حقوق الرجل في الإسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
وأفضل الصلاة وأتم السلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين.
حقوق الرجل في الإسلام
قد نعتبر قوله سبحانه: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ)[١]، أهم آية من الآيات التي تناولت حقوق الرجل في القرآن الكريم، وهي آية من مشكلات الآيات وقد أسيء الاستفادة منها في كثير من الأحايين، فيستأثر الرجل في المنزل بالقيادة المفرطة، ويأمر وينهى حتى من غير وجه حق، وإنما عنت الآية الكريمة بمبالغتها في لفظ القيام، قيام الرجل بشئون الأسرة وتدبير المعيشة وتقديرها، والحفاظ على الحياة الزوجية والاهتمام بأفراد الأسرة عموما، ولم تلقى هذه المسئولية على عاتق الرجل مصادفة؛ بل لخصوصيات امتاز بها دون المرأة وهي قوله سبحانه وتعالى: (بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)[٢].
هل الرجل والمرأة متساويان؟
وينبغي للمرأة أن تعي أنها تختلف في الخلقة عن الرجل؛ لا كما ذهب إليه الغرب في تساوي الرجل والمرأة من جميع النواحي وهي أقرب إلى المكابرة منها إلى الحقيقة والواقع؛ بل إن طبيعة الرجل تخالف طبيعة المرأة تماما في الشدة والقوة والحسم وعدم غلبة العواطف على العقل وما شابه ذلك من الصفات، ويمكن الاستشهاد على هذه المسألة بتولي الرجال أزمة الحكم والوزارات في جميع البلدان على الأغلب، ولو عكس الأمر لبان الفساد في جميع مفاصل الحكم، وقد أشار علمائنا في تفسير هذه الآية: أن التفاضل بين الرجل والمرأة في هذا الجانب ليس تفاضلا ذاتيا؛ بل هي خصوصية للرجل دون المرأة في القيام على شئون المنزل وتدبير الأسرة، كيف يكون ذلك وهو القائل سبحانه: (أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ ۖ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ)[٣]؛ بل قد تكون الأنثى لتفرغها وشدة عواطفها وصبرها في بعض الحالات أقدر من الرجل على التقرب إلى الله عز وجل، فهي في كثير من الأحايين ليس لها ما يقلقها من المشاكل التي يتعرض لها الزوج غالبا، ولعاطفتها الشديدة تلي من أمور الأولاد ما لا يقدر عليه الزوج في الغالب، وهي أمور تخولها للقرب من الله عز وجل وقد روي عن النبي الأكرم (ص) أنه قال: (اَلْجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ اَلْأُمَّهَاتِ)[٤]، ولكن هناك الكثير من النساء من لا يعرفن قدر أنفسهن ولا قدر ما أعطين من الامتيازات الربانية.
ضرورة تقدير جهد الرجل من قبل المرأة
وأما الرجل فهو ينفق في يومه ما يربو في بعض الحالات على عشر ساعات من العمل والكد خارج المنزل وقد يكون تحت أشعة الشمس الحارقة في الصيف أو في البرد القارس في فصل الشتاء، والمرأة تجلس في منزل البارد صيفا والدافئ شتاءا وكلما ضاقت بها الفسيحة اتصلت بفلانة من صديقاتها تؤنسها وتلهيها، وقد يأتي الرجل من العمل بعد هذا العناء والكد ليفاجئ بغضب الزوجة لأسباب بسيطة؛ كنقص في مئونة الطعام أو ما شابه ذلك، وكان أحرى بها أن تقدر أتعابه وتظهر له من اللين والعطف ما تخفف به عن أعبائه، ولو أرادت المؤمن أن تتقرب إلى الله عز وجل وتكون من الصالحات، فلتتصف بما وصف به القرآن الصالحات في قوله سبحانه: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)[٥]، وقد فسر العلماء القنوت بالتواضع للرجل وإطاعته، ولا تعني هنا بحسب السياق القنوت لله عز وجل، وأن يأمن الرجل جانبها في حفظها لماله وعرضه في غيبته.
ولو اهتزت ثقة الرجل بزوجته هل سيكون له أمل في الحياة ليكدح في سبيل بيت قد اهتزت أركانه؟ حتى وإن كان ذلك مجرد احتمال، فهذا الاحتمال سيكون مدمرا للعش الزوجي.
تدبير الأسرة والقيام عليها من واجبات الرجل
والحياة باقية ببقاء النظام، وقد أفتى علماؤنا الأبرار الماضين منهم والأحياء بعدم جواز مخالفة النظام حتى في البلاد الغربية الكافرة، صغيرة كانت المخالفة كالغش في الامتحانات أو كبيرة كالسرقة من الأموال العامة، فقد ينفرط النظام وينهار المجتمع، لو تم التهاون في الغش والسرقة والتحايل وتزوير الشهادات وغير ذلك، وما الأسرة ببدع في ذلك فهي عبارة عن مؤسسة لابد فيها من كلمة الفصل في الأمور التي تعترضها والمشاكل التي تواجهها، ولابد لمن يحسم النزاعات بين الرجل لو أراد شيئا والمرأة إن أرادت شيئا آخر، والشرع هنا الفيصل بينهما، وقد بين الشرع أن لا طاعة للرجل إذا دعا إلى الحرام، كأن يدعو الزوجة إلى السفور والتبرج، أو قطيعة الرحم أو ما شابه ذلك، أما في سائر أمور الحياة فكلام الرجل مقدم على كلام المرأة، فلو أراد الرجل على سبيل المثال السفر إلى بلد إسلامي لغرض الزيارة والسياحة، وأرادت المرأة غير ذلك؛ يقدم كلامه على كلامها.
ومما يدعو إلى العجب أن بعض المؤمنات لأجل كسب درهم تخسر آلاف الدراهم، فتحول حياتها إلى نكد لكي تحصل على حلية تلبسها أو سفرة تسافرها أو ثوب تقتنيه، ولا تفعل ذلك إلا للحصول على الراحة النفسية والحال أنها تضحي بها من أجل هذه الأمتعة، وعلى حساب أذى الزوج وراحته، وليس الرجل مكلف فوق طاقته في الإنفاق على زوجته فلو جشمته من العناء في كسب ما تريد فوق ما يستطيع لكان ما تحوزه من مال أو حلية في حكم ما أخذ غصبا، لأن الرجل يتقي بذلك شرها وعتابها، ولا تقبل صلاة المرأة فيه ولا سائر الأعمال التي تقوم بها في هذا المال المغصوب حتى يرضى هو ببذله هذا!
وليس كل من يتزعم الوزارات في العالم هم أفضل المرشحين لها؛ فقد يكون في الموظفين من هو أعلم من الوزير وأكثر تخصصا وأقدر على إدارة الوزارة منه بل وأكثر منه سابقة ولكنه يحاول أن يتعايش مع ذلك ولا يرفع علم الخلاف أمام الوزير أو رئيس الدائرة تلك، ولو خالف الرئيس كل مرؤوس يرى نفسه أفضل من الرئيس وأقدر منه هل ستمشي أمور الدائرة أو الوزارة تلك؟ وهل سيستقيم أمرها وينتفع بها الناس؟
والأمر في المنزل كذلك؛ فإن المرأة عليها أن تقبل بحكومة الرجل وإن كانت ترى نفسها أعلى منه مستوى وأقدر منه على إدارة أمور المنزل، ويكفي للرجل أن يعلم الحلال من الحرام حتى يعطى أزمة الحكم في المنزل! وقد ترك الشرع للمرأة المجال مفتوحا أمامها فيما لو أراد الرجل إكراهها على الحرام في أن تشتكي للحاكم الشرعي بذلك، ولكن عليها أن تخضع لحكومة الرجل الاعتبارية وأعني بالاعتبارية هو اتفقاق الرجل والمرأة على هذه الحكومة؛ حيث تعتبر المرأة الرجل هو الحاكم في الأسرة، فهي تختلف عن الحكومة الواقعية للمعصومين (ع) حيث يجب إطاعتهم في جميع الأحوال والرجوع إليهم في النزاعات والاختلافات، فقد قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)[٦].
الأسلوب الأمثل لحل المشاكل الزوجية
وقد تجعل المرأة الرجل يتمادى في غيه عندما تتعرض إلى الظلم من قبله ويرتكب بحقها خطأ فظيع؛ بأن تلجأ إلى التهكم والاستهزاء وإثارة الجو الاجتماعي على الرجل بإقحام النساء والرجال في مشكلتها، والأحرى بها أن تصبر على الرجل حتى تهدأ فورته ويسكن غضبه في ساعات من ساعات رجوعه من المسجد أو من دعاء كميل، ثم تقدم له كأسا من العصير أو الشاي وتقدم المقدمات التي تستلين بها قلب الرجل ثم تفاتحه وتناقشه بكل أدب واحترام لترى الزوجة كيف يتحقق قول الله عز وجل: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)[٧]
التجسس على الزوج
وقد تقوم المرأة بالتجسس على زوجها وإظهار الغيرة الزائدة ظنا منها أنها تستولي بذلك على الرجل والحال أنها لا تدري من أين يؤكل الكتف، وتحاول أن تملك الزوج بالتهديد بالطلاق والفضيحة والتمرد ولا تحاول أن تملك قلبه، هل تستميل المرأة بهذا العمل زوجها الذي له ملجأ عاطفي خارج المنزل وهو يرى الجحيم داخل المنزل وخارجه روضة من رياض الجنة؟ فهل يعقل أن يفضل الرجل الروضة على الجحيم؟ بل سيزداد الرجل نفورا منها والتصاقا بما كانت تخاف منه وتحذره من انفصال الرجل عن البيت وترك الأسرة والابتعاد عن الأولاد، فمقتضى الحكمة أن تستميل الرجل بالزينة والكلام الحسن لا بالصراخ والغضب وسوء التصرف.
تقصير المرأة في التزين للرجل وإعطاء الحق الشرعي
وللأسف الشديد فإن النساء قل ما يتزين لأزواجهن كتزينهن في الأعراس والزيارات المتبادلة بينهن؛ فهي تتزين للمرأة التي لا تستذوق تلك الزينة بمثل ما يستذوقها الرجل ويعجب بها، وقد تصل المؤمنة إلى مرحلة تنظر فيها إلى العلاقة الغريزية نظرة ازدراء حينما تترقى في العلم الديني والارتباط الإلهي، وكأنها جريمة من الجرائم أو حالة بهيمية صرفة أو أنها من موجبات الانحطاط أو ما شابه ذلك.
لقد تزوج الرجل ليحرز نصف دينه وإذا به يرى امرأة لا إثارة لها ولا جاذبية وهو يرى في محيط العمل وفي الشوارع ما يرى من المغريات صورا وحقيقة، ثم إذا أراد منها شيئا تعذرت بانشغالها بالمأتم أو المطالعة الإسلامية المكثفة أو قضاء حوائج المؤمنات وما شابه ذلك من الأعذار التي لا تغني عنها شيئا في أداء الحق الزوجي، فيسد أمامه باب الحلال والحرام، وهل يولد ذلك إلا الكبت والضغط النفسي الذي ينفجر بالرجل في يوم ما؟
وقد يتجه البعض من الرجال إلى الحرام في درجة من درجاته، وما الحرام إلا كالتزلج على الجليد لا يلبث الرجل إلا أن يرى نفسه وقد أصبح في نهاية الوادي السحيق، فلا يستطيع الرجل أن يقول: إنني أكتفي بالنظر المحرم بل النظر هذا يجر إلى اللمس المحرم وإذا به قد أصبح في وسط مستنقع الرذيلة، وتتحمل المرأة الوزر يوم القيامة لتقصيرها في هذا المجال.
ولا تثمر المستحبات بحذافيرها من صلاة ليلها وجماعتها وحجها وعمرتها وإنفقاها وإحسانها إذا لم تكن في الاتجاه الصحيح، وكما قال الإمام الصادق (ع): (اَلْعَامِلُ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ كَالسَّائِرِ عَلَى غَيْرِ اَلطَّرِيقِ لاَ يَزِيدُهُ سُرْعَةُ اَلسَّيْرِ إِلاَّ بُعْداً)[٨]، فهل ينفع المرأة التي غضب عليها زوجها وغضب الله عليها لعدم تمكينها زوجها من نفسها القيام لصلاة الليل، ولا أظن صلاتها تلك إلا كصلاة الليل في أرض مغصوبة، وقد قال سبحانه: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)[٩]
ومن حقوق الزوج حفظ أسراره الزوجية من قبل المرأة؛ فلا يخرج الغضب المرأة عن طورها فتفشي من الأسرار ما تهدم به عشها الزوجي، ولتعلم أن الرجل لن يبقى صامتا بل سيبادر إلى المثل ويكشف بدوره أسرارها وهفواتها، ولا بأس إن كشفت الأسرار أمام الحاكم الشرعي لغرض الإصلاح ولكن المشكلة لو كشفت هذه الأسرار أمام الملأ وتنقالها الناس، وقد يستغل ذلك أعداء المرأة فيحاولون أن يسقطونها اجتماعيا بما كانت هي السبب فيه، فلو حفظت أسرار زوجها لما انكشفت أسرارها وانقلب الأمر عليها، وقد ورد عن أمير المؤمنين (ع): (مَنْ حَفَرَ لِأَخِيهِ بِئْراً وَقَعَ فِيهَا وَمَنْ هَتَكَ حِجَابَ أَخِيهِ اِنْهَتَكَتْ عَوْرَاتُ بَيْتِهِ)[١٠]، فليحافظ الرجل والمرأة على أسرارهما ويضبطا أنفسهما عند الغضب فإن لكل الطرفين أعداء ومناصرون لا يراعون غضب الله عز وجل في الخلافات الزوجية، فتقع المنازعات والحكم بغير ما أنزل الله سبحانه.
ولابد أن يعلم الطرفان أن الخلافات الزوجية تعيق الطرفين عن التقدم في المجالات العلمية وممارسة الحياة بصورة طبيعية، فهل يمكن أن يركز في الامتحان من يعيش الخلافات الزوجية؟ وليس شريك الحياة جارا يمكن الفرار منه أو شركة يمكن فسخ العقد معهما أو ما شابه ذلك.
اختيار الزوجة المناسبة
اختيار شريك الحياة عبر الإنترنت
لابد للشباب أن يتوخوا الحذر من الإنترنت والمراسلات التي تتم بينهم وبين الأجنبيات فيه، وينبغي أن لا يتأثر الشاب بالكلام المعسول، بل عليه أن يتحقق من صفات المرأة التي يريدها، ولا أدري إن كان الإنترنت يسعفه بذلك، فهناك الكثير من التجارب التي منيت بالخيبة والفشل بعد أن تبين للشخص زيف ما كانت عليه المرأة التي يراسلها وكذب ادعائها ومجانبة صفاتها الواقع.
فلابد للشاب أن ينظر إلى منبت المرأة كما ينظر إلى جمال صورتها وثقافتها، فليست المرأة كيان منفصل عن والديها وأسرتها وإنما لهم دور كبير في تكوين شخصيتها، فيبحث عن إيمان والدها ووالدتها وطريقة عيشهم ونمط حياتهم، فقد ورد عن النبي الأكرم (ص) أنه قال: (اِخْتَارُوا لِنُطَفِكُمْ فَإِنَّ اَلْخَالَ أَحَدُ اَلضَّجِيعَيْنِ)[١١]، وقد قال (ص): (إِيَّاكُمْ وَخَضْرَاءَ اَلدِّمَنِ قِيلَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ، وَ مَا خَضْرَاءُ اَلدِّمَنِ قَالَ اَلْمَرْأَةُ اَلْحَسْنَاءُ فِي مَنْبِتِ اَلسَّوْءِ)[١٢]، ويقال أن المدمن على الخمر يبين ذلك في ذريته، فليتوخى الإنسان والدة لولده قبل اختيار زوجة لنفسه!
الزواج من السافرات بهدف إصلاحهن..!
وقد يعلل البعض زواجه من السافرات الفاسقات المتهتكات بأنه ينوي هدايتهن وهو يعلم أنه ليس بالمستوى الذي يمكنه من هداية هؤلاء، نعم أقدم إن كنت تضمن هدايتهن! كيف تضمن ذلك وأنت لا تضمن أن تحصل على زوجة مؤمنة فتجازف بالزواج من فاسقة على أمل صلاحها؟
إن أهم عنصر في المرأة هو ورعها ووقوفها عند الحرام من دون أية مناقشة في ذلك، ولابد أن يبين الرجل لزوجته في أول جلسة أنه يحتكم إلى الشرع وإلى ما قاله الله ورسوله وما وصل إليه المرجع في رسالته العملية من الأحكام، فإن قبلت أقدمت وإلا فالخير في تركها، ولا يغرك الجمال، فإن الجمال شيء والجاذبية شيء آخر؛ فقد لا تكون المرأة بيضاء ولا شقراء ولكنها جذابة تدخل إلى القلب، ولقد عوتب المجنون على حبه لليلى وعابوها أمامه فقال:
يَقولُ لِيَ الواشونَ لَيلى قَصيرَةٌ فَلَيتَ ذِراعاً عَرضُ لَيلى وَطولُها
وَإِنَّ بِعَينَيها لَعَمرُكَ شُهلَةً فَقُلتُ كِرامُ الطَيرِ شُهلٌ عُيونُها
وَجاحِظَةٌ فَوهاءُ لا بَأسَ إِنَّها مُنى كَبِدي بَل كُلُّ نَفسي وَسولُها[١٣]
دور الرجل التخريبي على المرأة الصالحة
وقد يرزق الإنسان زوجة صالحة، ولكنه بسوء أخلاقه وتصرفه يحولها من وردة إلى شوكة ومن ملاك إلى تنين فيكون كما قال سبحانه: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ)[١٤]، وإذا انقلبت المرأة عن واقعها وخرجت عن أنوثتها وعن فطرتها وطيبتها وبساطتها فمن يصلح الأمر بعد ذلك؟
ولابد من أن يوازن الإنسان بين سلبيات الانفصال وإيجابيات الاستمرار في العلافة الزوجية، فلا يتخذ قرار الطلاق من أول مشكلة؛ بل عليه أن يفكر مليا في عاقبة الأطفال ومصيرهم، وقد ينفصل الرجل عن زوجته لإيجابية يراها في الطلاق أو طمعا في زوجة أخرى وفي شهر عسل يقضيه ثم ينسى مصير أولاده وعاقبة أمرهم وكيف أنهم سيكبرون على المشاكسة وقطيعة الرحم، فتراه قد خسر الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين.
[٢] سورة النساء: ٣٤.
[٣] سورة آل عمران: ١٩٥.
[٤] مستدرك الوسائل ج١٥ ص١٨٠.
[٥] سورة النساء: ٣٤.
[٦] سورة النساء: ٥٩.
[٧] سورة فصلت: ٣٤.
[٨] الکافي ج١ ص٤٣.
[٩] سورة المائدة: ٢٧.
[١٠] أعلام الدین ج١ ص١٨٥.
[١١] الکافي ج٥ ص٣٣٢.
[١٢] وسائل الشیعة ج٢٠ ص٣٥.
[١٣] قيس بن الملوح والملقب بمجنون ليلى (٢٤ هـ / ٦٤٥م – ٦٨ هـ / ٦٨٨)، شاعر غزل عربي، من المتيمين، من أهل نجد. عاش في فترة خلافة مروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان في القرن الأول من الهجرة في بادية العرب. لم يكن مجنوناً وإنما لقب بذلك لهيامه في حب ليلى العامرية.
[١٤] سورة إبراهيم: ٢٨.
خلاصة المحاضرة
- ينبغي للمرأة أن تعي أنها تختلف في الخلقة عن الرجل؛ لا كما ذهب إليه الغرب في تساوي الرجل والمرأة من جميع النواحي وهي أقرب إلى المكابرة منها إلى الحقيقة والواقع؛ بل إن طبيعة الرجل تخالف طبيعة المرأة تماما في الشدة والقوة والحسم وعدم غلبة العواطف على العقل وما شابه ذلك من الصفات.
- إن النساء قل ما يتزين لأزواجهن كتزينهن في الأعراس والزيارات المتبادلة بينهن؛ فهي تتزين للمرأة التي لا تستذوق تلك الزينة بمثل ما يستذوقها الرجل ويعجب بها ولكنها مع ذلك تهمله حتى يصل الأمر إلى ما لا يحمد عقباه.
- لقد تزوج الرجل ليحرز نصف دينه وإذا به يرى امرأة لا إثارة لها ولا جاذبية وهو يرى في محيط العمل وفي الشوارع ما يرى من المغريات صورا وحقيقة، ثم إذا أراد منها شيئا تعذرت بانشغالها بالمأتم أو المطالعة الإسلامية المكثفة أو قضاء حوائج المؤمنات وما شابه ذلك من الأعذار التي لا تغني عنها شيئا في أداء الحق الزوجي، فيسد أمامه باب الحلال والحرام، وهل يولد ذلك إلا الكبت والضغط النفسي الذي ينفجر بالرجل في يوم ما؟