أين أنت عن هذه اللذائذ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
انتشار موجة الإيمان بين الشباب
مما نلاحظه في الفترة الأخيرة، وجود موجة إيمانية أخلاقية أخذت تنتشر بين الشباب وتوجب لهم حالة من اليقظة. هذه الموجة التي لم تكن تتجاوز الحوزات العلمية في السنوات السابقة؛ فلم نسمع بالوجوه المتميزة إلا في بعض الحوزات مثلا. والحوزة منبع الفضائل بلا ريب؛ ولكننا أصبحنا نشهد – لشيوع وسائل الثقافة والتواصل – موجة من الإقبال على الله عز وجل بين الرجال والنساء حتى في بلاد الغرب. ولا أعني بالإقبال على الله الصلاة والصيام؛ فحسب، بل الإقبال التخصصي والعمل على ما يُقرب العبد إلى الله عز وجل.
إننا نرى البعض من الشباب اليوم ممن هم في مقتبل العمر؛ يتحدثون بما لم يكن يتحدث به الكبار في السنوات الماضية من الإقبال على الله عز وجل والفناء في الله والانقطاع إلى الله وغير ذلك من المصطلحات في هذا المجال، ويبحثون من خلال أسألتهم التي تصل إلينا عن الطريق. وشتان بين من همه شهوته وحياته الدنيوية وبين من همه القرب إلى الله عز وجل. وهذه ظاهرة إيجابية تُبشر بالظهور؛ فالإمام (عج) لا يبحث عمن يحمل السلاح وقلبه مظلم وإنما يبحث عن حامل سلاح نير القلب له باطن زكي كأصحاب الحسين (ع) الذين امتازوا بتقواهم، لا بقدراتهم الفائقة في حمل السلاح والقتل.
احذر من هؤلاء أشد الحذر
ولابد من أن يحذر السالك الذي يبحث عن القرب؛ من الانسياق وراء كل ناعق. فقد نرى البعض من مدعي العرفان يتكلمون كلاماً منقماً ويذكرون المفاهيم العرفانية نثرا وشعرا ويذكرون الأحاديث الأخلاقية التي لا تحتاج إلى التعمق بحسب الظاهر كما الفقه والأصول، فيخدعون العوام بها. هذا وقد ورد في الحديث: (لاَ تُعْجِبْكَ طَنْطَنَةُ اَلرَّجُلِ)[١]؛ فقد يُلقي الشيطان البكاء على البعض من هؤلاء السائرين في طريق معوج، ليُغروا الناس ببكائهم كما ورد ذلك في الروايات الشريفة.
واعلم أن الله سبحانه يوقظك في فترة من فترات حياتك، ولابد أن تستثمر فرصة الإيقاظ تلك؛ فقد لا تتكرر ثانية. رأيت الوالد كيف يوقظ ولده لصلاة الصبح مرة ومرتين، فإذا امتنع عن القيام تركه لشأنه. إن الله سبحانه يوقظك في شهري محرم وصفر وفي شهر رمضان المبارك ويرزقك الإقبال الذي قد لا تجده في سائر الشهور. ولكن الكثير من الناس لا يستجيبون لنداء الله عز وجل ولا يحاولون التقرب إليه والتعبد له، فتفوتهم الفرصة ويعيشون الأمرين عند كل معصية.
لماذا ينتكس الجيدون؟!
ولابد أن نحذر من الشيطان إذا سرنا في هذا الطريق؛ فعين الشياطن على المميزين. لماذا ينتكس بعض الكبار والمميزين في هذا الطريق، فيصبحوا من السيئين؟ لماذا ترى البعض ممن كان من الحسينيين ومن البكائين ومن خدمة مجالس أهل البيت (ع) ومن البارين بوالديهم؛ ينتكس في فترة قصيرة؟ إن الشيطان يغيضه جداً الإقبال على الله عز وجل. إنه لا يشعر بهذا الغيظ والحنق عندما يراك تصلي أو تصوم كما يشعر بذلك وأنت تخطو خطوة في طريق القرب إلى الله عز وجل. عندها يجلب عليك بخيله ورجله، ويستنفر كل طاقاته لصدك عن هذا الطريق.
الشيطان أخبر بك من نفسك
هذا والشيطان أخبر بك من نفسك. فهو كان يراك في بطن أمك ويرى كيف تعيذك أمك من شره ويرى كيف تأتي بك إلى مجالس الحسين (ع) وتسمح دموعها على بدنك، وكيف تُرضعك وهي تبكي على الرضيع وتقول: يا حسين. ورآك بعد أن كبرت وأصبحت شابا، كيف باشرت الخدمة في المواكب. فهو بعد ان رصدك قبل البلوغ وبعد البلوغ، يجعلك في القائمة التي ينبغي أن يعمل عليهم ويُضلهم. والشيطان له باع طويل في الإغواء والإضلال. إن الواحد منا يعمل في تجارة أو معمل سنة أو سنتين فيصبح خبيرا في مجال عمله؛ فكيف بمن يعمل على إغواء بني آدم منذ زمن آدم (ع) وهو ناجح في عمله. ولذلك قال سبحانه: (وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَٱتَّبَعۡتُمُ ٱلشَّيۡطَٰنَ إِلَّا قَلِيلࣰا)[٢].
ادخل الحصن الإلهي لتأمن كيد الشياطين
إن البعض من الناس يخاف من الجن والأولى أن يخاف من الشيطان ومما يكيده له في الليل والنهار. ولكن المؤمن يستطيع أن يلجأ إلى الله سبحانه ويتخلص من هذه الشياطين بالدخول إلى الحصن الإلهي. لقد ذكر إمامنا الرضا (ع) في نيشابور في طريقه إلى طوس، حديث سلسلة الذهب الذي قال فيه: قال أبي عن جدي عن النبي عن الله، وهو حديث معروف قيل فيه: لو قُرئ على مجنون لأفاق. لقد ذكر الإمام (ع) قضية أخلاقية في هذا الحديث، فقد قال (ع): (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ حِصْنِي فَمَنْ دَخَلَ حِصْنِي أَمِنَ عَذَابِي)[٣].
تصور رجلا في الصحراء قد هاجتمه السباع المفترسة وأمامه باب قلعة حصينة، فيطرق باب القلعة ويتوسل إليهم أن يفتحوا له الباب، فيدخل القلعة ويأمن من شرها وينام قرير العين مرتفعا صوت شخير. هذا والسباع تعوي خلف الباب ولكنه لا يهتم بعدها لو عوت إلى الصباح، لأنه أصبح في مأمن وحرز منيع. إن كلمة التوحيد حصن حصين ولكن ينبغي أن نجد الطريق إلى هذا الحصن والدخول فيه.
أمير مملكة الوجود
إن لكل منا في باطنه مملكة يحكمها القلب؛ فهو أميرها والمتحكم بجنودها التي هي الجوارح. فإذا أحب الأمير شيئا تبعته الجوارح وانقادت له مطيعة. كيف نجعل هذا الأمير، يحب طريق الله؟ إن استطعت إقناع الأمير بالسر في هذا الطريق، فإن الجوارج تتبعه لا محالة. لماذا نحب الطعام اللذيذ؟ لأنه لذيذ. ولماذا نُحب الرائحة الزكية؟ لأنها زكية. إننا نُحب اللذائذ وكلنا صيادون لها، ولكن تختلف شباكنا. ولهذا لاحظ القرآن هذا الحب فينا وذكر لنا الجنات التي تجري من تحتها الأنهار وذكرلنا الحور المقصورات في الخيام وما شابه ذلك من المتع واللذائذ التي ذكرها القرآن الكريم. وكأنه يقول: إن كنتم تبحثون عن اللذة، فقد ادخرت لكن أرقى اللذائذ في الجنة.
ما أبعد الجنة عنا؟!
ولكن قد تقول النفس: أين نحن والوصول إلى تلك اللذائذ في الجنة؟ لابد أولا أن نموت ثم ننتقل إلى البرزخ ثم نُبعث من القبور، وإلى آخر ذلك من المراحل التي ينبغي أن نجتازها للوصول إلى الجنة، وحينها تكون أعصابنا قد تلفت…! إن هؤلاء غافلون عن أننا يُمكننا الدخول في الجنة ونحن في دار الدنيا…! إننا لو تألمنا في خلية النحل، لوجدنا بالإضافة إلى العسل الذي تُنتجه النحل، غذاء خاص بالملكة يباع بأغلى الأثمان، وكل النحل تعمل لتغذي الملكة من هذا المقدار البسيط الذي هو أرقى من الشهد والعسل. والأمر كذلك في الجنة؛ فثمة رحيق وشهد وعسل وهي النعم التي يذكرها سبحانه في كتابه وهناك غذاء الملكة الذي لا ينالها إلى القليل. يقول سبحانه بعد أن يذكر النعم المادية في الجنة: (وَرِضۡوَٰنࣱ مِّنَ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۚ)[٤].
ما هو الرضوان الإلهي؟
والرضوان هو إحساس باطني. إن المؤمن ينام مع حور العين، وأمامه الغلمان المخلدون، ولحم طير مما يشتهون، وهي نعم كلها خارج الذات؛ ولكن الإحساس بالرضوان الإلهي هو خير عنده من كل هذا النعيم. وقد ورد في الخبر؛ أن أهل الجنة وقبل الدخول في الجنة، ينظرون إلى الجمال الإلهي فيأتي النداء: أن الحور تنتظركم وهم يقولون: كيف ندع مشاهدة هذا الجمال إلى معناقة الحور في الجنان؟
وقد يسأل سائل فيقول: هل من الممكن مشاهدة ذلك؟ نعم، إن الله سبحانه يقول: (وُجُوهࣱ يَوۡمَئِذࣲ نَّاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةࣱ)[٥]؛ لا كل الوجوه إنما وجوه تستطيع النظر الذي وصفه أمير المؤمنين (ع) قائلا: (لَمْ تَرَهُ اَلْعُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ اَلْأَبْصَارِ وَلَكِنْ رَأَتْهُ اَلْقُلُوبُ بِحَقَائِقِ اَلْإِيمَانِ)[٦]. فإذا استطعت أن تكسب وأنت في دار الدنيا الرضوان الإلهي؛ فقد دخلت الجنة من أوسع أبوابها. وهذا الإحساس هو أن تنظر إلى حياتك، فلا ترى فيها ثغرة أو نقطة سوداء، أو تجد بعض النقاط التي تداركتها بتوبة نصوح.
وبإمكان المؤمن أن يصل إلى مرحلة يشمئز فيها من المعاصي وذلك بالالتزام بأربعينية ترك المعاصي. إنك تشعر بعد هذه الأربعينية باشمئزاز من الحرام، كما يشمئز الناس من أكل الحشرات والقاذورات. ويصل الشاب الجامعي إلى مرحلة يرى الفاتنة أمامه، ولكنه يشعر وكأنه في رقبته جهاز تلقائي يديره، فيُعرض عنها. وهو يرى هذه المناظر مرعبة إن كان الشباب غيره يسيل لعابهم برؤيتها، ويسترقون النظر وتُثار شهواتهم.
قصة شاب أعزب، بلغ مرتبة من مراتب الكمال
إن البعض من المؤمنين قد يضطر إلى السفر إلى الغرب، وعندما لا يجد طعاما محللا، يكتفي بالخبز والجبن أشهرا والحال أن بإمكانه أكل أطيب المشويات. فإذا وصلت إلى هذه المرحلة، فاعلم أنك مصداق ما ورد في الدعاء: (يَا نَعِيمِي وَجَنَّتِي)[٧]. ولابد من أن نغير نظرتنا إلى الحياة ونمتلك هذه النظرة الكونية أو الاستراتيجية ثم نفكر في التلذذ بعد ذلك. لقد رأيت شابا لم يكن عالما ولا ابن عالم ولعله كان أميا، فقال لي: لقد التزمت بأربعينية وصلت بعدها إلى درجة أنتظر حلول الليل شوقا إلى القيام والصلاة والمناجاة بين يدي الله عز وجل.
فقلت له: هل أنت متزوج؟ قال لي: إنني أخاف أن أتزوج فأنشغل بالأهل والعيال عما أنا فيه من اللذة والخلوة برب العباد. وكان قد أخذ بالبكاء أول ما رآني، لأنه لم يجد من يبث إليه ذات نفسه ويُخبر بحاله، فلم يكن أحد يستوعبه بحسب تعبيره. فقلت له: هل حصلت على شيء غير هذه اللذة في القيام في الليل؟ فقال لي: لقد وصلت إلى درجة أرى فيها الله معي في كل آن. وعندما عرضت عليه التتلمذ على يد أستاذ أعرفه، قال لي: لست بحاجة إلى الأستاذ، فقد عرفت طريقي، وقد دلني عليه رب العالمين.
ضع نفسك في الطريق وكفى…!
وقد كنت ذات يوم في حال الطواف؛ فاتصل بي أحدهم وقد كان مضطرباً يخشى أن يزيغ أو أن يُترك، فقلت له كلمة هزت من الأعماق وهي كلمة لا شك أنها كانت من بركة ذلك الطواف، قلت: أنت حريص على الوصول إلى الله، والله أحرص منك على ذلك وهو خالقك وحبيبك؛ فلماذا تخاف بعد هذا؟ كن صادقاً وضع نفسك في الطريق، فإن الجاذبية الإلهية تجذبك إلى الأعلى. وهذا يُشبه التزلق على الجليد. إن المتزلق الذي يصعد إلى قمة الجبل، لا يحتاج منه النزول إلا أن يضع رجله على الطريق فينحدر من دون توقف إلى أن يستقر في أسفل الوادي. إن جاذبية الأرض مهشمة ولكن الجاذب الإلهية ترفعك إلى الأعلى كالصواريخ.
لا تشتك من البيئة السيئة
كن صادقاً ولا تبالي عندها ولا تضرب الأخماس في الأسداس، ولا تقل: لا أستاذ في البين، ولا تقل: أبي، ولا تقل: إنني في بلاد الغرب؛ لأن الله يجتبي من يشاء. إن الذي يشتكي من البيئة الضاغطة ويظن أنهم يعيش في أسوء بيئة عليه أن يقرأ قصة امرأة فرعون. لم نعهد ظالماً في طوال التأريخ قال: أنا ربكم الأعلى؛ فهي ماركة مسجلة باسمه على الرغم من أن الطغاة كلهم يشتركون في القتل والتعذيب والحرق وما شابه ذلك من الأفعال الإجرامية.
وكانت صفة ذي الأوتاد من صفات فرعون لأنه كان يوتد بالمسامير الضحية، وهذا ما فعله مع آسية. تلك المرأة التي كان يزروها في الليل نبي من الأنبياء، ولذلك قالت: (رَبِّ ٱبۡنِ لِي عِندَكَ بَيۡتࣰا فِي ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ)[٨]. وأنت تأس بهذه السيدة ولا تقل: ابن لي بيتا في الجنة؛ فكل بيوت الجنة قد بناها الله سبحانه ولكن قل: ابن لي عندك. إن السيدة مريم (ع) كانت تأتيها الفاكهة من عند الله وكان العلم الذي حصل عليه خضر من عند الله حتى خرج من أجل هذا العلم موسى (ع) يطلبه من بلد إلى بلد. ابحث عن هذه العندية وعن اللذة البديلة.
ابحث عن اللذة البديلة
إننا نشاهد في أيامنا هذه حالة من حالات الغضب على الطب البديل من قبل الأطباء لأنهم قد صادروا أسواقهم واستولوا على زبائنهم. وكما أن هناك طب بديل، هناك لذة بديلة. إن الذي يعيش من دون تلذذ، يصبح خواءً أو جماداً؛ فلابد من التلذذ من الحلال، لأنها إذا فُقدت في الحلال بحث عنها الناس في الحرام. وإذا ما وجدت اللذة الباطنية؛ فإنك ستبحث عن اللذة الخارجية. إن بعض المرضى النفسيين ممن يعانون من الاكتئاب يجدون علاجهم في الأكل؛ فهم ياكلون كثيرا ولذلك يسمنون. ولكن المؤمن علاجه ولذته في الصيام وفي عدم الأكل. فهو عندما يصوم يشعر بالبطولة؛ خاصة في الصيف الحار الذي تطول أيامه. إن لذة ترك الأكل، ألذ عنده من لذة الأكل.
ماذا نعمل لنصل إلى هذه اللذة الباطنية؟
لا تتوقع أن تحصل على هذه اللذة في بدايات الطريق؛ لأنها لذة لا تأتي إلا في أواخره. فلابد من أن تصلي صلاة الليل فترة من الزمن لكي تتغير ذائقتك. إذا قلت لطفلة تلعب بدميتها: أعطيني الدمية، وسأعطيك شهادة دكتورا، فستقول لك: وما لي ولهذه الورقة، أعطني دميتي. لأن هذا هو مستواها ولا تستطيع أن تنظر إلى أبعد من هذه الدمية. ولهذا عندما تبلغ الخامسة عشر من عمرها تجمع الألعاب في كيس وترميها خارجاً، لأنها مرحلة من اللذة قد انطوت؛ فهي تبحث عن شيء آخر يسليها. حاول أن تخرج من مرحلة التلذذ باللذة العاجلة؛ إلى التلذذ بالآجلة. هذا هو الطريق إلى تغيير زاوية نظر النفس ووجهتها.
لماذا يأنس البعض بالخلوة مع من يحب؟
لأن الخلوة تتيح له فرصة التزود من الحبيب من دون أن يشغله شاغل. لقد ورد في حديث قدسي: (أَيُّمَا عَبْدٍ اِطَّلَعْتُ عَلَى قَلْبِهِ فَرَأَيْتُ اَلْغَالِبَ عَلَيْهِ اَلتَّمَسُّكَ بِذِكْرِي تَوَلَّيْتُ سِيَاسَتَهُ وَكُنْتُ جَلِيسَهُ وَمُحَادِثَهُ وَأَنِيسَهُ)[٩]؛ الغالب هو أن يكون همك الأكبر ذكر الله سبحانه، لا أن تملأ الفراغات بالذكر. والذي وصل إلى هذه الدرجة لا يحتاج إلى أنيس، فكيف يحتاج إلى من يصفه الإمام (ع) في مناجاته: (يَا خَيْرَ مَنْ خَلاَ بِهِ وَحِيدٌ، وَيَا أَعْطَفَ مَنْ أَوَى إِلَيْهِ طَرِيدٌ)[١٠].
أصحاب الحسين (عليه السلام) ولذة الذكر في ليلة عاشوراء
قل لهذا الأمير الذي في باطنك: اترك اللذائذ المحرمة، لتذوق فضل الله عز وجل وحلاوة الأنس والقرب. وهذا هو الذي وصل إليه أصحاب الحسين (ع) ليلة عاشوراء؛ حتى أصبح لهم دوي كدوي النحل. لقد كانت لذتهم في ذكر الله عز وجل ولذلك كانوا يتسابقون إلى الموت. عندما أجل الحسين (ع) القاسم بن الحسن (ع)، وقع على رجل عمه يقبلها لكي يأذن له بالقتال لأنه بحسب تعبيره؛ قد ضاق قلبه، وقد تحول الموت الذي يخافه الناس في نظره إلى أشهى من العسل.
خلاصة المحاضرة
- لابد من أن يحذر السالك الذي يبحث عن القرب؛ من الانسياق وراء كل ناعق. فقد نرى البعض من مدعي العرفان يتكلمون كلاماً منقماً ويذكرون المفاهيم العرفانية نثرا وشعرا ويذكرون الأحاديث الأخلاقية التي لا تحتاج إلى التعمق بحسب الظاهر كما الفقه والأصول، فيخدعون العوام بها.
- الشيطان أخبر بك من نفسك. فهو يراك في بطن أمك ويرى كيف تعيذك أمك من شره ويرى كيف تأتي بك إلى مجالس الحسين (ع) وتسمح دموعها على بدنك، ويراك في جميع أحوالك. فهو بعد أن رصدك قبل البلوغ وبعد البلوغ، يجعلك في القائمة التي ينبغي أن يعمل عليهم ويُضلهم.