هل تعرف قصة دعاء كميل وفضل هذا الدعاء؟

بسم الله الرحمن الرحيم

أدعية خلدها التاريخ…!

لو تأملنا ما ورد عن أئمة أهل البيت (ع) من الأدعية العظيمة، وجدنا منها ما يُمكن تصنيفه ضمن الأدعية الخالدة التي يلتزم بها أتباعهم في الكثير من المناسبات. من هذه الأدعية دعاء أمير المؤمنين (ع) المعروف بدعاء الصباح ودعاء الحسين (ع) في يوم عرفة، ودعاء إمامنا زين العابدين (ع) في أسحار شهر رمضان المبارك الذي رواه عنه أبو حمزة الثمالي رضوان الله عليه. وإن ما يُميز هذه الأدعية الشريفة، أنها صدرت عن المعصومين (ع) وأن ما تتضمنه من معاني ليست اعتباطية.

دعاء يجمع المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها

من الأدعية الخالدة، دعاء أمير المؤمنين (ع) الذي رواه عنه كميل بن زياد رضوان الله عليه والمعروف بيننا بدعاء كميل الذي نلهج به في ليالي الجمع وفي ليلة النصف من شهر شعبان المعظم وإن لم تصادف ليلة الجمعة. وهو دعاء يجمع الشيعة ليلة الجمعة في شرق الأرض كانوا أو في غربها. فأينما ذهبنا من هذه الأرض الوسيعة وكان ثمة موالون لأئمة أهل البيت (ع)، نجد أنهم يجتمعون في ليالي الجمع حول هذا الدعاء.

إن الإمام أمير المؤمنين وولده الحسين (ع)، قد قتلا بالسيف وقد اشتهر كل واحد منها بدعاء؛ فأما دعاء أمير المؤمنين (ع) هو دعاء كميل وأما دعاء الحسين (ع) هو دعائه في يوم عرفة.

قصة دعاء كميل رضوان الله عليه

لقد كان كميل بن زياد رضوان الله عليه يمنيا من خواص أصحاب أمير المؤمنين (ع). لقد كان كميل ضمن جماعة من أصحاب أمير المؤمنين (ع) ملتفين حوله في البصرة وكان يُحدثهم الإمام (ع) عن فضل ليلة النصف من شعبان وأنها هي التي عناها سبحانه بقوله: (فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ)[١]، وذكر من أعمال تلك الليلة دعاء الخضر الذي لا يدعو به أحد إلا إجيب له. يقول كميل: (فَلَمَّا اِنْصَرَفَ طَرَقْتُهُ لَيْلاً فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: مَا جَاءَ بِكَ يَا كُمَيْلُ؟ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ دُعَاءُ اَلْخَضِرِ)[٢]. لقد شغل هذا الدعاء بال كميل حتى طرق الباب ليلا على الإمام (ع) في وقت استراحته وفي وقت تهجده وقيامه وعبادته، وهناك طلب دعاء الخضر.

من هو الخضر؟

والخضر هو من الأنبياء الأحياء كالنبي عيسى (ع) الذي رفعه الله إليه، وهو حي إلى ظهور الإمام الحجة (عج). وقد تكون الحكمة من بقائه، تسلية إمام زماننا (عج). وكان لخضر (ع) شأن علمي كبير. وما المانع أن يكون قصد كميل: علمني الدعاء الذي علمته خضراً؟ وما المانع من أن يكون هذا الدعاء في صدر خضر (ع) الذي وصفه الله سبحانه: (عَبۡدࣰا مِّنۡ عِبَادِنَآ ءَاتَيۡنَٰهُ رَحۡمَةࣰ مِّنۡ عِندِنَا وَعَلَّمۡنَٰهُ مِن لَّدُنَّا عِلۡمࣰا)[٣]، وصاغه أمير المؤمنين (ع) بصياغته؟

فقال الإمام (ع) لكميل: (يَا كُمَيْلُ أَوْجَبَ لَكَ طُولُ اَلصُّحْبَةِ لَنَا أَنْ نَجُودَ لَكَ بِمَا سَأَلْتَ)[٤]. ماذا لو لم يذهب كميل في تلك الليلة إلى دار أمير المؤمنين (ع) ولم يصر على أخذ الدعاء؟ إذن كنا من المحرومين اليوم من بركات هذا الدعاء العظيم. ويُمكننا القول: أن البركة في السؤال وفي الإصرار والإلحاح. وإنني لا أدري ما هو مقام كميل يوم القيامة، الذي كان سببا لكي يلهج بهذا الدعاء الملايين من الناس من زمانه إلى يومنا هذا، وكل من يلهج بهذا الدعاء يكون عمله حسنة في ميزان حسنات كميل.إن كميل بن زياد من أثرى الأثرياء بين أصحاب أمير المؤمنين (ع).

احفظ ثم ادع

ثم قال له أمير المؤمنين (ع): (إِذَا حَفِظْتَ هَذَا اَلدُّعَاءَ فَادْعُ بِهِ)[٥]، وهذه الكلمة على قصرها تتضمن درسا بليغا. والدرس وهو أننا ينبغي أن نفرق بين قراءة الألفاظ والدعاء. إن قراءة الدعاء شيء والدعاء به شيء آخر، وهذا ما نفهمه من قوله (ع): احفظه ثم ادع به؛ فالدعاء عمل من أعمال القلب. بالله عليك…! أيهما أفضل؛ من يقرأ هذا الدعاء بصوت جميل تبثه كل فضائيات العالم بثاً مباشرا ولكن بقلب مدبر، أم من يجلس في زاوية يُتمتم بهذا الدعاء لا يجهر به وعيناه تجريان وهو يقول: إلهي وربي من لي غيرك؟

أفضل مكان تقرأ فيه هذا الدعاء

ومشهد أمير المؤمنين (ع) صاحب هذا الدعاء، أفضل الأماكن التي تلهج فيها بدعاء كميل. وحالك وأنت تقرأ هذا الدعاء عند ضريح أمير المؤمنين (ع)، حال التلميذ الذي يُحسن قراءة الدرس على أستاذه يطلب بذلك إدخال السرور على قلبه. خاطب الإمام (ع) في تلك الحال قائلا: يا أمير المؤمنين، إنني من شيعتك وإنني أقرأ هذا الدعاء أمامك لتفرح بي. ثم اقرأ الدعاء بتوجه وامسح دموعك على الضريح الشريف.

فضل دعاء كميل

ويقول أمير المؤمنين (ع) في فضل هذا الدعاء: (ادْعُ بِهِ كُلَّ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ أَوْ فِي اَلشَّهْرِ مَرَّةً أَوْ فِي اَلسَّنَةِ مَرَّةً أَوْ فِي عُمُرِكَ مَرَّةً تُكْفَ وَ تُنْصَرَ وَ تُرْزَقَ وَ لَنْ تُعْدَمَ اَلْمَغْفِرَةَ)[٦]. ولكن بشرط أن تقرأ الدعاء كما يريده منك أمير المؤمنين (ع). وقد قال العلامة المجلسي صاحب البحار والخبير بالروايات والأدعية: هذا أفضل الأدعية. فالهج بهذا الدعاء متوجها به إلى الله عز وجل.