- ThePlus Audio
المبعث النبوي الشريف؛ دروس وعبر
بسم الله الرحمن الرحيم
دور المبعث النبوي الشريف في إنقاذ البشر من التخلف والجهل
يمكن للمؤمنين جميعا أن يستشعروا عظمة منة الله عليهم بأن بعث فيهم رسولا من أنفسهم. إن الله سبحانه قلما يمن على عباده ولكنه يمن على المؤمنين بعثة النبي الأكرم (ص). ولا ندري لولا منة الله سبحانه علينا بميلاد النبي (ص) أولا وبمبعثه الشريف ثانيا في أي متاهة من متاهات الجهل والضلال كنا، وهل كنا من عبدة الأوثان والأصنام أم ممن لا ينتمون إلى دين من الأديان. ولولا الإسلام لما خطت البشرية نحو الحضارة خطوة ولعلها رجعت إلى قرونها الأولى من التخلف والجهل.
ولذلك من المهم جدا أن يطلع المؤمن على سيرة النبي الأكرم (ص) ولو بصورة سريعة ومجملة. ولأجل ذلك نقسم حياة النبي (ص) إلى ثلاث محطات مهمة؛ المحطة الأولى: قبل بعثته الشريفة، أي منذ ولادته حتى سن الأربعين. والمحطة الثانية: من سن الأربعين حتى السن الثالث الخمسين من سنوات حياته الشريفة في مكة المكرمة قبل الهجرة. والمحطة الثالثة: هي السنوات الأخيرة من حياته الشريفة في المدينة المنورة.
أحداث المولد النبوي الشريف
أول حدث يواجهنا في حياة النبي (ص)؛ الأحداث التي حدثت في العالم عند ولادته الشريفة، من سقوط الأصنام داخل الكعبة وإضاءة الدنيا بمولده (ص)، وورد أنه: (ضَحِكَ كُلُّ حَجَرٍ وَمَدَرٍ وَشَجَرٍ)[١]. وقد يتسائل البعض عن كيفية ضحك الشجر والمدر ونقول: أن الحجر كما حزن على الحسين (ع) وكلما رفع حجر وُجد تحته دما عبيطا كما بينت ذلك الروايات وكتب التاريخ؛ فكذلك ضحكت الأحجار والأشجار بالمولد النبوي الشريف.
استعداد الشياطين عند ولادة النبي (صلى الله عليه وآله)
وحتى الشياطين أعدت للمولد النبوي عدتها وأخذت أهبتها. فقد روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: (صَاحَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اَللَّهُ فِي أَبَالِسَتِهِ فَاجْتَمَعُوا إِلَيهِ)[٢]. ويبدو أن لإبليس أعوان ولعل الاعتقاد الصحيح أنهم يتناسلون ويتكاثرون كالجن ويتزاوجون. تقول الرواية: (فَقَالُوا مَا اَلَّذِي أَفْزَعَكَ يَا سَيِّدَنَا فَقَالَ لَهُمْ وَيْلَكُمْ لَقَدْ أَنْكَرْتُ اَلسَّمَاءَ وَاَلْأَرْضَ مُنْذُ اَللَّيْلَةِ لَقَدْ حَدَثَ فِي اَلْأَرْضِ حَدَثٌ عَظِيمٌ مَا حَدَثَ مِثْلُهُ مُنْذُ رُفِعَ عِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَاخْرُجُوا وَاُنْظُرُوا مَا هَذَا اَلْحَدَثُ اَلَّذِي قَدْ حَدَثَ فَافْتَرَقُوا ثُمَّ اِجْتَمَعُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا مَا وَجَدْنَا شَيْئاً)[٣]؛ فآثار النبوة لم تظهر بعد ولم تكن ثمة غزوات وفتوحات وكلمات نبوية تنتشر بين الخلق.
تقول الرواية: (فَقَالَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اَللَّهُ أَنَا لِهَذَا اَلْأَمْرِ ثُمَّ اِنْغَمَسَ فِي اَلدُّنْيَا فَجَالَهَا)[٤]؛ ويتبين من هذا المقطع أن لإبليس قدرات هائلة، لأنه كان قد عبد الله ستة آلاف سنة ولو لا الملكات القوية التي يملكها لما استنكف عن السجود لآدم (ع)؛ فقد كان يرى نفسه متميزا في عالم الملائكة والجن. ونستفيد من ذلك؛ أن الشعور بالاستعلاء والتفوق يجعل الإنسان يتكبر ويتفرعن ويتشبه بالشيطان الرجيم الذي له قدرة على إغواء بني آدم ويعلم من أين ينفذ إلى الإنسان أمن الشهوة أو من الغضب أو من الخيالات الباطلة والأوهام أو من شعور بالتكبر أو من أي شيء يجول في نفسك كما جال العالم ليستكشف الحدث العظيم. وما المانع من أن تجول أنت جنبات النفس لترى من أين تؤكل الكتف كما يقال.
تربص الشياطين بأمة النبي محمد (ص)
تقول الرواية: (فَجَالَهَا حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى اَلْحَرَمِ فَوَجَدَ اَلْحَرَمَ مَحْفُوظاً بِالْمَلاَئِكَةِ فَذَهَبَ لِيَدْخُلَ فَصَاحُوا بِهِ فَرَجَعَ ثُمَّ صَارَ مِثْلَ اَلصِّرِّ وَهُوَ اَلْعُصْفُورُ)[٥]. لقد حفت الملائكة المسجد الحرام فرحا وسرورا بمولد النبي (ص)، وقد تصاغر إبليس لعنه الله من الذلة ولينظر ما هو الحدث الذي اجتمعت الملائكة من أجله. تقول الرواية: (فَدَخَلَ مِنْ قِبَلِ حَرَى فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ وَرَاكَ لَعَنَكَ اَللَّهُ فَقَالَ لَهُ حَرْفٌ أَسْأَلُكَ عَنْهُ يَا جَبْرَئِيلُ مَا هَذَا اَلْحَدَثُ اَلَّذِي حَدَثَ مُنْذُ اَللَّيْلَةِ فِي اَلْأَرْضِ)[٦]. وعلى كل حال كان إبليس وجبرئيل أصحاب من قديم الزمان وكانوا في نفس المجموعة. تقول الرواية: (فَقَالَ لَهُ وُلِدَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَقَالَ لَهُ هَلْ لِي فِيهِ نَصِيبٌ قَالَ لاَ قَالَ فَفِي أُمَّتِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ رَضِيتُ)[٧]. لقد رضيت بهذه القسمة أن يكون النبي (ص) من نصيب نفسه وتكون أمته من نصيبي.
من المؤكد أن منة الله عز وجل على المؤمنين عظيمة بهذا المولد العظيم إلا أن المؤمن يحذر من فرح الشيطان من هذا الصيد الدسم الذي يأمل فيه إبليس عليه اللعنة أن يصيبه من أمة النبي (ص). ويروى في بعض الروايات؛ أن إبليس إذا أوقع مؤمنا في فخ؛ كأن يحدث بينه وبين زوجه أو بينه وبين صديقه خلافا أو فرقة يصعد إلى السماوات ويصيح فرحا. ولا زالت الشياطين بقوتها منذ ولادة النبي (ص) إلى يومنا هذا تترصد المؤمنين.
حال النبي (صلى الله عليه وآله) عند الولادة
سقط النبي (ص) من بطن أمه واضعا يده اليسرى على الأرض رافعا يده اليمنى إلى السماء وهو يحرك شفتيه بالتوحيد. وهذا هو ما عهدنا في حياة جميع أئمتنا (ع). وكذلك أمير المؤمنين (ع) قد جرت الآيات القرآنية على لسانه عند الولادة فتلى قوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)[٨]. والإمام المهدي (عج) تحركت شفتاه المباركتين بالكلمات المباركة عند ولادته. وليس الأمر غريبا ما دام القرآن الكريم قد بين لنا نماذج في القرآن الكريم تحدثوا في صغرهم وآتاهم الله الحكم في صغرهم كالنبي يحيى (ع) والنبي عيسى (ع).
شدة اتباع الوصي (عليه السلام) للنبي (صلى الله عليه وآله)
ومن المحطات المهمة في حياة النبي (ص) هي تلك التي تجمع بين النبوة والولاية منذ بداية البعثة الشريفة. فعند دراسة السيرة النبوية الشريفة نرى أن أمير المؤمنين (ع) هو شريك النبي (ص) في ذهابه وإيابه وفي عبادته وجميع شئونه. ولذلك يصف الإمام (ع) النبي (ص) في نهج البلاغة فيقول: (وَلَقَدْ قَرَنَ اَللَّهُ بِهِ صلى الله عليه وآله مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلاَئِكَتِهِ يَسْلُكُ بِهِ طَرِيقَ اَلْمَكَارِمِ)[٩]. فلم يكن رسول الله (ص) ينعت بالأمين جزافا.
ثم يقول الإمام (ع): (وَلَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اِتِّبَاعَ اَلْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلاَقِهِ عَلَماً وَيَأْمُرُنِي بِالاِقْتِدَاءِ بِهِ وَلَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ فَأَرَاهُ وَلاَ يَرَاهُ غَيْرِي وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي اَلْإِسْلاَمِ غَيْرَ رَسُولِ اَللَّهِ صلى الله عليه وآله وَخَدِيجَةَ وَأَنَا ثَالِثُهُمَا أَرَى نُورَ اَلْوَحْيِ وَاَلرِّسَالَةِ وَأَشُمُّ رِيحَ اَلنُّبُوَّةِ)[١٠] ويبين الإمام (ع) شدة التصاقه برسول الله (ص) ويشبه ذلك بالفصيل الذي يتبع الناقة لا يفارقها. ولذلك يستحب زيارة أمير المؤمنين (ع) في المولد النبوي الشريف لأنهما سلكا طريقا واحدا منذ اليوم الأول.
علة اصطفاء النبي (صلى الله عليه وآله)
وأما الدروس العملية التي نستفيدها من هذه السيرة العطرة كثيرة، منها: أن الله سبحانه لم يختر النبي (ص) لهذه المهمة العظيمة إلا الوجود القابلية في هذا النبي العظيم. وإن كانت العصمة منحة من الله سبحانه لبعض عباده ولكنها لا تعطى جزافا فقد قال تعالى: (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)[١١]. وكذلك المؤمن إذا جاهد نفسه ونهاها عن الشهوات وترك المحرمات وعمل بالواجبات فالله سبحانه حكيم يضع كل شيء في موضعه وحاشاه ألا يوصله إلى المرتبة التي يستحقها بعد هذه المجاهدة.
إن الإمام العسكري (ص) وصف جده المصطفى (ص) فقال: (فَلَمَّا اِسْتَكْمَلَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَنَظَرَ اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى قَلْبِهِ فَوَجَدَهُ أَفْضَلَ اَلْقُلُوبِ وَأَجَلَّهَا وَأَطْوَعَهَا وَأَخْشَعَهَا وَأَخْضَعَهَا أَذِنَ لِأَبْوَابِ اَلسَّمَاءِ فَفُتِحَتْ)[١٢]. وكذلك المؤمن إذا هذب نفسه فتحت له أبواب السماء.
سر تحول المسلمين الأوائل
وينبغي التأمل في سيرة المسلمين الأوائل وعلة تغييرهم وتحولهم. فعلى سبيل المثال عانت أسرة صغيرة مكونة من أب وأم وولد في سبيل الإسلام ما عانت ولكنها لم تتنازل عن إيمانها وهي أسرة ياسر وسمية وعمار. ما الذي حدث حتى تكون سمية أول شهيدة في الإسلام وتصبر على ألم التعذيب ما يخجل المرء من ذكر بعض صوره وتقف بكل عنفوان أمام جلاوز قريش؟ لقد شرح الله صدرهم للإسلام؛ هذا الإسلام الذي كان يكفي في بداية الأمر أن ينطقوا بكلمة واحدة للدخول فيه وهي كلمة: (لا إله إلا الله)، فقد روي عنه (ص) أنه كان يقول للناس: (قُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ تُفْلِحُوا)[١٣]، ولم يكن ثمة صيام ولا صلاة ولا حج ولا زكاة ولا خمس غير الاعتقاد بهذه الكلمة التي غيرت سمية وياسر وعمار إلى درجة قال فيهم النبي (ص): (صَبْراً آلَ يَاسِرٍ مَوْعِدُكُمُ اَلْجَنَّةَ)[١٤]. وأين نحن من الدرجات التي وصل إليها هؤلاء وأمثالهم من المسلمين الأوائل الذين بجهادهم نعيش بعد أربعة عشر قرن في نعمة الإسلام ونعمة الأشهر المباركة التي من الله علينا بها والثروة الحديثية الضخمة التي وصلتنا عن أئمتنا (ع).
وقد يسأل سائل: أين أنا من هذه الدرجات العظيمة؟ لقد خلقت للمادة وللعمل في هذه الدنيا والذي أقرأه في كتب التاريخ والحديث شيء يشبه الخيال لا يمكنني أن أصل إليه. ونقول: ليس الأمر كذلك أبدا، فقد روي في الحديث القدسي: (مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْراً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعاً)[١٥]. وما على الإنسان إلا أن يصدق في نيته ويدع الأمر لله سبحانه.
معاناة النبي (صلى الله عليه وآله) والمسلمون في مكة المكرمة
لقد بعث النبي (ص) في سن الأربعين وعانى الأمرين منذ بعثته الشريفة حتى هجرته من مكة إلى يثرب في هذه السنوات الثلاثة عشر التي قضاها في مكة. لقد كان النبي (ص) يرى أحبته وأعزته تحت التعذيب ولكنه لا يستطيع فعل شيء لأن الله لم يأذن له بعد، وهو الذي كان الوجود مسخرا له وهو في مكة كان كما كان في بدر وأحد وغيرها وهو الذي انشق له القمر حقيقة لا مجازا وهو الذي ظهرت على يديه المعجزات الكثيرة ومع ذلك كان مأمورا بالصبر في تلك الفترة، لم يكن يستطيع التكلم مع أبي جهل وأبي لهب، وعندما نزلت سورة تبت يدى أبي لهب جاءت أم جميل تنتقم من النبي (ص) وتذكره بسوء ولكن كان يسكت (ص).
ولقد عانى المسلمون كثيرا في هجرتهم إلى أرض الحبشة وهي بلاد النصارى التي كان يحكمها النجاشي في أفريقيا، فتحملوا من أجل الدين البعد عن الديار والأهل والأموال قربة إلى الله عز وجل وفرارا بدينهم من جلاوزة قريش. وللأسف الشديد نرى بعض المؤمنين يهاجرون إلى بلاد الغرب مع علمهم أن في ذهابهم إلى تلك البلاد ذهاب دينهم ولكنهم يبيعون الدين بدنيا رخيصة أو بشهادة جامعية. ولا بأس بأن يتعلم الرجل ويرتقي في علمه ولكن لا على حساب الدين والسعادة والأخروية فالجامعات كثيرة في بلاد المسلمين. ولا بأس بأن يهاجر الرجل إلى بلاد الكفر لينشر الدين، فهناك بعض الروايات التي تحث على ذلك، وإنما النهي عن الهجرة والذهاب إلى تلك البلدان للذين لا يؤمنون على دينهم. للأسف الشديد يذهب البعض من المؤمنين في صيفية إلى بلاد يعلم أنه ستفوته صلواته وسيرتكب المحرمات وسيأكل الحرام وينظر إلى الحرام في مقابل أن يستمع بالعطلة الصيفية وكأن بلاد المسلمين قد أصابها القحط جميعها..! هل أن المسلمين الأوائل تركوا ديارهم وأموالهم حفاظا على دينهم حتى نترك نحن ديارنا ونصرف أموالنا في هلاك ديننا؟
دفاع أبي طالب (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله)
وصل الأمر بالنبي (ص) أن يحاصر في شعب ضيق كان يملكه أبو طالب رضوان الله تعالى عليه. وقد كان أبو طالب (ع) من أشد المدافعين والمنافحين عن النبي الأكرم (ص). في هذا الشعب وفي غيره. وكانت قريش قد كتبت صحيفة تاريخية لمقاطعة بني هاشم وعدم الزواج منهم أو تزويجهم وعدم التعامل معهم اقتصاديا ومصادرة أموال كل من يتعامل معهم وغير ذلك من بنود هذه الوثيقة، وعلقتها في الكعبة. ولقد روي في شأن هذه الصحيفة عن أبي طالب أنه قال: (اِبْنَ أَخِي أَخْبَرَنِي وَلَمْ يَكْذِبْنِي أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَعَثَ عَلَى صَحِيفَتِكُمُ اَلْقَاطِعَةِ دَابَّةَ اَلْأَرْضِ فَلَحِسَتْ جَمِيعَ مَا فِيهَا مِنْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ وَظُلْمٍ وَجَوْرٍ وَتَرَكَتِ اِسْمَ اَللَّهِ فَابْعَثُوا إِلَى صَحِيفَتِكُمْ فَإِنْ كَانَ حَقّاً فَاتَّقُوا اَللَّهَ وَاِرْجِعُوا عَمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ اَلظُّلْمِ وَاَلْجَوْرِ وَقَطِيعَةِ اَلرَّحِمِ وَإِنْ كَانَ بَاطِلاً دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمْ فَإِنْ شِئْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ وَإِنْ شِئْتُمْ أَسْجَنْتُمُوهُ فَبَعَثُوا إِلَى اَلصَّحِيفَةِ وَأَنْزَلُوهَا مِنَ اَلْكَعْبَةِ فَإِذَا لَيْسَ فِيهَا إِلاَّ بِاسْمِكَ اَللَّهُمَّ)[١٦].
وعندما شيع النبي (ص) جنازة أبي طالب (ع) – ودفنه حيث هو الآن في الحجون في مكة المكرمة – كان يبكي ويقول: (وَصَلَتْكَ رَحِمٌ وَجَزَاكَ اَللَّهُ يَا عَمِّ خَيْراً)[١٧]، وكان النبي (ص) شديد التعلق به منذ صغره فكان يصاحبه في رحلته إلى الشام حيث وقف أمامه في إحدى سفراته إلى الشام كما يروى: (أَخَذَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِزِمَامِ نَاقَتِهِ وَقَالَ يَا عَمِّ عَلَى مَنْ تُخَلِّفُنِي وَلاَ أَبَ لِي وَلاَ أُمَّ)[١٨]. وقد فقد النبي (ص) في فترة قصيرة – بين ثلاثة أيام أو ثلاثين يوم بحسب اختلاف الروايات – عمه وزوجته خديجة (س)، ولم يخرج من داره من شدة المصيبة والغم والهم وسمي ذلك العام بعام الحزن.
ولكن سنة الله عز وجل أن يأتي باليسر بعد كل عسر، فكان المعراج يسرا بعد عسره ذلك ولم يعرج بالنبي (ص) مرة واحدة بل عرج به أكثر من مائة مرة بحسب ما يروى عن الإمام الصادق (ع). وللنبي (ص) سياحات في السماوات والأرضين ويشير إلى ذلك قوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا)[١٩]. لقد كان الإسراء هذا من مكة المكرمة؛ فقد دعاه الله سبحانه ليفرج عنه همومه وأحزانه. فقد روي عن الصادق (ع) أنه قال: (عُرِجَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مِأَةً وَعِشْرِينَ مَرَّةً، مَا مِنْ مَرَّةٍ إِلاَّ وَقَدْ أَوْصَى اَللَّهُ تَعَالَى فِيهَا اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِالْوَلاَيَةِ لِعَلِيٍّ وَاَلْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ أَكْثَرَ مِمَّا أَوْصَاهُ بِالْفَرَائِضِ)[٢٠].
من المحطات المهمة في سيرة النبي (ص) مبايعة الأنصار له وهم من أهل المدينة المنورة. وقد استبشر به أهل المدينة خيرا. وكان من توفيق أهل المدينة الذي حرم منه أهل مكة ما حدث من بيعتهم للنبي (ص) في العقبة؛ حيث عاهدوا النبي (ص) على أن يحفظوه ويحرسوه كما يحفظون أنفسهم ويمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم. لقد عاش النبي (ص) في مكة وبين ظهراني أهلها إلا أنهم لم يوفقوا لنصرته بل عذبوه وأذاقوه الأمرين ولكن أهل المدينة هم من دافع عنه ونصره. ولذلك قد يعيش البعض عند المشاهد المشرفة ولكنه لا يمت بصلة إلى تلك المشاهد كما يكون الغريب الذي يأتي من أقاصي البلاد. ولهذا يكره العيش في مكة لأن المرء قد لا يؤدي حق البيت فيقسو قلبه. وقد تؤكد بعض الروايات الشريفة على عدم الجلوس طويلا في المشاهد المشرفة لما ذكرنا. هذا وقد دافع عنه أهل المدينة وبايعوه ولم تفتح الفتوحات بعد فلم تكن بيعته طمعا بل كان النبي (ص) مستضعفا بين قومه.
مبيت أميرالمؤمنين (عليه السلام) على فراش النبي (صلى الله عليه وآله)
ومن المحطات المهمة حادثة المبيت. فقد اجتمع كبار المشركين في دار الندوة وسمعوا بمبايعة أهل المدينة لرسول الله (ص) فأجمعوا على قتل رسول الله (ص) من قبل جميع القبائل حتى يضيع دمه بين تلك القبائل هدرا.
تقول الرواية: (فَلَمَّا أَخْبَرَهُ جَبْرَئِيلُ بِأَمْرِ اَللَّهِ فِي ذَلِكَ وَوَحْيِهِ وَمَا عَزَمَ لَهُ مِنَ اَلْهِجْرَةِ دَعَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ لِوَقْتِهِ فَقَالَ لَهُ يَا عَلِيُّ إِنَّ اَلرُّوحَ هَبَطَ عَلَيَّ بِهَذِهِ اَلْآيَةِ آنِفاً يُخْبِرُنِي أَنَّ قُرَيْشاً اِجْتَمَعَتْ عَلَى اَلْمَكْرِ بِي وَقَتْلِي وَإِنَّهُ أُوحِيَ إِلَيَّ عَنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَنْ أَهْجُرَ دَارَ قَوْمِي وَأَنْ أَنْطَلِقَ إِلَى غَارِ ثَوْرٍ تَحْتَ لَيْلَتِي وَأَنَّهُ أَمَرَنِي أَنْ آمُرَكَ بِالْمَبِيتِ عَلَى ضِجَاعِي أَوْ قَالَ مَضْجَعِي لِتُخْفِيَ بِمَبِيتِكَ عَلَيْهِ أَثَرِي فَمَا أَنْتَ قَائِلٌ وَصَانِعٌ فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَ وَتَسْلَمَنَّ بِمَبِيتِي هُنَاكَ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ قَالَ نَعَمْ فَتَبَسَّمَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ ضَاحِكاً وَأَهْوَى إِلَى اَلْأَرْضِ سَاجِداً شُكْراً لِمَا أَنْبَأَهُ بِهِ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مِنْ سَلاَمَتِهِ فَكَانَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَوَّلَ مَنْ سَجَدَ لِلَّهِ شُكْراً وَأَوَّلَ مَنْ وَضَعَ وَجْهَهُ عَلَى اَلْأَرْضِ بَعْدَ سَجْدَتِهِ مِنْ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ بَعْدَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ قَالَ لَهُ اِمْضِ لِمَا أُمِرْتَ فِدَاكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَسُوَيْدَاءُ قَلْبِي)[٢١]. وما أعظم أمير المؤمنين (ع) حيث يسجد لله شكرا أن رشحه لمقام الشهادة.
حياة النبي (صلى الله عليه وآله) في المدينة المنورة
لم يدع المشركون النبي (ص) وشأنه في المدينة فقد قضى السنوات العشرة في المدينة بين الحرب والقتال وبين الغزوات والسرايا. يقال في الفرق بين الغزوة والسرية أو البعثة أن الغزوة هي التي يشارك فيها النبي (ص) بنفسه والسرية أو البعثة هي التي لا يشارك فيها وإنما كان يبعث عدة من أصحابه فيها. ويقال: أنها كانت بين تسعة عشر وبين سبعة وعشرين غزوة أو سرية؛ أي بمعدل ثلاث غزوات في كل سنة يقاتل مع المسلمين إلى أن أوصل لنا هذا الدين بهذه الكيفية.
النابغة الجعدي ودعاء النبي (صلى الله عليه وآله) له
ومن المواقف الجميلة ما حديث لشاعر النبي (ص) النابغة الجعدي. فقد كان للنبي (ص) شاعر ومؤذن وحارس وما شابه ذلك؛ فكانت الوظائف مقسمة على المسلمين، وكان في المسجد أسطوانة تسمى بأسطوانة الحرس حيث أوكل إلى أمير المؤمنين (ع) مهمة حراسة النبي (ص) فكان يقف عند هذه الأسطوانة. فقد روي: (أَنَّ اَلنَّابِغَةَ اَلْجَعْدِيَّ أَنْشَدَ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَوْلَهُ
بَلَغْنَا اَلسَّمَاءَ عِزَّةً وَتَكَرُّماً
وَإِنَّا لَنَرْجُو فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَراً
فَقَالَ إِلَى أَيْنَ يَا اِبْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ إِلَى اَلْجَنَّةِ يَا رَسُولَ اَللَّهِ قَالَ أَحْسَنْتَ لاَ يَفْضُضِ اَللَّهُ فَاكَ قَالَ اَلرَّاوِي فَرَأَيْتُهُ شَيْخاً لَهُ مِائَةٌ وَ ثَلاَثُونَ سَنَةً وَ أَسْنَانُهُ مِثْلُ وَرَقِ اَلْأُقْحُوَانِ نَقَاءً وَ بَيَاضاً قَدْ تَهَدَّمَ جِسْمُهُ إِلاَّ فَاهُ)[٢٢]. ولو أن المؤمن صلى على النبي وآله في اليوم عشرات المرات ولم يكن له بذلك إلا دعاء واحد من النبي (ص) لكفاه ذلك.
حنين الجذع إلى النبي (صلى الله عليه وآله)
ومن كرامات رسول الله (ص) ما روي في كتاب البحار: (أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ كَانَ فِي مَسْجِدِهِ جِذْعٌ كَانَ إِذَا خَطَبَ فَتَعِبَ أَسْنَدَ إِلَيْهِ ظَهْرَهُ فَلَمَّا اُتُّخِذَ لَهُ مِنْبَرٌ حَنَّ اَلْجِذْعُ فَدَعَاهُ فَأَقْبَلَ يَخُدُّ اَلْأَرْضَ وَاَلنَّاسُ حَوْلَهُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَالْتَزَمَهُ وَكَلَّمَهُ فَسَكَنَ ثُمَّ قَالَ لَهُ عُدْ إِلَى مَكَانِكَ وَهُمْ يَسْمَعُونَ فَمَرَّ حَتَّى صَارَ فِي مَكَانِهِ فَازْدَادَ اَلْمُؤْمِنُونَ يَقِيناً)[٢٣]. وبقي هذا الجذع حتى زمن بني أمية حتى قلعوه لتجديد بناء المسجد، وهكذا كانت تتجاوب الطبيعة وعناصرها مع رسول الله (ص).
كرم النبي (صلى الله عليه وآله)
وهناك الكثير من يذكر كرم حاتم ولكن أين هذا الكرم عن كرم النبي (ص). فقد روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: (أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَقْبَلَ إِلَى اَلْجِعْرَانَةِ فَقَسَمَ فِيهَا اَلْأَمْوَالَ وَجَعَلَ اَلنَّاسُ يَسْأَلُونَهُ فَيُعْطِيهِمْ حَتَّى أَلْجَئُوهُ إِلَى شَجَرَةٍ فَأَخَذَتْ بُرْدَهُ وَخَدَشَتْ ظَهْرَهُ حَتَّى جَلَّوْهُ عَنْهَا وَهُمْ يَسْأَلُونَهُ فَقَالَ أَيُّهَا اَلنَّاسُ رُدُّوا عَلَيَّ بُرْدِي وَاَللَّهِ لَوْ كَانَ عِنْدِي عَدَدُ شَجَرِ تِهَامَةَ نَعَماً لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ ثُمَّ مَا أَلْفَيْتُمُونِي جَبَاناً وَلاَ بَخِيلاً ثُمَّ خَرَجَ مِنَ اَلْجِعْرَانَةِ فِي ذِي اَلْقَعْدَةِ قَالَ فَمَا رَأَيْتُ تِلْكَ اَلشَّجَرَةَ إِلاَّ خَضْرَاءَ كَأَنَّمَا يُرَشُّ عَلَيْهِ اَلْمَاءُ)[٢٤].
ومن كرامات النبي (ص) رده لعين قتادة بعد أن أصيبت في يوم أحد. فقد روي في البحار أنه: (أُصِيبَتْ يَوْمَئِذٍ عَيْنُ قَتَادَةَ بْنِ اَلنُّعْمَانِ حَتَّى وَقَعَتْ عَلَى وَجْنَتِهِ قَالَ فَجِئْتُ إِلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَقُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنَّ تَحْتِي اِمْرَأَةً شَابَّةً جَمِيلَةً أُحِبُّهَا وَتُحِبُّنِي فَأَنَا أَخْشَى أَنْ تُقَذِّرَ مَكَانَ عَيْنِي فَأَخَذَهَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَرَدَّهَا فَأَبْصَرَتْ وَعَادَتْ كَمَا كَانَتْ لَمْ تُؤْلِمْهُ سَاعَةً مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ)[٢٥]. وهذا من عطف النبي (ص) أنه لم يرضى بأن ينكسر هذا الشاب أمام زوجته.
سفانة ابنة حاتم الطائي
ومن الروايات التي تبين عطف النبي (ص) تجاه الجميع، ما روي في قصة سفانة ابنة حاتم. التي جيء بها إلى المدينة في سبي طيء. فمر بها النبي (ص) وقالت: (يا رسولَ اللهِ هلك الوالدُ وغاب الوافدُ فامنُنْ عليَّ مَنَّ اللهُ عليك)[٢٦] ولم يجبها رسول الله (ص) إلا بعد ثلاثة أيام فقال: (قد فعلتُ فلا تعْجَلي بخروجٍ حتى تجدي من قومِك من يكون لك ثقةً حتى يُبَلِّغَك إلى بلادكِ ثم آذِنيني)[٢٧]. ولم يكن النبي (ص) يرضى أن تذهب من دون أن يجد من يؤمنه عليها. وهنا يقول الشيخ عباس القمي: إذا كانت هذه سيرته مع الكفار فكيف هي سيرته معنا؟
[٢] الأمالي (للصدوق) ج١ ص٢٨٥.
[٣] روضة الواعظین ج١ ص٦٥.
[٤] روضة الواعظین ج١ ص٦٥.
[٥] روضة الواعظین ج١ ص٦٥.
[٦] روضة الواعظین ج١ ص٦٥.
[٧] روضة الواعظین ج١ ص٦٥.
[٨] سورة المؤمنون: ١-٢.
[٩] نهج البلاغة ج١ ص٣٠٠.
[١٠] نهج البلاغة ج١ ص٣٠٠.
[١١] سورة الأنعام: ١٢٤.
[١٢] بحار الأنوار ج١٧ ص٣٠٧.
[١٣] بحار الأنوار ج١٨ ص٢٠٢.
[١٤] رجال الکشی ج١ ص٣٠.
[١٥] مستدرك الوسائل ج٥ ص٢٩٨.
[١٦] قصص الأنبیاء (للراوندي) ج١ ص٣٢٧.
[١٧] بحار الأنوار ج٣٥ ص١٥١.
[١٨] المناقب ج١ ص٣٨.
[١٩] سورة الإسراء: ١.
[٢٠] تفسير نور الثقلين ج٣ ص٩٨.
[٢١] الأمالي (للطوسي) ج١ ص٤٦٣.
[٢٢] بحار الأنوار ج١٨ ص١١.
[٢٣] بحار الأنوار ج١٧ ص٣٧٥.
[٢٤] بحار الأنوار ج١٧ ص٣٧٩.
[٢٥] بحار الأنوار ج٢٠ ص١٠١.
[٢٦] سيرة ابن هشام ج ٤، ص ٢٢٧.
[٢٧] سيرة ابن هشام ج ٤، ص ٢٢٧.
هاشتاغ
خلاصة المحاضرة
- لا ندري لولا منة الله علينا بميلاد النبي (ص) أولا وبمبعثه الشريف ثانيا في أي متاهة من متاهات الجهل والضلال كنا، وهل كنا من عبدة الأوثان والأصنام أم ممن لا ينتمون إلى دين من الأديان. ولولا الإسلام لما خطت البشرية نحو الحضارة خطوة ولعلها رجعت إلى قرونها الأولى من التخلف والجهل.
- للأسف يذهب البعض من المؤمنين في صيفية إلى بلاد يعلم أنه ستفوته صلواته وسيرتكب المحرمات وسيأكل وينظر إلى الحرام في مقابل أن يستمع بالعطلة وكأن بلاد المسلمين قد أصابها القحط هل أن المسلمين الأوائل تركوا ديارهم وأموالهم حفاظا على دينهم حتى نترك نحن ديارنا ونصرف أموالنا في هلاك ديننا؟