Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
نص المحاضرة (النسخة الأولية)

إن للعبادة أثرا لا ينكر في تغيير مسيرة الحياة، للرقي في سبيل الوصول إليه عز وجل.. فالعبادة هي تفاعل الأرواح والجوانح مع الأعمال، قبل تفاعل الجوارح في أجواء الطاعة.. إذ أن الحركة الجوانحية تكون هي السباقة للعمل في سبيل التفاعل المطلوب في شتى أجواء العبادة.. لذا فمن باب البداهة الفطرية التي فطر الله الآدميين عليها، هو وضع خلفية مسبقة تدرس طريقة التكامل للوصول إليه عزوجل؛ لتدفع المؤمن بحركة قوية لهذا الأثر الواضح في التأثير في لوحة الوجود.

وبما أنه لا مناص للتكامل والرقي في طريق المولى، إلا بوجود قدوة وأسوة حسنة يحتذى بها، ولا بد من تخطيط منظم للسير وفق الطريق الصحيح.. وبما أن النبي الكريم صلى الله عليه وآله هو رحمة للعالمين، وهو نبي وإمام الجن والإنس أجمعين، رأينا أنه من المناسب جداً طرح هذا الموضوع التكاملي للنبي الكامل، ليتسنى لنا معرفة جوانب النقص والخلل في أرواحنا؛ لنعمل جاهدين في إصلاحها وتكامل جوانب أركانها.

إن أهل البيت عليهم سلام الله هم خير من سار إلى الله، وخير من عرف الطريق إليه عز وجل.. فهم أنوار خلقهم الله منذ الأزل، محدقين بعرشه، مسبّحين في حضرة ملكه.. وهم أنوار يسيرون على وجه هذه البسيطة، سواء أكانوا أحياءً أم في عداد الشهداء.. فهم وكما كانوا سامعين لشكوانا وهمومنا في حال حياتهم، فهم أيضاً يسمعون نجوانا وحنيننا في حال فقدهم.

· إن التحدث عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله -الذي بسط العدل والأمن على وجه الأرض، والذي هو أب للمؤمنين، ورحمة للمتقين- قد يطول ويتشعب.. لذا حاولنا طرح فكرة الارتباط به، من خلال ما علمنا الله عز وجل، من حيث استقراء آيات كتابه العزيز.

قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا}.. إن صريح الخطاب الإلهي الموجه إلى مقام النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، يجعلنا نستلهم بعض جوانب الرحمة الإلهية.. إذ أن الرحيم الكريم يأمر نبيه الكريم، بأن يتأدب بأدب المولى عز وجل، من سؤال الرحمة والمغفرة لخلقه، وهو وكما قد أشار (ص) حيث قال: (أدَّبني ربّي؛ فأحسن تأديبي).. فإن الحضور والارتباط بذاته المقدسة صلى الله عليه وآله في حال حياته، أو عند حال فقده عليه الصلاة والسلام؛ تجعلنا نقر وبعين اليقين أن منقذ البشرية لم ينته دوره بانتهاء زمن صدر الإسلام، وعند عزة المسلمين.. بل لا زال عليه الصلاة والسلام متعايشاً معنا بكل ماللمعايشة من معنى.

فشد الرحال للوصول إلى الحبيب الأحمد عليه الصلاة والسلام، من أجل إعلان التوبة، ورفع أكنة المعصية عن جوانب القلب؛ ليصبح طاهراً نقياً في حضرة الباري عز وجل.. لهي خير زيارة يؤجر عليها الزائر، ويكرم فيها الضيف خير إكرام، سواء كانت زيارة الكريم عن قرب، أو كانت زيارة من بعد.. فالضيافة موجودة، ومأدبة الكريم معدة في كل مكان
إن الرضوخ لأحكام العشق المفروضة على عاتق العاشق، تجعل كل منا ينال ويحوز رضا المولى عز وجل، بالتعرض للتوفيقات الإلهية المتكررة، محققاً غايته المنشودة في سبيل رضاه تبارك وتعالى حينما قال: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}.
· وعندما نطرح كيفية الارتباط بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله من ناحية أخرى، نرى استنطاق القرآن المجيد للرحمة الإلهية بشكل جلي وواضح، وذاك في قوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ}.. فقد أمر الباري نبيه الكريم أن يجير المشرك، إن طلب منه الإجاره؛ ليعود وملؤه الحب والعشق لدين الحب، لتتفتح لديه آفاق كانت مستترة عنه؛ ليبحث عن الحقيقة أينما كانت.. فكيف بأولياء الله وأحبائه، فإن استجارته صلى الله عليه وآله لهم، أقوى وأنفع، كيف لا؟.. وهم أحباب الله وأودائه، أليس هم من ذاب حباً في عشق الحسين عليه السلام؟.. وأليس هم من قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله: (أحب الله من أحب حسيناً)؟.

Layer-5.png

ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.