Search
Close this search box.
  • ThePlus Audio
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

ما هي أهم الأعمال في ليلة القدر؟

بسم الله الرحمن الرحيم

من دون انتساب إلى الله؛ لا قيمة للعمل

ما هو معنى كلمة الإحياء؟ ما معنى أن نحيي الليل بالعبادة؟ ما معنى أن نجعل أعمالنا كلها في تلك الليلة منتسبة إلى الله عز وجل حتى الإفطار والسحور؟ إننا في إحياء ليلة القدر نجعل أعمالنا كلها لله سبحانه بما في ذلك طعام الإفطار وطعام السحور. فبإمكانك أن تجعل ذلك لوجه الله عز وجل ومن أجل التقوي على العبادة ليلاً. إذا لم تكن أوقاتنا مرتطبة بالله عز وجل، ولم تكن منتسبة إلى عالم الغيب؛ فإن العمل سيكون في حكم الميت الذي لا حياة فيه. إن آدم (ع) صار بشراً عندما نُفخ فيه، وأعمالنا هي كهيئة آدم المخلوق من صلصال من حمأ المسنون وهي كالقالب اليابس الذي قلبه هو ارتباطه بالله عز وجل، وهذا الارتباط هو روح العمل.

إن الإحياء هو أن نجعل عملنا من مغرب ليلة القدر حتى مطلع الفجر كله لله عز وجل. إن تناول طعام السحور ليس عبادة ولا ذكرا ولا ما شابه ذلك، وإنما يكون لتناوله فضل وأجر إذا كان لله سبحانه. والذي يريد أن يحيي تلك الليلة يقوم بكل أعماله على أساس هذا المنطق.

هذه ليلتك المصيرية…!

إن ليلة القدر هي من الليالي المصيرية؛ فحاول أن تبرمج نفسك من أول الليل، بل من اليوم السابق. فمن الأشياء التي يغفل عنها الصائمون أنه لا يقيمون وزناً مميزاً لأيام القدر المتميزة والمختلفة عن سائر الأيام. ثم حاول أن تغتنم الفرصة في اللحظات الأخيرة قبل أذان الفجر. اغتنم هذه الساعة في الليالي الثلاث، وخاصة ليلة القدر الكبرى والأخيرة. حاول قبل أذان الفجر بنصف ساعة أن تأخذ زاوية وتجلس على مصلاك أو تكون في مكان أو في خلوة أو في مشهد من المشاهد لو كنت موفقا، وقل: يا رب، هذه اللحظات الأخيرة من ليلة القدر وأنا لا أعلم إلى أين وصلت؟ وهل كتبتني شقياً أم كتبتني سعيدا؟ وهل أنا الأحياء أم من الأموات؟

إنها اللحظات الأخيرة التي تُختم الملفات فيها وتنزل المقدرات على قلب إمام زماننا (عج) وتنتهي الأمور. إن هذا الهاجس يجعلك في تلك اللحظات أن تتدارك ما فرطت . فإذا كان طوال الليل قلبك قاسياً، ودمعتك جامدة؛ قد تنفجر عينك بالدموع وقلبك بالدعاء وتلهج بذكر الله عز وجل وبالاستغفار. إنها ليالي القدر المضيقة فما هي إلا سويعات، وهذه اللحظات الأخيرة من ليلة الثالثة والعشرين، وهي الليلة التي يشار إليها بليلة الجهني. والجهني هذا صحابي كان قد طلب من النبي (ص) أن يعين ليلة يأتي لها إلى المدينة حيث لم يكن بإمكانه الحضور في ليال ثلاث وقد أشار إلى تلك الليلة.

أهمية طلب العلم في ليلة القدر

من الأعمال التي ذكرت بأنها من أفضل الأعمال في ليلة القدر طلب العلم. بالطبع إن تعلم العلوم الطبيعية مستحب ولكن لا يُراد في تلك الليلة تعلم العلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء. وإنما العلم الذي هو مشار إليه بقوله تعالى: (إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَـٰٓؤُاْ)[١]، وهو العلم بالله وبما يقربك إليه والعلم بتكليفك والعلم بالذي يرتبط بالآخرة وبالخلود، وهذا الذي عنته الروايات الشريفة بأنه فريضة طلبه. فينبغي أن تعرف ربك بعظمته، وبجلاله وكماله. والقرآن الكريم مليئ بهذه المضامين وعلينا أن نعلم المقامات الإلهية بمقدار استيعابنا وبالمقدار الذي هو مطلوب منا.

فاجعل قسما من ليلة القدر لأجل هذا التعلم. والبعض من باب العمل بالوظيفة الشرعية؛ يقرأ كتاباً روائياً أو مجموعة من الروايات التي فيها تفسير سورة أو آية مثلا؛ فهو يتشبه في هذه الليلة بالصالحين وبالمتعلمين، وهذا الطلب والتعلم من الأمور التي تفتح لك الأبواب التي كانت مغلقة.

رقة القلب أم جريان الدمع؛ أيهما المطلوب؟

وقد يقول البعض: إنني دعوت الله طوال الليل فلم يرق قلبي، ولذلك تراه يُصاب بشيء من الإحباط في تلك الليلة. إن رقة القلب هي المطلوبة لا أن تجري دمعتك بالضرورة؛ فهذه حركة ظاهرية في البدن، وقد تكون هناك مشكلة في الغدة الدمعية فلا تفرز. وليس معنى ذلك أنك أصبحت مطروداً من الرحمة الإلهيه. نعم، إذا قرأت الجوشن، وصليت ركعتي الاستغفار ثم زرت الحسين (ع) وأنت مدبر تماماً، وتتمنى أن تنهي العمل، وهمك آخر الدعاء أو آخر السورة؛ فهذه ظاهرة مخيفة يحتمل الإنسان أن هناك خلل في باطنه.

زيارة الحسين (عليه السلام) ليلة القدر

لو راجعنا كتب الدعاء لوجدنا زيارة الحسين (ع) في هذه الليلة هي زيارة مختصرة. فإننا نزور الحسين (ع) ثم علي بن الحسين ثم الشهداء ثم نزور العباس (ع) زيارة مختصرة؛ إلا أنه يجدر بالمؤمن أن يستدر دمعة على الحسين (ع) في تلك الليلة. ألسنا نُروى: (فَعَلَى مِثْلِ اَلْحُسَيْنِ فَلْيَبْكِ اَلْبَاكُونَ فَإِنَّ اَلْبُكَاءَ عَلَيْهِ يَحُطُّ اَلذُّنُوبَ اَلْعِظَامَ)[٢]؛ والبكاء على سيد الشهداء (ع) مطلوب دائما، فكيف إذا كان في ليلة القدر؟ كأنك بكيت عليه ألف شهر.

تلاوة القرآن وثوابه العجيب ليلة القدر

وكل الأعمال في تلك الليلة هي خير من العمل في ألف شهر ومنها تلاوة القرآن الكريم. إن تلاوة آية من القرآن في شهر رمضان يقابلها ختمة في غيره؛ وليلة القدر الختمة في مقابل ألف شهر. انظروا إلى هذا التضاعف…! تخيل أن قراءة آية ماذا فيها من الأجر، وخاصة إذا قرأت سورة التوحيد ثلاث مرات والتي تُعد ختمة. هل تتصور عظمة الأجر في مقابل ختمة والعطايا المبذولة في ليلة القدر بما لا يخطر بالبال؟ ولهذا قيل: وما أدراك؟

الإكثار من دعاء الفرج في ليلة القدر

من مستحبات ليلة القدر أن تكثر من الدعاء لفرج إمام زمانك (عج). فلو أن مؤمنا انشغل بالدعاء لفرجه، وبكى على فراقه، وندبه في ليلة القدر التي تنزل مقدراته على قلبه الشريف؛ ألا يحتمل عندما يرى في مقدراته شقاوةً أو أمراً لا يعجبه أو لا يصلح له أن يقول الإمام (عج): يا رب، إن هذا المؤمن قد دعا لفرجي، وأنا أيضا أدعو لفرجه. فقد يكون مما قُدر لك مثلا أنك تُبتلى ببلية هذا العام أو بفقر أو مرض أو موت فجائي، فيرفع الله ذلك عنط ببركة دعاء إمامك لك.

[١] سورة فاطر: ٢٨.
[٢] المناقب  ج٤ ص٨٦.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إن الإحياء هو أن نجعل عملنا من مغرب ليلة القدر حتى مطلع الفجر كله لله عز وجل. إن تناول طعام السحور ليس عبادة ولا ذكرا ولا ما شابه ذلك، وإنما يكون لتناوله فضل وأجر إذا كان لله سبحانه، وللتقوي على العبادة. والذي يريد أن يحيي تلك الليلة يقوم بكل أعماله على أساس هذا المنطق.
  • من مستحبات ليلة القدر أن تكثر من الدعاء لفرج إمام زمانك. فلو أن مؤمنا انشغل بالدعاء لفرجه، وبكى على فراقه، وندبه في ليلة القدر التي تنزل مقدراته على قلبه الشريف؛ ألا يحتمل عندما يرى في مقدراته شقاوةً أن يقول الإمام (عج): يا رب، إن هذا المؤمن قد دعا لفرجي، وأنا أيضا أدعو لفرجه.
Layer-5.png