• ThePlus Audio
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

يوسف (عليه السلام) يكيد على إخوته…!

بسم الله الرحمن الرحيم

عرفهم وهم له منكرون…!

بعد أن أصبح يوسف (ع) على خزائن الأرض، جاءه إخوته، فقال عز من قائل يصف دخولهم عليه: (وَجَآءَ إِخۡوَةُ يوسف (ع) فَدَخَلُواْ عَلَيۡهِ فَعَرَفَهُمۡ وَهُمۡ لَهُۥ مُنكِرُونَ)[١]. ولكن لماذا لم يعرفوه؟ أولا: لمرور السنوات الطوال التي غيرت من ملامحه، ثانيا: لأنهم رأوا عزيزاً في هيئة الملوك، ولعله كان يضع على رأسه تاجا مثلا أو يرتدي زي الملوك وزي الأعزة؛ فلم يخطر ببالهم أن الذي ألقوه في الجب هو هذا العزيز في مصر.

وأراد يوسف (ع) أن يجلب أباه الذي يعلم أنه حي مرزوق إلى مصر، ولكن لابد من حيلة. وكانت الحيلة أن يُبقي أخاه بنيامين عنده رهينة، ثم يقول لهم: لا أرجعه حتى ترجعوا إلي مرة أخرى.

كيف أنكروه وهم إخوته؟

قد يسأل سائل فيقول: أليس قول يوسف (ع): (ٱئۡتُونِي بِأَخࣲ لَّكُم مِّنۡ أَبِيكُمۡ)[٢] يكشفه أمام إخوته؛ فأين علم بوجود أخ لهم؟ يبدو أنهم اعترفوا بوجود أخ لهم من أبيهم يعقوب (ع) محبب إلى قلبه في الحوار الذي دار بينهم، وأنه حريص عليه، ولذا لم يرسله معهم. وهنا قال لهم يوسف (ع): إنني لست حاكما ظالما، فائتوني به ولا تخشوا عليه واعلموا أني خير المنزلين. وكان خير المنزلين لأنه أحسن ضيافتهم، وأنزلهم منزلاً مباركاً في ضيافته، وقد عاملهم بما لم يعامل به من كان يأتي لأخذ حصته أو سهمه من الطعام من عامة الناس. وكأنه أراد بهذا الإكرام أن يجلب ثقتهم به، ثم هددهم بعد الإكرام والتمييز، فقال: (فَإِن لَّمۡ تَأۡتُونِي بِهِۦ فَلَا كَيۡلَ لَكُمۡ عِندِي وَلَا تَقۡرَبُونِ)[٣]. وكانت حصة الفرد حمل بعير وكان غنيمة في سنوات القحط يسد به الرجل الرمق. وقد حثهم على الإتيان به للحصول على هذا الحمل الإضافي.

كيف دبر يوسف (عليه السلام) لمجيئ بنيامين؟

ولكنهم كانوا يعلمون شدة تعلق يعقوب (ع) به ولذا قالوا: (سَنُرَٰوِدُ عَنۡهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَٰعِلُونَ)[٤]؛ أي أننا سنحاول أن يعطينا هذا الأخ الأصغر الذي تريده. وهنا دبر يوسف (ع) تدبيراً خفياً وكاد لهم كيدا محمودا لأنه كان بأمر من الله عز وجل، فأمر فتيانه أن يجعلوا بضاعتهم – ثمن الطعام الذي ابتاعوه من مصر – في رحالهم، فجمع لهم بذلك الثمن والمثمن. حتى إذا رجعوا إلى الوطن تفاجئوا بهذه الأموال واطمئنوا إلى قول العزيز واستحثوا والدهم على السماح لهم باصطحاب بنيامين.

حصة طعام إضافية

وقالوا لأبيهم: (يَـٰٓأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا ٱلۡكَيۡلُ فَأَرۡسِلۡ مَعَنَآ أَخَانَا نَكۡتَلۡ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ)[٥]. فذكرهم يعقوب (ع) بما فعلوه من قبل بأخيهم يوسف (ع)، فقال لهم: (هَلۡ ءَامَنُكُمۡ عَلَيۡهِ إِلَّا كَمَآ أَمِنتُكُمۡ عَلَىٰٓ أَخِيهِ مِن قَبۡلُ فَٱللَّهُ خَيۡرٌ حَٰفِظࣰاۖ وَهُوَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ)[٦]. قال لهم: لقد ضيعتم ولدي يوسف (ع) وتريدين اليوم أن تلحقوا به أخاه بنيامين وتضيعوه كما ضيعتموه؟ ولكن لان قلب يعقوب (ع) بحسب ما نستشفه من الآية الشريفة حيث قال: (فَٱللَّهُ خَيۡرٌ حَٰفِظࣰاۖ وَهُوَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ).

هل يأمنهم على بنيامين؟

فكان يبدو أن إخوة يوسف (ع) قد نضجوا وتابوا إلى الله عز وجل. وهنا عندما وجودا بضاعتهم ردت إليهم استغلوا الفرصة لإقناع يعقوب (ع) مرة أخرى، فقالوا: (يَـٰٓأَبَانَا مَا نَبۡغِيۖ هَٰذِهِۦ بِضَٰعَتُنَا رُدَّتۡ إِلَيۡنَاۖ وَنَمِيرُ أَهۡلَنَا وَنَحۡفَظُ أَخَانَا وَنَزۡدَادُ كَيۡلَ بَعِيرࣲۖ ذَٰلِكَ كَيۡلࣱ يَسِيرࣱ)[٧]. أي ماذا نريد أحسن من أن نحصل على الطعام من دون ثمن وأن نأخذ أخانا لنحصل على حصة إضافية ونأتي بالمئونة الثانية؟ وعزيز مصر رجل جيد سوف يكرمنا ولا نخاف على أخينا منه. وهذه الآية قد تفنن في قرائتها قراء القرآن لما فيها من الوقع الموسيقي الجميل. فلو فتشت أشعار العرب ونثرهم لا تجد ما يضاهي هذه العبارات جمالا ووقعا.

[١] سورة يوسف: ٥٨.
[٢] سورة يوسف: ٥٩.
[٣] سورة يوسف: ٦٠.
[٤] سورة يوسف: ٦١.
[٥] سورة يوسف: ٦٣.
[٦] سورة يوسف: ٦٤.
[٧] سورة يوسف: ٦٥
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • لقد أراد يوسف (ع) من إخوته أن يأتوا له بأخيه بنيامين، فوضع بضاعتهم؛ أي ثمن حصتهم من القمح في رحالهم، فيحثهم ذلك على الإتيان به. وبالفعل عندما وجدوا بضاعتهم ردت إليهم، ألحوا على يعقوب (ع) كثيرا لكي يأذن لهم باصطحابه وقد وافق الأخير بالشروط المعروفة.
Layer-5.png