Search
Close this search box.
  • هل أنت على استعداد ليالي القدر المباركة؟ – إحياء ليلة القدر الأولى ودعاء رفع المصاحف – ليلة ١٩ رمضان الكريم ١٤٤٥
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

هل أنت على استعداد ليالي القدر المباركة؟ – إحياء ليلة القدر الأولى ودعاء رفع المصاحف – ليلة ١٩ رمضان الكريم ١٤٤٥

بسم الله الرحمن الرحيم

إدمان قراءة سورة القدر

إن من الأمور التي ينبغي أن يهتم بها المؤمن ويدمنها؛ قراءة سور القدر. فينبغي أن تكون هذه السورة حاضرة في صلواتنا طوال العالم استعدادا ليالي القدر المباركة. هناك ليلة القدر الصغرى ثم الوسطى، ثم الكبرى التي يحصد فيها المؤمن ثمار أنسه بهذه السورة طوال العالم. وهناك رواية تذكر أن الإمام (ع) يستغرب من صلاة تُقبل بغير هذه السورة.

ما ورد في فضل هذه السورة

و من الروايات التي تؤكد على فضل هذه السورة ما روي عن الإمام موسى الكاظم (ع): (إِنَّ لِلَّهِ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ أَلْفَ نَفْحَةٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُعْطِي كُلَّ عَبْدٍ مِنْهَا مَا شَاءَ فَمَنْ قَرَأَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ بَعْدَ اَلْعَصْرِ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ مِائَةَ مَرَّةٍ وَهَبَ اَللَّهُ لَهُ تِلْكَ اَلْأَلْفَ وَمِثْلَهَا)[١]. ويُمكن القول: أن الذي يلهج بسورة القدر طوال العام وفي أوقات العصر في الجمعات؛ يستشعر شيئا في ليالي القدر.ويُقال أيضا: أن من التزم بقراءة سورة القدر في كل ليلة من ليالي شهر رمضان ألف مرة؛ يرى شيئا من ملكوت وباطن هذه الليلة.

سورة القدر ومصاحبة أهل البيت (عليهم السلام) في الآخرة

هناك رواية أخرى في هذه المجال، تقول: (كَتَبْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلِّمْنِي شَيْئاً إِذَا أَنَا قُلْتُهُ كُنْتُ مَعَكُمْ فِي اَلدُّنْيَا وَاَلْآخِرَةِ قَالَ فَكَتَبَ بِخَطٍّ أَعْرِفُهُ أَكْثِرْ مِنْ تِلاَوَةِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ وَرَطِّبْ شَفَتَيْكَ بِالاِسْتِغْفَارِ)[٢]. وهنيئا لمن كان في أيام الأئمة (ع) يلتقي بهم ويكتب إليهم مباشرة ويستفهمهم. وهذا الراوي كما يُقال: ضرب بالعالي[٣]؛ فهو لا يريد الحور والقصور والغلمان وإنما يُريد ان يكون معهم في الدنيا والآخرة. والإدمان في زماننا كلمة سلبية ولكن ما أجدر بالإنسان أن يُدمن الاستغفار. إن العمل لا يُعطي النتيجة المرضية إلا إذا استمر الإنسان عليه؛ فلا يقرأ مرة أو مرتين وإنما يكون ورده في كل الأيام.

فضول القول والنظر

فيلتزم بعد الصلاة الواجبة بالذكر اليونسي، وبالاستغفار بعد صلاة العصر، وبعد كل معصية. ولا يكون الاستغفار للمعاصي فقط؛ بل إن الولي المراقب إذا غفل عن الله عز وجل اعتبر ذلك معصية ينبغي الاستغفار منها، وإذا نظر إلى التلفاز لبرنامج لاغ؛ عد ذلك من فضول القول والنظر، ومن مقسيات القلب؛ فاستغفر من ذلك. إن فضول القول هو أن تثرثر وأن تتكلم في كل ما هب ودب. وأما فضول النظر أن تنظر يمينا وشمالا من دون هدف. تأتي إلى حرم أوليائك وتدخل من باب المراد مثلا، وتنظر على اليمين والشمال لتشاهد ما تعرضه المحلات من بضائع وأنت لا تريد أن تشتري، ولست في مقام التسوق. ولماذا التحديق في الناس وفي النساء؟ ثم بعد ذلك تأتي الحرم وقلبك منقبض. فقل: استغفر الله.

وهناك آية في القرآن الكريم نقرأها ككفارة في المجالس التي نكون فيها. فإذا زرت قوماً غافلين، وأنت ساكت؛ وهم يضحكون ويمرحون وأنت تسمعهم، وتشعر أن قلبك أصابه شيء من القساوة، فقرأة هذه الآيات عندما تقوم: (سُبۡحَٰنَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلۡعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَٰمٌ عَلَى ٱلۡمُرۡسَلِينَ * وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ)[٤]؛ فارفع الكدر والظلمة ولو كانا خفيفين عن قلبك، ورطب شفتيك بالاستغفار.

أين أنت عن الذكر اليونسي؟

إن الذكر اليونسي من الأذكار المعروفة للتكامل. إنه الذكر الذي أخرج يونس (ع) من بطن الحوت، ولولا هذا الذكر لكان كما قال سبحانه: (لَلَبِثَ فِي بَطۡنِهِۦٓ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ)[٥]. تخيل أن حوتا في أعماق المحيط الهادي في زماننا هذا يحمل في جوفه يونس (ع) المحبوس فيه إلى يوم يُبعثون. تخيل معاناة يونس (ع) لو بقي كذلك إلى يوم يبعثون؛ ولكن قوة هذا الذكر جعلته يخرج من بطن الحوت ويرجع إلى قومه ويكون من التوابين المقبولين من باب ترك الأولى. إن توبة الأنبياء بمعنى تركهم الأولى.

ويونس (ع) قال هذه الكلمات بتضرع؛ فهو لم يأخذ سبحة ويقولها ألف مرة، وينادي في الظلمات؛ أي ظلمة بطن الحوت، وظلمة أعماق البحار، وظلمة الليل. أي نور كان يصل إلى يونس (ع)؟ إنها ظلمات بعضها فوق بعض قال فيها: لا إله إلا أنت سبحانك يا رب، لست أعتب عليك في بطن الحوت. كيف يكون مصير نبي من أنبيائك بطن الحوت؟ هذا الأمر غير متعارف. إنه لم يعتب على ربه وكان يعلم بتقصيره. فإذا وقعت في أزمة مالية أو في أزمة نفسية أو في أزمة بدنية، قل: سبحانك إني كنت من الظالمين.

الخوف من العقاب؛ يُبعدك عن المعاصي

من موجبات ترك المعصية؛ الخوف من العواقب. لقد صنع السامري لقومه عجلاً له خوار. وقال بنو إسرائيل: (حُمِّلۡنَآ أَوۡزَارٗا مِّن زِينَةِ ٱلۡقَوۡمِ فَقَذَفۡنَٰهَا فَكَذَٰلِكَ أَلۡقَى ٱلسَّامِرِيُّ)[٦]. فكانوا قد استعاروا من الأقباط مقداراً من الذهب، وعندما فروا من مصر أخذوا معهم ذلك الذهب؛ فاستغل السامري الذهب وصنع منه عجلاً. إنها كانت أوزاراً من مال الظلمة؛ ولكنهم لم يأدوا الأمانة إلى أهلها؛ فتحول المال والذهب إلى عجل يُعبد من دون الله عز وجل. لا ينبغي أن تُفكر عند المعصية بنار جهنم فحسب؛ فماذا تصنع بالآثار الفعلية والآثار الوضعية؟

الذكر الحسيني والذكر اليونسي

نعم، قد تقوم القيامة بعد آلاف السنين وتأتي الشفاعة لتُنقذك من عذاب يومئذ؛ ولكن ماذا تفعل في هذه الدنيا بما تتركها هذه المعاصي فيها من آثار؟ إذا كثر الزنا كثر موت الفجأة، وإذا منع الناس الزكاة، منعت السماء مطرها، ولكل ذنب أثر. إلهج بالذكر اليونسي بتوجه ولو مرة بعد كل فريضة بعد السجدة الأخيرة، وقل: لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين.

هذا والبعض يُكملها بالذكر الحسيني. إن الحسين (ع) في دعائه في يوم عرفة، له أذكار تُشبه الذكر اليونسي وهي تكملة لهذا الذكر، منها: (لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلْمُسْتَغْفِرِينَ – لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلْمُوَحِّدِينَ – لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلْوَجِلِينَ – لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلرَّاجِينَ اَلرَّاغِبِينَ – لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلسَّائِلِينَ – لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلْمُهَلِّلِينَ اَلْمُسَبِّحِينَ)[٧].

الاستحلال وطلب العفو المغفرة من الناس

من الوصايا التي نؤكد عليها في ليالي القدر؛ الاستحلال[٨]. إننا نقرأ في كلام أمير المؤمنين (ع) في دعاء كميل: (اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِيَ اَلذُّنُوبَ اَلَّتِي تَحْبِسُ اَلدُّعَاءَ)[٩]. فقد يدعو المؤمن في هذه الليلة ويكون دعائه محبوسا؛ حبسته مظالم العباد، وحقوق الناس. وبغض النظر عن الحقوق المالية، إذا ما تكلم عليك أحدهم أو أساء إليك بفعل أو بشطر كلمة؛ اعف عنه واصفح. إننا نقرأ في دعاء إمامنا زين العابدين (ع): (وَمَا عَصَيْتُكَ إِذْ عَصَيْتُكَ وَأَنَا بِكَ شَاكٌّ وَلاَ بِنَكَالِكَ جَاهِلٌ وَلاَ لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ وَلَكِنْ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي)[١٠].

إن أكثر هذه الإساءات تأتي من الجهل والعصبية والغضب. إن دعاء هؤلاء محبوس في مثل هذه الليالي؛ فابرءوا ذمم العباد. قل طمعا بمغفرة ربك: يا رب، أبرأت ذمة أخي وخلصته، لتخلصني. لقد عفوت هذه الليلة عن أخي وأنت أرحم الراحمين. أخرج هذا الغيض الذي في قلبك وكن كأهل الجنة التي قال عنهم سبحانه: (وَنَزَعۡنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنۡ غِلٍّ إِخۡوَٰنًا عَلَىٰ سُرُرٖ مُّتَقَٰبِلِينَ)[١١]. لا تنشغل بالخصومات مع الآخرين التي تشغلك عما ينبغي أن تشغل به من الاستعداد والعبادة.

أهم عملين في ليالي القدر

ومن أعمال هذه الليالي رفع المصاحف. ومن أهمها أولا: زيارة الحسين (ع) في ليلة القدر، وهي زيارة موجودة في كل المناسبات. ثانيا: صلاة ركعتين، تقرأ فيهما بعد الحمد سبع مرات قل هو الله أحد، وتقول بعد الفراغ منها: استغفر الله وأتوب إليه، سبعين مرة. هذه الصلاة هي من أهم الأعمال في هذه الليلة. قد تقرأ دعاء الجوشن بتثاقل؛ ولكن هاتين الركعتين لا تأخذان منك إلا عشر دقائق. وحاول أن تتقنهما وأن تتوجه فيها وتستغفرالله بعد ذلك بتوجه. تقول الرواية: لا تقوم من مقامك بعد هذه الصلاة، إلا وقد غفر الله لك وغفر لأبويك.

أين أنت عن ساعة السحر؟

ثم استثمر ساعة السحر قبل الأذان. إن أحدنا قد يُبتلى بقسوة القلب إلى الصباح؛ فهو يُحاول أن يذهب إلى الضريح وأن يصلي ويقرأ دعاء أبي حمزة؛ ولكن عينه لا تدمع، وهذا أمر يحذر منه المؤمن أشد الحذر ويلهج طوال السنة قائلا: أعوذ بك من عين لا تدمع ومن قلب لا يخشع. إلا أنه وقبل الأذان بربع ساعة قد ينفجر بالبكاء، فعندها قل: تمت الصفقة. نحن لا نتوقع من أنفسنا أن نبكي طوال الليل؛ فهذا مقام موسى بن جعفر (ع) حليف السجدة الطويلة والضراعات المتصلة ومألف البلوى. أما أنا وأنت؛ فتكفينا هذه اللحظات التي أسميها بالساعة الذهبية. إن الله سبحانه وبهذه اللحظات من البكاء بين يديه؛ سيفتح لنا طريقا إلى العرش ويوجب لنا الغفران إن شاء الله تعالى.

[١] وسائل الشیعة  ج٧ ص٣٩٩.
[٢] ثواب الأعمال و عقاب الأعمال  ج١ ص١٦٥.
[٣] طلب أمرا عظيما.
[٤] سورة الصافات: ١٨٠-١٨٢.
[٥] سورة الصافات: ١٤٤.
[٦] سورة طه: ٨٧.
[٧] بحار الأنوار  ج٩٥ ص٢١٦.
[٨] أن يطلب الرجل من أخيه أن يعفو عنه ويُسامحه.
[٩] دعاء كميل.
[١٠] المناقب  ج٤ ص١٥١.
[١١]سورة الحجر: ٤٧.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إن من الأمور التي ينبغي أن يهتم بها المؤمن ويدمنها؛ قراءة سور القدر. فينبغي أن تكون هذه السورة حاضرة في صلواتنا طوال العالم استعدادا ليالي القدر المباركة. هناك ليلة القدر الصغرى ثم الوسطى، ثم الكبرى التي يحصد فيها المؤمن ثمار أنسه بهذه السورة طوال العالم.
  • أن الذي يلهج بسورة القدر طوال العام وفي أوقات العصر في الجمعات؛ يستشعر شيئا في ليالي القدر.ويُقال أيضا: أن من التزم بقراءة سورة القدر في كل ليلة من ليالي شهر رمضان ألف مرة؛ يرى شيئا من ملكوت وباطن هذه الليلة.
  • إن الذكر اليونسي من الأذكار المعروفة للتكامل. إنه الذكر الذي أخرج يونس (ع) من بطن الحوت، ولولا هذا الذكر (لَلَبِثَ فِي بَطۡنِهِۦٓ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ). تخيل أن حوتا في أعماق المحيط الهادي في زماننا هذا يحمل في جوفه يونس (ع) المحبوس فيه إلى يوم يُبعثون.
Layer-5.png