• ThePlus Audio
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

سورة الفيل كما لم تقرأها من قبل…!

بسم الله الرحمن الرحيم

مأدبة لا ينتهي زادها

يخصص المؤمن وقتا للتدبر في القرآن الكريم والجلوس على هذه المأدبة المباركة التي لا نهاية لها، بخلاف مأكول الدنيا ومشروبه الذي ينتهي يوما ما. وما يتزوده الإنسان من رحيق هذه المأدبة القرآنية، يظل ملازما له في القبر والقيامة. من السور التي يجدر بالمؤمن التدبر بها، سورة الفيل. إنها سورة تشير إلى حادثة تاريخية في مكة المكرمة وعند قريش، ولكنها لا تخلو من أبعاد سياسية ولا تخلو من دعم نفسي للمؤمنين على مر العصور والأزمنة. إذ ليس القرآن الكريم كتابا تاريخيا بحتا، وإنما هو كتاب تضمن دستور الحياة إلى يوم القيامة.

وسورة قريش التي تلي هذه السورة، هي قرينتها، ولابد من الجمع بينهما في الصلاة، كما نجمع بين ألم نشرح والضحى. فقد ذهب المفسرون إلى أن الآية الأولى من سورة قريش مرتبطة بالآية الأخيرة من سورة الفيل، وذلك أن الله عز وجل قد جعل أصحاب الفيل كعصف مأكول لإيلاف قريش؛ أي لتألف قريش مكة. فلو هدمت الكعبة المشرفة، لما بقيت في مكة جاذبية، ولهجروها.

إن هازم الفيل ربك يا رسول الله…!

يقول عز وجل في الآية الأولى من هذه السورة بعد بسم الله الرحمن الرحيم: (أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَٰبِ ٱلۡفِيلِ)[١]. ولو تأملنا هذه الآية الشريفة، وجدنا أن الله سبحانه قد خاطب نبيه وقال له: كيف فعل ربك؟ ولم يقل سبحانه: كيف فعل الله. ولو بحثنا في القرآن الكريم، عثرنا على مائتي مورد ينسب فيها رب العالمين نفسه للمخاطب كما هذه الآية. فقد أراد الله سبحانه أن يربط على قلب رسوله (ص) بذلك؛ أي يا رسول الله، إن مهلك أبرهة وهازم أصحاب الفيل ومضلل جمعهم، هو ربك. وهو قادر على أن يهلك أعدائك الذين نصبوا لك العداء.

لقد وُلد النبي (ص) في عام الفيل؛ فلم ير الفيل ولا أصحابه ولكنه كان قريب العهد بهم. ولذلك ذكر له هذه الحادثة وما فعل بمن تحدى الإرادة الإلهية، وهو قادر على أن يفعل بأعدائه ما فعل بهم، وأن يرسل عليهم طيرا أبابيل كما فعل بأولئك. إنني أشبه هذه الطيور بالقاذفات الصغيرة التي أعتقد أنها لو ظهرت في أيامنا هذه ورمت رميتها على أسطول من الأساطيل لجعلته كالعصف المأكول. فمن دمر الفيلة، يدمر المراكز النووية في العالم.

مشهد الفيل ودور الحرب النفسية في إضعاف الهمم

إن هذه السورة تناسب ما نحن فيه في هذا الزمان، فقد كان يمثل أبرهة، القوى الكبرى في ذلك الزمان، وكان العرب المساكين في الجاهلية لا يملكون سوى تلك الأسلحة البدائية من درع وسيف وخيل. ولم يكونوا قادرين على مواجهة هذا الجيش الجرار الذي توجه نحوهم بالفيل. وهم لم يعهدوا مشاهدة الفيلة من قبل، فكانت ضخامة جثته تثير الرعب في قلوب قريش، ويكفي ذلك المنظر المرعب، جيش أبرهة عن استعمال السلاح. وبإمكاننا تشبيه ذلك الخوف الذي أحدثه مشهد الفيل في قلوبهم، بالحرب النفسية في أيامنا هذه.

أنا رب الإبل، وللبيت رب

ولم يأت بهذا الجيش الجرار إلا لهدم الكعبة، ولكمنهم أغاروا في الطريق على إبل لعبد المطلب وصادروها. وعندما استدعى أبرهة عبد المطلب وهو شيخ البطحاء وزعيمها، طالبهم بهذه الإبل المسروقة، أو قال لهم ابتداء: أريد الإبل التي سلبتموها مني. فقال له الطرف الذي كان طرفه في المفاوضات التي جرت: لقد سقط من عيني بهذا الطلب. إذ أن عبدالمطلب عندما دخل عليه، شعروا بهيبته ووقاره، وظنوا أنه قد جائهم مفاوضا حول الكعبة، لا مطالبا بالإبل. فقال عبارته المشهورة: أنا رب الإبل، وللبيت رب يحميه…! وتنم هذه الكلمة عن معرفة عظيمة، كما يشير إلى معرفته بالله هذين البيتين:

لاهم إن المرء يمنع رحله، فامنع رحالك
جروا جميع بلادهم، والفيل كي يسبوا عيالك[٢]

العارف بالله عبد المطلب عليه رضوان الله

إن العرفاء قليلون، وعبدالمطلب جد الحبيب المصطفى (ص) كان من العارفين في زمانه قبل ولادة النبي (ص)، بدلالة هذا الشعر. وهو يشير إلى ما ورد في حديث نبوي: (اَلْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيَالُ اَللَّهِ وَ إِنَّ أَحَبَّهُمْ إِلَيْهِ أَنْفَعُهُمْ لِخَلْقِهِ وَ أَحْسَنُهُمْ صَنِيعاً إلى عِيَالِهِ)[٣]. أي يا رب، البيت بيتك ونحن عيالك والأمر إليك. ولو اكتسبنا هذه المعرفة العبد المطلبية، هل بالغنا في حمل هموم الرزق والكد على الأولاد والعيال؟ هل شكونا إلى أحد ما نحن فيه من ضيق المعاش؟ من أنت لكي تحمل هموم هذه الصبية الصغار؟ أليس لهم رب يرزقهم؟ أليس هو القائل: (وَمَا مِن دَآبَّةࣲ فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِ رِزۡقُهَا)[٤]؟

نعم، لقد قدر لك الله رزقاً وافياً كفافاً، ولكنك بالكذب وباليمين الكاذبة والبالمعصية، حرمت نفسك منه بعضه، وتناقص الرزق إلى حد الإفلاس. فلو احترق محل كسبك فلا تلومن إلا نفسك التي سولت لك المعاصي التي أنقصت رزقك، ولم تمتثل قوله عز وجل: (وَأَلَّوِ ٱسۡتَقَٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لَأَسۡقَيۡنَٰهُم مَّآءً غَدَقࣰا)[٥] أو قوله عز من قائل: (وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡقُرَىٰٓ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَفَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَرَكَٰتࣲ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذۡنَٰهُم بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ)[٦].

جيش أبرهة أم أصحاب الفيل؟

ولم يقل سبحانه في مستهل هذه السورة: جيش أبرهة وإنما وصفهم بأصحاب الفيل. إن الرجل يصفه زميله بالصاحب، فيقول: صاحبي فلان وهو زميله في العمل أو الدراسة. وكأن القرآن الكريم في مقام التعبير عن هؤلاء بأصحاب الفيل، يريد أن يقرنهم بهذا الحيوان وبأنهم ليسوا بشرا، وإن اعتمادهم وأملهم ومصدر قوتهم هذا الفيل الذي اصطحبوه معهم.

ونحن نقول في زماننا هذا: أن القوى الكبرى هم أصحاب الصواريخ والطائرات والقاذفات وأصحاب هذه المواد الجامدة التي لا تعقل، ونحن أولياء الله وهو مولانا كما أن مواليهم هذه القطع الحربية والبوارج والصواريخ والطائرات وغيرها. بعبارة أخرى: تخاطب هذه الآية المؤمنين، وتقول لهم: لا تنظروا إلى الخصم وإلى مستودعاتهم التي تحوي قنابل ذرية وإلى أسلحتهم المدمرة، فهؤلاء أصحاب جماد وأنتم أولياء الله والمؤمنون الذين يدافع الله عنهم. وشتان بين الرب المدافع والمدافع البشرية…!

إن الذي يدافع عن هؤلاء، هذا الجهاز الأصم الذي يستطيع إمام زماننا (عج) أن يعطله بنظرة ولائية منه. ليس بالضرورة أن يقاتل الإمام (عج) بالصواريخ، فيكفي أن يرسل الله سبحانه جرثومة إلكترونية على حواسيب الأرض، فلا يعمل في الأرض حاسوب واحد، ولتوقفت الصواريخ والأسلحة والمقاتلات وغيرها.

لمقدساتنا رب يحميها…!

فلا يحملن أحدنا هم المستقبل، فقد خلد التاريخ كلمة عبد المطلب: للبيت رب يحميه، ولهذه البلاد والمشاهد المشرفة والقرآن الكريم رب يحميها. كم حاولوا القضاء على أهل البيت (ع) في التاريخ؟ هل استطاعوا ذلك؟ كم نقلوا الإمام موسى بن جعفر (ع) من سجن إلى سجن ومن طامورة إلى أخرى، ولكن انظر إلى المقام الشريف اليوم، وإلى شموخه وكثرة الحافين بقبره. هل كان يتوقع هارون العباسي في يوم من الأيام، أن يصبح سجين بغداد محوراً لهذا البلد؟ وعلى الرغم من أن هارون قد دُفن إلى جنب الرضا (ع) إلى أن له ذكرا خاملا، ويلعن المؤمنون قتلة الرضا (ع) وقتلة أبيه موسى بن جعفر (ع).

كيف يمكر الله بمن يمكر بالمؤمنين؟

ثم يقول عز من قائل: (أَلَمۡ يَجۡعَلۡ كَيۡدَهُمۡ فِي تَضۡلِيلࣲ)[٧]؟ وهنا يشير سبحانه إلى المكر الذي يقابله مكر إلهي، فيكون عاقبة مكرهم، تضليلا وتدميرا. فتارة يشهر العدو في وجهك سلاحا ويطعنك برمح أو يضربك بالسيف كما في غابر الأيام، أو يطلق عليك الرصاص والصواريخ كما في أيامنا هذه، وطورا يكيد لك في الغرف المظلمة والسراديب والأماكن السرية، ويبحث عن خطط جهنمية لكي يضرك ويوقع بك من حيث لا تدري وقد يكون هذا المكر عظيما كما وصفه الله عز وجل: (وَقَد مَكَروا مَكرَهُم وَعِندَ اللَّهِ مَكرُهُم وَإِن كانَ مَكرُهُم لِتَزولَ مِنهُ الجِبالُ)[٨]. ولكن الله عزوجل هو خير الماكرين، وهو الذي يقول في كتابه: (قَدۡ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَأَتَى ٱللَّهُ بُنۡيَٰنَهُم مِّنَ ٱلۡقَوَاعِدِ)[٩]، وقال سبحانه: (وَٱلَّذِينَ يَمۡكُرُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ لَهُمۡ عَذَابࣱ شَدِيدࣱۖ وَمَكۡرُ أُوْلَـٰٓئِكَ هُوَ يَبُورُ)[١٠].

ألم تجتمع قريش لتكيد للنبي (ص) وأرادوا قتله؟ واختاروا لذلك ممثلين من كل قبلية ليهجموا عليه هجمة رجل واحد فيضيع دمه بين القبائل. ولكن رب العالمين أبطل كيدهم بوصيه، وبحبيبه وابن عمه أمير المؤمنين (ع) فبات في فراشه وفداه بنفسه وخرج النبي (ص) سالما. فدع الأمر لله عز وجل واعلم أن لله أساليبه وطرقه في إبطال كيد الكيدة وسحر السحرة ومكر المكرة.

ما هو العصف المأكول؟

ثم انظر كيف قضى الله عز وجل على هذا الفيل الضخم الذي يزن أطنانا، بطائر لا وزن له. فهجمت الطيور التي حملت في مناقيرها حجارة صغيرة من طين وألقتها على هذا الجيش، فكانت تسقط الحجرة على رئوسهم وتخرج من أدبارهم؛ أي كانت تخترق الواحد منهم اختراقا. ما هذه الرمية المسددة التي تخرج المخ وتدخل في الجوف وتمزق الأحشاء؟ فأصبحوا كالعصف المأكول. والعصف المأكول هو ما على الحَبِّ‌ من قُشُور التِّبْن الذي أكلت منه الدواب. عندما يحصد المزارع الحنطة يفصل بين الحنطة والقشرة التي تغطيها وهذه القشرة هي العصف المأكول. أي أصبحوا كالتبن المأمول قد دمرهم الله تدميرا.

ثم إن الله عز وجل خاطب نبيه وقال له: ألم تر؟ وهو لم ير بالطبع ما حدث بأصحاب الفيل، ولكن المؤمن يصل إلى درجة من درجات الثقة بالله واليقين بقوله، يجد ما أخبره الله عز وجل به كالذي عاينه بنفسه.

إن سورة يوسف سورة مرتبطة بقصة حدثت قبل آلاف السنين؛ ولكن الذي يقرأ سورة يوسف يرى يوسف (ع) بالصورة التي لا يحتاج إلى من يصنع له مسلسلا أو فيلما سينمائيا. فالمؤمن يُجسم في قلبه ما يحدثه به ربه، ولا يحتاج إلى فضائية تفعل له ذلك، ولا إلى إعادة المشهد.

ثم إن الله عز وجل، لم يقل: ألم تر الفيل؟ بل قال: ألم تر كيف فعل ربك؟ إن البعض منا يذهب إلى المدائن وينطر إلى طاق كسرى أو يذهب إلى اليونانأ ومصر وينظر إلى آثارهم كالأهرامات ويصور أمام تلك التماثيل والحال أن الجدير به التفكر في كيفية صنع الله عز وجل بهؤلاء الطغاة. ما تنفعك الصورة هذه التي التقطتها عند عجائب الدنيا؟ ماذا تنتفع بهذه النظرة البلهاء إلى تلك العجائب إن لم تعتبر بها؟ عندما تنظر إلى إيوان كسرى، فكر في التقدم الحضاري آنذاك وإلى البناء المرتفع الذي يحتاج إلى مهندسين كبار، ولكن ذهب ذكرهم إلى الأبد، بعد أن جاء الإسلام وفتح بلاد فارس وانتشر الإيمان في تلك الديار، وفي بلاد الروم وفي مصر.

الأفلام والوثائق العلمية

إننا نجد من المؤمنين من يشاهد الأفلام والوثائق العلمية وهو أمر حسن. إنني أنصح المؤمنين وأقول لهم: إن لم تكن تحب الاستماع إلى المحاضرات الدينية، فالبديل التلاوة والدعاء وبعدها هذه الأفلام الوثائقية عن الطبيعة التي تجعل الإنسان يخشع في صلاته إن رعى فيها الشرط الذي ذكرناه، وهو: ألم تر كيف؟! لا تنظر إلى المادة البلهاء، ولا تكن كالذي صعد إلى القمر واجتاز الفضاء الخارجي وقال بعد ذلك: إنني لم أر الله عز وجل…! ما قيمة هذا السفر؟ صعد المكوك وانطلق في الصاروخ  وهو يظن بأن الله عز وجل خارج الجاذبية الأرضية. وبعض هؤلاء من كبار الأطباء وهو يرى عجائب الخلقة في عالم البدن فيقول: هذا الكون صدفة. هل لهذا الإنسان عقل؟

الدعوة القرآنية للتأمل في الطبيعة

ولذا تجد القرآن الكريم يدعو الناس للتأمل في الطبيعة وفي ما خلق الله عز وجل، فيقول عز من قائل: (أَفَلا يَنظُرونَ إِلَى الإِبِلِ كَيفَ خُلِقَت)[١١]؟ ولو راجعت المصادر العلمية التي تتحدث عن خلق الإبل، لأصبت بالذهول. إن القرآن يدعو إلى النظر إلى هذا الحيوان لترتبط بخالقه ومدبره. وهو يدعوك للتفكر في خلق السماوات والأرض، ويقول: (إِنَّ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ لَأٓيَٰتࣲ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ)[١٢]. هل قال سبحانه: لآيات للمكتشفين أو الفلكيين؟ كلا، قال سبحانه: لأولي الألباب أصحاب اللب والعقل.

صاحب الفعل الأصيل والوكيل؟!

ولو تدبرنا هذه السورة لوجدنا أن الذي أرسل الطير هو الله سبحانه، فهو صاحب التدبر والمكر، ولكن نسب الأمر إلى الطير فقال: ترميهم، فهل هو الرامي أم الطير؟ إن الله سبحانه هو الأصيل والطير هي الوكيل في ذلك. والأمر ذاته في عمليات الإماتة، إذ يقول سبحانه تارة: (ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلۡأَنفُسَ حِينَ مَوۡتِهَا)[١٣]، وطورا: (قُلۡ يَتَوَفَّىٰكُم مَّلَكُ ٱلۡمَوۡتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمۡ)[١٤].

وهنا يُمكن القول: أن النبي الأكرم والأئمة (ص) هم الوكلاء في شفاء المرضى وقضاء الحوائج، وفي أي كرامة تصدر منهم. وقد قال سبحانه مخاطبا النبي (ص): (وَمَا رَمَيۡتَ إِذۡ رَمَيۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ)[١٥]. فلا تستعجل بإنكار ما تراه في المشاهد المشرفة أو تسمعه عن كراماتهم (ع) ولا تقل: هذا شرك، وما شابه ذلك؛ فالله سبحانه هو الفاعل عبر هذه الذوات المباركة. ولذا نرى بعض الأطباء من يكتب على باب العيادة كلمة جميلة، وهي: الدواء عندنا والشفاء عند الله عز وجل. فلا ينبغي أن نستغرب بين فعل الأصيل وبين فعل الوكيل.

ما جزاء من تحدى الدين وأهله؟

واعلم أن الله عز وجل لم يرسل طيوره هذه على قريش التي أشركت بالله وعبدت الأصنام دهرا، ولكنه أرسلها على من تحدى الله وتحدى دينه. فمن فعل ذلك فستكون عاقبته عاقبة أبرهة وأمثاله. وبعبارة أخرى: إن العصاة كثيرون، وعباد الأوثان كثيرون، وقد يمهلهم رب العالمين، ولكن من يتحدى الدين، ومن يكيد للإسلام والمسلمين، فرب العالمين له بالمرصاد يمهله ولا يهمله.

[١] سورة الفيل: ١.
[٢] بحار الأنوار ج ١٥ ص ٧٠.
[٣] بحار الأنوار  ج٩٣ ص١٦٠.
[٤] سورة هود: ٦.
[٥] سورة الجن: ١٦.
[٦] سورة الأعراف: ٩٦.
[٧] سورة الفيل: ٢.
[٨] سورة إبراهيم: ٤٦.
[٩] سورة النحل: ٢٦.
[١٠] سورة فاطر: ١٠.
[١١] سورة الغاشية: ١٧.
[١٢] سورة آل عمران: ١٩٠.
[١٣] سورة الزمر: ٤٢.
[١٤] سورة السجدة: ١١.
[١٥] سورة الأنفال: ١٧.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • لم يرسل الله طيوره على قريش التي عبدت الأصنام دهرا، ولكنه أرسلها على من تحداه. فمن فعل ذلك فستكون عاقبته عاقبة أبرهة وأمثاله. إن العصاة وعباد الأوثان كثيرون، وقد يهملهم الرب، ولكنه لا يُهمل من يتحدى الدين، ومن يكيد للإسلام والمسلمين.
  • إن الله عز وجل، لم يقل: ألم تر الفيل؟ بل قال: ألم تر كيف فعل ربك؟ إن البعض منا يذهب إلى المدائن وينطر إلى طاق كسرى أو يذهب إلى اليونانأ ومصر وينظر إلى آثارهم كالأهرامات ويصور أمام تلك التماثيل والحال أن الجدير به التفكر في كيفية صنع الله عز وجل بهؤلاء الطغاة.
Layer-5.png