- ThePlus Audio
وصف النبي (ص) في كتب المسلمين
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وأفضل الصلاة وأتم السلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين.
وصف النبي (صلى الله عليه وآله) في كتب الحديث عند أهل السنة
عندما نراجع بعض كتب الحديث؛ نلاحظ أنها تصف النبي (ص) بصفات لا تنسجم مع موقعه في الأمة. إن النبي الأعظم (ص) هو خاتم الأنبياء وباعتقادنا أنه قد أوتي أعلى درجات العقل والوقار والالتزام بمبادئ الشريعة، وترك ما يمجه الطبع ولم يكن بمستوى الناس العاديين، بالإضافة إلى مقام العصمة والوحي، وعلينا أن نقف موقفا سلبيا من أية رواية تحط من قدر النبي (ص).
إن سنة النبي (ص) قد ظلمت في التاريخ كثيرا منذ وفاته لحين السماح بتدوين الحديث، ولم تدون السنة لفترة طويلة من الزمن؛ بل كان يهدد ويعاقب كل من ينقل أو يدون شيء من السنة، ثم جاء فيما بعد من جمع هذا التراث ونسب الصحة إلى جميع ما جمع، وهنا تكمن الخطورة، فقد يتغاضى المسلم احتراما لبعض الشخصيات عن ما تم تدوينه في هذه الكتب؛ ولكن ماذا سيقول عنا غير المسلمين وكيف سيكون موقفهم تجاه الإسلام ونبيه عندما يطالعون هذه الكتب؟
هل هناك كتاب جامع صحيح لما صدر عن النبي (صلى الله عليه وآله) قولا وفعلا؟
ومن الخطأ بمكان أن نضفي الصحة على كتب تأخر جامعها عشرات السنين عن حياة النبي (ص)، وفي أيامنا هذه قد تقع حادثة في الشرق أو الغرب ونرى كيف تتضارب الآراء وتتناقض في روايتها، ولا يمكن الحكم على كتاب بأنه جامع لكل ما صدر عن النبي (ص) قولا وفعلا؛ من دون خطأ في النقل أو زيادة أو نقصان.
النبي موسى (عليه السلام) يخشى الموت
والأمثلة على ما دون في هذه الكتب من الروايات التي لا يمكن أن يصدقها الإنسان في شأن الأنبياء كثيرة، ومنها هذه الرواية التي ينقلها البخاري في صحيحه – وهي رواية يتبين منها أن أنبياء السلف لم يكونوا على مستوى لائق بهم – حول النبي موسى (ع)، فعن أبي هريرة أنه قال: (أرسل ملك الموت إلى موسى عليهما السلام، فلما جاءه صكه – ضربه – ففقأ عينه، فرجع إلى ربه فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت؟)[١]، ويبدو أن الله عز وجل قد رق على ملك الموت، ويكمل لنا أبي هريرة ما حدث: (فرد الله إليه عينه وقال: ارجع إليه فقل له يضع يده على متن ثور فله بما غطت يده بكل شعرة سنة، قال: أي رب ثم ماذا؟ قال: ثم الموت)[٢]، ولا أدري ما الداعي إلى يسمح موسى (ع) يده على متن الثور حتى يمد الله في عمره.
ونلاحظ أن موسى (ع) يخاف الموت والحال أن من علامات أولياء الله عز وجل هو تمني الموت كما ورد في سورة الجمعة، بل يتجاسر على ملك الموت بالضرب ويفقأ عينه، وهذه عينة واحدة من عشرات الروايات في هذا الباب.
صورة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في الصحيحين
ومن الروايات التي ذكرت في صحيح مسلم في كتاب الطهارة، وفي البخاري في كتاب الوضوء، هذه الرواية التي يتبين من خلالها أن النبي (ص) لم يكن يراعي أبسط القواعد العرفية عند قضاء الحاجة، فيقول الراوي: (لقَدْ رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَوْ قالَ: لقَدْ أَتَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُبَاطَةَ قَوْمٍ، فَبَالَ قَائِمًا)[٣]، وهو فعل لا يقوم به أدنى إنسان يسافر مع صديق له على سبيل المثال؛ بل يحاول أن يأخذ زاوية ويتستر عند قضاء حاجته، والتبول واقفا من الأمور المذمومة في الشريعة، ولولا الضرورة لما تجرأنا أن نذكر هذه الروايات التي تنزل بالنبي (ص) إلى هذا المستوى.
النبي (ص) يجهل أبسط الأمور الزراعية..!
هذا وينقل أن بعض الشخصيات كأبي موسى الأشعري كان يشدد في البول ويحترز منه إلى درجة أنه كان يبول في قارورة لئلا تتعدى النجاسة إليه، وكان يقول حذيفة عنه: لوددت أن صاحبكم لا يشدد في البول هذا التشديد، ثم يذكر أن النبي (ص) كان يبول واقفا، وهناك رواية أخرى في هذه الكتب تبين جهل النبي (ص) بأبسط الأمور الزراعية وهو ربيب المدينة وقد نشأ في بيئة النخيل، تقول الرواية: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مَرَّ بقَوْمٍ يُلَقِّحُونَ، فَقالَ: لو لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ قالَ: فَخَرَجَ شِيصًا – لم تثمر النخيل – فَمَرَّ بهِمْ فَقالَ: ما لِنَخْلِكُمْ؟ قالوا: قُلْتَ كَذَا وَكَذَا، قالَ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ بأَمْرِ دُنْيَاكُمْ)[٤].
النبي (صلى الله عليه وآله) لا ينهى عن الغناء..!
والأنكى من ذلك هذه الرواية التي تبين جهل النبي (ص) بقواعد الشريعة: (عن عائشةَ قالت: دخلَ عليّ رسولُ اللهِ وعندي جاريتانِ تُغنّيانِ بغناءِ بُعاثٍ – حادثة من حوادث الجاهلية – فاضطجعَ على الفراشِ وحوّلَ وجههُ ودخلَ أبو بكرٍ فانتهرنِي وقال مزمارةُ الشيطانِ عند النبي فأقبلَ رسولُ اللهِ فقال دعهمَا، فلما غفل غمزتهُما فخرجتا)[٥]، والنبي (ص) لا يعترض ولا ينهرهما بل يقول: دعهما، وقد علم الرجل أنها مزمارة الشيطان والنبي (ص) لم يعلم ذلك.
موقفنا من الروايات التي تطعن بالأنبياء (عليهم السلام)
ولا يمكن قبول الروايات التي تطعن بالنبي (ص) أو تخدش كرامته ووقاره وعفته وعصمته حتى وإن كانت في الكتب المنسوبة إلى أهل البيت (ع)، وللأسف نرى هذه الروايات التي تصف الأنبياء بما لا يليق بشأنهم في كتب المسلمين بكثرة، منها الروايات التي تناولت سيرة النبي داوود (ع) وغيره من الأنبياء، مما يجعل هذه النبي (ع) في موقع الضعف عند دعوة الناس إلى الله سبحانه وتعالى.
وكيف نعتمد على روايات تخالف أصلا مسلما أو آية محكمة أو سنة قطعية وتخالف الوجدان والذوق السليم ؟ وينبغي أن تنقح كتب المسلمين من هذه الروايات التي قد تجر طائفة من المسلمين إلى الانحراف والتقهقر.
خلاصة المحاضرة
- لا يمكن قبول الروايات التي تطعن بمقام النبوة الشامخة وإن وردت في الكتب المنسوبة إلى أئمة أهل البيت (ع)، وللأسف الشديد نرى الكثير من هذه الروايات منقولة في كتب المسلمين وهي إن اطلع عليها غير المسلمين لكانت كافية للحط من قدر الإسلام والمسلمين؛ فوجب تنقية الكتب هذه وتنقيحها.