Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
نص المحاضرة (النسخة الأولية)

* الالتفات لمقام الإمامة:
الالتفات التفصيلي إلى مقام الإمامة الكبرى لهم (ع)، فإن هذا مما يحقق معنى العرفان بالحق الذي يترتب عليه الثواب الأكبر، والذي علق عليه دخول الجنة في روايات متعددة.
الالتفات التفصيلي لمقام الإمامة:
إن معرفة الصفات الشخصية للإمام المتمثلة: باسم أبيه وأمه، وتاريخ ومكان ولادته، نوع من أنواع المعرفة النافعة والمفيدة بلا شك.. ولكن الأهم من معرفة تلك الجزئيات النافعة، معرفة موقع الإمام في الأمة، وهو أن الإمام الحبل المتصل بين الأرض والسماء، كالنبي (ص) تماما، غير أن حبل النبوة تغير لونه في زمان الوصي.. فكما أن رب العالمين الأعلم حيث يجعل رسالته، فهو أيضا الأعلم حيث يجعل وصاية نبيه في هذا المعصوم.

وهذه الأيام المعرفة متيسرة، وبحمد الله تعالى هناك الكثير من الدورات والكتب العقائدية، والفضائيات الهادفة، التي طرحت موضوع الإمامة من جوانب عديدة.. ويمكن أن نقول إن في زماننا هذا-حيث كثرة موارد المعرفة وانتشار وسائل الثقافة- قد لا تصدق كلمة المستضعف على الكثيرين، ويوم القيامة لا معنى لأن يتذرع العبد بأنه لم يكن يعلم، لأن المعرفة تأتيه رغما عنه وهو في بيته.
فمن اللازم لكل مؤمن معرفة الإمام وموقع الإمامة، وخاصة أن هذا الزمن زمن تحديات، فالإنسان الموالي الإمامي المتبع لمنهج أهل البيت (ع)، عادة ما يستثار في عقيدته أينما ذهب، فعندما يعرف بأنه تابع لخط جعفر بن محمد (ع) يُسأل، فلابد من إلمامة شبه تفصيلية أو تفصيلية بمعنى الإمامة.

واقتراحنا أن الموالي عندما يسأل عن خط الإمامة، أن لا يتطرق للأحكام الفقهية الجزئية، فالخلاف الفقهي في كل المذاهب مع بعضها البعض، وإنما عليه بأن يطرح الكليات، فإذا كان إنسان لا يؤمن بمصدر التشريع الذي تؤمن به، أي لا يعتقد بخط الإمامة، فكيف تقنعه بالجزئيات: كالسجود على الأرض، والجمع بين الصلاتين، والإفطار بعد مغيب الشفق.. لا تناقش في الجزئيات، وإنما في الكليات، وهي مدرسة النص، فنحن نعتقد بأن الله تعالى ما ترك أمر الأمة سدى بعد وفاة نبيه (ص).. وهذه سنة فطرية، فالذي يغيب عن قومه أو أسرته لا يتركها هكذا، بل لابد أن يستخلف عليهم أحدا.. وهذا موسى (ع) عندما غاب في ميقات ربه، استخلف عليهم أخاه هارون (ع).. ومن المعلوم أن النبي (ص) كان من أول أيام بعثته يشير إشارة صريحة إلى ابن عمه أمير المؤمنين (ع)، كما في واقعة الغدير، وحديث المنزلة، وحديث الطائر المشوي، وحديث الكساء، وغيرها من الروايات المختلفة في هذا الباب.
فإذن، إن الاطلاعة التفصيلية في موضوع الإمامة أمر راجح.. ولخصوص المتعمقين والمحققين، من المناسب الاطلاع على كتاب العقبات، فإنه من أثرى كتب الإمامية في هذا المجال، ومؤلفه أفرد لكل دليل-كحديث المنزلة، أو حديث الطائر المشوي، أو حديث الكساء- كتابا مستقلا.

فعليه، إن الذي يزور المعصوم وهو يعلم منزلته عند الله تعالى، فبلا شك أنه سيتأدب في محضره.

مقام الإمامة الكبرى:
إن الإمامة مقام إلهي جعله الله تعالى للمعصوم، سواء تحققت فعلية الإمام، أم لم تتحقق.. فالإمام أمير المؤمنين (ع) نفذ فعلية إمامته في الأمة، وتصدى للأمور في هذه السنوات القليلة التي تسلم فيها الخلافة، وانشغل بما انشغل من الحروب مع القاسطين والمارقين، ولم يتح له أن يثبت دعائم الحكومة الإسلامية كما هو يريد.
ولكن مقام الإمامة الكبرى-بمعنى رتبة المعصوم- لا ربط له بالتحقق الفعلي، فحتى لو لم يكن في الدنيا مأموم واحد، فالإمام إمام.. فاتباع الناس للإمام، لا يقوم مفهوم الإمامة، فإن الإمامة معنى إلهي جعله الله تعالى لأوليائه، سواء علم البشر بذلك أو لم يعلموا.

العرفان بحق الإمام:
من المعلوم-كما في الروايات- أن قبول الزيارة والثواب الأكبر، مترتب على العرفان بحق الإمام، أي المعرفة بمنزلة الإمام عند الله تعالى ومقامه المنيع.. فالمقامات والعطاءات المتميزة، إنما تكون لمن يزور المعصوم احتراما وتقديرا لمقامه، لا فقط أنه يزوره لقضاء حوائجه.. فلا شك أن الذي يزور الإمام وروحه تفيض من معاني التعظيم والاحترام والتقدير، تجاه المعصوم، غير ذلك الذي يزوره بروح خالية من المعاني، وما زيارته إلا عملية ميكانيكية مادية، بأن بدنه دخل المشهد الشريف، وإن هذا لا يوجب القرب من المعصوم..
فقد يكون إنسان يدخل المشهد متفرجا أو مستمزجا أو لقضاء حوائجه، ومثله مثل إنسان يزور تاجرا مستجديا، وهو قد يكون في قلبه يبغضه، أو لا يعترف بمقامه ومكانته.. لأن ما يهم المستجدي، هو أن يأخذ من المزور ما يريده.. إن البعض عندما يزور المعصوم عينه على نفسه، أي على ضعفه أو حاجته أو مرضه أو فقره، لا على المعصوم.. وإن هذا لا يسمى عارفا بحق المعصوم، فإن العرفان بحق المعصوم-كما قلنا- هو معرفة موقعهم في هذا الوجود.

*********************

* لعلها الزيارة الأخيرة:
استحضار حقيقة أنه من الممكن أن تكون هذه الزيارة آخر زيارة للإنسان، بل لا بد أن يلقن حاله ذلك، لئلا يصاب بالكسل في زيارته كما ورد الأمر بصلاة المودع عند صلاة العشاء.

زيارة مودع:
نحن أمرنا-كما ورد في روايات أهل البيت (ع)- بأن نصلي صلاة العشاء صلاة مودع، إذ لعلها تكون آخر صلاة، فالإنسان لا يعلم متى يأتي أجله، ومن الممكن أنه ينام ولا يستيقظ.. فإن استحضار هذا المعنى، يحفز الإنسان ويدفعه للتوجه أكثر في الصلاة.
وأيضا إن هذا المعنى مطلوب في زيارات المعصومين (ع)، أي ينبغي أن نلقن أنفسنا هذا التلقين، بأن نزور المعصوم ولعل هذه الزيارة هي آخر الزيارات.. وهذه الأيام-نسأل الله تعالى أن ينشر الأمن والأمان في ربوع هذا البلد- كم من الذين ذهبوا للزيارات، ولم يرجعوا بفعل الإرهاب الموجود..

فإن الذي يذهب للزيارة، وهو يحتمل احتمالا بليغا بحادث سير، أو بغيره من العوارض المختلفة، وإنه من الممكن أن لا يوفق ثانية للزيارة، فإن هذا يحفزه للتركيز في زيارته.. ولكن ينبغي أن يكون هذا التلقين تلقينا مغيرا للباطن، ويتغلغل في أعماق نفسه، وليس تلقينا سطحيا.
ومن المناسب أن يلقن الإنسان نفسه هذا المعنى في كل عباداته، حتى يؤديها بشكل نموذجي.. فعندما نقول: صل صلاة مودع، قياسا على ذلك نقول: حج حجّ مودع، زر زيارة مودع… فإن الإنسان دائما عندما لا يعطي نفسه فرصة أخرى للتكرار، يتحفز للعمل أكثر فأكثر.

*********************

* التعبد الشرعي:
إن المعصوم (ع) حجة لله تعالى على العباد، ولازم ذلك الانقياد من جهة الموالين.. ولا شك أن من أفضل الأوقات لإثبات ذلك هي أيام الزيارة، فهل من مانع للعدالة المؤقتة أيام الزيارة ليكون تمرينا عمليا لقوة الإرادة ولو في فترة قصيرة؟!.

الموالي الحقيقي:
إن كلمة المشايعة وردت في القرآن الكريم، في قوله تعالى: {وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ}، إشارة لمشايعة الأنبياء بعضهم لبعض، فكل نبي يشايع من قبله من الأنبياء، بمعنى أنه يضع قدمه موضع قدم النبي السابق، لأن الأنبياء كلهم على دين واحد وهو الحنيفية.
فالموالي والمتبع الحقيقي، هو ذلك الذي يضع رجله موضع رجل المعصومين (ع)، أي بقدر الإمكان، فأنى لنا أن نكون كالمعصومين؟!..
وفي رواية طريقة أن عليا كان يمشي مع النبي (ص)، ولكن لم يكن تُر آثار أقدامه، ثم تبين أنه كان يضع رجله موضع رجل النبي (ص).. فعلي (ع) إلى هذه الدرجة كان يشايع النبي (ص)، فحتى في مشيته الظاهرية كان يتبعه.

أيام الزيارة:
إن باب الكريم مفتوح دائما، ولكن هنالك ساعات يفتح الباب على مصراعيه.. هنالك أيام يتأكد فيها استحباب الزيارة، وكأن هنالك دعوة رسمية من المعصوم.
وبلا شك بأن الذي يريد أن يأخذ العطاء الأكمل، فعليه أن يتحين هذه الفرص من أيام الزيارات المخصوصة: كزيارة الحسين (ع) في النصف من شعبان، وفي يوم الأربعين، وفي يوم عرفة؛ ليحصل على أعلى درجات التزود من المعصومين (ع).

العدالة المؤقتة وتقوية الإرادة:
من المناسب جدا أن يستغل الزائر فترة الزيارة، بأن يحاول أن يعيش حالة من حالات العدالة المؤقتة.. فإن الإنسان باعتبار أنه في وطنه محاط بالشهوات وزحمة الحياة اليومية، وانشغالات العمل والأسرة، فإنه قد لا يتفرغ إلى نفسه وإلى الدخول إلى باطنه.. وهذه حقيقة مؤسفة حقا، بأن البعض يفكر في كل شيء إلا في نفسه، التي على أساسها تتحدد أبديته، هو يفكر في كل شيء ما عدا هذه الروح، والحال أن كل شيء حوله مما هو منشغل به سيفنى، ولن تبقى معه إلا هذه الروح المنسية..

ففترة الزيارة فرصة مناسبة للخلوة مع النفس.. وحتى أكبر التجار وأكبر المتخصصين في مجال علمه وعمله، في أيام الزيارة يكون تقريبا شبه فارغ، وليس هنالك ما يلتزم به، فهو من الزيارة إلى المنزل، وله ساعات فراغ كثيرة.. فمن المناسب أن يلقن نفسه هذه الأيام بأن يكون عادلا، ولو في هذه الفترة القصيرة.

ولكن العدالة المؤقتة تحتاج إلى الإرادة.. ونعني بالإرادة ذلك الجهاز الذي يتحكم في مجمل الجوارح والجوانح، وليس فقط الجوارح.. لأن بعض الناس له قدرة على التحكم في جوارحه: بأن يغمض عينيه أو يغض بصره عند رؤية حرام، وأن يطبق شفتيه عندما يحب أن يتكلم كلاما باطلا..
ولكن الأرقى من التحكم في الجوارح، أن يصل الإنسان-ولو بعد فترة من المجاهدة- إلى درجة التحكم حتى في الجوانح، أي الخلجانات الباطنية.. فمثلا: بعض الناس لا يعمل حسده، ولكن الحسد موجود في باطنه.. كالقدر المغطى الذي يغلي، ولكن ما فيه لا يخرج إلى الخارج.. من المناسب في هذه الزيارات، أن يفتح الإنسان الغطاء، ليخرج ما في باطنه.. فباطنه بمثابة قدر فيه لحم فاسد، ويغلي وينطبخ، ولكنه لا يعلم به.. فالزيارة فرصة مناسبة لإخراج ما في الجوف تماما، والاعتراف به بين يدي الله تعالى، وطلب المدد منه للعلاج.

إن من أفضل بركات الزيارة، بل إن من أفضل علائم قبول الزيارة، أن يرجع الإنسان إلى وطنه وهو بهذه الهمة والإرادة، بأن تكون له القدرة على أن يقول (لا)، ليس فقط لجوارحه بل حتى لخلجاناته الباطنية: كسوء الظن، والحسد، والاحتقار.. فهذه معان باطنية، وعلاجها لا بد أن يكون باطنيا أيضا.. فالبعض غاية جهده أن يصل إلى مرحلة التحكم في جوارحه، ولكن الأرقى أن يكون مالكا لنفسه.

*********************

* احترام رفقة الطريق:
لا بد من النظر إلى الرفقة في السفر أو العائلة على أنهم من الملتجئين إلى ساحة المعصوم (ع).. فلا بد من توقيرهم وقضاء حوائجهم برغبة وشوق من دون منة، وذلك لأنهم من شؤون المولى ، والعكس هو الصحيح أيضا، حيث أن هتكهم سيثير إعراض من قصدناه من بلاد بعيدة.. وهكذا كان دأب أئمة الهدى (ع) في طريق الحج في إكرام زائري البيت العتيق.

الملتجئون إلى ساحة المعصوم:
ينبغي مراعاة حسن التعامل مع الزائرين، وعدم إيذائهم، تقديرا وتعظيما للمعصوم، لأنهم من شؤونه، وفي حكم الملتجئين إلى حماه.. ومن المعلوم-في العرف الدبلوماسي للدول- أن الذي يلتجئ إلى سفارة إحدى الدول-وإن كانت غير مسلمة- فإنه يعامل معاملة من دخل تلك الدولة، ولا يمكن القبض عليه، لأنه في حماها.. فإذا كان هذا تعامل السفارات الظاهرية الفانية-والتي قد يكون أصحابها من طواغيت الأرض- مع الملتجئين إلى ساحتهم، فكيف برب العالمين وأوليائه من الأنبياء والأوصياء؟!.. فإن الزائر لهم داخل في مملكتهم، وفي حماهم، فلابد من المراقبة المضاعفة في التعامل معهم.. فسوء التعامل مع الزوجة والأولاد في الوطن، لا شك أنه أمر سلبي وسيء، ولكن الأمر يزداد سوءا إذا كان ذلك في محضر المعصوم، فالبعض حتى وهو أمام الضريح، ولا يرتدع عن ظلمه.. وهو غافل عن أن هذا الأمر مما يوجب له التبعات، وقد يعرضه لغضب ذلك المعصوم الذي يزوره، ويحرم من هباته.

عقد جلسة إصلاحية مع العائلة:
من المناسب استغلال فترة الزيارة، لعقد جلسة مع العائلة، لإصلاح ما يوجد من السلبيات.. فرب الأسرة كما يفكر في الجانب المادي لعائلته، في طعامهم، وفي أخذهم لأرقى الفنادق والمطاعم، أيضا يفكر في صلاحهم واستقامتهم على الجادة، وخاصة أنه قد يكون في أرض الوطن لا يجد الآذان الصاغية، والتقبل اللازم للنصيحة، لانشغالهم بأمور الدنيا والدراسة والعمل، ومما يساعده أيضا حالة الصفاء والرقة التي يكتسبونها في الزيارة.. فمن المناسب اغتنام هذه الحالة، في تغيير مسيرة العائلة، بمصارحة الزوجة والأولاد بما يراه من السلبيات والأمور المنكرة.. فإذا كان الأب يرى منكرا لا يتحمل في حياة ولده، فما المانع أن ينصحه في حضرة المعصوم، ويأخذ منه العهود والمواثيق، بأن لا يعود إلى هذا المنكر ببركة المعصوم.

التقرب إلى الله تعالى بخدمة الزائرين:
من خلال الاطلاع على سيرة أهل البيت (ع)، نلاحظ أن هناك اهتماما متميزا وحرصا على خدمة الزوار، حيث كان المعصوم عند ذهابه إلى بيت الله الحرام للحج يخفي شخصيته؛ لئلا يعرف ويراعى مراعاة ما، في السفر، فيحرم من خدمة الحجاج.

-فالإمام لم يكن معروفا في الأزمنة السابقة، نظرا للتعتيم الموجود، قياسا إلى زماننا هذا، فمشاهدهم عامرة بالبناء، وسيرتهم العطرة منتشرة في مختلف مجالات المعرفة-
فيستفاد من هذه الحركة أن المعصومين (ع) كانوا يرون أن خدمة الزائر مزية، ومما يتقرب به حتى المعصوم إلى الله تعالى.

*********************

* التنويع في موجبات الفيض:
التنويع في الحرم بين مختلف روافد الفيض من: الدعاء، والقرآن، والصلاة.. ولا بد من تقديم ما يناسب المزاج، فكما تراعى الشهية المادية عند الأكل فكذلك في الشهية المعنوية فإن الإقبال على المائدة بشهية يوجب التملي من بركات تلك المائدة.

مراعاة الشهية المعنوية:
من عجائب الأمور أن الناس لهم أمزجة باطنية، لا يمكن أن تدرك، فترى إنسانا يميل إلى شيء بخلاف ما يميل إليه إنسان آخر.. ونلاحظ أن الإنسان عندما يجلس على المائدة الدنيوية، أنه لا أحد يوصيه بأن يأكل من طعام معين، بل هو من يحدد ويمد يده على ما هو يشتهيه.. فكما أن الإنسان يراعي شهيته في الأمور المادية، فكذلك في الأمور المعنوية، فينبغي عند دخوله الحرم، أن يراعي ما يشتهيه: فمثلا: إنسان جاء إلى الحرم، وكان في طريقه قد مر على السوق ونظر إلى حرام بشهوة أو بريبة، فالذي يناسب حالته هو: الاستغفار، والدعاء بمناجاة التائبين وبدعاء أبي حمزة.. أو إنسان يشتهي أن يتكلم مع الله تعالى، فالذي يناسبه الصلاة.. أو إنسان يحب أن يسمع كلام الله تعالى، فالمناسب له أن يتلو القرآن الكريم..

فعليه، إنه ينبغي للعبد في مشاهدهم، أن ينظر إلى الطاعة التي تناسب ذلك الوقت، حتى لا يتكلف العبادة، وإن من أفضل العبادات في مشاهدهم الشريفة، هو التأمل.. والأمر لا يحتاج إلى لقلقة لسان، وإتعاب البدن، ومدافعة الزوار والتصاق بالضريح.. بل بأن يجلس في زاوية من زوايا الحرم الشريف، ويتفكر لتقييم مجمل المسيرة السابقة في الحياة، وقد ورد أن: (تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة).. لأن هذا التفكر، من الممكن أن يغير مجرى حياة الإنسان.

وإن الالتزام بآداب الزيارة-من الاستئذان، والسلام على الإمام، وصلاة الزيارة-لا يتنافى-مع ما ذكرنا- من لزوم مراعاة الشهية المعنوية، لأن هذه الآداب ليست بكثيرة، وقد تستغرق عادة ربع ساعة.. فالزيارة المأثورة تنتهي في دقائق، والمتعارف أن الزائر أعد نفسه للمكوث في الحرم ساعة أو ساعتين، فلابد أن يملأ هذا الفراغ بألوان مختلفة من العبادة، من الدعاء والصلاة والقرآن.
وهناك عمل من الراجح أن يلتزم به الإنسان في كل مشاهد المعصومين (ع)، ألا وهي صلاة جعفر الطيار، التي يقال عنها بالإكسير الأحمر.. لأن النبي (ص) هو الذي أتحف جعفر الطيار بهذه التحفة، لما قدم من الحبشة، وقال مقولته المعروفة: (ما أدري بأيهما أنا أشد فرحا: بقدوم جعفر، أم بفتح خيبر).

Layer-5.png

ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.