- ThePlus Audio
أعوذ بالله من الشیطان الرجیم
بسم الله الرحمن الرحیم
وأفضل الصلاة وأتم السلام علی أشرف الخلق وسید المرسلین محمد المصطفی وآله الطیبین الطاهرین
حدیثنا حول الصمت والسکوت وبرکات هذه الحرکة التي هي من سماة المتفکرین الانسان الذي في باطنه حركة علمیة باله مشغول بالقضایا الکبیرة المهمة عادة هکذا یغلب علیه السکوت لم؟ لئن الکلام یأخذ من طاقته الکلام یأخذ من توجهه الکلام یأخذ من وقته قطعة من وجوده یعطیها للغیر هذه حقیقة الکلام، الانسان الصامت شغله مع نفسه أو قل مع ربه تارة یفکر في عظمة الخالق في ما بینه وبین الله عزوجل وتارة یفکر في وجوده هکذا یسبح في بحر نفسه یکتشف أخطائها ایجابیاتها سلبیاتها وتارة یطالع کتاباً نافعاً الصمت لا ینافي الاستفادة العلمیة عند المطالعة أعني المتکلم قد یشغله الکلام عن الله عزوجل یشغله عن نفسه ویشغله عن العلم النافع ولهذا المتکلم یمن علی مستمعه بالکلام إن کان عاقلاً ولکن الذي له فراغ باطني یبحث عمن یکلمه یقول للغیر تعال الی منزلنا اللیلة لنتعشی مثلا ونتحدث هو بحاجة الی حدیث مستعد أن يعطي مالاً ليأتي الغیر الی بیته وعندما تسمعهما تری کلاماً لا طائل تحته المهم یرید أن يقضي الوقت بالکلام الذي لا فائدة فیه اذاً من مزایا المؤمن أنه له القدرة على أن يكون صامتاً الامام الصادق علیه السلام یشیر الی هذه الحقیقة قائلا إن من کان قبلکم کانوا یتعلمون الصمت وانتم تتعلمون الکلام طبعا الصمت الذي نقصده هنا لیس صمت المرضی! الذي له مرض نفسي بل هکذا من سماته أنه لا یتکلم في سرحان یطرق برأسه الی الارض لا یختلط بالغیر له حالة من حالات التقوقع مرض التوحد إنفصام الشخصیة هذه الأمراض في کثیر من الحالات تستوجب الصمت والسکوت هذا مرضٌ، کلامنا في انسان في قلبه حدیث کثیر هو انسان بلیغ لو اراد أن یتکلم کما في وصف امیرالمؤمنین للمتقین بذَ القائلین لو فتح فمه لفت الأنظار جمیعاً ولکنه مع ذلك یسکت هذا السکوت سکوت مقدس سکوت مبارك أحدهم جاء النبي الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم قال له الا أدلك على أمر یدخلك الله به الجنه؟ لا ینتظر أن يسأله أحد عن موجبات دخول الجنة النبي بادر وقال لهذا الرجل الا أدلك علی مثل هذا الأمر؟ قال بلی یا رسول الله قال أنل مما أنالك الله ما أعطاك الله اعطه للغیر والعبارة مطلقة المال رزق أعطه للغیر الوجاهة رزق أعطها للغیر العلم رزق اعطي علمك للغیر زکاة العلم نشره الهم أنل مما أنالك الله هذا الرجل لم یجمال رسول الله قال له فإن کنت أحوج ممن أنیله؟ تقول لي أدفع مبلغاً للفقیر مثلا انا أفقر منه اذاً الدافع أحوج من المدفوع الیه ماذا اصنع؟ النبي الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم دله علی سبیل آخر قال فأنصر المظلوم لیس عندك مال بإمكانك أن تنصر مظلوماً بلسانك بیدك الی آخره ایضا تذرع الرجل بذریعة قال وإن كنت أضعف ممن أنصره الذي ارید نصرته هو أقوی مني فأين النصره؟ یعني هذا الباب ایضا مسدود علي یا رسول الله؛ قال فأصنع للأخرق أي أشر علیه، اذا رأيت انساناً لیس له باع في التفکیر الأحمق وما یشبه الأحمق أشر علیه انسان لا رأي له لا نضج له أشر علیه أعطه رأيك هذا لیس بمال ولا نصرة للمظلوم الرجا ایضا تذرع قال فإن کنت أخرق ممن أصنع له انا أقل فکراً أقل تفکیراً مثلا أقل ذکاءً ماذا اقول للغیر؟ تقریباً کل الأبواب سدها هذا الرجل یا رسول الله لا الانفاق لا نصرة المظلوم ولا نصح الغیر هذا کله مرفوع عني! قال فصمت لسانك الا من خیر اسکت السکوت هذا شيء حسن اما یسرك أن تكون فيك خصلة من هذه الخصال تجرك الی الجنه! الانفاق یجرك نصرة المظلوم تجرك نصح المتحیر یجرك وأخیرا السکوت من موجبات السلامة ودخول الجنه، قلنا قبل قلیل المؤمن صامت ولکن صمته لیس صمت عجزٍ المؤمن کثیر صمته مشغول وقته وقت الصمت ایضا هو مشغول کما یقال في کتب العلم في الاصول وغیره ما یعبر عنه بالحدیث النفسي الصامت لسانه لا یتحرك ولکن قلبه یغلي بالأفکار والمفاهیم والمشاعر اذاً الانسان الساکت قد یثرثر في باطنه المؤمن مشغول وقته بما فیه وقت الصمت هو صامت ولکن یعیش جواً باطنیاً رائعاً ولطالما أوصینا الأخوة قلنا التزموا عقیب الصلوات الواجبة وخاصة في الجماعة وخاصة في المسجد الرحمة نزلت في وقت الصلاة الرحمة نزلت لجماعة المؤمنين الرحمة نزلت وأنت في المسجد فکیف اذا کنت ایضا ساجداً اسکت وأنت ساجد السجود في حد نفسه مزیة ولو لم تذکر شیئاً هذه الحرکة التذللیة عباد من دون ذکر اذاً وأنت ساجد كن ساکتاً وتفکر قلنا في عظمة الله عزوجل وفي ما یقربك اليه، الانسان المتکلم کثیراً تزول هیبته اتفاقا إن أردت أن تکون مطاعاً محبوباً ثقیلاً وقوراً وکن صامتاً قد أکثر من الهیبة الصامت عن الامام الحسن صلوات الله وسلامه علیه وهذا مجرب في المجالس الساکت اذا اراد أن یتکلم عندما تتحرك شفته الکل ینظر الیه ماذا یقول اذاً هذه الصمت من مورثات الوقار.
روایة جمیلة عن امیرالمؤمنین في غرره الصمت روضة الفکر الانسان الذي یتکلم کثیراً لا مجال له للتفکر وهذه قاعدة مستفادة من الروایة من کثر کلامه کثر خطأه ومن کثر خطأه قسی قلبه الکلام الکثیر یوقعك في الخطأ ولهذا الصمت من موجبات السلامة في هذا الطریق، اذا رأيت انساناً صامتاً صمته کثیر صموتاً هذا یرجی منه الخیر فأدنوا منه توصیة النبي الأكرم فإنه یلقی الحکمة اتفاقا لقمان من صفاته أنه کان صامتاً لا یتکلم بغیر وجه إن صمت هذا الصمت وهذا السکوت من موجبات نزول الحکمة الحکمة ترید أرضیة قابلة من الأرضیات القابلة أن تکون ساکتاً لقمان دخل علی نبي الله داوود کان في زمانه داوود یصنع عملاً عجیباً یدخل حلقة في حلقه، ما هذا العمل من النبي انا مشغولاً بصناعة الدرع وعلمناه صنعة لبوس لقمان ما سأله ماذا تصنع سکت حتی أمام عمل مثیر کعمل نبي الله داوود علیه السلام.
کلمة أخيرة الصمت خیر ولکن لیس دائماً إن رأيت منکراً تصمت؟ إن رأیت متحیراً تسکت؟ إن رأيت خلافاً بین اثنین تسکت؟ إن رأيت مؤمناً مغموماً تسکت؟ تزیده غماً وحزناً اذاً لا خیر في الصمت عن الحکم کما أنه لا خیر في القول بالجهل هذه روایة عن امیرالمؤمنين علیه السلام أن الصمت اذا کان خلاف الحکمة هذا الصمت لا خیر فیه، هنیئا لمن کان مشغولاً وقته.
إلهي بحق اولیائك وبحق الصالحین من عبادك سددنا لما تحب وترضی إنك علی کل شيء قدیر بلغ ارواح المؤمنین والمؤمنات ثواب الفاتحة مع الصلوات.
ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.