت في مسجد الكوفة، وهو بيت من بيوت الله، حياته كلها عبارة عن السجود بين يدي الله (عزوجل) لا سجود الجباه فحسب، بل سجود القلب وسجود السيف وسجود القلم وسجود الحديث والخطب، الحياة بين المسجدين عبارة عن السجود بين يدي الله (عزوجل)، وليس هذا بالكلام العجيب الغريب، قال الله (تعالى): (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[١]، هذه الذوات الطاهرة المعصومون (عليهم السلام)، هم الذين حققوا هذا العنوان بأجلى صوره على وجه الأرض.
الإنتساب إلى الإمام علي (عليه السلام) ليس بالأمر الهين
فمن يدعي أنه منتسب إلى الإمام علي (عليه السلام)، وهذا انتساب خطير ليس بالهين، مع أنَّ البعض يخشى من هذا الانتساب في الدنيا فيتقي تقية وينكر انتسابه إلى الإمام علي (عليه السلام)، وإلى مدرسة الإمام (عليه السلام)، وهو قد يكون معذور في ذلك ولكن هذا الانتساب له تبعته يوم القيامة عندما يقال أنت كنت توالي عليا (عليه السلام)، فأين صورة الموالاة أنت كنت تكتسب الوجاهة من اسم علي (عليه السلام)، أنت كنت تدعي أنك من شيعة علي (عليه السلام)، فأين هذه الموالاة؟ أشد الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم عدل إلى غيره[٢]، وفي مقام الحديث يصف العدالة ويصف عدالة علي (عليه السلام)، ويصف إمامة علي (عليه السلام)، ولكن في مقام العمل لا نكاد نجد فرقا بينه وبين من لا يعرف عليا (عليه السلام)، حقيقة الإنسان يتأثر كثيرا عندما يأتي رب العمل ويقول أن فلان المسيحي خير عملا وأصدق قولا وأكثر وفاء من ذلك المسلم وقد يكون في مقابل ذلك المسيحي الإنسان الذي يدعي الانتساب إلى أمير المؤمنين! نعم إذا أعطى صورة قاتمة صورة قبيحة عن موالاة علي (عليه السلام)، في الدنيا فماذا يجيب أحدنا علياً (عليه السلام) يوم القيامة حيث يقول لك أردت منك أن تكون لي زينا فكنت لي شينا…؟! على الإنسان إخواني أن يعمل بمقتضى لوازم هذا العنوان العظيم فإن الإنسان كما قلنا قد يحاسب حسابا عسيرا على ما أعطاه من صورة غير مرضية عن علي وأولاد علي (عليهم السلام)، ولو عجزنا عن معرفة علي وأبناء علي (عليهم السلام)، معرفة كاملة فعلى الأقل نحاول أن نقترب من تلك الصورة التي رسمها الله (عز وجل)، فإن العجز غير مانع أبدا في أن نعرف تلك الصورة الكاملة لعلي (صلوات الله وسلامه عليه)، كما قلت في صدر حديثي سر القرب وسر وجاهة علي (عليه السلام) وسر خلود علي (عليه السلام).
حب علي (عليه السلام) في قلوب المؤمنين
ليلة إستشهاد الإمام (عليه السلام)، لم يكن مسجد الكوفة مزدحما بالناس، إذ ابن ملجم في جوف الليل دخل المسجد الفارغ وإلا لما وصل إلى بغيته حيث استفرد بعلي (عليه السلام) وهو مشغول بالعبادة وقتله غدرا وغيلة وظن ابن ملجم أن التاريخ قد طويت صفحته وأن الجو خلى لأعداء علي (عليه السلام)، واليوم بعد مئات السنوات بعد قرون تلبسون السواد حدادا على علي (عليه السلام) وتذرفون الدمع حرقة وأسى على علي (عليه السلام) رأيت بعض المؤمنين عندما يُذكر اسم علي (عليه السلام) أو ُتذكر منقبة من مناقب علي (عليه السلام) يضطرب قلبه وقد تجري دموعه، نعم هكذا بلغ حب علي (عليه السلام) في قلوب الخلق، رب العالمين هو رب إبراهيم الخليل (عليه السلام)، وهو رب علي (عليه السلام)، إبراهيم (عليه السلام)، في ذلك الوادي غير ذي زرع قام بتضحية إبراهيمية، قام بتأسيس البيت وقام ببنائه وعمل ما عمل ثم ترك ذريته في واد غير ذي زرع حفظ الله الجميل لإبراهيم (عليه السلام)، حيث جعل البيت ذكرى لإبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) وهاجر وهذا علي (عليه السلام)، له جهاده وجهوده بات على فراش النبي (صلى الله عليه وآله) فكان مثله كمثل إسماعيل (عليه السلام)، حيث سلم نفسه للذبح كذلك علي (عليه السلام)، في ليلة المبيت سلم نفسه للسيوف الجائعة لسيوف أعداء النبي (صلى الله عليه وآله) أولا يستحق علي (عليه السلام)، بعد ذلك أن يعامله رب البيت كما عامل إبراهيم (عليه السلام)؟ بل وزيادة ومن هنا جعل مولده في ذلك الركن الذي نصل إليه فننحني إعظاماً لعلي (عليه السلام) ومكانة علي (عليه السلام).
ماذا كان يشغل بال الإمام علي (عليه السلام) وهو على فراش الموت؟!
وهو القسم الذي يناسب الحديث في يوم إستشهاده (عليه السلام)، فقبل أن يرتحل إلى الرفيق الأعلى وقبل أن يسلم نفسه إلى بارئها وقبل أن يحقق مصداق هذه الآية (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)[٣]، وقبل أن يحقق عنوان (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً)[٤]، علي (عليه السلام)، وهو على فراش مرضه، ما كان يشغل باله؟ ماذا كان يقول؟ لاحظوا وصايا علي (عليه السلام) وانظروا إليها، وإنما تعمدت ذكر آخر وصية؛ لأنه كان يقول إني أوصيك يا حسن (عليه السلام)، وجميع أهل بيتي وولدي ومن بلغه كتابي – فنحن اليوم مخاطبون من قبل علي (عليه السلام)، وكأننا جالسون على سرير علي (عليه السلام)، وهو ملقى على ذلك الفراش الذي لم يستقر فيه إلا يومين ليلاقي ربه بدموع ودماء جارية- ماذا كان يقول الإمام علي (عليه السلام)؟ يقول أوصيك يا حسن (عليه السلام)، (وما قرأناه قبل قليل وقد روى الرواية الكليني (قدس سره) في الكافي)[٥] بتقوى الله – بتقوى الله ربكم انظروا إلى كلمة علي (عليه السلام)، نحن الذين قد يتهمنا البعض بالغلو وبنسيان ذكر الله (عز وجلّ) وبتقديم الولاية على التوحيد، علي (عليه السلام)، وصيته الأولى ماذا كانت؟ الجواب: تقوى الله -فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام- من مصاديق التقوى ماهو؟ أن يصلح الإنسان ذات بينه أن يصلح الإنسان نفسه مع الآخرين القلب الذي يحمل الحقد والذي يحمل الكراهة هذا القلب لم يشرق فيه أنوار الله (عز وجلّ)، النور الإلهي حيث ما حلّ طهر ذلك المكان شغله عن هذه الأباطيل.
لا تحرق لحظات عمرك
أقول للزوج والزوجة، لماذا تحرق لحظات العمر في القيل والقال؟ البعض من النساء والرجال قد يقع الشجار فيما بينهما في ساعة صلاة الليل وهناك قوم يقفون في زوايا بيوتهم في ظلمة الليل، امرأة تقف بين يدي ربها ترفع كفيها تقول: (يا ربّ العفو العفو، هذا مقام العائذ بك من النار…، هذا مقام المستغيث بك من النار)، وإنَّ لك في هذا الليل نفحات وجوائز وعطايا، وفي صورة أخرى امرأة ترفع صوتها على زوجها في الوقت نفسه أو زوج يرفع صوته على زوجته، بل قد يمد يده إليها في تلك الساعة ما هذا النمط؟ وما هذا الأسلوب؟ القلب الذي تشغله بالنزاع مع الطفل الصغير، هذا القلب لا يمكن أنْ يتوجه إلى الله (عز وجل)، وإنّ المُبيرة الحالقة للدين فساد ذات البين، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، يعني من أراد أن يترقى في هذا المجال فعليه بكسب المدد من رب العالمين.
صلة الرحم تهون الحساب
تعاهدوا ذوي الأرحام فصلوهم يهون الله عليكم الحساب، يمكن أن يحصل الخطأ في مسألة صلة الرحم فليس البر فحسب أن تبعث دريهمات إلى أولادك في بلد من البلاد البعيدة وأنت في المهجر، لماذا لا تنظر إلى مصرف ذلك المال؟ فبعد سنوات عندما تذهب إلى وطنك وإذا بهذه الأموال أصبحت لُبنات لبناء بيت فاسد وأنت لا تعلم بذلك! فقد يتعب أحدنا صباحا ومساء لتقدم لقمة سائغة لولد له انحرافه في السر، لبنت لها انحرافها في السر!، فقدسمعت بعض الأمهات يتمنين الموت لبناتهن، البنت التي ربتها هذه السنوات وإذا بليلة من الليالي تتعرف على شاب في زاوية مظلمة، وإذا بالبنت تقول أبتاه أماه وداعا، سأذهب إلى هذا الرجل رضيتما أم أبيتما، وأنتم تعلمون العدد الكبير للفتيات الهاربات من البيوت، نعم صلة الرحم أن توصل إلى الرحم ما يناسب من الغذاء فربما يكون غذاء حكمة فنوصل الحكمة، أو نهيا عن المنكر فنقوم به، ومن المعلوم إذا كان بإمكان أحد أن ينهى عن المنكر بالتضييق في لقمة العيش عليك بذلك إذا أمكنك أن تنهى عن المنكر، توقف الأمر في أن تأخذ موقفا حاسما من ولدك، من ابنتك، من زوجتك، من أرحامك، فعليك بأخذ هذه المواقف.
لا تغيروا أفواه اليتيم
الله الله في الأيتام، هذا التعبير وهذه الصيغة تكرار لفظ الجلالة من صور الحث والوصية المؤكدة، فلا تغيروا أفواههم ومن الجميل قرأت لبعض المفسرين وبعض اللغويين عندما يصل إلى كلمة لا تغيروا أفواههم يقول: لا تجعل اليتيم يطلب منك المساعدة إلى درجة ينشف ريقه فيتغير فمه من كثرة ما يقول لك، والبعض يقول لا تغيروا أفواههم أي لا تمنعوهم الطعام فيجوعون، والجائع إذا جاع تغيرت رائحة فمه، المهم فلا تغيروا أفواههم ولا يُضيعوا بحضرتكم فقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: (من عال يتيما حتى يستغني أوجب الله عزوجل له بذلك الجنة كما اوجب الله لآكل مال اليتيم النار)[٦]، الكثيرون يحسنون ولكنه إحسان غير مبرمج، يدفع ماله لمشروع لكن المشروع لا ينجز ولا يتم؛ لذلك حاول أن تختار سلة الخيرات أوكفالة لليتيم أومساهمة في مسجد أوبناء لميتم وما شابه ذلك، حاول أن تفتح لنفسك من كل خير بابا إلى رضوان الله (سبحانه وتعالى) يقول في هذه الرواية: (من عال يتيما حتى يستغني)، هذا اليتيم الذي فقد أباه فقد الحنان والعاطفة ولقمة العيش واليد الحانية، وهذا اليتيم لو انحرف ماذا سيقول غدا؟ أظن أنَّه سيجد مبرراً لنفسه ويقول: الحق لي، وخاصة إذا كان اليتيم فتاة، فهي إذا فقدت أباها في صغرها وبلغت وراهقت وخاصة إذا كانت تملك مسحة من الجمال والحسب والنسب، هذه البنت تكون في معرض الانحراف، لماذا لا تجعل نفسك أباً لهذه اليتيمة المسكينة؟ وهذه الأيام دور التبني ودور كفالة الأيتام كثيرة لماذا لا تحاول أنْ تختار بنفسك عائلة عائلتين من يتامى المسلمين تتبنى هذه العائلة، فإن الله (عز وجلّ) سيجعل درجتك في الجنة بجوار النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله).
تتمة فقرات الوصية
ينتقل الإمام (عليه السلام)، بعد ذلك إلى الوصية بالقرآن فيقول: (الله الله في القرآن فلا يسبقنكم بالعمل به غيركم)، العمل بالقرآن لا التلاوة المجردة ولا التبجح بالصوت الحسن ولا زخرفة المصاحف ولا طباعتها ونشرها وإنما العمل بكتاب الله (سبحانه وتعالى) ولو كان لعلي (عليه السلام) قرآنا غير هذا القرآن المتداول لدلنا على ذلك القرآن.
ثم يقول: ( الله الله في جيرانكم فإنّ النبي أوصى بهم وما زال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوصي بهم حتى ظننا أنه سيورثهم) [٧]، نعم الجار كذلك، الإسلام دين الاجتماع، دين التواصل مادام هنالك مسلم، وهو بجوارك تواصل معه، والبعض منا -مع شديد الأسف- لا يكاد يعرف جاره أصلاً فضلاً عن الحديث معه إلى الإحسان إليه، أفرض الجار غير وصول فعليك صلته ولو بالتحية والسلام وعليك بأدنى درجات التواصل عملا بوصية النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) وعملا بوصية وصيه (عليه السلام).
ثم يقول: (الله الله في بيت ربكم الله الله في الصلاة فإنها خير العمل وإنها عمود دينكم) [٨]، علي (عليه السلام) اختار من بين الفروع بعض الفروع، عندما يصل الأمر إلى الصلاة، مرتان يؤكد على هذه الحقيقة هنا يقول: (الله الله في الصلاة) وأخيرا يقول أيضاً في ختام الوصية (الصلاة الصلاة الصلاة…) خمس مرات، وهو (عليه السلام) يشير إلى اللقاء الإلهي.
ثم يقول (عليه السلام): (الله الله في شهر رمضان فإن صيامه جنة من النار) [٩]؛ أي صيام جنة من النار؟ هل الإمساك عن الطعام والشراب فحسب؟! ما الذي يناسب المنع من النار؟ ذلك الذي يمنعك من الحرام الصوم، كالصلاة الصلاة التي تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر؛ فمن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له، والصوم كذلك فهو أخو الصلاة، فإذا كان الصوم غير مانع من الحرام وغير موجب للورع فلا صيام لصاحبه.
ثم يقول: (الله الله في الفقراء والمساكين فشاركوهم في معايشكم) [١٠]، فشاركوهم في معائشكم لا مجرد المساعدة العابرة لا دفع الزكاة الواجبة ولا دفع زكاة الفطرة فحسب وإنما شاركوهم في معاشكم يُقال بأنَّ دفع الصدقة المستحبة في بعض الحالات أبلغ في رقي الإنسان وتنقيته من الوجوهات الشرعية الواجبة كالخمس وما شابه ذلك لأن في الخمس خوف النار وأما في الصدقة المستحبة فلا خوف في ذلك كالفرق بين النافلة والفريضة.
ثم يقول: (الله الله في ذرية نبيكم فلا يظلمن بحضرتكم وبين ظهرانيكم وأنتم تقدرون على الدفع عنهم) [١١]، ومن أتم مصاديق ذرية النبي (صلى الله عليه وآله)، ولد علي (عليه السلام) الذين تصدوا لمقام الإمامة فهو (عليه لسلام)، كأنه يريد بذلك أن يذكرنا بموقفنا اتجاه أولاده الذين ظلموا جميعا بين مقتول ومسموم وطريد ومغيب في غياهب السجون.
ثم يقول: (الله الله في أصحاب نبيكم) [١٢]، وتأملوا هذه الفقرة الإمام (عليه السلام)، أخبر الناس بأصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) يعرفهم فردا فردا عاش معهم في مكة وعاش معهم في المدينة ورأى الأحداث بعد النبي (صلى الله عليه وآله) في كلام علي (عليه السلام)، الذي ساذكره لكم؛ شهادة خبير بالتاريخ، شهادة صحابي من الصحابة، فكيف إذا أُضيفت إلى ذلك العصمة والنزاهة يقول: (الله الله في أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا ولم يؤو محدثا فإن رسول الله أوصى بهم) [١٣]، أوصى بهم من ناحية ولعن المحدث منهم ومن غيرهم الذي يحدث الحدث الذي يبتدع في الدين بدعة لعنه النبي (صلى الله عليه وآله)، سواء كان صحابيا أو كان غير صحابي ولعن المحدث منهم ومن غيرهم والمؤوي للمحدث، سلام الله عليك يا أبا الحسن كأنه أراد أن يسجل حاشية على تاريخ صدر الإسلام وما جرى بهذه الكلمات المختصرة.
ثم يقول: (الله الله في النساء وفي ما ملكت أيمانكم) [١٤]، أنتم شيعة علي (عليه السلام)، اليوم أنتم الرجال حاولوا أن تحسنوا إلى النساء من منطلق محبة علي من منطلق وصية علي (عليه السلام)، في سويعات احتضاره، نحن نبكي على احتضاره واستشهاده، وفي مقام العمل نضع هذه الوصية تحت أرجلنا فإن آخر ما تكلم به نبيكم (صلى الله عليه وآله) أن قال: (أوصيكم بالضعيفين النساء وما ملكت أيمانكم)[١٥]، والضعيف الذي يعيش معك وهو لا يرتضي هذا العيش خوفا من الفضيحة أو خوفا من الفقر أو خوفا من الحرمان من الأولاد، هل هذه عيشة يرضاها رب العالمين؟ أن تعيش المرأة وهي تحترق صباحا ومساء وهي تقول لولا أولادي لما عشت تحت سقف واحد مع هذا الرجل يوما واحدا، هذه وصية أميرالمؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه)، ثم في ختام كلماته واتقوا الله، بدأ بالتقوى وختم بالتقوى، إن الله شديد العقاب، حفظكم الله من أهل بيت وحفظ فيكم نبيكم أستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام ورحمة الله، ثم لم يزل يقول: لا إله إلا الله…، حتى قبض (صلوات الله عليه)، كلماته الأخيرة من الدنيا التهليل، أين المبطلون؟! أين المنحرفون؟! أين المزيفون؟! أما تخافون الله (عز وجل) في علي (عليه السلام)، فهو يختم حياته بكلمة (لا إله إلا الله)، بالأمر بالتقوى، بدء وختما ويأتي ويقول أنّ هؤلاء يعبدون علياً (عليه السلام)، ختم كلمته بلا إله إلا الله.
[٢] بحار الأنوار ج٦٧ ص٣٠٩.
[٣] سورة البقرة ١٥٦.
[٤] سورة الفجر ٢٨-٢٧.
[٥] الکافي ج٧ ص٤٩.
[٦] الکافي ج٧ ص٤٩.
[٧] الکافي ج٧ ص٤٩.
[٨] الکافي ج٧ ص٤٩.
[٩] الکافي ج٧ ص٤٩.
[١٠] الکافي ج٧ ص٤٩.
[١١] الکافي ج٧ ص٤٩.
[١٢] الکافي ج٧ ص٤٩.
[١٣] الکافي ج٧ ص٤٩.
[١٤] الکافي ج٧ ص٤٩.
[١٥] الکافي ج٧ ص٤٩.
خلاصة المحاضرة
- قبل أن يرتحل الإمام علي عليه السلام إلى الرفيق الأعلى وقبل أن يسلم نفسه إلى بارئها وقبل أن يحقق مصداق هذه الآية (إنا لله وإنا إليه راجعون)، وهو على فراش مرضه، ما كان يشغل باله؟ ماذا كان يقول؟
- كان يشغل باله عليه السلام؛ تقوى الله- فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام- من مصاديق التقوى ما هو؟ أن يصلح الإنسان ذات بينه أن يصلح الإنسان نفسه مع الآخرين.
- صلة الرحم تهون الحساب.
- تعاهدوا ذوي الارحام فصلوهم يهون الله عليكم الحساب يمكن، نعم صلة الرحم أن توصل إلى الرحم ما يناسب من الغذاء فربما يكون غذاء حكمة فنوصل الحكمة أو نهيا عن المنكر فنقوم به، ومن المعلوم إذا كان بإمكان أحد أن ينهى عن المنكر بالتضييق في لقمة العيش عليك بذلك إذا أمكنك أن تنهى عن المنكر توقف الأمر في أن تأخذ موقفا حاسما من ولدك من ابنتك من زوجتك من أرحامك فعليك بأخذ هذه المواقف.
- لا تغيروا أفواه اليتيم.
- الله الله في الأيتام، هذا التعبير وهذه الصيغة تكرار لفظ الجلالة من صور الحث والوصية المؤكدة، فلا تغيروا أفواههم، أي لا تجعل اليتيم يطلب منك المساعدة إلى درجة ينشف ريقه فيتغير فمه من كثرة ما يقول لك.