Search
Close this search box.
  • خصوصية الدعاء وبعض آدابه في شهر رمضان المبارك
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خصوصية الدعاء وبعض آدابه في شهر رمضان المبارك

بسم الله الرحمن الرحيم

أهمية الدعاء في شهر رمضان المبارك

إن الدعاء بين يدي الله عز وجل من معالم الشهر الكريم. شهر رمضان هو شهر الدعاء وشهر التلاوة، وهذا هو المتعارف في هذا الشهر الكريم. إن المؤمن يقسم وقته بين التلاوة وبين الدعاء وبين القيام بين يدي الله عز وجل. ولكن كيف ندعوا الله عز وجل؟ وما هي آداب الدعاء الذي يرجى منه الاستجابة؟

الدعاء أم تلاوة الدعاء؟

لابد أن نفرق بين الدعاء وبين تلاوة الدعاء. إن الدعاء حركة في الباطن أو في القلب، وهي إرادة الشيء. إن الدعاء هو الطلب، والإنسان إذا لم يعي ما يطلب فلا يكون داعيا؛ فإذا طلب النائم أو المغمى عليه شيئا لم يستجب له أحد لأنه لا يعي ما يقول. ولكنه إذا استيقظ، واستجمع فكره، وقواه؛ فتكفي منه إشارة واحدة لكي يستجيب له من يستجيب. فلابد أن تكون للداعي هذه الحالة الباطنية من الطلب. وهذا الطلب يأتي من أمرين؛ أولا: قدرة المدعو على الاستجابة، وثانيا: الإحساس بالاتجاء إليه. تخيل إنسانا دخل المستشفى وهو مصاب بنزيف أو بأمر قد يودي بحياته؛ ألا يطلب العلاج بتلهف من الطبيب؟ لعلمه بأن هذا الطبيب بيده علاجه. ومن ناحية له يدعوه إلى طلب الشفاء والعلاج من ذلك الطبيب الحاذق. فهما أمران يدفعانه؛ الشعور بالألم أولا، والثقة بالطرف المقابل وأن له القدرة على أن يستجيب له.

من شروط الاستجابة

فإذا جمعنا الأمرين في الدعاء كان الدعاء مستجابا. فأولا: نُدرك بأن الله عز وجل خزائنه بين الكاف والنون، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. وثانيا: الشعور بالذلة والضعف وخاصة في جوف الليل في شهر رمضان المبارك حيث يكون هاجس المؤمن الطرد من الباب الإلهي، والطرد من رحمة الله عز وجل، وأن يخرج من هذا الشهر الكريم ولم يُغفر له؛ فكما روي: (فَإِنَّ اَلشَّقِيَّ مَنْ حُرِمَ غُفْرَانَ اَللَّهِ فِي هَذَا اَلشَّهْرِ اَلْعَظِيمِ)[١].

فمن معالم شهر رمضان بالنسبة إلى المؤمن هو أن تكون له هذه الوقفة الالتجائية بين يدي الله عز وجل، وعندئذ لا يهمه الدعاء طال أم قصر. إن الطلب من الكريم يكفي فيه الإشارة. يُقال: لو وقف الإنسان بباب أكرم الكرماء وأطال ذكر الحاجة، وألح كثيراً؛ فهو يشك في الاستجابة. إن الله سبحانه هو القائل: (ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡ)[٢].

لماذا لا يستجيب الله لنا جميع طلباتنا؟

وقد يقول البعض: إنني دعوت في الطواف أو ذهبت إلى كربلاء ودعوت تحت القبة أو دعوت الله في زيارة الرضا (ع) – حيث الدعوة مستجابة عند غريب الغرباء وخاصة إذا كنت قد قطعت المسافات للزيارة – ولكني رجعت إلى أرض الوطن ولم أرى أي بادرة من بوادر الاستجابة؟ أقول: لا ضير في ذلك؛ فالحكيم إذا طُلب منه شيء إما أن يعطيك الحاجة معجلةً أو يعطيك الحاجة مؤجلة أو يعوضك بخير منها.

فهو كريم يعطي وهو حكيم لا يعطي لعلمه بأن هذا المعطى قد يكون فيه هلاكه، وقد يكون فيه ضرره. فقد تطلب من الله في الطواف أو تحت قبة الحسين (ع) مالاً وفيراً، والحال أن القرآن الكريم يقول: (كَلَّآ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَيَطۡغَىٰٓ * أَن رَّءَاهُ ٱسۡتَغۡنَىٰٓ)[٣]. إن رب العالمين يعلم أن هذا المال بالنسبة لك من موجبات التعالي والطغيان ولهذا ليس من الحكمة أن تُعطى هذا المال، أو تُعطى العلم الوفير.وقد يحجب عنك المال لكي يعطيك العلم الكثير؛ فاطلب من الله عز وجل وفوض الأمر إليه، وهو الأدرى بتعجيله أو تأجيله أو تعويضه بما هو خير لك.

[١] الأمالی (للصدوق)  ج١ ص٩٣.
[٢] سورة غافر: ٦٠.
[٣] سورة العلق: ٦-٧.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • قد يقول البعض: إنني دعوت في الطواف أو ذهبت إلى كربلاء ولكني رجعت إلى أرض الوطن ولم أرى أي بادرة من بوادر الاستجابة. أقول: لا ضير في ذلك؛ فالحكيم إذا طُلب منه شيء إما أن يعطيك الحاجة معجلةً أو يعطيك الحاجة مؤجلة أو يعوضك بخير منها.
Layer-5.png