Search
Close this search box.
  • كيف تصوم جوارحنا في شهر رمضان المبارك؟
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

كيف تصوم جوارحنا في شهر رمضان المبارك؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الصوم الجوانحي خير من الصوم الجوارحي

بموازات الصوم البدني أو الصوم الجوارحي – إن صح التعبير – الذي هو الامتناع عن الطعام والشراب والتي هي عملية لا أريد أن أننقص منها إلا أنها ليست بالأمر المهول أو الأمر الخارق؛ هناك صوم جوانجي. فأن لا يدخل الإنسان طعاماً في جوفه من الصباح إلى الليل فإذا جن عليه الليل أكل أضعاف ما امتنع عنه وشرب أضعاف ما كان يشربه نهاراً ليس فيه ذلك الفخر. وإنما الفخر كل الفخر هو الصوم الجوانحي، وهو: أن يجعل الإنسان جوارحه ممتلثة لأوامر الله عز وجل.

ماذا لو تكلم اللسان في شهر رمضان؟

تصور لو أن الله عز وجل سمح لهذا اللسان أو الفم أن يتكلم في شهر رمضان المبارك، لقال للبعض: يا فلان، ما أنصفتني؟ أمتنع عن الشراب والطعام ولكنك لا تمنع عينك من الحرام؟! إن الفم والأسنان والمريء والحلقوم والمعدة والأمعاء كلها مظاهر مادية تقول: نحن امتثلنا واستجبنا لأمر الله عز وجل بمعونتك أنت؛ فلماذا لم تكمل صيامك؟ نحن قمنا بما علينا فلماذا لا تقوم بما عليك من الغض عن المحارم؟ إننا بهذا الفم نرتكب بعض الآثام كالفحش والغيبة والنميمة فترى الفم صائم عن الطعام والشراب؛ وروحك غير صائمة عن الفحش واللغو والغيبة.

لتصم أعضاءك كلها

ليس هذا كلاماً أخلاقياً سلوكياً، وإنما هي مضامين وردت في روايات أهل البيت (ع). لقد روي عن الإمام الصادق (ع) انه قال: (إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَبَصَرُكَ وَشَعْرُكَ وَجِلْدُكَ وَعَدَّدَ أَشْيَاءَ غَيْرَ هَذَا وَقَالَ لاَ يَكُونُ يَوْمُ صَوْمِكَ كَيَوْمِ فِطْرِكَ.)[١]. ونحن نعلم أن صيام السمع ألا تسمع الموسيقى مثلا، ونعلم أن صيام البصر ألا تنظر إلى الحرام؛ فما هو صوم الجلد؟ ألا تمد يديك إلى غير محرم. وفي رواية أخرى: (وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارُ اَلصَّائِمِ)[٢]، الصائم وقور عليه هيبة الصالحين والقانتين؛ لأنه يعيش جو الامتثال لأمر الله عز وجل. ومن تعبد لله عز وجل؛ ألقى عليه وقاراً؛ كما يلقي على من يحب محبة منه. والمحبة والوقار جزء من المُلقى.

هذا الشهر هو فرصتك للخروج من الذنوب تماما

وقد روي عن النبي الأكرم (ص) في هذا الشأن: (يَا جَابِرُ هَذَا شَهْرُ رَمَضَانَ مَنْ صَامَ نَهَارَهُ وَقَامَ وِرْداً مِنْ لَيْلِهِ وَعَفَّ بَطْنُهُ وَفَرْجُهُ وَكَفَّ لِسَانَهُ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَخُرُوجِهِ مِنَ اَلشَّهْرِ)[٣]؛ وهناك بحث بين العلماء حول تعبير: خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه؛ فهو تعبير متكرر لا في خصوص الصيام فحسب؛ بل نجده في الروايات التي تتحدث عن موسم الحج وأن الحاج إذا خرج من مكة وقد استوفى الشروط خرج من الذنوب كيوم ولدته أمه.

إن الأمر بيد رب العالمين وأمره بين الكاف والنون. إننا نرى هذه الأيام كيف يُمكن مسح الملفات الضخمة الثقيلة التي قد تكون جمعتها منذ سنوات من الملفات الجيدة أو غير الجيدة، أو الملفات المحللة أو المحرمة بكبسة زر؛ فتطير كلها إلى سلة المهملات ويُصبح الجهاز فارغا. فبإمكان رب العالمين أن يجمع كل ملفاتك السيئة ويجعلها في ملف ثم يحوها بكلمة كن فيكون. وقد يتفق العكس حيث يجمع كل ملفاتك الصالحة ويجعلها في ملف ويحبطها لقوله تعالى: (وَقَدِمۡنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنۡ عَمَلٖ فَجَعَلۡنَٰهُ هَبَآءٗ مَّنثُورًا)[٤]؛ أي بكبسة زر جعلناه في قائمة الملغيات. إن شهر رمضان المبارك هو فرصة لكي نصل إلى هذا القرار الإلهي من رب العالمين؛ فهل سنخرج من الشهر كما ولدتنا أمهتانا نقيين من الذنوب أم نخرج وقد حبطت أعمالنا؟ أنت صاحب القرار، وأنت من يُهيئ الأرضية.

[١] بحار الأنوار  ج٩٤ ص٣٥١.
[٢] الکافي  ج٤ ص٨٧.
[٣] الکافي  ج٤ ص٨٧.
[٤] سورة الفرقان: ٢٣.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • تصور لو أن الله عز وجل سمح لهذا اللسان أو الفم أن يتكلم في شهر رمضان المبارك، لقال للبعض: يا فلان، ما أنصفتني؟ أمتنع عن الشراب والطعام ولكنك لا تمنع عينك من الحرام؟!
Layer-5.png