Search
Close this search box.
  • بهذه الأعمال حلق في ليالي القدر إلى أعلى الأجواء
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

بهذه الأعمال حلق في ليالي القدر إلى أعلى الأجواء

بسم الله الرحمن الرحيم

الاستعداد لليلة القدر بقراءة سورة القدر طوال العام

من المستحب أن يقرأ الإنسان سورة القدر طوال العام في الركعة الأولى من صلواته وفي الركعة الثانية سورة التوحيد. ويعني ذلك أن المؤمن ينبغي أن يُفكر ويُذكر نفسه بليلة القدر طوال العام. كيف لا، وهي الليلة التي تُكتب فيها مقدراتنا جميعا؟ إن الحديث عن ليلة القدر حديث ذو شجون؛ لا يدري كيف يبدأ الإنسان؟ إلا أننا ينبغي أن نهتم إجمالا بالليالي العشرة الأخيرة من شهر رمضان المبارك بالإضافة إلى ليلة التاسع عشر. إن هذه العشرة هي عشرة الاعتكاف الروحي، وقد كان النبي (ص) يعتكف ويشد المئزر ويعتزل النساء. وقد استمر المسلمون على هذه السنة النبوية الشريفة حيث نرى إلى الآن في مكة المكرمة ذلك الجمهور الذي يلتف حول البيت صياماً وقياماً.

العشرة الأخيرة وفرصة لا تعوض

إن هذه العشرة الأخيرة من شهر رمضان المبارك هي فرصة العمر. ولا تأتي القضية هذه من فراغ؛ فمن لم يجهز نفسه لليلة القدر لا يمكنه أن يحلق في الأجواء العليا في تلك الليالي المباركة. ويجدر بالمؤمن استعدادا لليالي القدر أن يُخفف من أعماله ومما يُرهقه. فالذي يتب نهاراً في العمل وخاصة إذا كان العمل مرهقاً؛ كيف يحيي الليل إلى الصباح؟

بل لقد أُمرنا بالتخفيف من الأكل ومن تناول الإفطار في ليالي القدر. إن المؤمن يقلل من طعامه؛ لأن الطعام إذا كثر، كثر الشراب، وإذا كثر الشراب؛ تثاقل الإنسان. فحتى طعام ليلة القدر ينبغي أن يكون طعاماً مميزاً. يُروىعن الزهراء (ع) أنها كانت تهيئ من في المنزل لليالي القدر في بعض الأمور منها تقليل الطعام. وهذا هو الاستعداد البدني.

الاستعداد النفسي بعد الاستعداد البدني

أما الاستعداد النفسي فهو أمر آخر ينبغي أن يهتم به من يريد أن يحيي ليلة متميزة. إن طلاب المدراس والجامعات والمعاهد يعيشون أجواء ملتهبة قبل الدخول إلى قاعة الامتحان، وهم يستعدون لذلك بالسهر في الليالي، والمطالعة الحثيثة خاصة قبل الامتحان أو بساعة قبل الامتحان. فتراهم في تمام الاستعداد وفي أوج التهيئ النفسي. فالمتوقع من المؤمن والمفروض عليه أن يتهيأ لهذه الليالي من النصف الثاني ببركة ميلاد الإمام الحسن (ع) في النصف الثاني من شهر رمضان المبارك.

الغسل وتذكر المعاني البرزخية

هنالك بعض الأعمال المشتركة في هذه الليالي. أولا: الغسل. إن الغسل طهور كما الوضوء طهور؛ ولكن فرق بين الوضوء أو الغسل المائي وبين المعنى الذي يُراد من وراء الغسل. هناك غَسل وهناك غُسل، وهناك توضئٌ وهناك وضوءٌ؛ أما المراد فهو الطهارة الحاصلة من هذه الأعمال. وبتعبير النحاة مصدر واسم مصدر، والنتيجة الحاصلة هي المرادة. النتيجة هي أن يعيش الإنسان الطهارة الباطنية. ولذلك ينبغي أن يكون الغسل بشيء من التوجه. ما المانع من أن أحدنا عندما يغتسل بالماء الحار؛ يذكره ذلك الماء الحار بحميم جهنم؟ ويُذكره الحمام بالمغتسل؟ إن الإنسان عندما يتجرد من ثيابه في الحمام اختيارا، ويُجرد قهراً على المغتسل. ويُمكن القول: أننا يُمكننا إيجاد إرتباط بين الغسل وبين تذكر المعاني البرزخية وهذا أمر مطلوب.

من المعالم المشتركة في ليالي القدر؛ قراءة دعاء رفع المصاحف. لقد سمعت أحد كبار الأولياء الصالحين، كان يقول: ما المانع من قراءة دعاء رفع المصاحف طوال السنة؟ فإن كانت لك حاجة إلى الله عز وجل؛ خذ المصحف واجعله على رأسك، وقل: اللهم أسألك بحق هذا القرآن وما فيه، وإلى آخره حيث تذكر في النهاية إمام زمانك. وليس في دعاء رفع المصاحف ذكر لليلة القدر ولا لشهر رمضان وكأنه دعاء عام؛ بخلاف التعقيبات الرمضانية التي نقرأ فيها مثلا: وهذا شهر فضلته، وإلى آخره. فالعبارات يُمكن استعمالها والدعاء بها طوال العام برجاء المطلوبية.

العملية الرمزية لدعاء رفع المصاحف

إن دعاء رفع المصاحف وإن كان في نفسه دعاء؛ إلا أنه عملية رمزية. ماذا يفعل الطفل عندما يُريد أن يضربه أحدهم؟ يضع يده على رأسه؛ أي يا أبت أو يا أماه، لا تؤدبيني. إن الإنسان ليلة القدر يجعل المصحف على رأسه، ويقول: يا رب أسألك بحق هذا القرآن وما فيه وفيه اسمك الأعظم وأسمائك الحسنى وما يُخاف ويُرجى أن تجعلني من عتقائك من النار؛ فأنت لا تطلب الحور والقصور، وإنما تجعل الطلب منصباً على العتق من النار، وكما قال سبحانه: (فَمَن زُحۡزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدۡخِلَ ٱلۡجَنَّةَ فَقَدۡ فَازَۗ)[١].

ولا بأس بين فقرات ذكر الأئمة (ع) عندما يذكر المؤمن سيدته فاطمة (س) أو يذكر الحسين (ع) ومن باب استدرار الدمعة ومن دون نية الإدخال في العمل أن يلهج بذكر مصائبهم وأن تبكي على مصائبهم.

[١] آل عمران: ١٨٥.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إن هذه العشرة الأخيرة من شهر رمضان المبارك هي فرصة العمر. ولا تأتي القضية هذه من فراغ؛ فمن لم يجهز نفسه لليلة القدر لا يمكنه أن يحلق في الأجواء العليا في تلك الليالي المباركة. ويجدر بالمؤمن استعدادا لليالي القدر أن يُخفف من أعماله ومما يُرهقه.
  • لا بأس بين فقرات ذكر الأئمة (ع) في دعاء رفع المصاحف عندما يذكر المؤمن سيدته فاطمة (س) أو يذكر الحسين (ع) ومن باب استدرار الدمعة ومن دون نية الإدخال في العمل أن يلهج بذكر مصائبهم وأن تبكي على مصائبهم.
Layer-5.png