Search
Close this search box.
  • كيف تجعل إفطارك في شهر رمضان إفطارا مميزا؟
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

كيف تجعل إفطارك في شهر رمضان إفطارا مميزا؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الآداب المعنوية عند الإفطار

من الآداب الصيام المعنوية ما ينبغي أن نكون عليه عند الإفطار. إن عامة الناس شوقهم إلى الإفطار هو شوقهم إلى الطعام والشراب خاصة إذا كان صيامه في يوم صائف، وقد غلب عليه الجوع والعطش. ولكن للصائم وقفة عند الإفطار. ما المانع – إذا كان الأمر ممكناً – من أن تؤخر إفطارك إلى ما بعد الفريضة حتى تصليها بإتقان؟ إن البدن يقول لك: أعطني طعاماً، والروح تقول: أعطني طعامي. إن الصلاة هي معراج المؤمن، وهي قربان كل تقي بحسب الروايات الشريفة؛ فحاول أن تجمع بينهما بتقديم أهمهما بشرط عدم منازعة النفس إلى الطعام. فإذا كان الجوع والعطش غالباً إلى درجة يمنعك من الإقبال أو كان هناك من ينتظرك؛ فهذا المعنى قد لا يُستحسن. فينبغي أن تراعي الآخرين في عبادتك.

الأدب المعنوي الأول عند الإفطار هو: أن لا تبادر إلى الطعام إلا وقد دعوت ربك دعوة بليغة. فكما روي: (لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ إِفْطَارِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ)[١]. فليكن الإفطار عندك محطة للأنس برب العالمين؛ فقل عند ذاك: يا رب، أنهيت الصيام الذي فرضته علي في هذا اليوم – وإني أطلب منك كذا وكذا. خذ من ربك في تلك الساعة ما تريد؛ خاصة إذا كنت مرهقاً متعباً ومريضا بمرض بالطبع لا يمنعك من الصيام.

حول مائدة الإفطار إلى محراب للعبادة…!

إن شهر رمضان هو شهر الضيافة وأنت ضيف الله المدلل. أنت وعلى مائدة إفطار مادية ومعنوية؛ فلا بأس أن يُمثل المؤمن عند الإفطار ويقول: يا رب، إنني لا أتناول شيئا من الطعام ولا أدنو من شراب إلا بعد أن أدعوك فتستيجب لي. قد يقول قائل: ومن أين لي أن أعلم أن الدعاء قد استجيب؟ أقول: إذا رأيت في قلبك ارتياحاً واستقراراً واطمئناناً، وذُقت برد الإجابة كما ورد هذا المعنى في الأدعية المباركة: (أَذِقْنِي بَرْدَ عَفْوِكَ)[٢] فاعلم أن الله قد استجاب لك.

إنك ترى القلب يغلي اضطرابا؛ ولكنك عند الدعاء تشعر وكأن بردا يغشى قلبك. يبرد عندما تكون لك حاجة ملحة؛ تجعل هذه الحاجة قلبك يغلي غلياناً؛ ولكن عندما تدعو تحت القبة الشريفة في حرم الرضا (ع) أو في سائر المقامات الشريفة؛ فسيسكن هذا الغليان ويهدأ هذا الاضطراب وكما يقول البعض: ذهبت للحاجة إلى الحرم الشريف؛ ولكني نسيتها، أو تذكرتها فأهملتها، وهذا يسمى برد الرضا. فهو قد جعلك ترضى بقضائه وقدره.

وإذا كنت مع العائلة على مائدة الإفطار؛ فما المانع من أن تطلب منهم التأمين[٣] على دعائك؟ ويتفق أن يكون الإنسان لوحده؛ فيصلي بإقبال لأنه لا ينتظره أحد على المائدة، ثم يهيئ لنفسه مائدة بسيطة ويأكل، وإذا به يقبل إقبالاً بليغاً على المائدة ويقرأ فقرات من دعاء أبي حمزة مثلا، ويتذكر عطش الحسين (ع) يوم عاشوراء مثلا، وإذا بهذه المائدة تتحول إلى محراب للعبادة. وقد يؤخر الإفطار إلى بعد ساعة أو أكثر من ذلك لما يشعر بلذة الإقبال التي تشغله عن لذة الطعام والشراب.

هناك فرحة عند الإفطار أيضا؛ فباطن الإفطار هو السرور. وما ذلك إلا لأن الله سبحانه قد أعانك على يوم كامل ولو شاء لابتلاك بمرض يمنعك من الصيام. كم من المؤمنين يتحسرون على صوم يوم واحد؟ وهناك حالة من حالات التي من المفروض أن تنتاب المؤمن؛ هي حالة من حالات الشكر لله عز وجل أن وفقه لصيام ذلك اليوم.

ولكن ما هي الفرحة عند لقاء ربه؟

يقال: أن الفرحة عند لقاء ربه هي الفرحة عند الموت؛ أي عندما يموت، يقول: يا رب، لك الشكر على هذه النعمة أن وفقتني لصيام ذلك الشهر. وذهب آخرون إلى أن المراد من اللقاء هنا ليس الموت؛ بل كلما واجهت روحه الجانب الربوبي في الصلاة أو في الحج أو في الصيام أو في أسحار شهر رمضان، وكلما خشع وأقبلت نفسه وروحه؛ فهذا هو منتهى سروره وفرحه. وأي سرور أعظم من أن يعيش الإنسان اللقاء الباطني مع رب العالمين؟إن الصلاة لقاء الله، وشهر رمضان لقاء الله؛ فلنبحث عن هذا المعنى طوال الشهر الكريم. فلو وفقنا رب العالمين طوال هذا الشهر الكريم؛ لأن نعيش هذا اللقاء في سحر من أسحاره لكفانا ذلك سرورا وفرحا.

ومجرد الصيام وترك الطعام والشراب وترك المفطرات؛ قد لا يكون كافياً لتحقيق هذا المعنى، وإنما لابد من مدد من عالم الغيب يجعلك مختارا من قبل الله؛ كما اختار من قبل كليمه موسى (ع).

[١] الکافي  ج٤ ص٦٥.
[٢] العدد القویة  ج١ ص٣٤٧.
[٣] يقولوا: آمين.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • من الأدب عند الإفطار أن لا تبادر إلى الطعام إلا وقد دعوت ربك دعوة بليغة. فكما روي: (لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ إِفْطَارِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ). فليكن الإفطار عندك محطة للأنس بالله؛ فقل: يا رب أنهيت الصيام الذي فرضته علي وإني لأطلب منك كذا وكذا.
Layer-5.png