البلاغة والبليغ

أعوذ بالله من الشیطان الرجیم
بسم الله الرحمن الرحیم
وأفضل الصلاة وأتم السلام علی أشرف الخلق وسید المرسلین محمد المصطفی وآله الطیبین الطاهرین

حدیثنا اللیلة عن البلاغة وعن البلیغ، عندما نقول البلاغة والبلیغ البعض ینصرف الی ذهنه مثلا خطیباً من خطباء المساجد أو عالماً یرقی المنبر مثلا هذا یحتاج الی بلاغه، ولکن حدیثنا اللیلة حول المعنی الأشمل للبلاغة کل واحد منا یحتاج أن یکون بلیغاً بمعنی أنه له القدرة علی إیصال فکره الی الغیر أنت عندك مشکلة مع الزوجة مع الولد مع الزمیل مع الجار مع الأبوین اذا لم تکن فصیحاً لا بمعنی إتقان القواعد العربیه! بمعنی أن تکون انساناً لك القدرة علی اقناع الغیر اذا لم تکن بلیغاً وفصیحاً بهذا المعنی قد یضیع حقك أميرالمؤمنین صلوات الله علیه یقول ربما خرس البلیغ عن حجته ربما اُرتج علی الفصیح الجواب انسان خرس عن حجته ولهذا البعض یدخل المحکمة ویخرج وهو یبکي یقول عندما واجهت القاضي لم اُتقن القول ضاع حقي ولهذا هذه الایام الناس یأخدون من یسمی بالمحامي هذا المحامي ماذا یصنع؟ یتکلم نیابة عنك وقد لا یکون فصیحاً المحامي له فکرة مقنعة وقد یکون انساناً متلعثم في کلامه اذاً کل واحد منا یحتاج الی بلاغة اتفاقاً کلمة البلاغة بلیغة نفس کلمة البلاغة فیها بلاغه! امیرالمؤمنین علیه السلام وهو امیرالبلاغة یقول وانما سمي البلیغ لأنه یبلغ حاجته بأهون سعیه بعض الناس یرید أن یوصل لك فکرة یتکلم ساعة انسان یتعبك في القول ولا تنتهي الی نتیجة ولکن الانسان البلیغ یوصلك الی المقصود بکلمة واحدة احدهم رأى انساناً غیر ذاکر قال له ما لهذا خُلقنا یعني أنت الآن في هیئة انسان لا یعلم لأجل أي شيء خُلق! اذاً الانسان البلیغ یمکن أن یصل الی مقاصده بیسر وسهوله.
الآن کیف نصل الی هذه الحاله؟ امیرالمؤمنین ایضاً اتفاقاً روایات البلاغة منقولة عن امیرالمؤمنین علیه السلام یقول آلة البلاغة قلب عقول ولسان قائل أنت تحتاج الی لسان طلق لا شك فیه ولکن قبل ذلك تحتاج الی قلب عقول القلب العقول أي القلب الذي فیه فکر العاقل یتکلم في قلبه قبل أن یتکلم بلسانه الآن کیف نصل الی هذه المرحله؟ انا قلت في حدیث اذا أردت أن تتکلم في موضوع مصیري الآن امام القاضي بلا محامي ترید أن تتکلم مع زوجتك في غرفة مغلقة أين المحامي هنا؟ ترید أن تقنعها بفکرة من الأفکار قبل أن تتکلم صلي لله رکعتین قل یارب أنطقني بالحکمة من أخلص لله اربعین صباحاً جرت ینابیع الحکمة ولکن ما المانع في هذا المورد تجري الحکمة علی لسانك؟ جریان الحکمة دائما یحتاج الی أن تخلص اربعین صباحاً ولکن أن تکون بلیغاً في هذا الموقف لا یحتاج الی اربعین صباحاً رکعتان بین یدي الله عزوجل تکفي.
کلمة أخيرة امیرالمؤمنین یشیر الی حقیقة مرة کلنا في یوم من الایام کنا نتأتئ الطفل في الثانیة والثالثة یتکلم الحروف هکذا حرفاً حرفاً بتعلیم من؟ بتعلیم أبويه! الأب یطیر فرحاً عندما تتکلم اول کلمة والأم کذلك ولکن مع الایام هذا الشاب یکبر یصبح فصیحاً بلیغاً واذا به یتطاول علی والده کم هي المصیبة اُعلمه الرمایة کل یومٍ ولما أشتد ساعده رماني، امیرالمؤمنین یقول لا تجعل ذرب لسانك علی من أنطقك أنت انسان فصیح بلیغ لا ترفع صوتك على أبيك هذا الذي أنطقك ولا بلاغة قولك علی من سددك قد ینطبق هذا ایضا علی الواعظ علی العالم علی المشیر انسان في یوم من الایام أعانك على أمرك زوجك له حق علیك سددك لا ترفع لسانك علیه یوماً ما وإن صار بینکما ما صار.
ختامه مسك ایضا امیرالمؤمنین هذا في غرر الحکم هذا الکتاب القیم، انا لأمراء الکلام! الکلام کالعبید ونحن امراء الکلام وفینا تنشبت عروقه وعلینا تهدلت غصونه ائمتنا علیهم السلام هم اُمراء الکلام لا بمعنی الکلام الجمیل وانما بمعنی جمال الکلام جمعوا بین الکلام الجمیل وبین جمال الکلام طوبی لمن أتبعهم في الدنیا والآخره.

إلهي بفاطمة وابیها وبعلها وبنیها والسر المستودع فیها عجل لولیك الفرج والعافیة والنصر ابلغه عنا في هذه الساعة تحیة کثیرة وسلاما واردد الینا منه السلام والفاتحة مع الصلوات.