Search
Close this search box.
  • التدبر في القرآن؛ ضرورة ملحة في شهر رمضان
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

التدبر في القرآن؛ ضرورة ملحة في شهر رمضان

بسم الله الرحمن الرحيم

شهر رمضان العمر

مما ندعو إليه في كل شهر رمضان؛ هو كيف يمكننا تطبيق هذا الشعار الوارد في أول أيام هذا الشهر المبارك: اللهم اجعله خير شهر رمضان مر علينا منذ أن خلقتنا. ما المانع من أن يكونن لكل واحد منا طموح كهذا الطموح؟ فكما يطمح البعض في الحياة بأن تكون له ذرية طيبة وداراً وسيعة وحياة فارهة؛ لتطمح أنت أن تجعل شهر رمضانك خير شهر رمضان مر عليك. وليكن هذا شعارك في كل عمل من أعمالك وفي كل عبادة من عباداتك. فعندما تذهب إلى الحج، قل في مسجد الشجرة: يا رب، اجعلها خير حجة مرت علي أو خير عمرة أو خير زيارة أربعينية زرت فيها الحسين (ع).

قد يسأل سائل فيقول: إذا كانت هذه هي أفضل حجة فكيف ستكون الحجة الأخرى؟ وماذا أقول عندها؟ قل: يا رب، اجعلها حجة خيرا من سابقتها؛ فكما يقال: إن الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق. ثم إن الاهتمام بالأمور المادية كالذرية الطيبة – وإن كانت هي من الأمور الأخروية أيضا – والبيت وما شابه ذلك أمر حسن ولكنه أمور هي لا تصحب الإنسان وما يصحب الإنسان ويبقى معه إلى أبد الآبدين هي صلاته وصومه. إن الصفقة الرابحة أو الفوز الأعظم هو أن تحوز على جائزة تبقى معك إلى أبد الأبدين؛ فصيامك وقيامك هو الذي ينفعك في القبر، وفي عرصات القيامة. إن صومك اليوم منصة للانطلاق إلى عالم الخلود والأبدية.

الأنس بالقرآن الكريم

من معالم هذا الشهر الكريم أن نعيد أنسنا بالقرآن الكريم. لماذا إعادة الأنس؟ لأننا عادة ما تكون لنا علاقتنا بالقرآن الكريم في سائر الشهور وهناك الكثير ممن يختمون القرآن على الأقل ختمة؛ إلا أن البعض من شهر شوال إلى شهر شعبان لعله لم يفتح القرآن أبداً أو قرأ القرآن ولكنه لم يختمه. وفي هذه الحالة يكون شهر رمضان فرصة للإكثار من التلاوة؛ فبالإمكان أن يختم المؤمن في شهر رمضان القرآن كل ثلاثة، وهناك من يختم في أقل من ذلك.

أثر الأجواء العامة على الأنس بالقرآن

والسبب الذي يدعونا للإلتزام بقراءة القرآن في شهر رمضان هي الأجواء العامة وأجواء الطاعة؛ فالكل يلهج ويقرأ ويصوم. إن هذا الجو الجماعي – إن صح التعبير – محفز للإنسان. ثم إننا في سويداء القلب نبحث عن الأجور؛ فكل آية بختمة، ومن الطبيعي أن يكون هذا العرض مغريا. عادة الإنسان أنه يتبع العروض المغرية حتى وإن كانت بعيدة عنه. إن هذا الأجر على تلاوة القرآن محز كبير ولذلك ترى البعض يلهج بالختومات وهذا للأسف الشديد يكون أكثر همه آخر الجزء ولا مانع من ذلك. وإن كان هناك بحث بين العلماء حول العبادة التي تكون من أجل الثواب، وهل فيها خلل أو مشكلة أم لا؟ ولكن يبدو أن هذا المقدار لا ضير فيه؛ فلو قلنا بأن طلب الأجور يخل بالعمل انسد باب العبادة.

ولكن الخواص من عباد الله عز وجل؛ عندهم عبادة الله أعظم من أن يجعلوها في مقابل الحور والقصور والغلمان. يقول أحدهم: أين الحور وأين الرضوان الذي هو أكبر بوصف القرآن؟ فإذا ما وصلنا إلى هذه المرحلة من حب القرآن وإلى مرحلة التأمل في مضامينه؛ فمن الممكن أن نجعل أنسنا بالقرآن طوال العام.

التدبر في المعاني

إن تلاوتنا للقرآن الكريم هي أشبه بالجلوس على مائدة فارغة؛ فالمائدة هي الألفاظ ولكن المعاني لا نعلمها ولا ندركها ولا نستلذ بها. أو تعلم أن أحدهم عندما بلغ – وأظنه السيد بن طاووس – احتفل بذلك كما يحتفلون اليوم بأعياد الميلاد، وقال: الآن أصبحت من مصاديق: يا أيها الذين آمنوا. أي أن الله شرفه بالتكليف فالذي يفهم القرآن من الطبيعي أن يستلذ بقراءة القرآن؛ لأنه يُدرك أن الله عز وجل يكلمه من خلال القرآن. إننا نتكلم بالقرآن ولكن البعض يُكلهم الرب من خلال كتابه. ففرق يين إنسان يكلم أحداً وراء ستار ولا يسمع منه جوابا، وبين من رفع الستار بينه وبين من يحب؛ فنظر إلى وجهه، وسمع لذيذ صوته، وأخذ الجواب منه.

من آداب التلاوة

ولذلك يُستحب للإنسان أن يقول بعد الآيات التي تبدأ بيا أيها الذين آمنوا: لبيك اللهم لبيك. وإذا مر على آية فيها ذكر النار والزقوم والضريع، يرق قلبه، ويبكي، ويقول: اللهم أعذنا منها، وعندما يسمع وصف ثواب المتقين في جنات ونعيم، يقول: اللهم إني اسألك ذلك. إن المؤمن عندما يقرأ القرآن يكلم ربه، ويكلمه ربه وهي أشبه بالحوارية كما يقال، وإن كانت الصلاة هي الكلام الرسمي مع الله عز وجل؛ فهي القرآن الصاعد، والقرآن هي الصلاة النازلة أو القرآن النازل.

إن المؤمن يحاول أن يعقد أنساً بينه وبين كتاب الله عز وجل؛ فإذا تحقق الأنس؛ عندئذ لا يختلف عنده شهر رمضان وغير شهر رمضان، ولا يختلف عنده أن يعطى ثواب ختمة بآية أو يعطى ثواب آية بآية؛ فهو في عالم آخر. من جلس مع السلطان لا يفكر في الضيافة؛ بل يفكر في الملك وفي عطايا الملك الخاصة.

مقتطفات من الخطبة

إن المؤمن يحاول أن يعقد أنساً بينه وبين كتاب الله عز وجل؛ فإذا تحقق الأنس؛ عندئذ لا يختلف عنده شهر رمضان وغير شهر رمضان، ولا يختلف عنده أن يعطى ثواب ختمة بآية أو يعطى ثواب آية بآية؛ فهو في عالم آخر. من جلس مع السلطان لا يفكر في الضيافة؛ بل يفكر في الملك وفي عطايا الملك الخاصة.

Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إن المؤمن يحاول أن يعقد أنساً بينه وبين كتاب الله عز وجل؛ فإذا تحقق الأنس؛ عندئذ لا يختلف عنده شهر رمضان وغير شهر رمضان، ولا يختلف عنده أن يعطى ثواب ختمة بآية أو يعطى ثواب آية بآية؛ فهو في عالم آخر. من جلس مع السلطان لا يفكر في الضيافة؛ بل يفكر في الملك وفي عطايا الملك الخاصة.
Layer-5.png