- ThePlus Audio
أهم ثلاثة أعمال في ليلة الجمعة ويومها
بسم الله الرحمن الرحيم
من هو صياد الفرص؟
من صفات المؤمن أنه صياد الفرص؛ فلا تفوته فرصة يرى فيها مكسبا لآخرته وزادا لتلك الدار الأبدية. وقد روي عن الإمام الهادي (ع) أنه قال: (أَلدُّنيـا سـُوقٌ رَبِحَ فيها قَوْمٌ وَخَسِرَ آخـَرُونَ)[١]. إن هذه الدنيا القصيرة بسنواتها المعدودة، مزرعة متواضعة صغيرة جداً للآخرة، وإن أعمارنا في الدنيا بالنسبة إلى الآخرة، هي نسبة المحدود إلى اللامحدود. أين السنوات الستون أو القرن في أفضل الحالات، من الحياة الأبدية؟ ولذا ورد أنه يأتي الخطاب من رب العزة والجلال لأهل الجنة: (من الحي القيوم الذي لا يموت إلى الحي القيوم الذي لا يموت)[٢]. لقد تفضل علينا رب العالمين بنعمة الخلود التي لا تقدر بثمن، وهي تترتب على هذه الحياة القصيرة التي نعيشها على الأرض.
المواسم العبادية وتعويض العمر الضائع
ولهذا عين المؤمن على المواسم لعلمه أن حياته المتعارفة، فيها من تضييع وتلف الشيء الكثير. هب أن الله عز وجل لن يُعذبك في البرزخ ولا في القيامة ولن يحاسبك ولن يُعاتبك؛ فماذا تفعل بالحسرة على ما فاتك في هذه الدنيا؟ إن المؤمن يُحاسب نفسه في الدنيا ولن يدع الأمر يصل إلى منكر ونكير، ولكنه هل يسلم من العذاب الذي يشترك فيه الجميع ما عدى الأنبياء والأوصياء وهو عذاب الحسرة؟
تصور جماعة دخلت في وادي مظلم وقال لهم أحدهم: اجمعوا ما استطعتم من الحجارة تحت أقدامكم، فيجمع البعض منها شيئا والبعض لا يكترث لنداء المنادي، فإذا طلع الصباح ورأوا أن الحجارة كانت جواهرا ويواقيت، عاش الفريقان الحسرة القاتلة؛ من جمع لقلة الجمع ومن لم يجمع لخروجه من الوادي صفر اليدين. في عالم البرزخ يعلم المؤمن أن الدنيا كانت مليئة بالجواهر التي تركها خلفها، فلا يستطيع الرجوع لجمع المزيد، هذا إن جمع منها شيئا…! لقد انشغل عنها بالخزف والتراب والطين عن جمع الدرر والجواهر واليواقيت.
كيف تتجنب هذه الحسرة القاتلة؟
تتجنبها باغتنام الموارد النادرة كليالي القدر التي هي خير من ألف شهر وليلة النصف من شهر شعبان ويوم عرفة يوم الغدير وما شابه ذلك من المناسبات التي لا تكون في السنة إلا مرة واحدة. ومن هذه الموارد القيمة التي نغفل عنها كثيرا والتي تتكرر أسبوعيا، ليالي الجمع. وهذه الليالي هي قرابة خمسين ليلة في السنة يُبرمج المؤمن لاستثمارها أفضل استثمار، كما يُبرمج الآخرون لعطلة نهاية الأسبوع والتفكير في أفضل مطعم أو منتجع يُمكنهم الذهاب إليه. لا بأس أن يستمتع الإنسان بما أحله الله له؛ فيسيح مع الأهل والعيال ويُريح نفسه، وقد قال عز من قائل: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ)[٣]؛ ولكن لا ينبغي أن ينسى حظه من الآخرة وكما قيل: ما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا.
استغفار مهم في عصر يوم الخميس
ومما يُهيئ الإنسان قبل ليلة الجمعة دعاء أورده الشيخ القمي في مفاتيحه، يُدعى به في اللحظات الأخيرة من عصر الخميس. فالهج بهذا الدعاء وانشره بين المؤمنين ليكون لك صدقة جارية بدل نشر ما لا طائل تحته ولا فائدة يُرجى منه. ومن عود نفسه على هذا الدعاء لا ينساه بعد فترة من المداومة؛ بل تنتظم الساعة البيولوجية وينتظر هذا الدعاء كل عصر يوم خميس من دون مذكر. والدعاء هو: (أسْتَغْفِرُ الله الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِتَوْبَةَ عَبْدٍ خاضِعٍ مِسْكِينٍ مُسْتَكِينٍ ، لايَسْتَطِيعُ لِنَفْسِهِ صَرْفا وَلا عَدْلاً وَلا نَفْعاً وَلا ضُرّا وَلا حَياةً وَلا مَوْتاً وَلانُشُوراً. وَصَلّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَعِتْرَتِهِ الطَّيِّبِينَ الطّاهِرِينَ الاَخْيارِ الاَبْرارِ وَسَلّمَ تَسْلِيماً)[٤]. وبهذا الاستغفار يهيئ المؤمن نفسه لاستقبال ليلة الجمعة؛ لتدخل عليه ليلة الجمعة وهو طاهر من الآثام والذنوب نسبيا.
أعمال قليلة المئونة، كثيرة المعونة
وهنالك ثلاثة أعمال سهلة يسيرة في ليلة الجمعة ويومها، جاء في وصفها أنها كفارة من الجمعة إلى الجمعة. أولا: قراءة سورة الجمعة كما يستحب قراءتها في الظهرين يوم الجمعة. ثانيا: الغسل وهو من الأعمال المهمة التي حثت الروايات عليه كثيرا حتى بحث البعض من العلماء شبهة وجوبه وهو كفارة وطهر للمؤمن من الجمعة إلى الجمعة. ثالثا: قراءة هذا الدعاء بين الطلوعين بعد صلاة الفجر قبل أن تتكلم، ليكون كفارة للذنوب من الجمعة إلى الجمعة وهو: (اَللَّهُمَّ مَا قُلْتُ فِي جُمُعَتِي هَذِهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ حَلَفْتُ فِيهَا مِنْ حَلْفٍ أَوْ نَذَرْتُ فِيهَا مِنْ نَذْرٍ فَمَشِيَّتُكَ بَيْنَ يَدَيْ ذَلِكَ كُلِّهِ)[٥]، إلى آخر الدعاء. فالتزم بهذه الأعمال الثلاثة؛ لتصفي ما بينك وبين الله عز وجل وتتخلص من تبعات ما علق بك طوال الأسبوع، من السبت إلى الخميس.
خلاصة المحاضرة
- عين المؤمن على المواسم لعلمه أن حياته المتعارفة، فيها من التضييع الشيء الكثير. هب أن الله لن يُعذبك في البرزخ ولا في القيامة ولن يحاسبك فماذا تفعل بالحسرة على ما فاتك في هذه الدنيا؟ من هذه المواسم ليلة الجمعة التي أكد عليها العلماء كثيرا وفيها من الأعمال ما لا يسع المؤمن تركها.