- ThePlus Audio
المراقبة والمحاسبة
بسم الله الرحمن الرحيم
هناك تأكيد شديد في روايات أهل البيت(عليهم السلام) على مسألة المراقبة والمحاسبة ولكن المهم أن نتعلم الآليّة في هذه المسألة المهمة، فإنّ مجرد العلم بأنّ المحاسبة أمر ضروري لا يكفي ما لم يتبعه معرفة الطريقة الصحيحة التي توصل إلى الهدف، ولذلك يمكننا أن نُقسّم طريقة المحاسبة إلى حقول ثلاثة؛ الحقل الأول نكتفي فيه بالمعاتبة، أمّا الحقل الثاني فنكتفي فيه بالاستغفار والعزم على عدم العود، لكنّ الحقل الثالث هو الحقل الذي لا بد أن يكون فيه بعض الممارسات الخارجية التي سنذكرها فيما يأتي، أمّا تفصيل هذا التقسيم فهو كالتالي:
الحقل الأول: وهذا الحقل يتعلق بالهفوات التي لا تعد من الذنوب، كالهواجس الباطلة والنوايا السيئة كما في مشاعر الحسد والتكبر والغرور إلى آخره، فهذه الأمور إنْ قُلنا بأنّها في الباطن لا إثم فيها كما تتبناه بعض الآراء، وإن كان هناك من يرى بأنّ الإنسان يؤاخذ بما يضمره من مشاعر، ولكن على المبنى الأسهل بأنّه ما دام الأمر لم يتحول إلى الجوارح فلا إثم.
الحقل الثاني: وفي هذا الحقل يحتاج الإنسان إلى الاستغفار والعزم على عدم العود؛ كالإنسان الذي كذب كذبة، أو قام بعملٍ يُعدُ حراماً من دون كفارة في البين، كالغيبة إن قلنا بعدم وجوب الاستحلال، لأنّه في الغيبة يقولون إذا كان الاستحلال موجباً لتكدر الخواطر وإيذاء الغير فلا يكون في هذه الحالة راجحاً أيضاً.
الحقل الثالث: وهذا هو حقل المعاصي والذنوب التي تحتاج إلى معاتبة، وتحتاج أيضاً إلى استغفار كما أنّها تحتاج في بعض الأحيان إلى تعويض عملي، كترك الصلاة والصيام في الإمور الواجبة، فعلى الإنسان أولا أن يُعاتب نفسه لماذا عمل هكذا عمل ويستغفر ربه، وبعد ذلك هنالك ممارسة فعليه أن يقضي صلاته في الحد الأدنى الذي يتذكره، وخاصةً في الفترة المبهمة في حياة الإنسان فإنّ بعض المؤمنين قد لا يتذكر شيئاً واضحا ولكن في العادةً بعد البلوغ البعض قد لا يتقن ضبط هذه المرحلة وخاصة في البنات في السن التاسعة هذه الأيام البنت لا تفقه كثيراً من المسائل ومن ثم على الإنسان في مقام العمل أن يعوّض تعويضاً عملياً وكذلك دفع الكفارات الواجبة إن كانَ تاركاً للصيام تركاً عمدياً.
ضرورة دفع رد المظالم
من المسائل المهمة لتحقيق براءة الذمة والتي لا بد للمؤمن أن يهتم بها هي مسألة دفع بعض الأموال بعنوان ردّ المظالم، وهذا قد يتفق في بعض الصور من التعويضات المالية، وإن كانت الإمور في ضمن دائرة المشتبهات، فإنّ المؤمن بإمكانه في الحياة الدنيا أن يُخلّص نفسه بدفع مبلغ من المال للفقيه أو وكيله بعنوان مجهول المالك، فإنّ الإنسان في عمره المديد 60 سنة من المعاملة في الأسواق وإتلاف الأموال وغير ذلك، لا يُعقل أنّه بريء الذمة تماماً، فقد يتعلق في ذمته شيء وهو لا يعلم أصلاً، أو أنّه يعلم أنّ ذمته مشغولة بمقدار من المال، لكنّه لا يعرف أصحابه فعليه في مثل هذه الحالة أن يعمل على تصفية ما في ذمته من الأموال بعنوان مجهول المالك، نعم إن كان يعلم بأصحاب المال عليه رد أموالهم إليهم وهذه مسألة أخرى.
ضرورة تدوين ما تم قضاؤه
وعلى المؤمن في مسألة قضاء ما فاته سواء أكان صلاتاً أو صوماً أو دفع كفارة أو رد مظالم وغير ذلك من المسائل المتعلقة بذمته، أن يكون دقيقاً في إحصاء الأمور التي يقضيها، بأن يجعل ورقة أو دفتراً خاصاً ويكتب ما تم قضاءه، البعض يصلي ويصلي وهو لا يعلم إلى أين وصل في قضاءه، الأمر يحتاج إلى تدوين، وإلى دقة في هذا المجال، كما أنّه يحتاج إلى معرفة بمسائله الشرعية، قبل أن نقضي الصلاة الواجبة أو الصيام وغير ذلك علينا أن نُتقن فقه القضاء، والقضاء بابٌ مستقل في الصلاة والصيام لا بد أن نتعلم الجزئيات في هذا المجال .
ضرورة الاستحلال من الآخر
هنالك بابٌ أيضاً وهو باب الاستحلال، فالإنسان في حركته الاجتماعية وخاصةً ذوي الوجاهة هؤلاء في حياتهم اليومية من الممكن أن يُسببوا بعض الأذى للمؤمنين ولو من دون قصد، يرجح للمؤمن في مناسبة وبطريقة مهذبة أن يتبارى الذمم؛ هذا يُبرئ ذمة ذاك وهكذا العكس، وخاصةً في مواسم العبادة كالحج والزيارة وما شابه ذلك.
ضرورة كتابة الوصية
أخيراً المؤمن لا تفارقه وصيته ولو في كلياته ولو على مستوى الثلث أنا أقول لا تخافوا من الوصية، فالوصية لا تُقدّم الموت، على الأقل في هذه الوصية اكتب ما تطلبه من ورثتك في تقسيم ثلث أموالك في طاعة الله، جرة قلم في سطر واحد تفتح لك أبواب من الجنان لا تخطر على بالك لماذا تُفوّتُ هذه الفرصة لأجل شطر قلم فقط، أو بجرة قلم أو سطر أو كتابة تشتري بها نعيم الا بد وهذا ليس بالأمر المخيف أن توصي ولو شفهياً مع شيءٍ من التوثيق بما تريد في هذا المجال من دون ان تشقَ على ورثتك.
خلاصة المحاضرة
- هناك تأكيد شديد في روايات أهل البيت(عليهم السلام) على مسالة المراقبة والمحاسبة ولكن المهم أن نتعلم الآليّة في هذه المسألة المهمة، وهناك ثلاثة حقول لا بد من الالتفات إليها:
- الحقل الأول: فيما يتعلق بالهفوات التي لا تعد من الذنوب، كالهواجس الباطلة والنوايا السيئة.
- الحقل الثاني: الذنوب التي لا تحتاج إلى كفارة وهنا يحتاج الإنسان إلى الاستغفار والعزم على عدم العود.
- الحقل الثالث: وهذا هو حقل المعاصي والذنوب التي تحتاج إلى معاتبة وتحتاج أيضاً إلى استغفار كما إنّها تحتاج في بعض الأحيان إلى تعويض عملي، كقضاء ما فات من العبادة، وعلى المؤمن أن يهتم بعدة أمور:
- منها: دفع بعض الأموال بعنوان رد المظالم، فإنّ المؤمن بإمكانه في الحياة الدنيا أن يُخلّص نفسه بدفع مبلغ من المال للفقيه أو وكيله بهذا العنوان.
- ومنها: مسألة الاستحلال من المؤمنين وطلب براءة الذمة منهم، فيُرجّح للمؤمن أن يتبارى الذمم.
- ومنها: الوصية؛ اكتب ما تطلبه من ورثتك في تقسيم ثلث أموالك في طاعة الله، جرة قلم تفتح لك أبواب من الجنان لا تخطر على بالك فلماذا تُفوّتُ هذه الفرصة.