ضرورة الارتباط بصاحب العصر والزمان (ع)
بسم الله الرحمن الرحيم
الانتساب إلى الإمام المهدي (عجل الله فرجه)
حديثنا هو عن إمامنا المنتظر المهدي (عج) الذي نحن منسوبون إليه. وشيعة أهل البيت (ع) ينسبون تارة إلى أمير المؤمنين (ع) وهو الإمام الأول وتارة إلى الإمام الصادق (ع)؛ الإمام السادس كونه قد أحيا معالم الدين بياناً؛ فيقال: فلان جعفري، وتارة إلى الإمام الثاني عشر فنكون مهدويون منتظرون للفرج. والإنسان عندما ينسب إلى جهة أو إلى عشيرة يحب أن يتعرف على رئيس عشيرته مثلا، وعندما ينسب إلى بلد أو إلى مدينة يوج التعرف عليها. بل يسافر البعض إلى دولة أياماً معدودة لكي يتعرف على معالمها والمواطن المميزة فيها.
إننا منسوبون إلى أمير المؤمنين (ع) فماذا نحفظ من كلماته ومن خطبه؟ لعل البعض منا طوال العمر لم يلمس نهج البلاغة. وليس الكلام في القراءة والمطالعة والتفسير؛ بل لم يرى النهج أبداً. كيف يحب الإنسان إماماً لا يطلع على كلماته؟ والنهج قد عشقه غير المسلمين أيضا، فمن هو صاحب كتاب روائع نهج البلاغة؟ إنه لرجل مسيحي اختار من نهج البلاغة روائعه. لقد أعجب رجل غير مسلم بأمير المؤمنين (ع) وهو نفسه صاحب المسوعة الكبرى؛ علي صوت العدالة الإنسانية . وغيره الكثير من غير المسلمين ممن ألف المجلدات الكبار في إمامنا (ع).
ومن الطريف ينقل عن البعض من غير المسلمين، أنه عندما سُئل: ما دمت معجباً بعلي لماذا لا تتبع دينه؛ أجاب بإجابة غير مقنعة ولكنها لطيفة، قال: أنا بمثابة المحامي وقد ظلم هذا الرجل في التاريخ، وأريد أن أرفع عنه ظلامته. وبعبارة أخرى؛ قلبي مكسور من أجله. قد تمشي في الشارع فتجد أمامك إنسان غريب يهان بلا وجه وسبب؛ فتتدخل من أجله وتقول: لا أتحمل هذا المنظر. هذا المسيحي يقول: إن هذا الإمام قد ظلم ومن الأولى أن يعيش هذا المعنى محبوه.
الاطلاع على سيرة المهدي (عجل الله فرجه)
إنني وإياك من المعتقدين بإمامة المنتظر (عج)، وهذا الكلام بحذافيره ينطبق عليه. فهل قرأنا شيئا من سيرته؟ إن سيرته بعد وفاة أبيه سيرة مختصرة في زمن الغيبة الصغرى، ولكن هل أخذت جولة في توقيعاته الشريفة وما صدر منه كتابة؟ إن البعض منها فقهيةً تفيد الفقهاء والبعض منها أخلاقية تفيد الجميع. فكم من المناسب أن يقرأ الإنسان هذه التوصيات، وخاصة التوقيع المنسوب في كتابته إلى الشيخ المفيد. هناك بحث حول هذه الرسالة ولكن مضامينها بديعة جداً. علينا أن نكون من المهدويين علماً وعملاً وانتظاراً وإلى آخره.
من أهم الوظائف في زمن الغيبة
ولا بأس أن نتحدث عن وظائف زمن الغيبة. وعندما نتحدث عن وظائف زمن الغيبة؛ يظن البعض أننا نعني قراءة دعاء يوم الندبة يوم الجمعة وإن كان ذلك على رأس الوظائف. ولكن أن تقرأ دعاء في المسجد كدعاء العهد وهو صفحتان مثلا أو زيارة آل ياسين أو دعاء الندبة أو دعاء زمن الغيبة أمر جيد؛ ولكن الأمر أعظم من ذلك. إن الذي لا يسلم على زوجته عندما يدخل المنزل ولا يخدمها ولا يلاطفها ثم يذهب إلى الغرفة وينشد قصيدة في حقها ألا تقول له الزوجة: بماذا تنفعني هذه القصيدة؟ أنت في مقام العمل لا تسمع كلامي ولا تخدمني وإلى آخره.
من أهم الوظائف أن تستشعر وجوده وتتحسس حبه. أنت في حياتك اليومية تحب الكثيرين. إنك تحب الزوجة وتحب الأولاد، ولكن الإنسان إذا بلغ من العمر ما بلغ يقل حبه لزوجته ولأولاده عندما يصبحون كبارا ويبقى حبه لنفسه أكثر. وأكبر محبوب عندك نفسك التي بين جنبيك. ولهذا يوم القيامة يفتدي الإنسان بالجميع، يقول سبحانه: (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ)[١]. إنه يقول: يا رب، أدخل أهل الأرض كلهم النار واجعلني من الناجين. وهذا المنطق في يوم القيامة موجود في دار الدنيا.
قد تقول: ما هو وجه المناسبة؟ إنني أحب زوجتي وأولادي ولكنني أراهم أمام عيني. إن الإمام (ع) ليس وجوده كالعدم والرواية المعروفة تشبهه بالشمس وارء السحاب. إن في بعض بلاد الغرب لا يرون الشمس لأشهر، ولكن أحدهم يقسم بالأقسام المغلظة أن الشمس موجودة؛ ولا يقسم فقط بوجود الشمس، بل يقول: نحن مدينون للشمس من أجل هذا الضوء الجميل الذي تتحفنا به. عندما تغطي السحب وجه الشمس تصبح الإضاءة في ذلك المكان مناسبة؛ فلا هو ظلام ولا هي إضاءة شديدة. تقول: يا شمس، شكرا على هذه الإضاءة.
إمام زمنك هو كالشمس وراء السحاب
إن إمام زمنك هو كالشمس وراء السحاب. تقول له بلسان الحال: شكرا لك يا مولاي. وقد تحدثت عن الأثر التكويني للإمام وقلنا: لولا الحجة لساخت الأرض بأهلها، وعن الأثر النفسي كذلك وقلنا: إن المنتظرين في زمن الغيبة كالجنود الذين يعتقدون بحياة قائدهم ولو لم يروه أبداً، وتحدثنا عن التأييد لوكلائه المراجع في زمن الغيبة. فإنك إن لم تر الإمام؛ اذهب وانظر إلى وكيله. ولهذا من الطريف عندما يزور بعض المؤمنين المرجع يقبله على جبهته ويقول: يا رب، هذه قبلة لإمام زمننا، فإنني لا أرى الإمام ولكن هذا وكيله العام.
ماذا نريد أن نقول؟
استشعر وجوده ثم بعد ذلك استشعر حبه. عادة الإنسان أسير الإحسان؛ فبعد أن علمت أن البركات من وجوده في كل يوم سوف لن تقوم بما يحزنه. فلعلك أبكيت إمام زمانك وأنت لم تشعر. إن الإمام الصادق (ع) يبدي فرحه لأحدهم ويقول له: أنت وصلت بن عمك وأنا اليوم مسرور بذلك، ولو قطع بن عمه لكان الإمام حزيناً بالتأكيد.
خلاصة المحاضرة
- إننا منسوبون إلى أمير المؤمنين (ع) فماذا نحفظ من كلماته ومن خطبه؟ لعل البعض منا طوال العمر لم يلمس نهج البلاغة. وليس الكلام في القراءة والمطالعة والتفسير؛ بل لم يرى النهج أبداً. كيف يحب الإنسان إماماً لا يطلع على كلماته؟
- إن جميع بركات الأرض هي من وجود الإمام صاحب الزمان. وبعد أن علم الإنسان ذلك؛ هل يرتكب من المعاصي ما يدخل بها الحزن على قلب مولاه؟ أليس الإنسان أسير الإحسان؟
- إنني وإياك من المعتقدين بإمامة المنتظر (عج) فهل قرأنا شيئا من سيرته؟ إن سيرته بعد وفاة أبيه سيرة مختصرة في زمن الغيبة الصغرى، ولكن هل أخذت جولة في توقيعاته الشريفة وما صدر منه كتابة؟ إن البعض منها فقهيةً تفيد الفقهاء والبعض منها أخلاقية تفيد الجميع