Search
Close this search box.
  • ThePlus Audio
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

من آداب الإطعام في شهر رمضان

بسم الله الرحمن الرحيم

إطعام الطعام في شهر رمضان المبارك

من الآداب التي ينبغي أن نلتزم بها في شهر رمضان المبارك هو إطعام الآخرين. أن تطعم الآخرين هو أمر يخالف مزاجك بخلاف أن تأكل أنت. وقد ورد من الروايات في هذا الباب الكثير وهي بحق روايات مذهلة؛ فقد روي: (وَاِتَّقُوا اَلنَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ اَلتَّمْرَةِ)[١].  لقد حللت في نفسي هذه الرواية وقلت: كأن الله عز وجل يريد أن يكرم الصائمين أو أن يطعمهم فأوكل الأمر إلى خيار الأمة. من الطبيعي أن الله سبحانه لا يُكرم الصائم في هذه الدنيا كما أكرم مريم ابنة عمران أو أكرم الحواريين بالمائدة السماوية أو كما أكرم النبي (ص) بالطائر المشوي؛ فهذه أمور خاصة معدودة.

ولكنه سبحانه أوكل هذا الأمر إلى المؤمنين أنفسهم، وحثهم بهذا الثواب الجزيل على الإطعام. إذ جعل ثواب إفطار الصائم ثواب عتق نسمة. وهذا من باب أن الله عز وجل كأنه يريد أن يقول: أيها المنفق، وأيها المتمكن، أنت ادفع عني لإنني أحب أن أضيف هذا الصائم الذي صام لأجلي. فالذي يطعم الطعام يقول: يا رب، إنني أطعمه امتثالاً لأمرك، وهذا أمر طيب ومن موجبات تحويل الإطعام المادي إلى أمر معنوي. وكما روي: (اَلصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ)[٢].

جزاء الصيام في الدنيا

أما القراءة المتعارفة (أجزي به) أي أن هذا الصوم خالص لي؛ إذ بإمكان أحدنا أن يتظاهر بالصوم  فيأكل بالسر، ولا أحد يعرف بذلك؛ فالإخلاص في الصيام محرز. وقد قرأ البعض هذه الرواية بأنا أُجزى به، ولهذه الكلمة معنى دقيق قد يفسره ما روي: (لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ حِينَ يُفْطِرُ وَحِينَ يَلْقَى رَبَّهُ)[٣]. فإن إحدى الفرحتين هي فرحة لقاء الله عز وجل في تجليات الأسحار.

فاجعل لهذا الإطعام أولوية. فابدأ بالدعوة إلى الطعام من الفقراء ثم الأغنى والأغنى. حاول أن تدعو الأفضل والأقرب إلى الرضوان الإلهي. إننا نرى بعض الفقراء يذهب إلى دار البعض من المحسنين لا ليفطر فقط؛ وإنما ليشبع؛ فهو جائع بالمعنيين: الجوع الرمضاني والجوع العام وسوء التغذية التي يعاني منها طوال السنة.

شارك الناس في ثواب عباداتهم بإطعامهم…!

ثم الفقراء هم على أقسام: منهم فقير قد جمع مع فقره الفسق، وما أقبح الكفر والإفلاس في الرجل..! إنه يجمع بين الشقوتين؛ بين الفقر وبين الفسق، وقد خسر هذا خسر خسراناً مبينا. ومنهم فقير مؤمن لا يسأل الناس إلحافاً؛ فهو قد يكون ممن قام الليل وناجى ربه ثم صام، والآن هو جائع في وقت الإفطار فتأتي أنت وتطعمه؛ فيكون لهذا الطعام وزنه عند الله عز وجل.

وللبعض كلمة جميلة: إن هذا البدن وحركة العضلات بحاجة إلى طاقة والطاقة تأتي من خلال حركة الدم في العروق، وحركة الدم في العروق تأتي من خلال جذب الطعام في الأمعاء مثلا، والأمعاء تأخذ الطعام من المعدة، والمعدة تأخذ الطعام من الفم، وإلى آخره. إذا هذا الطعام الذي يؤكل يتحول إلى طاقة في الأمعاء وفي الدم وفي العضلات وفي اللسان؛ فيقوم الإنسان ويلهج بدعاء أبي حمزة مثلا، ورب العالمين مطلع على أن هذه الطاقة أخذها من إطعام فلان المحسن. إن هذا الطعام تحول إلى طاقة للمناجاة. وفي هذه الحالة ومن دون أن يدعو له هذا الفقير؛ فإن رب العالمين يشركه في الأجر معه، وهذا أمر معقول لا نستبعده .

اتبع هذه الأولية إطعام الفقراء

فلنراعي هذه الأوليات في الإطعام الفقراء بصورة عامة، ثم المتقين منهم، وإذا استطعنا أن نجمع عناوين أخرى إلى هؤلاء كالفقير المتقي العالم مثلا لا بالمعنى الحوزوي؛ وإنما نعني بالعلم معرفة الله عز وجل أو تكون له حالة روحانية مثلاً، وأن يكون من الأرحام فهي مزية على مزية. فكيف إذا كان يتيماً مثلا؟ ابحث عن الامتيازات في دعوتك للصائمين. إن البعض يدعو عشيرته، وزملائه في العمل، وجيرانه؛ فهذه الدعوة وإن كانت لها معنى؛ ولكنها لا تخضع لدراسة ولا تكون على أساس منهجية متكاملة كالتي ذكرناها.

مقتطفات من الخطبة

إن المؤمن يتبع منهجا خاصا في دعوة الناس إلى الطعام. فهو يحاول أن يدعو الفقير قبل الغني، والمتقي قبل الفاسق والعالم قبل الجاهل والأرحام قبل الغرباء.

[١] بحار الأنوار  ج٧١ ص٤١٠.
[٢] من لا یحضره الفقیه  ج٢ ص٧٥.
[٣] وسائل الشیعة  ج١٠ ص٤٠٠.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إن المؤمن يتبع منهجا خاصا في دعوة الناس إلى الطعام. فهو يحاول أن يدعو الفقير قبل الغني، والمتقي قبل الفاسق والعالم قبل الجاهل والأرحام قبل الغرباء.
Layer-5.png