وصايا أميرالمؤمنين عليه السلام الى واليه
بسم الله الرحمن الرحيم
رئيس الدولة يبني البلاد من خلال بناء ولاته على الأمصار
من عادة السلاطين في تسيير أمور حكمهم ودولهم بأن يوصوا ولاتهم بما يصب في مصلحتهم ويعود بالنفع الى مملكتهم من الناحية المادية كسباً للضرائب واحلالاً للامنِ وتيسيرا للإمور.
ومن الملفت في هذه المسألة أنَّ الأمام علياً (عليه السلام) عندما آلت أمور المسلمين إليه، أرسل كتباً لولاتهِ على البلدان يؤكد على الجانب الإخلاقي والتربوي – وليس ذلك بغريب فهو امام الموحدين – فمثلا عندما بعث مالك الاشتر ليكون والياً على مصر أوصاه بوصايا نفسية، نلاحظ أنَّه جعل علم الاخلاق و جعل المناقب جزأً من مهمات هذا الوالي الذي سجل أسمه في التاريخ، إذ يقول: (إياك و الأعجاب بنفسك و الثقة بما يعجبك منها)[١]. فقد أوصاه بأن يتعالى على حالة الذاتية و حب الانا؛ لاننا نعلم إنَّ الانسان في كثير من الاوقات في الواقع تتحول بعض المحبوبات لديه الى الهٍ يعبد، فكل ما يلهيك عن الله (عز وجل) هو اله يعبد وكل ما تتوجه اليه هو اله يعبد ولذلك ورد إنَّه من أصغى الى ناطق فقد عبده فإنَّ كان ينطق عن الله فقد عبد الله وإن كان ينطق عن إبليس فقد عبد إبليس[٢]، فاذن بهذه المضامين الامام (عليه السلام) يحذر الاشتر من أن يعجب بنفسه وخاصةً في مواقع المسؤولية؛ لذلك الامام (عليه السلام) يقول: (إياك و حب الاطراء)[٣]. يعني يا مالك أنت في موقع من الممكن أن يطري عليك الناس -وخاصةً اذا كان والياً عن علي (عليه السلام) وكان ملتزماً بلوازم الامارة الإسلامية- ولهذا يقول (عليه السلام): اياك وحب الاطراء، ومناسبة قول ذلك لمالك (رضوان الله تعالى عليه)؛ لأنَّ المصيبة تكمن هنا فإن الإنسان الذي يُعجب بنفسه عادةً يكون من العاملين؛ لأن غير العامل ليس له ما يعجبه، فهو يعيش حالة المقت لنفسه.. ولكن الإنسان العامل هو في مظان العجب.
كيف يُعالج العجب؟
يقول إمامنا (عليه السلام) في آخر توصيته: (ليمحق ما يكون من إحسان المُحسن)[٤]؛ أي أن إحسان المُحسن يمحق من خلال هذه الحالة من الإعجاب بالنفس ولو التفت الإنسان إلى حياته، لرأى عندما ينظر وراءه من سنوات الغفلة، ومن ساعات السهو والشهوة والمعاصي -على الأقل فيما بعد أيام البلوغ- فانه سيلاحظ كثيرا من التقصير العمدي وغيره الرافع بدوره لحالة العجب، فمن منا كان ملتزماً أشد الإلتزام في سنوات بلوغه؟!.. فتكفي هذه القطعة من التاريخ الأسود، أو ما يشبه ذلك، لأن يعيش حالة الندامة و لخجل دائما بين يدي الله (عز وجل).
والمصيبة هي أن الإنسان الذي يُعجب بنفسه عادةً يكون من العاملين، لأن غير العامل ليس له ما يعجبه، فهو يعيش حالة المقت لنفسه.. ولكن الإنسان العامل هو في مظان العجب؛ ليقول إمامنا عليه السلام في آخر توصيته: (ليمحق ما يكون من إحسان المُحسن)[٥].. أي أن إحسان المُحسن يمحق من خلال هذه الحالة من الإعجاب بالنفس.. ولو التفت الإنسان إلى حياته، لرأى عندما ينظر وراءه من سنوات الغفلة، ومن ساعات السهو والشهوة والمعاصي -على الأقل فيما بعد أيام البلوغ- فانه سيلاحظ كثيرا من التقصير العمدي وغيره الرافع بدوره لحالة العجب.. فمن منا كان ملتزماً أشد الإلتزام في سنوات بلوغه؟!.. فتكفي هذه القطعة من التاريخ الأسود، أو ما يشبه ذلك، لأن يعيش حالة الندامة و لخجل دائما بين يدي الله عز وجل.
وأخيرا –وكما نعلم– إن الأمور بخواتيمها، فمن لا يعلم حسن خاتمته فلا ينبغي أن يُغش بما هو فيه من الحالة الإيجابية الحسنة، فكم خُتمت الحياة بخواتيم سيئة كما نعلم في تاريخ المنتكسين!..
فإذن إن الإمام (عليه السلام) يحذر الأشتر من أن يعجب بنفسه، وخاصةً في مواقع المسؤولية، ولهذا الإمام يقول: (وحب الإطراء).. أي يا مالك!.. أنت في موقعٍ من الممكن أن يطريك الآخرون.. وخاصةً إذا كان والياً من قِبل علي، وكان ملتزماً بلوازم الإمارة الإسلامية، فمن الطبيعي أن يطرى الرجل، ولهذا يقول عليه السلام: وحب الإطراء.
والمصيبة هي أن الإنسان الذي يُعجب بنفسه عادةً يكون من العاملين، لأن غير العامل ليس له ما يعجبه، فهو يعيش حالة المقت لنفسه.. ولكن الإنسان العامل هو في مظان العجب؛ ليقول إمامنا عليه السلام في آخر توصيته: (ليمحق ما يكون من إحسان المُحسن).. أي أن إحسان المُحسن يمحق من خلال هذه الحالة من الإعجاب بالنفس.. ولو التفت الإنسان إلى حياته، لرأى عندما ينظر وراءه من سنوات الغفلة، ومن ساعات السهو والشهوة والمعاصي -على الأقل فيما بعد أيام البلوغ- فانه سيلاحظ كثيرا من التقصير العمدي وغيره الرافع بدوره لحالة العجب.. فمن منا كان ملتزماً أشد الإلتزام في سنوات بلوغه؟!.. فتكفي هذه القطعة من التاريخ الأسود، أو ما يشبه ذلك، لأن يعيش حالة الندامة ولخجل دائما بين يدي الله (عز وجل).
وأخيرا –وكما نعلم– إن الأمور بخواتيمها، فمن لا يعلم حسن خاتمته فلا ينبغي أن يُغش بما هو فيه من الحالة الإيجابية الحسنة، فكم خُتمت الحياة بخواتيم سيئة كما نعلم في تاريخ المنتكسين!..
خلاصة المحاضرة
- من عادة السلاطين في تسيير أمور حكمهم ودولهم بأن يوصوا ولاتهم بما يصب في مصلحتهم ويعود بالنفع الى مملكتهم من الناحية المادية كسباً للضرائب واحلالاً للامنِ وتيسيرا للامور.
- ومن الملفت في هذه المسألة انَّ الأمام علياً عليه السلام عندما آلت أمور المسلمين إليه، أرسل كتباً لولاتهِ على البلدان يؤكد على الجانب الإخلاقي والتربوي.
- فمثلا عندما بعث مالك الاشتر والياً على مصر، جعل الاخلاق و المناقب جزأً من مهماته إذ يقول: (إياك والأعجاب بنفسك و الثقة بما يعجبك منها) فقد أوصاه بأن يتعالى على حالة الذاتية و حب الانا؛ لاننا نعلم إن الانسان في كثير من الاوقات تتحول بعض المحبوبات لديه الى الهٍ يعبد؛ لذلك الامام (عليه السلام) يقول: (إياك و حب الاطراء)؛ لأنَّ المصيبة تكمن هنا فإن العجب عادةً يكون من العاملين؛ لأن غير العامل ليس له ما يعجبه.
- ويقول إمامنا عليه السلام في آخر توصيته: (ليمحق ما يكون من إحسان المُحسن)؛ أي أن إحسان المُحسن يمحق من خلال هذه الحالة من الإعجاب بالنفس ولو التفت الإنسان إلى حياته.