– هذه الأيام نحن نعيش ذكرى ولادة سبط رسول الله (ص) الأكبر الحسن الزكي المجتبى ، رابع أصحاب الكساء ، وسيد شباب أهل الجنة ، وثاني أئمّة أهل البيت الطاهر (ع).. فلنحاول الغور في أعماق هذه الشخصية الفذة لاستخراج الدرر واللآلئ الثمينة..
– إن الحسن والحسين (ع) ريحانتا رسول الله (ص) ، ولم يكن النبي الأكرم (ص) يفرق بينهما معاملة وذكراً ، والروايات التي تخبر عن فضلهما (ع) ، وطريقة معاملة النبي (ص) لهما ، لهي كثيرة وغريبة أيضاً ، نذكر هنا بعضها على سبيل المثال لا الحصر :
* قال رسول الله (ص) : (يا عليّ!.. لقد أذهلني هذان الغلامان – يعني الحسن والحسين – أن أحبّ بعدهما أحداً.. إن ربي أمرني أن أحبهما ، وأحب من يحبهما).
* قال رسول الله (ص) لي : (يا عمران بن حصين !.. إن لكل شيء موقعاً من القلب ، وما وقع موقع هذين الغلامين من قلبي شيء قط !.. فقلت : كل هذا يا رسول الله !.. قال : يا عمران !.. وما خفي عليك أكثر ، إن الله أمرني بحبهما).
* عن أبي ذر الغفاري قال : (أمرني رسول الله (ص) بحب الحسن والحسين فأحببتهما ، وأنا أحب من يحبهما لحب رسول الله (ص) إياهما).
* عن أبي ذر الغفاري قال : (رأيت رسول الله (ص) يقبّل الحسين بن علي وهو يقول : من أحب الحسن والحسين وذريتهما مخلصا لم تلفح النار وجهه ، ولو كانت ذنوبه بعدد رمل عالج ، إلا أن يكون ذنبا يُخرجه من الإيمان).
* أخذ رسول الله (ص) بيد الحسن والحسين فقال : (من أحب هذين الغلامين وأباهما وأمهما ، فهو معي في درجتي يوم القيامة).
* روي أن النبي (ص) برك للحسن والحسين ، فحملهما وخالف بين أيديهما وأرجلهما ، وقال : نعم الجمل جملكما !..
* خرج النبي (ص) من بيت عائشة ، فمر ّعلى بيت فاطمة ، فسمع الحسين (ع) يبكي ، فقال : ( ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني).
* قال الباقر (ع) : (أذنب رجل ذنبا في حياة رسول الله (ص) فتغيّب حتى وجد الحسن والحسين عليهما السلام في طريق خالٍ ، فأخذهما فاحتملهما على عاتقيه ، وأتى بهما النبي (ص) ، فقال : يا رسول الله !.. إني مستجير بالله وبهما ، فضحك رسول الله (ص) حتى ردّ يده إلى فمه ، ثم قال للرجل : اذهب فأنت طليق !.. وقال للحسن والحسين : قد شفّعتكما فيه ، أيّ فتيَان؟.. فأنزل الله تعالى : { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما }).
– وبعد هذه الرائعات من الأحاديث المروية في فضل الحسنين (ع) ، ماذا ينبغي علينا أن نفعل ، وما هو موقفنا منها ؟.. إن من الضروري أن نسلم تسليماً محضاً ، ولا ننكر أو نتعجب شيئاً ، مما لا يناسب ضحالة المستوى الفكري والعقلي لدينا -ولو قلبياً- ، فأين نحن ومعرفة هذه الذوات المقدسة التي ما عرفها إلا الله ورسوله (ص) ؟!.. هؤلاء هم خلفاء الله في أرضه ، وأمنائه على خلقه ، الذين يحملون الاسم الأعظم ، وعندهم علم الكتاب.. ومن المعلوم أنه لابد من السنخية والقرابة بين المستخلَف والمستخلِف ، فلنطلب من الرب الكريم التسديد -ولو قليلاً- ، للوصول إلى معرفتهم (ع) ، والاقتداء بهم ، فنحن -مع للأسف- في مقام التعداد وذكر الفضائل والاعتقاد بإمامتهم ، ولكن أين نحن ومعرفة هؤلاء المعرفة الحتمية الدافعة لاتخاذهم خير قدوة لنا في هذا الطريق ؟!.
– من مناقب الحسن (ع) أنه اشتهر بالحلم والسماحة والكرم ، ولك أن تتأمل في هاتين الرائعتين :
* أتاه رجل فقال : إن فلانا يقع فيك !.. فقال : ألقيتني في تعب ، أُريد الآن أن أستغفر الله لي وله.
* وقف رجل على الحسن بن علي (ع) فقال : يا بن أمير المؤمنين !.. بالذي أنعم عليك بهذه النعمة التي ما تليها منه بشفيع منك إليه ، بل إنعاماً منه عليك ، إلا ما أنصفتني من خصمي ، فإنه غشوم ظلوم ، لا يوقّر الشيخ الكبير ، ولا يرحم الطفل الصغير ، وكان متكئاً فاستوى جالسا ، وقال له : من خصمك حتى أنتصف لك منه ؟.. فقال له : الفقر . فأطرق (ع) ساعة ثم رفع رأسه إلى خادمه وقال له : أحضرْ ما عندك من موجود !.. فأحضر خمسة آلاف درهم ، فقال : ادفعها إليه ، ثم قال له : بحق هذه الأقسام التي أقسمت بها علي !.. متى أتاك خصمك جائراً إلا ما أتيتني منه متظلّما.
ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.