– إن الأذى الذي بعده فرج، ليس بأذى.. والضيق الذي بعده برمجة للأفضل، ليس بضيق.. إن المدرسين يشددون على الطلاب، ويعاتبونهم، وقد يعاقبون البعض من أجل الاستعداد للامتحان.. فهذا باطنه لطف، وإن كان ظاهره زجر.
– إن من بواعث العمل، أن يفكر الإنسان في الأبدية، أو في اللانهاية.. ويبرمج لأن تكون هذه الأبدية أفضل أبدية ممكنة.. وهذه الأبدية لا تستقى ولا تستمد إلا من هذه السنوات المحدودة.
– إن الإنسان الذي يعتقد بالتعويضات ما بعد هذه الحياة، تهون عليه المصائب.. فالإنسان يأتي يوم القيامة، ويتمنى أنه لو لم تستجب له دعوة واحدة، لما يرى من التعويض العظيم.
– إن من آثار تذكر الآخرة: التعامل الاجتماعي المنضبط.. فالإنسان الذي يعلم أن كل حركة هنا، يترتب عليها أثر في البرزخ وفي القيامة.. {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}.. يكون مؤدبا في حديثه مع زوجته، فهو وبعد أربعين أو خمسين سنة من الزواج، كما اليوم الأول منه، الزوج الودود والمحب.. لأن هذه المرأة أمانة لديه، وهو سيحاسب عليها.. كلكم مسؤول عن رعيته.. فذكر الموت هو الذي يرتب الحياة للإنسان: قولا وعملا.. مثل المغناطيس الذي إذا وضع أسفل ورقة، عليها برادة حديد متناثرة لا ترابط بينها.. فيجعلها منتظمة على شكل قطب سالب وموجب، وخطوط نصف دائرية.
– إن هنالك عدة عناصر مهمة قبل النزع وبعد النزع.. من معالمها: سكرات الموت، وحضور الملائكة المحاسبة: محاسبة للحسنات، ومحاسبة للسيئات.. وحضور أرواح الأئمة (ع)، والنبي الأكرم (ص).. ومن معالمها أيضا حضور الشيطان اللعين الرجيم، فهو ينتظر تلك الساعة الذهبية، وهي ساعة العديلة.. وهنالك ضغطة القبر، وبعد ذلك هنالك ساعات الحساب والكتاب.
– السكرة: هذه السكرة ذكرها القرآن بكل وضوح {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ}، وهذه إشارة إلى أن ما يفر منه الإنسان، فإنه ملاقيه لا محال.. إن السكرة في ساعة الاحتضار، مرتبطة بالسكرة في الحياة الدنيا في تعاملنا اليومي.. فالسُّكر ليس خاصاً بالخمرة، وسكر الخمرة لعله أرخص أنواع السكر.. فهو شراب يشربه الإنسان لساعات، فيعيش حالة من حالات الارتياح الكاذب، ثم يعود إلى واقعه.. وبذلك يكون قد شرب الحرام، فأدخل مادة حمضية في معدته.. وإذا به بعد فترة يتلف كبده، ومعدته، وأمعاءه، وله في الآخرة عذاب أليم.. وعندما ينتهي السكر، فإن الكثيرين ممن أقدموا على هذا العمل، بعد فترة يرون أنهم ارتكبوا أمراً لا يستحسن، وبالتالي يعودون إلى رشدهم.. عن أمير المؤمنين (ع): (سكر الغفلة والغرور، أبعد إفاقة من سكر الخمور)!..
– إن الإنسان عندما يسكر بالمال، أو بالجاه، أو بالرئاسة، أو بما فيه من مرحلة الشباب.. حيث أن الشباب أيضاً من موجبات السكر، لأن الشاب باعتبار أن عمره -مثلاً- في العشرين إلى الثلاثين، فهو يعتقد أن هنالك مساحة كبيرة باقية له.. والغريب أن الذي في الثلاثين يعتبر نفسه شاباً، وهو بالفعل شاب، ولكن بعد الثلاثين يبدأ العد التنازلي.. فالعمر الطبيعي ستون سنة.. حتى الذي في العشرين، هو الآن في عنفوان الشباب، ولكن العشرين أيضاً هو ثلث العمر.. والثلث الأخير، ثلث مزعج بسبب بعض الأمراض ومشاكل الشيخوخة.. والنصف أيضا أربعون سنة، وهي سنوات العطاء والنشاط.. وبالتالي، فإن الشاب الذي في سن العشرين، يكون قد أمضى نصف عمره.. ومشكلة الشباب أنهم لا يعلمون أن الأيام تنقضي سريعاً.. فإذن، الشباب فيه سكر، وكذلك المال والرئاسة.. وكل هذا السكر يجتمع في ساعة الاحتضار.
– إن كل إنسان له محور اهتمام في هذه الحياة، وهذا المحور يتجلى للإنسان عند الموت.. فالبعض يغلب عليه الاهتمام الرياضي مثلاً، والبعض همه جمع المال، والبعض الآخر يحب أن ينوع المتع.. فهناك متع محللة، ولكن البعض يسترسل في هذا المجال.. فليس معنى الحلية، أن يهدم الإنسان العش الزوجي لأجل ليلة واحدة.. فهذا ليس من المنطق في شي.. ولا بد أن ننتبه أن التوغل في التلذذ، أيضاً له صفعات في الدنيا وإن كان الأمر حلالاً.. كتب أبو الحسن (ع) إلى بعض مواليه: لا تلحّوا في المتعة، إنما عليكم إقامة السنّة.. ولا تشتغلوا بها عن فرشكم وحلائلكم، فيكفرن ويدعين على الآمرين لكم بذلك، ويلعنونا.
روي أن هناك امرأة عفيفة خرجت من بيتها لتذهب إلى الحمام، فسألت أحد المترفين: أين الطريق إلى حمام منجاب؟.. فأشار إلى باب داره، فعندما دخلت الدار، وقعت في فخه، وعزم على الحرام.. فهذه المرأة ذكية.. قالت له: أنا في الخدمة، ولكن اذهب وأحضر لنا طيبا وأكلا فاخرا.. فوافق الرجل وخرج، وإذا بهذه المرأة العفيفة تخلص نفسها.. عند الاحتضار قيل له: تشهد الشهادتين، فكان يقول:
يا رب قائلة يوماً وقد تعبت *** أين الطريق إلى حمام منجاب؟!..
وعليه، فإن على الإنسان أن ينتبه للمحور الغالب على حياته، ليغيره مع تقدم العمر.
– إن من آلام عالم الانتقال، تذكر الأهل والأولاد.. قال الرضا (ع): لما حضرت الحسن بن علي (ع) الوفاة بكى، فقيل: يا بن رسول الله!.. أتبكي ومكانك من رسول الله (ص) مكانك الذي أنت به، وقد قال فيك رسول الله (ص) ما قال، وقد حججت عشرين حجّةً ماشياً، وقد قاسمت ربك مالك ثلاث مرات حتى النعل والنعل؟.. فقال (ع): إنما أبكي لخصلتين: لهول المطّلع ، وفراق الأحبة.
لعل سكر الرئاسة، وسكر الشباب، وسكر الالتفات إلى غير الله -عز وجل- يأتي في تلك الساعة.. عن أمير المؤمنين (ع): (فاجتمعت عليه سكرات الموت، فغير موصوف ما نزل به).. يقول أمير المؤمنين (ع): (يتذكر أموالاً جمعها، أغمض في مطالبها، وأخذها من مصرحاتها ومشتبهاتها، قد لزمته تبعات جمعها، وأشرف على فراقها.. تبقى لمن وراءه ينعمون بها، فيكون المهنا لغيره والعبء على ظهره).. هنا الندامة والحسرة، التي تجعل الإنسان في ساعة الاحتضار، يموت مرات ومرات، عندما ينظر إلى زيد وعمر وهم منتظرون لتشييعه.
إن هناك من ينتظر لحظة وفاة أبيه، ليتنعم بأمواله، فالذي في قلبه ذرة من هذا الإحساس، فلينتظر الانتقام الإلهي!.. وهذا الشعور يكون في مكنون القلب، وليس بشكل صريح.. ولكن البعض مع الأسف، يعيش هذا الإحساس الشيطاني، وخاصة إذا كان الأب مقعداً مريضاً، وله شيء من التبعات.
إن المؤمن كريم على الله عز وجل.. فليدعوه أن يأخذ أمانته وهو في عنفوان شبابه، وعلى كرامته، قبل أن يذل ويهان.. ولعل -والله العالم- من يبتلى بهذه العاقبة، كان قد قصر في حق أبيه، الذي مات قبل عشرات السنين، فأراد الله –عز وجل- أن يذيقه شيئاً من الذل في الدنيا قبل الآخرة.. وهذا من موجبات الأسف والندامة في ساعة الاحتضار.
موجبات تخفيف سكرات الموت:
أولا: المراقبة والمحاسبة.. إن الطريق لتخفيف أو إزالة هذه السكرات ممكن.. فالدنيا أمورها مترابطة، والإنسان الذي يصفي حسابه أولاً بأول، هذا الإنسان لا يحتاج إلى سكرات الموت.. فرب العالمين في غنى عن تعذيب عبده المؤمن.. ولهذا فإن الطريق إلى تصفية كل هذه الأهوال: السكرات، والضغط، والمحاسبة، وعذاب القبر.. فالقبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار.. حتى المساءلة في عرصات القيامة، هو: المحاسبة والمراقبة.
إن الإنسان إذا أخطأ بحق إنسان، يستطيع باتصال هاتفي، أن يرفع جبالاً من عذاب الله -عز وجل- عنه.. ولو أن الإنسان صفى حساباته بشكل يومي مع زوجته، لرفع عن نفسه ثقلا كبيرا.. فإذن، إن الطريق إلى النجاة من كل هذه العقبات في الدنيا والآخرة: المراقبة والمحاسبة.. يقول الإمام موسى بن جعفر (ع): (ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم).. قال العسكري (ع): قدم جماعةٌ فاستأذنوا على الرضا (ع) وقالوا: نحن من شيعة عليّ فمنعهم أياماً، ثم لما دخلوا قال لهم: ويحكم!.. إنما شيعة أمير المؤمنين الحسن والحسين وسلمان وأبو ذر والمقداد وعمّار ومحمد بن أبي بكر الذين لم يخالفوا شيئاً من أوامره.
ثانيا: الاستنان بسنة النبي وآله.. إن الحل الأساس لتخفيف سكرات الموت، هو في الاستنان بسنة النبي وآله (ص) (اللهمَّ !.. فأعنّا على الاستنان بسنّته فيه، ونيل الشفاعة لديه).. فالاستنان قبل نيل الشفاعة.. ولكن نحن حذفنا الاستنان بسنتهم، وتمسكنا بنيل شفاعتهم.. بينما كلاهما مترابطان: اتّباع سنتهم، ثم طلب شفاعتهم.
ثالثا: صلة الرحم.. ولكننا نفهم صلة الرحم فهماً مغلوطاً.. حيث أننا نطبق هذا الحديث على الرحم المتدين، أو الذي بيننا وبينه مودة، بينما يقول الرسول الأكرم (ص) عندما سئل: يا رسول الله!.. أيّ الصدقة أفضل؟.. فقال: على ذي الرحم الكاشح. أي الرحم الذي يضمر لك العداء.. فهنا الفخر والبطولة!.. قال رسول الله (ص): أفضل الأعمال أحمزها.. أي كلما كان العمل ثقيلاً على النفس، كلما كان الأمر أقرب للإجابة.. قال الصادق (ع): مَن أحبّ أن يخفّف الله -عزّ وجلّ- عنه سكرات الموت، فليكن لقرابته وصولا، وبوالديه بارّا.. فإذا كان كذلك، هوّن الله عليه سكرات الموت، ولم يصبه في حياته فقرٌ أبداً.
– هل الوالدان راضون عن أبنائهم واقعا، أم شفقة؟.. قال الصادق (ع): إنّ رسول الله حضر شابّاً عند وفاته، فقال له: قل: لا إله إلاّ الله.. فاعتقل لسانه مراراً، فقال لامرأةٍ عند رأسه: هل لهذا أمّ؟.. قالت: نعم، أنا أمّه، قال: أفساخطة أنت عليه؟.. قالت: نعم، ما كلّمته منذ ست حجج، قال لها: ارضي عنه، قالت: رضي الله عنه برضاك يا رسول الله!.. فقال له رسول الله: قل لا إله إلاّ الله، فقالها، فقال النبي (ص): ما ترى؟.. فقال: أرى رجلاً أسود، قبيح المنظر، وسخ الثياب، منتن الريح، قد وليني الساعة فأخذ بكظمي (أي مخرج النفس)، فقال له النبي (ص): قل: “يا مَن يقبل اليسير ويعفو عن الكثير، إقبل منّي اليسير واعفُ عنّي الكثير، إنّك أنت الغفور الرحيم”. فقالها الشاب، فقال له النبي (ص): انظر ما ترى؟..قال: أرى رجلاً أبيض اللون، حسن الوجه، طيّب الريح حسن الثياب قد وليني، وأرى الأسود قد تولّى عنّي، قال: أعد فأعاد، قال: ما ترى؟.. قال: لست أرى الأسود، وأرى الأبيض قد وليني، ثمّ طفا (أي مات) على تلك الحال.
كان بإمكان النبي (ص) أن يتركه، ويذهب ليصلي في مسجده.. ولكن نبي الرأفة، يريد أن يخلص هذا الغلام، ويريد أن يعلم الأم: أنه على فرض أن هذا الشاب لا يعلم، فلماذا القطيعة منك؟.. هل حاولت التودد إلى ولدك؟.. على الأم أن لا تجعل من نفسها ضرة للبنت، وتعاملها كالند!.. وكذلك بالنسبة للشاب فإذا أخطأ معها، تأخذ بالدعاء عليه!.. قال رسول الله (ص): (رحم الله والدان أعانا ولدهما على برهما، ولعن الله والدان حملا ولدهما على عقوقهما).
– فإذن، علينا أن نحاول تصفية الحسابات، وخصوصاً مع الوالدين، وخصوصاً مع الأم.. فمن موجبات جفاف الدمعة، أن يعيش الإنسان في الدنيا مع أم ساخطة عليه.
– إن على المؤمن أن يدعو الله -عز وجل- في جوف الليل -مقدمةً لذلك اليوم احتياطاً- بالدعاء الذي علمه الرسول (ص) لهذا الفتى أثناء الاحتضار، فيقول: يا ربي!.. أنا أقرأ هذا الدعاء النبوي قبل ساعة الشدة-: (يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير، اقبل مني اليسير واعفُ عني الكثير، إنك أنت الغفور).
رابعا: كسوة المؤمن.. ومن الأمور التي تخفف من سكرات الموت، كسوة المؤمن.. قال الصادق (ع): مَن كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف، كان حقّاً على الله أن يكسوه من ثياب الجنة، وأن يهوّن عليه سكرات الموت، وأن يوسّع عليه في قبره، وأن يلقى الملائكة إذا خرج من قبره بالبشرى، وهو قول الله عزّ وجلّ في كتابه: { وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }.
خامسا: قراءة بعض السور.. إن قراءة سورة (يس)، والشهادة، وكلمات الفرج مطلوبة في تلك الساعة أيضاً.. في فقه الرضا (ع): إذا حضرت الميت الوفاة، فلقّنه شهادة أن لا إله إلاّ الله و أنَّ محمداً رسول الله، و الإقرار بالولاية لأمير المؤمنين والأئمة (ع) واحداً واحداً، ويستحبُّ أن يُلقّن كلمات الفرج وهو: “لا إله إلاّ الله الحليم الكريم، لا إله إلاّ الله العلي العظيم، سبحان الله ربّ السماوات السبع، وربّ الأرضين السبع، وما فيهنّ وما بينهنّ وربّ العرش العظيم!.. وسلام على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين”.. وكذلك سورة الصافات أيضاً ينصح بها في ساعة الاحتضار للتخفيف.
سادسا: إطعام المؤمن حلاوة: إن من موجبات تخفيف سكرات الموت، أن يطعم الإنسان أخاه المؤمن حلاوة.. إن بعض العلماء احتياطاً يقول: أن تطعمه حلاوة ليس أن تجعل في طبق أمامه، بل أن تجعله في فمه.. وهذه حركة عاطفية جميلة، من الممكن أن يقوم بها الزوج مع الزوجة؛ فالزوجة أيضاً مؤمنة.. لو قام بهذا الأمر، بنية تخفيف سكرات الموت، أيضاً هذا الأمر يدخر له في ذلك العالم.. قال رسول الله (ص): من أطعم أخاه حلاوةً، أذهب الله عنه مرارة الموت.
– إن الإنسان عندما يعالج سكرات الموت، ويبقى على وعيه، ويتشهد الشهادتين وهو مطمئن.. فإن هذه بادرة إيجابية، وهي علامة أن المراحل الأخرى أيضا -إن شاء الله- مراحل سهلة.
سابعا: إهداء بعض الأعمال إلى ملك الموت.. وكذلك من موجبات تخفيف سكرات الموت، أن يقوم الإنسان ببعض الأعمال الصالحة ويهديها إلى عزرائيل (ع).. فبهذا العمل يكون قد صادق هذا الملك، فهو غير مخيف.. فهو ملك من ملائكة الله كجبرائيل.. فجبرائيل مسؤول الوحي، وميكائيل مسؤول الأرزاق، وإسرافيل مسؤول الصور، وعزرائيل من هذه المجموعة الطيبة.
ثامنا: المحافظة على الصلوات.. دخل رسول الله (ص) على رجل من أصحابه، وهو يجود بنفسه، فقال: يا ملك الموت، ارفق بصاحبي فإنه مؤمن، فقال: أبشر يا محمد، فإني بكل مؤمن رفيق.. واعلم يا محمد أني أقبض روح ابن آدم، فيجزع أهله، فأقوم في ناحية من دارهم فأقول: ما هذا الجزع؟.. فو الله ما تعجلناه قبل أجله، وما كان لنا في قبضه من ذنب.. فإن تحتسبوا وتصبروا تؤجروا، وإن تجزعوا تأثموا وتوزروا.. واعلموا أن لنا فيكم عودة ثم عودة، فالحذر الحذر!.. إنه ليس في شرقها ولا في غربها، أهل بيت مدر ولا وبر، إلا وأنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات.. ولأنا أعلم بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم، ولو أردت قبض روح بعوضة، ما قدرت عليها حتى يأمرني ربي بها.. فقال رسول الله (ص): إنما يتصفحهم في مواقيت الصلاة فإن كان ممن يواظب عليها عند مواقيتها لقنه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ونحى عنه ملك الموت إبليس.
إذن، إن عزرائيل (ع) يقدم للمؤمن المواظب على صلاته خدمتين: الخدمة الأولى يلقنه الشهادة: فالذي يلهج لسانه بذكر الله –عز وجل- ساعة الاحتضار هذه بداية طيبة.. والخدمة الثانية: أنه يمنعه العديلة عند الموت.. فالشيطان مترصد للحظات الأخيرة، ويريد أن يطلق الطلقة الأخيرة على الإنسان.. فيأتي عزرائيل (ع) ويطرد الشيطان.. فعزرائيل (ع) ملك عظيم، إذا واجه الشيطان، أين يستقر؟!.. ولعله هو الذي سيقبض روح الشيطان في عرصات القيامة، في ذلك الموقف، ويا له من موقف رهيب!..
– إننا تركنا صداقة هكذا رب، وتمسكنا بصداقة من لا تنفعنا صداقته.. ليكن الإنسان رياضياً، فهذا أمر جيد ومطلوب، أما أن يصرف عمره ووقته لأجل أن ينظر إلى رياضة الآخرين!.. هل رأيت إنسانا عاقلا يذهب إلى المطعم، وينظر إلى الآكلين ويتحسر؟!.. فالإنسان الرياضي إنسان ممتاز، لأن المؤمن القوي خير من الضعيف.. ولكن هو في البيت عضلاته مترهلة، ويصيح لأن ذلك عضلاته قوية!.. ما هذا المنطق؟!..
تاسعا: تسبيحة الزهراء.. وهذه التسبيحات لها موضعان:
الأول: بعد الصلوات.. يقول الصادق (ع): تسبيح الزهراء فاطمة (ع) في دبر كلّ صلاةٍ، أحبّ إليّ من صلاة ألف ركعة في كلّ يوم.
قال الباقر (ع): ما عُبد الله بشيء من التمجيد، أفضل من تسبيح فاطمة (ع)، ولو كان شيء أفضل منه لنحَله رسول الله (ص) فاطمة.
والثاني: قال الصادق (ع): مَن بات على تسبيح فاطمة (ع) كان من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات.
إن الإنسان المؤمن عليه أن يستثمر هذه العلاقة، وهذا الارتباط العاطفي بين وقت وآخر، وإن شاء الله تنفعه هذه العلاقة العاطفية في سكرات الموت بإذن الله.
ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.