كيف نكون من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) حقيقة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

أمير المؤمنين (عليه السلام) الشهيد المظلوم

إننا إمامنا وسيدنا أمير المؤمنين (ع) شهيد مظلوم ما عرفت الأمة قدره كما ينبغي. لقد روي عن النبي الأكرم (ص) أنه قال لأمير المؤمنين (ع): (يَا عَلِيُّ ! مَا عَرَفَ اَللَّهَ – تَعَالَى – إِلاَّ أَنَا وَأَنْتَ، وَمَا عَرَفَنِي إِلاَّ اَللَّهُ وَأَنْتَ، وَمَا عَرَفَكَ إِلاَّ اَللَّهُ وَأَنَا)[١]. إن أمير المؤمنين (ع) هو شهيد ليالي شهر رمضان المبارك وأيامه. إنه من الشخصيات التي لم نعلم قدرها كما ينبغي؛ فأعداءه أخفوا فضائله وتجاهلوا قدره وأصدقائه لم يعرفوا قدره حقيقة وقد أخفوا كذلك فضائله خوفا، ومع ذلك كما قال القائل: انتشر ما بين ذين وذين ما ملأ الخافقين من فضائله.

ماذا نعمل في الليالي المنسوبة إلى أمير المؤمنين (ع)؟

أولا: علينا أن نعلم أن الزمن والتوقيت؛ لم يكن جزافيا. في يوم دحو الأرض الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة الذي بدأ شكل الكرة الأرضية في ذلك من هذه المنطقة تحت الكعبة الشريفة التي هي من أقدم البقاع في الأرض، ولم يكن هذا اليوم اختياره جزافا او صدفة، وقد اختار سبحانه الزمان والمكان بعناية كما يقال.

كذلك الأمر في اختيار الأيام التي وُلد فيها الأئمة (ع) أو استشهدوا فيها؛ كشهر رجب، والليالي البيض فيها والتي هي متوجة بميلاد أمير المؤمنين (ع). أو الليالي البيض في شهر شعبان المتوجة بميلاد إمامنا الحجة (عج)، أو الليالي البيض في شهر رمضان المتوجة بميلاد إمامنا الحسن (ع). لقد جعل رب العالمين لكل شيئا قدراً مقدوراً له، وزمنا خاصا به. لقد كافأ رب العالمين أمير المؤمنين (ع) بأن جعله وليد البيت، وشهيد بيت من بيوت الله عز وجل. وقد قال البعض: أن الله عز وجل أيضا كافئه مكافئة أخرى هي مرتبطة بالبيت، وهي: عندما ارتقى كتف النبي (ص) وأخذ يحطم الأصنام حول الكعبة. إن علاقة أمير المؤمنين (ع) ببيت الله بالكعبة وببيوت الله عز وجل هي علاقة متميزة.

الاستشهاد في أفضل زمكان

لقد كان استشهاده في أفضل البقاع، في مسجد الكوفة. إنه بيت الله ومهبط الأنبياء، وفيه هبطت سفينة نوح (ع) وفيه مقام الأنبياء وهو مكان له وزنه وله قيمته الكبيرة عند الله. هذا بالنسبة إلى المكان. أما بالسنبة إلى زمان استشهاده؛ فهو قد استشهد في شهر رمضان المبارك الذي هو خير الشهور. لقد ضُرب في ليلة من ليالي القدر، وهي ليلة التاسع عشر، وفي ساعة هي من أفضل الساعات، وهي ساعة السحر أو حين صلاة الفجر.

لقد أمرنا الله سبحانه بالتأسي بأئمتنا (ع) وعلى رأسهم أمير المؤمنين (ع) وقبل ذلك النبي المصطفى (ص). فرق بين إنسان يزرع في منزله ورداً ويجعل فيها حديقة من الورود والأشجار المثمرة، وبين إنسان يلتقط صورة لمزرعة أو لحديقة أو لورود ويجعلها لوحة معلقة في المنزل. أين هذه اللوحة المعلقة في البيت وأين الواقع؟ أن تزرع وردة في المنزل خير لك من صورة معلقة. أن تلهج بذكر أهل البيت (ع) وأن تقرأ عنهم ولا تتأسى بهم؛ فأنت كمن يُعلق هذه الصورة في المنزل، والحال أنه ينبغي لك أن تكون من شيعته.

من هو الشيعي؟

إن كلمة الشيعي فيها نوع من المشايعة. متى نستعمل كلمة الشيعي؟ لقد قال سبحانه عن النبي إبراهيم (ع) أن من أتباع نوح ومن شيعته بقوله: (وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِۦ لَإِبۡرَٰهِيمَ)[٢]؛ حيث اقتفى أثره، ومشى على دربه. لقد بعث الله كل الأنبياء على الحنيفية وعلى التوحيد. ونستعمل كلمة المشايعة في مشايعة الجنائز. يقال: فلان شيع جنازة أي مشى معها. وإذا وصلت مع صاحبك إلى مفترق طريق وذهبت مع صاحبك خطوات فأنت تشايعه أي تتبعه. فالمشايعة هي الاتباع وهي أن تكون واضعاً قدمك موضع قدمه. لقد كان سلمان صاحب أمير المؤمنين (ع) يضع حتى قدمه موضع قدم أمير المؤمنين (ع)؛ فهو كان يشايعه حتى في مشيته الظاهرية فكيف بسلوكه؟

مقياس التشيع في هذه الخطبة

فلابد من أن نشايع أمير المؤمنين (ع) في سلوكه، وأن يكون أحدنا في بيئته لا أقول نسخة مصغرة عنه وإنما من المتشبهين به في سيرته وفي مشيته. من أراد أن يصل إلى هذا القرب من علي (ع)؛ عليه أني يبحث في كلماته وخير تلك الكلمات خطبته المعروفة بخطبة المتقين. إنني أتمنى أن تكون خطبة المتقين المنهاج العلوي ومقياس التشيع عند المؤمنين. اكتب النقاط الموجودة في خطبة المتقين في ورقة واجعل لنفسك درجة وعلامة في مقابل كل هذه النقاط التي يذكرها الإمام (ع). هل هذه الخصال متحققة فيك؟ فإن كانت متحققة فاشكر الله عز وجل عليها، وإن لم تكن متحققة؛ فاستغفر الله عز وجل، وعاهد الله عز وجل على أن تكون حقيقة من شيعة علي (ع) كما يحب ويرضى.