تأملات في سورة الفيل

أعوذ بالله من الشیطان الرجیم
بسم الله الرحمن الرحیم
وأفضل الصلاة وأتم السلام علی أشرف الخلق وسید المرسلین محمد المصطفی وآله الطیبین الطاهرین
سور القرآنیة تتناول أسماء بعض الحیوانات الصغیرة والکبیرة، سورة النمل اشارة إلی هذه الحشرة المذهلة وسورة النحل کذلك لا عجب اذا قلنا أن أعجب حشرتین علی وجه الأرض النملة والنحله، وسورتنا مورد الحدیث سورة الفیل هذا الحیوان الضخم الذي هو تقریبا من أضخم حیوانات الأرض! هذا الحیوان الذي لم یکن متعارفا في الجزیرة العربیة أعني مکه والمدینه؛ الفیل موطنه مثلا القارة السوداء أبرهة جاء بهذا الجیش الذي شکله یخیف؛ هذه الایام في حرب الدول بعض الطائرات القریبة الأساطیل الملفتة لا یراد منها الحرب فقط! منظرها مخیف هؤلاء الذین أرادوا هدم البیت جائوا بجیش الآن الفيلة تحطم، الذي علی الفیلة من الجنود ایضا یحطمون ولکن المنظر مرعب ولکن انظروا کیف فعل الله عزوجل بهم! موارد التدبر والتأمل؛ ألم تری کیف فعل ربك بأصحاب الفیل؛ کلنا یعلم أن النبي الأکرم وُلد في عام الفیل یعني وُلد في ذلك العام الذي هجمت فیه الفیلة فلم یری المعرکة يعني ما کان کبیراً، من المناسب هکذا یقال ألم تعلم کیف فعل؟ لئن هذا الحدث ما رأه النبي ولکن الآیة تقول ألم تری؟ کأنه هذه الحادثة وما یُخبر عنه القرآن الکریم في حکم المشاهد؛ عندما یأتيك مخبر صادق یقول ألم تری الذي وقع في البلد الفلاني؟ لا یقول ألم تعلم یعني ما وقع کأنك تراه أو كأنك رأيته هذه اولاً؛ اذاً ینبقي القطع والیقین بما ذُکر في القرآن الآن إخبار بقصة الفیل أو إخبار بعذاب اهل النار أو بنعیم اهل الجنة کل هذا یجعلك تری الأمر امامك ولهذا امیرالمؤمنین علیه السلام في وصف المتقین ماذا یقول؟ هم والجنة کمن قد رآها فهم فیها منعمون؛ هم والنار کمن قد رآها فهم فیها معذبون، ثم رب العالمین خاطب نبیه ألم تری کیف فعل ربك؟ الرب رب الجمیع لو أن الله عزوجل قال رب العالمین ما المانع؟ ولکن السورة فیها ملاطفة لنبیه الأعظم فعل ربك یعني هذا الرب نسبه إلی نبیه تفضلاً الأب عندما یقف امام جماعة وفیهم أولاده یقول انا أبو فلان وفلان الجمع کثیر ولکن الأب یرید أن یُظهر عاطفه من خلال نسبة نفسه إلی أحب الناس الیه؛ ألم تری کیف فعل ربك بأصحاب الفیل؟ عادة الصاحب یقال للجنس المشابه أنت لك صاحب في المسجد في العمل الصاحب اذا کان یجمعك وایاه الحالة الواحدة هذا بشر وهذا بشر ولکن الله عزوجل جعل جیش أبرهة في حکم الفیلة، الفیل حیوان وهذا حیوان رکب حیواناً بل هم أظل إن هم الا کالأنعام؛ ولهذا لم یقل فعل ربك بمن رکب الفیلة أو بجیش الفیل قال بأصحاب الفیل، طبعا هذا المعنی موجود في القرآن الکریم قال له صاحبه وهو یحاوره (صاحبه مؤمن یحاور الکافر) ولکن في موردنا القرآن الکریم أطلق الصاحب علی من هو في حکم هذا الفیل الذي هو من الأنعام.
ألم یجعل کیدهم في تضلیل؟ الکید عظیم یقال عندما رأت قریش جیش أبرهة العرمرم هذه الفیلة حتی هذه الأیام یصنعون الأفلام المرعبة لهذه المعرکة ولکن رب العالمین بحرکة جعل کیدهم في تظلیل یعني في ظلال لم یصل إلی نتیجة؛ ألا یقال فلان ظل الطریق؟ أي ما وصل إلی الهدف هؤلاء کیدهم عظیم تزول منه الجبال ولکن هذا الکید لم یحقق هدفه وأرسل علیهم طیراً أبابیل؛ رب العالمین کان بإمکانه کما أرسل الأبابیل أرسل فیلة بحجم مضاعف؛ رأيتم الحیوانات المنقرضة طوال التأريخ؟ کان بإمکان رب العالمین أن یبعیث علیهم ما یشبه الدیناسور مثلا الفیل یقابله حیوان أکبر مقتضی بیان العظمة ولکن الله عزوجل إکتفی بطیور صغیرة هذه الطیور ترمیهم بحجارة من سجیل کانت کالقنابل القاصفة؛ الحجارة لم تنفذ مثلا في رئوسهم الحجرة اذا وقعت في الرأس کالطلقة فيها یُردي الانسان قتلاً الأمر لم یکن هکذا، رب العالمین ما رمی الحجارة في قلوبهم القلب اذا صار مثقوباً مات صاحبه ولکن هذه الحجارة ما قتلتهم وانما جعلهم کعصف مأکول؛ رأيتم مزرعة القمح عندما تأتي الدواب وتأکل سنابل القمح لا تری الا حشیشاً علی الأرض یعني ما بقي أثره، یبدوا من الآیة أن بعد أن قصفتهم الطیر الأبابیل لم تبقی جثامیلهم علی الأرض القرآن یقول فجعلهم کعصف مأکول کالنبات الذي اُکل في آیات أخری رب العالمین یقول فتری القوم فیها صرعی کأنهم أعجاز نخل یعني هذه الجثامیل کانت موجودة علی الأرض لأنها النخیل المحطمة ولکن في قصة أبرهة الجثامیل لم تبقی علی وجه الأرض! یا له من عذاب.
سئوال وجواب هؤلاء جائوا لتحطیم الکعبة ولکن قریش سنوات من عمرهم هتکوا الکعبة ملأوها بالأصنام في المسعی أصنام في الکعبة أصنام ولهذا امیرالمؤمنین إعتلی کتف النبي لیحطم الأصنام علی الکعبة رب العالمین لماذا ما قصفهم بالطیر الأبابیل؟ هؤلاء ما تحدوا رب العالمین إرتکبوا خطأً شرکاً ما نعبدهم الا لیقربونا إلی الله زلفی ولکن أبرهة تحدی الله عزوجل فجاء هذا العذاب الذي نذکره بعد قرون.
هنا ایضا نکتة جمیلة جداً یقولون أنت لماذا تجعلون بعض المزایا لأئمتکم تبالغون فیهم؟ طبعا المعترض یعترض النبي وآله النبي اذا مات لا قیمة له الذي ينفي التوسل من النبي فما بعد؛ هذه الآیة ملفتة في هذا الباب یقول وأرسل علیهم طیراً ابابیل ما علاقة سورة الفیل بإثبات الولایة؟ الآن نقول؛ رب العالمین هو المُرسل أرسل علیهم الطیر ولکن من الذي یرمي؟ الطیر ترمیهم مسبب الأسباب رب العالمین وما رمیت إذ رمیت ولکن الله رمی! الشافي رب العالمین وإن جری علی یده نبیه ما القرابة؟ النبي حي میت لا فرق الشافي هو فإذا مرضت هو یشفیني اذاً رب العالمین هو المُرسل والطیر هي التي تنفذ؛ رب العالمین یقرر قبض روحك اللیلة لا قدر الله إن لم تکن مستعداً وعزرائیل هو المنفذ الله یتوفی الأنفس وفي آیة أخری یقول یتوفاکم من؟ ملك الموت الذي وُکل بکم؛ النبي هو الرامي المسدد رب العالمین، رب العالمین هو المتوفي وعزرائیل قابض الروح رب العالمین هو المُرسل ورمي الحجارة بهذه الطیور الذي أرسلها رب العالمین.
کلمة أخیرة هذه السورة طبعا سورة قریش کما تعلمون متممة لسورة الفیل في الصلاة نجمع بین الضحی والإنشراح وبین الفیل وقریش یعني کل هذه القصة لإیلاف قریشٍ أهلکنا من أهکلنا لتبقی قریش لإیلاف قریش إیلافهم لیألفوا أرض مکة ولا یهاجروا منها، في سورة قریش نذکر النکات ولکن کلمة أخیرة سورة الفیل من اولها إلی آخرها تطمین للمؤمنین طوال التأریخ لا تنظروا إلي عدة الکفار وعددهم أساطیلهم طائراتهم رب العالمین بطیر صغیر أباد إبرهة وجیشه الرب هو الرب الناصر هو الناصر والمؤمنون هم المؤمنون اذاً في أهلك الظروف ثقته بالله القوي المنتقم من أنتقم من الفیلة بطیر صغیر في کل العصور ینتقم من الظالمین کیف یشاء بما یشاء.

إلهي بفاطمة وابیها وبعلها وبنیها اللهم انصرنا علی القوم الکافرین اجعل عامنا عام النصر والفرج اللهم أرنا طلعته الرشیدة وغرته الحمیده اللهم أبلغ سلامنا إلی امام زماننا وأردد الینا منه السلام وإلی أرواح المؤمنین والمؤمنات نهدي ثواب الفاتحة مع الصلوات.