- ThePlus Audio
كيف نتجنب الحرمان من المغفرة في شهر رمضان المبارك؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحرمان من المغفرة في شهر رمضان المبارك
للصيام آداب ظاهرية وباطنية. لقد خطب النبي الأعظم (ص) في شهر شعبان مبينا فضل شهر رمضان المبارك، وقد ذكر في تلك الخطبة وصف الشقي فقال: (فَإِنَّ اَلشَّقِيَّ مَنْ حُرِمَ غُفْرَانَ اَللَّهِ فِي هَذَا اَلشَّهْرِ اَلْعَظِيمِ)[١]. كيف يهذب الإنسان إلى النهر ويرجع وهو يشعر بالعطش الشديد؛ كما كان قبل الذهاب إلى ذلك النهر؟
بين الضيافة الكبرى وأشقى الشقاء
إن شهر رمضان هو شهر الضيافة الكبرى، ومن ورد ساحة ملك الملوك وأكرم الكرماء؛ فمد المائدة، وقال: لا تُدخلوا فلانا على مائدتي؛ ألم يكن هذا الإنسان أشقى الأشقياء؟ فهو مع كرمه وبالإضافة إلى الطعام الذي لا قيمة له عنده يحرمه وهذا دليل شقائه. وهذا أكبر درجات الحرمان أن يصل الإنسان إلى درجة يكون فيها محروماً في محضر أكرم الكرماء. إن شهر رمضان هو شهر التجاوز؛ وقد فتح رب العالمين الباب للجميع؛ فكيف يصل الإنسان مع عظمة هذه الرحمة والمغفرة إلى درجة يقول لها فيها رب العالمين: لا أغفر، وأنت مطرود من رحمتي ومن بابي.
قد تقول: أنا لست كذلك؛ ولكن كيف لنا أن نعلم ذلك؟ إن الضيافة الظاهرية واضحة ويستطيع الإنسان فيها أن يعلم حرمانه من قبوله؛ فهو يدخل على الملك فإما أن يعطيه طعاماً أو لا يعطيه. أما المائدة المعنوية والأمر الغيبي؛ فالبناء فيه على الستر؛ فكما روي: (فَإِنَّ اَلْيَوْمَ عَمَلٌوَلاَ حِسَابَ وَإِنَّ غَداً حِسَابٌ وَلاَ عَمَلَ)[٢]. كيف أعلم أنني شقي أو سعيد؟ ليس هناك من يضمن لنا الشقاء أو السعادة. وهذا الترديد والشك يجعلك من المتوسلين وممن يلتجأ إلى أئمته (ع) دائما. وهم قد علمونا هذا النحو من التضرع؛ فكم يتضمن دعاء أبي حمزة من عبارات التضرع؟
المبالغة في العمل لتجنب الشقاء
فالذي يخاف من الشقاء ويخاف من الحرمان؛ لابد وأن يبالغ في العمل. لو قيل لطالب له واسطة مثلا: أنت ناجح درست أو لم تدرس من الطبيعي ألا يدرس، ولا يسهر الليل، ويقول: النتيجة مضمونة. ولكن من هو على شك؛ فمن الطبيعي أن يسهر الليالي وهو يتهيأ للامتحان. والمتهم الذي لا يدري متى هي محاكته ولا كيف هي محاكمته وهل سيحكم عليه بالإعدام أو بالسجن المؤبد كم سيستغيث بربه ثم بالقاضي ثم بمن يمكن أن يكون واسطة في إخراجه مما هو فيه.
وهذا هو حال من قضى شهر رمضان المبارك، ولا يدري ما هو حاله ليلة العيد التي هي ليلة إعطاء الجوائز وليلة إعطاء الشهادات ولا يدري الختم الذي خُتم به على شهادته؛ هل هو ختم الشقاء أم ختم السعادة. وقد روي: (مَنْ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ إِلَى قَابِلٍ إِلاَّ أَنْ يَشْهَدَ عَرَفَةَ)[٣]؛ فثم هناك مجال وفرصة أخرى لتجديد الامتحان. ولكن قد يكون المراد أن يشهد عرفة في الحج؛ أي لا يعيش عرفة زماناً في وطنه؛ بل مكانا.
الخوف الإيحابي من الشقاء
إن هذا الخوف، وهذا الهاجس هاجس والترديد والخوف من الطرد؛ يجعلك كمولاك الإمام زين العابدين (ع)، فهو يعلمنا في مناجاته كيف يكون المرء خائفا وجلا. والمطلوب منا أن نعيش هذه المشاعر في أدعية أهل البيت (ع) كيفا لا كما. اقرأ سطرين من دعاء أبي حمزة (ع) والهج بهذا الدعاء مع شيء من الدمع ورقة؛ فهذا خير لك من أن تختم الدعاء وأنت تقرأه قراءة عابرة من غير تدبر وتأمل وتفاعل.
وينبغي للمؤمن أن يستغل حالة الجوع ساعة الإفطار، والتي تزيد من خشوعه وإقباله. فالإنسان بعد الإفطار وإلى ساعة السحر يكون في شبع على شبع، ثم يختمهما بتناول الفطور. فقل عند الإفطار: يا رب، إن كنت عندك شقياً؛ فامح شقائي الليلة أو في هذه الساعة وأثبتني في ديوان السعداء؛ وإن كنت أثبت اسمي في ديوان السعداء فلك الحمد ولك الشكر. فكن ممن يُدمن هذا الدعاء، والهج به دائما وأبداً في كل أحوالك؛ فهو من موجبات تغيير مقدرات العبد بمنه وكرمه.
خلاصة المحاضرة
- الذي يخاف من الشقاء ويخاف من الحرمان؛ لابد وأن يبالغ في العمل. لو قيل لطالب له واسطة مثلا: أنت ناجح درست أو لم تدرس من الطبيعي ألا يدرس، ولا يسهر الليل، ويقول: النتيجة مضمونة. ولكن من هو على شك؛ فمن الطبيعي أن يسهر الليالي وهو يتهيأ للامتحان.