Search
Close this search box.
  • كيف نتجنب الفضيحة يوم القيامة؟
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

كيف نتجنب الفضيحة يوم القيامة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

ماذا لو قرأت مناجاة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) عند ضريحه؟

طوبى لإنسان تشرف بزيارة مولاه أمير المؤمنين (ع) في شهر شعبان وكان عند الضريح الطاهرة ولهج هناك بمناجاة أمير المؤمنين (ع). إن الدعاء الوارد عن المعصوم في خاصية تتضاعف بجوار ذلك المعصوم. فأنت عندما تقرأ دعاء كميل عند أمير المؤمنين (ع)، كأنك تقول: يا أمير المؤمنين (ع)، اشهد علي، وأنا أقرأ دعائك في جوارك، وبارك لي في قرائتي. وفي يوم عرفة عندما تقرأ دعاء الإمام الحسين (ع) تحت القبة؛ فهذه مزية كبيرة. وعندما تقرأ الزيارة الجامعة – وما أدراك ما الجامعة – عند قبر الإمام الهادي (ع) الذي هو صاحب هذه الزيارة؛ تنال مزية لا تنالها في غيرها من الأماكن. وعندما تزور البقيع وسنحت لك فرصة في البقيع؛ الهج بمناجاة إمامنا زين العابدين (ع) وأنت بجوار قبره الشريف.

في الآخرة أحوج إلى الستر مني في الدنيا

يقول الإمام (ع): (إِلَهِي قَدْ سَتَرْتَ عَلَيَّ ذُنُوباً فِي اَلدُّنْيَا وَأَنَا أَحْوَجُ إِلَى سَتْرِهَا عَلَيَّ مِنْكَ فِي اَلْأُخْرَى)[١]. وقبل أن أشرح هذه الفقرة؛ لا بأس أن أجيب على سؤال يتردد في الأذهان، وهو: كيف يقول أمير المؤمنين (ع) عن نفسه (سترت علي ذنوبا) وهو من لا تخطر في باله المعصية؟ وهذا نظير قوله في دعاء كميل: اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم، وإلى آخرها؛ فكيف نوجهها مع اعتقادنا بالعصمة؟ هناك أجوبة عديدة، منها: أن الإمام يتكلم بلسان الأمة. عندما يذهب وفد من العشيرة مثلا إلى عشيرة أخرى معتذرين عن قتلة القاتل، وفي ضمن الوفد رئيس القوم، يقول: نحن فعلنا كذا وكذا؛ فاغفر لنا. إن المتكلم لم يرتكب شيئا، وإنما يتكلم عن لسان القوم. إن أمير المؤمنين (ع) هو أمير للمؤمنين جميعهم وهو يتكلم عن لسان الأمة.

لماذا يستغفر المعصوم؟

هناك توجيه آخر، وهو أنه لا يُستبعد أن الإمام ينتقل من حال إلى حال؛ كما كان النبي (ص). إنه في عالم المعراج دنى فتدلى وأوحى الله سبحانه إليه ما أوحى؛ ولكنه كان ينزل إلى الارض ويعاشر جفاة الجاهلية؛ وهذا تبدل في حال النبي (ص) من الحالة الأعلى إلى العليا . إن النبي (ص) معصوم لا يغفل عن الله عز وجل ولكنه استغفار للنزول من الحالات الأعلى. كان لأمير المؤمنين (ع) مع الله حالات يُغمى عليه فيها؛ حتى إن أبي الدرداء جاء إلى فاطمة (ع)، وذكر لها أن عليا (ع) مات. وفاطمة (ع) تقول: (يَا أَبَا اَلدَّرْدَاءِ اَلْغَشْيَةُ اَلَّتِي تَأْخُذُهُ مِنْ خَشْيَةِ اَللَّهِ)[٢]؛ فهذا الاستغفار لتبدل الأحوال.

هذا من قلة اليقين بالله…!

إن من الناس من يرتكب خطيئةً في جوف الليل والأبواب مغلقة مثلا؛ وعندما ينتهي من الحرام ومن النظر إلى المناظر المحرمة؛ تدخل عليه زوجته؛ فيقول في نفسه: الحمدلله أنها لم تأتني وقت الحرام. هل هذا منطق؟ إنك كنت في عين الله، بعين الله، وقد رآك رب العالمين على الحرام، وسقطت من عينه فلم تبالي، ولكن تبالي نظرة الزوجة إليك؟ بل قد يأتي طفل صغير، وتقول: الحمدلله أن الطفل لم يفطن إلي وإلإ فضحني، وما هذا إلا من قلة اليقين.

يقول إمامنا (ع): أنك سترتني في الدنيا وليس هذا هو الأهم، ويا ليتك فضحتني في الدنيا ولم تفضحني في الأخرى. إن الإنسان عندما يفتضح في الدنيا يستغفر ويتوب ويعوض الحرام؛ ولكن المصيبة العظمى في الفضيحة يوم القيامة على رؤوس الأشهاد. لماذا سنوات الحساب يوم القيامة طويلة؟ ألا تحتمل أنه يؤتى بالإنسان يوم القيامة ويوقف على منصة الاتهام والخلائق ينظرون إليه بما فيهم النبي الأكرم (ص)؟ كم يستحي النبي (ص) عندما يؤتي بالرجل من أمته ويحاكم أمامه؟ كم يستحي إنسان من ذرية رسول الله (ص) كان يفتخر في دار الدنيا، ويقول: أنا من السادة الكرام؛ ولكنه يوم القيامة يحاكم أمام النبي (ص) وهو يقول له: لماذا فضحتني يا ولدي؟ لقد كنت منسوباً إلينا واسمك حسيني موسوي رضوي إلى آخره؛ ولكنك قمت بالأعمال المحرمة وقد أخجلتني أمام الأمة أو أمام الأنبياء مثلا.

ماذا نصنع لتجنب الفضيحة على رؤوس الأشهاد؟

الحل الجامع في المراقبة الدائمة. لابد للإنسان أن يصفي حسابه في الدنيا قبل الآخرة. فإذا ما قمت بذنب وقلت العفو مرة واحدة بندامة لكفتك عشرات المرات تقولها وأنت ساه لاه. ولكن إن لم تقلها في الدنيا ما هي النتيجة في الأخرى؟ من الممكن أن يقال لك: عقاب هذه الساعة سنة في نار جهنم، وكما قال سبحانه: (وَإِنَّ يَوۡمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلۡفِ سَنَةٖ مِّمَّا تَعُدُّونَ)[٣]. هذا وأنت بكلمة العفو أرحت نفسك من سنوات العذاب في نار جهنم. وكذلك بإمكانك أن تواجه الذين يطلبونك المال وتقول لهم كلمة بسيطة: أبرئني الذمة وانتهى الأمر. إلا تفعل سيجدونك هناك ويبحثون عن الدراهم درهما درهما ليأخذوا من حسناتك. إن هذا الإنسان الذي يطلبك الآلاف وأنت مفلس، وتقول له: يا فلان أبرئني الذمة؛ سيبرئك الذمة إن كان من كبار المحسنين. إنهما كلمتان ولكنهما يخففان عنك الحساب يوم القيامة. في ليلة واحدة قلت: العفو، وطلبت من صاحب المال أن يبرئك الذمة؛ عندها بهذه الكلمات الثلاث تخلص نفسك من نار جهنم آلاف السنين. وهذا كله من بركات المراقبة والمحاسبة. لهذا روي عن إمامنا موسى بن جعفر الكاظم (ع): (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُحَاسِبْ نَفْسَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَإِنْ عَمِلَ حَسَناً اِزْدَادَ اَللَّهَ شُكْراً وَإِنْ عَمِلَ سَيِّئاً اِسْتَغْفَرَ اَللَّهَ وَتَابَ إِلَيْهِ)[٤]

[١] الصحیفة العلویّة  ج١ ص١٨٥.
[٢] روضة الواعظین  ج١ ص١١١.
[٣] سورة الحج: ٤٧.
[٤] محاسبة النفس  ج١ ص١٣.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • من الناس من يرتكب خطيئة في جوف الليل والأبواب مغلقة؛ وعندما ينتهي من الحرام كالنظر إلى المناظر المحرمة؛ تدخل عليه زوجته؛ فيقول في نفسه: الحمدلله أنها لم تأتني وقت الحرام. هل هذا منطق؟ إنك كنت في عين الله، بعين الله، وقد رآك رب العالمين على الحرام، وسقطت من عينه فلم تبالي.
  • يقول إمامنا (ع) في المناجاة الشعبانية: إنك سترتني يا رب في الدنيا وليس هذا هو الأهم، ويا ليتك فضحتني في الدنيا ولم تفضحني في الأخرى. إن الإنسان عندما يفتضح في الدنيا يستغفر ويتوب ويعوض الحرام؛ ولكن المصيبة العظمى في الفضيحة يوم القيامة على رؤوس الأشهاد.
Layer-5.png