

- ThePlus Audio



ما ينبغي أن يعرفه كل منتظر لإمام زمانه (عجل الله فرجه)
بسم الله الرحمن الرحيم
بماذا يمتاز النصف من شهر شعبان؟
لو تأملنا النصف من شهر شعبان لوجدنا أنه يمتاز بأمرين. أولا: يتضمن هذا اليوم مناسبة مولد معصوم من المعصومين الكرام وهو الإمام الحجة (عج). ثانيا: شاء الله عز وجل أن تكون ليلة هذا المولد العظيم، محطة عبادية هي من أعظم المحطات العبادية وليلة هي خير ليلة بعد ليلة القدر. والمؤمن يشعر في تلك الليلة بالضيافة الإلهية؛ فهي بحق ليلة قدر مصغرة. وهو يلاحظ مع بزوغ الفجر من تلك الليلة، رفع المائدة الإلهية وانتهاء الأجواء المقدسة التي كان يشعر بها طوال تلك الليلة المباركة.
لابد لكل مؤمن منتظر أن يعرف موقع إمام زمانه (عج) ومكانته وأن يتعرف على السبل التي تربطه به. ولابد أولا وقبل كل شيء، أن يعتقد بوجوده الشريف وأنه من الأئمة والخلفاء الاثني عشر الذين بشر بهم النبي (ص) وهو من سلسلة مترابطة متكاملة ونور من تلك الأنوار وصالح من الصالحين، وهو بقية الماضين من هذه العترة الطاهرة.
من سمات المنتظر؛ الاعتقاد بعناية مولاه
ثانيا: الاعتقاد بعنايته. إن المؤمنون اليوم يجتمعون في يوم مولده الشريف في المشاهد المشرفة في العراق؛ خاصة في الحرم الحسيني المشرف، وقد كان الشيعة في هذا البلد، مضطهدين مشردين يُقتّلونهم الطغاة أمثال الحجاج وأمثال حكام بني العباس ومن بعدهم جلاوزة النظام البائد. ولكننا اليوم نجتمع عند الحسين (ع) ويرتقي الخطيب المنبر هناك ويحتفل المؤمنون في ذلك المشهد وتُبث الخطب والاحتفالات من هذا المكان إلى شرق الأرض وغربها. وهو ما عبر عنه (عج) في توقيعه للشيخ المفيد: (فَإِنَّا نُحِيطُ عِلْماً بِأَنْبَائِكُمْ وَلاَ يَعْزُبُ عَنَّا شَيْءٌ مِنْ أَخْبَارِكُمْ)[1]. ويذكر (عج) أن هذه العناية هي سبب بقاء الشيعة وحفظهم من شر الأعداء وذلك قوله: (وَلَوْ لاَ ذَلِكَ لَنَزَلَ بِكُمُ اَللَّأْوَاءُ وَاِصْطَلَمَكُمُ اَلْأَعْدَاءُ)[2].
ولابد أن يكون المؤمن من المستبشرين خيراً؛ فالذي نقلنا من ذلك التأريخ المظلم إلى هذا الوضع المشرق، سينقلنا بالتأكيد إلى وضع أكثر إشراقا وإن أملنا بالنصر الإلهي المؤزر برعايته (عج) أمل صادق قريب التحقق.
أنت في أي دائرة من دوائر عناية الإمام (عجل الله فرجه)؟
وللإمام (عج) دوائر ثلاث للعناية؛ أولا: عنايته بأمة جده النبي (ص)، ثانيا: عنايته بشيعة أبيه أمير المؤمنين (ع)، وثالثا: العناية بخواص محبيه، وبالمنتظرين لدولته، وبالذين يذكرونه في مناسبات شتى كيوم الجمعة وعيدي الفطر والأضحى. وهؤلاء المحبون لا ينسون إمام زمانهم (عج) ولا تكتمل فرحتهم من دونه. فترى الناس في الأعياد يضحكون ويمرحون ويلبسون الجديد وصاحبنا يأخذ زاوية قبل أن يلتقي بأهله وعياله ويخاطب إمامه (عج) قائلا: عزيز علي أن أرى الخلق ولا ترى، وقد رأيت الجميع يهنئني ولكن يا أبا صالح المهدي، لم أسمع لك حسيساً ولا شكوى. وهذا الإنسان المهدوي هو بعين إمام زمانه (عج) ويستجلب بذلك عنايته الخاصة.
هل أستطيع أن أكون من ضمن قادة الإمام (عجل الله فرجه)؟
ولا يقول قائل: إن عدد أصحاب الإمام (عج) معروف ومحدد وهم على عدة أصحاب بدر ولا يُمكننا أن نكون من هؤلاء. لو افترضنا أن الأمر كما يقول القائل، فلا يمنع ذلك من أن يكون في الدائرة اللصيقة لهذه القيادة، ألسنا نقرأ في دعاء العهد: (فَأَخْرِجْنِي مِنْ قَبْرِي مُؤْتَزِراً كَفَنِي شَاهِراً سَيْفِي مُجَرِّداً قَنَاتِي مُلَبِّياً دَعْوَةَ اَلدَّاعِي فِي اَلْحَاضِرِ وَ اَلْبَادِي)[3]. ولكننا في زمان الغيبة اليوم ولنا وظائف في هذا الزمن ينبغي أن نطلع عليها ونعمل بموجبها.
ما هي وظيفتنا في زمان الغيبة؟
إن من الأسئلة التي لا تغيب عن ذهن المنتظر الحقيقي، هي: ما هي وظيفتي في زمن الغيبة؟ كيف أبرز ولائي لإمام زماني (عج)؟ إن أول خطوة في هذا الجانب؛ تقوية العلاقة العاطفية. إن من يدخل إلى الحوزة الشريفة التي هي باسمه الشريف، يجب أن تتميز علاقته بإمام زمانه (عج) ولا يُشبه سائر الناس في ذلك، وكذلك كل مؤمن بحسبه. تصور امرأة فقدت ولدها في الحرم الشريف في ساعة الازدحام، كيف تبكي وتندب وترفع صوتها مستغيثة. إنها تبكي بكاء الثكلى للحظات من الفقد، ولا يهدأ بالها إلا برجوع ولدها إلى حضنها. من يشعر بالراحة من استشعر فقد إمام زمانه (عج)؟ هل يقر له قرار؟ أم أنه يبكي في خلواته على فراقه؟ إن من وصل إلى هذه الدرجة من الفقد والبكاء على مولاه؛ فليطمئن إلى أنه من المحظوظين برعايته.
هل أنت صادق في محبتك لإمام زمانك (عجل الله فرجه)؟
وبعد العلاقة العاطفية، يأتي دور التبعية العملية. لقد روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال:
تَعْصِي اَلْإِلَهَ وَ أَنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ *** هَذَا لَعَمْرُكَ فِي اَلْفِعَالِ بَدِيعُ
لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقاً لَأَطَعْتَهُ *** إِنَّ اَلْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ
دور الفقهاء في زمن الغيبة ومكانتهم في الأمة
من هو أقرب الناس إلى إمام زمانه (عج) في زماننا هذا؟ ما هي الجهة اللصيقة به؟ إنه الفقيه الصائن لنفسه، المخالف لهواه، المطيع لأمر مولاه. إذا أتيحت لك الفرصة للقاء مرجعك؛ فقبل يده وجبهته ولتكن نيتك أنك تقبل يد إمام زمانك (عج) وجبهته الشريفة، واعتبر الرسالة العملية دستور إمام زمانك (عج) وهي الحجة الظاهرية. فلذا لا نقبل ادعاء من يدعي حب إمام زمانه (عج) وهو لا يُقلد مرجعا من مراجعنا. والعجب قول أحدهم: إنني أعرف طريقي ولا أحتاج إلى فقيه أقلده.
والحال أنك تجده ممن يحترم أصحاب التخصصات ويذهب إلى الطبيب المختص ويلتزم بوصفته، ويهذب إلى المهندس ويطفع له المبالغ الطائلة من أجل أن يخطط له البنيان؛ فكيف لا يعد الفقيه من المتخصصين في مجاله؟ لو قلت للطبيب: إنني لا أنتفع بهذا الدواء الذي وصفته لي، لأخرجك من عيادته وقال لك: أنت الطبيب أم أنا؟ إن الفقهاء تركة أمام زماننا (عج) في زمن الغيبة والمنحرف عنهم، منحرف عن إمام زمانه (عج) وينبغي وعظه وإرشاده لإرجاعه إلى الطريق المستقيم والمنهج القويم.
من لوازم الاعتقاد بإمام زمانك (عجل الله فرجه)
ومن لوازم الاعتقاد بإمام زمانك (عج)، احترام فتاوى الفقهاء وإن خالفت مزاجك. إن رأيت فتوى لا توافق مزاجك وهي عصية على استيعابك، فلا ترفضها ولا تستهزئ بها. لقد رأيت شابا قد بلغ حديثا وهو يقول: إن هذه الفتوى لا أقبلها، فضحكت منه قوله وقلت في نفسي: إنسان لا يعرف الهر من البر يُقيم فتاوى الفطاحل من الفقهاء، ويقول: هذه الفتوى خاطئة لأنها لا تنسجم مع العقل ومع الروايات. قلت: أو تعلم متى يُفتي الفقيه؟ إنه يبحث في أسانيد الروايات ومعارضاتها ويبحث عن دلالاتها وعن ظاهرها، ثم يصل إلى حكم ما. ثم تأتي أنت تخطئه بغير علم؟ أي منطق هذا؟ من كان مواليا لإمام زمانه (عج) محبا له، فليتبع الفقهاء ولا ينحرف عنهم. إن الفقيه هو من يُجيب ربه عن الفتاوى التي يُصدرها، إذا انكشفت أنها خلاف الحكم الواقعي وله بالطبع عذره وحجته.
كيف استجلب محبته وأتودد إليه؟
الدعاء له بالفرج في أحب الأماكن إلى الله عز وجل وهي مشاهد أوليائه. هنيئا لأهل العراق بالمشاهد المشرفة، فنصف الأئمة (ع) قد دُفنوا في هذا البلد. إنني أعتبره من أعظم بلدان العالم وأفخمها وأرقاها لأنه تضمن قبور ستة من أئمة أهل البيت (ع)، وتهون من أجل ذلك ما في هذا البلد من النقص وقلة الإمكانات. إن الرجل ينوي الزيارة فيزور ستة من أئمة أهل البيت (ع) في يوم واحد. إنه يتحرك صباحا إلى النجف الأشرف ثم يزور الحسين والعباس (ع) ثم يأتي إلى بغداد زائرا قبر الإمامين الكاظم والجواد (ع) ويتوجه بعد ذلك إلى سامراء ليزور الإمامين الهادي والعسكري (ع) وهو أمام هذه الأضرحة يلهج بالدعاء لفرج إمام زمانه (عج).
ماذا لو دعا لك إمام زمانك (عجل الله فرجه)؟
أو تعلم أن أقدام إمام زماننا (عج) قد وطئت كل شبر في تلك المشاهد المشرفة؟ إذا زرت الحسين (ع) ليلة جمعة فتوقع أن يلامس كتفك كتفه الشريف، فهل يُهمل الإمام (عج) زيارة الحسين (ع) في ليلة الجمعة؟ لا تهتم برؤيته ولا بأن تعرفه بعينه؛ فالمهم أن تعلم أن تحت القبة الشريفة مكان ينظمك وإياه. لو كررت هذا المشهد في السنة مرات عديدة، ألا يدعو لك إمام زمانك (عج)؟ ألسنا نقرأ في دعائنا له: اللهم كن له ولياً وحافظاً وقائداً وناصرا ودليلا وهي عبارات لا تختص بالمعصومين (ع)، فماذا لو دعا لك بهذا الدعاء هو أيضا وقال: اللهم كن لهذا الولي الذي يدعو لنا، دليلا وعينا ووليلا وناصرا؟ هل سيبقى نقص في حياتك لو استجيب لك هذا الدعاء من إمام زمانك (عج)؟


خلاصة المحاضرة
• لو تأملنا النصف من شهر شعبان لوجدنا أنه يمتاز بأمرين. أولا: يتضمن هذا اليوم مناسبة مولد معصوم من المعصومين الكرام وهو الإمام الحجة (عج). ثانيا: شاء الله عز وجل أن تكون ليلة هذا المولد العظيم، محطة عبادية هي من أعظم المحطات العبادية وليلة هي خير ليلة بعد ليلة القدر.
• لابد لكل مؤمن منتظر أن يعرف موقع إمام زمانه (عج) ومكانته وأن يتعرف على السبل التي تربطه به. ولابد أولا وقبل كل شيء، أن يعتقد بوجوده الشريف وأنه من الأئمة والخلفاء الاثني عشر الذين بشر بهم النبي (ص) وهو من سلسلة مترابطة متكاملة وهو بقية الماضين من هذه العترة الطاهرة.
• هنيئا لأهل العراق بالمشاهد المشرفة، فنصف الأئمة (ع) قد دُفنوا هناك. إنني أعتبره من أعظم بلدان العالم وأفخمها وأرقاها لأنه تضمن قبور ستة من أئمة أهل البيت (ع)، وتهون من أجل ذلك ما في هذا البلد من النقص وقلة الإمكانات. إن الرجل ينوي الزيارة فيزور ستة من الأئمة (ع) في يوم واحد.
