Search
Close this search box.

زيارة الأربعين من الزيارات المهمة التي أكد عليها المعصومون حتى عدت من علامات المؤمن الخمس وهن صلاة إحدى وخمسين (أي الفرائض اليوميّة وهى سبع عشرة ركعة والنوافل اليومية وهي أربع وثلاثون ركعة)، وزيارة الأربعين والتختم باليمين وتعفير الجبين بالسجود والجهر بـ بسم الله الرحمن الرحيم، ذكرها الشيخ عباس القمي في كتاب مفاتيح الجنان.

Layer 5

روى الشيخ في (التهذيب) و(المصباح) عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) قال: «علامات المؤمن خمس: صلاة إحدى وخمسين (أي الفرائض اليوميّة وهي سبع عشرة ركعة والنوافل اليومية وهي أربع وثلاثون ركعة)، و زيارة الأربعين والتختّم باليمين وتعفير الجبين بالسجود والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم». وقد رويت زيارته في هذا اليوم على نحوين:
أحدهما: ما رواه الشيخ في (التهذيب والمصباح) عن صفوان الجمّال قال: قال لي مولاي الصادق (صلوات الله عليه) في زيارة الأربعين: تزور عند ارتفاع النهار وتقول:

السَّلامُ عَلى وَلِيِّ اللهِ وَحَبِيبِهِ، السَّلامُ عَلى خَلِيلِ اللهِ وَنَجِيبِهِ، السَّلامُ عَلى صَفِيِّ اللهِ وَابنِ صَفِيِّهِ، السَّلامُ عَلى الحُسَينِ المَظلُومِ الشَّهِيدِ، السَّلامُ عَلى أسِيرِ الكُرُباتِ وَقَتِيلِ العَبَراتِ، اللهُمَّ إنّي أشهَدُ أنَّهُ وَلِيُّكَ وَابْنُ وَلِيِّكَ وَصَفِيُّكَ وَابنُ صَفِيِّكَ الفائِزُ بِكَرامَتِكَ أكرَمتَهُ بِالشَّهادَةِ وَحَبَوتَهُ بِالسَّعادَةِ وَاجتَبَيتَهُ بِطِيبِ الوِلادَةِ وَجَعَلتَهُ سَيِّداً مِنَ السَّادَةِ وَقائِداً مِنَ القادَةِ وَذائِداً مِنَ الذَّادَةِ وَأعطَيتَهُ مَوارِيثَ الأنبياءِ وَجَعَلتَهُ حُجَّةً عَلى خَلقِكَ مِنَ الأوصياءِ، فَأعذَرَ في الدُّعاءِ وَمَنَحَ النُّصحَ وَبَذَلَ مُهجَتَهُ فِيكَ لِيَستَنقِذَ عِبادَكَ مِنَ الجَهالَةِ وَحَيرَةِ الضَّلالَةِ، وَقَد تَوازَرَ عَلَيهِ مَن غَرَّتهُ الدُّنيا وَباعَ حَظَّهُ بِالأرذَلِ الأدنى وَشَرى آخِرَتَهُ بِالثَّمَنِ الأوكَسِ وَتَغَطرَسَ وَتَرَدّى في هَواهُ وَأسخَطَكَ وَأسخَطَ نَبِيَّكَ وَأطاعَ مِن عِبادِكَ أهلَ الشِّقاقِ وَالنِّفاقِ وَحَمَلَةَ الأوزارِ المُستَوجِبِينَ النَّار، فَجاهَدَهُم فِيكَ صابِراً مُحتَسِباً حَتّى سُفِكَ في طاعَتِكَ دَمُهُ وَاستُبِيحَ حَرِيمُهُ، اللهُمَّ فَالعَنهُم لَعناً وَبِيلاً وَعَذِّبهُم عَذاباً ألِيماً. السَّلامُ عَلَيكَ يا بنَ رَسُولِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا بنَ سَيِّدِ الأوصياءِ، أشهَدُ أنَّكَ أمِينُ اللهِ وَابنُ أمِينِهِ عِشتَ سَعِيداً وَمَضَيتَ حَمِيداً وَمُتَّ فَقِيداً مَظلُوماً شَهِيداً، وَأشهَدُ أنَّ اللهَ مُنجِزٌ ما وَعَدَكَ وَمُهلِكُ مَن خَذَلَكَ وَمُعَذِّبُ مَن قَتَلَكَ، وَأشهَدُ أنَّكَ وَفَيْتَ بِعَهدِ اللهِ وَجاهَدتَ في سَبِيلِهِ حَتّى أتاكَ اليَقِينُ، فَلَعَنَ اللهُ مَن قَتَلَكَ وَلَعَنَ اللهُ مَن ظَلَمَكَ وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً سَمِعَت بِذلِكَ فَرَضِيَت بِهِ، اللهُمَّ إنّي اُشهِدُكَ أنّي وَلِيُّ لِمَن وَالاهُ وَعَدُوُّ لِمَن عاداهُ. بِأبي أنتَ وَاُمّي يابنَ رَسُولِ اللهِ أشهَدُ أنَّكَ كُنتَ نُوراً في الأصلابِ الشَّامِخَةِ وَالأرحامِ المُطَهَّرَةِ لَم تُنَجِّسكَ الجاهِلِيَّةُ بِأنجاسِها وَلَم تُلبِسكَ المُدلَهِمَّاتِ مِن ثِيابِها، وَأشهَدُ أنَّكَ مِن دَعائِمِ الدِّينِ وَأركانِ المُسلِمينَ وَمَعقِلِ المُؤمِنِينَ، وَأشهَدُ أنَّكَ الإمام البَرُّ التَّقِيُّ الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ الهادي المَهدِيُّ، وَأشهَدُ أنَّ الأئِمَّةَ مِن وُلدِكَ كَلِمَةُ التَّقوى وَأعلامُ الهُدى وَالعُروَةُ الوُثقى وَالحُجَّةُ على أهلِ الدُّنيا ، وَأشهَدُ أنّي بِكُم مُؤمِنٌ وَبِإيابِكُم مُوقِنٌ بِشَرايِعِ دِيني وَخَواتِيمِ عَمَلي وَقَلبي لِقَلبِكُم سِلمٌ وَأمري لأمرِكُم مُتَّبِعٌ وَنُصرَتي لَكُم مُعَدَّةٌ حَتّى يأذَنَ اللهُ لَكُم، فَمَعَكُم مَعَكُم لا مَعَ عَدُوِّكُم، صَلَواتُ اللهِ عَلَيكُم وَعَلى أرواحِكُم وَأجسادِكُم وَشاهِدِكُم وَغائِبِكُم وَظاهِرِكُم وَباطِنِكُم آمِينَ رَبَّ العالَمِينَ.
ثمّ تصلّي ركعتين وتدعو بما أحببت وترجع.
الزيارة الاخرى
هي ما يروى عن جابر وهي أنّه روى عن عطا قال: كنت مع جابر بن عبد الله الأنصاري يوم العشرين من صفر فلمّا وصلنا الغاضرية اغتسل في شريعتها ولبس قميصاً كان معه طاهراً ثمّ قال لي: أمعك شيء من الطيب يا عطا؟ قلت: سعد، فجعل منه على رأسه وسائر جسده ثمّ مشى حافياً حتى وقف عند رأس الحسين وكبّر ثلاثاً ثمّ خرّ مغشياً عليه فلمّا أفاق سمعته يقول: السَّلامُ عَلَيكُم يا آل اللهِ… الخبر.
وهي بعينها ما ذكرناه من زيارة النصف من رجب لم يفترق عنها في شيءٍ سوى بضع كلمات ولعلّها من اختلاف النسخ كما احتمله الشيخ (رحمه الله) فمن أرادها فليقرأ زيارة النصف من رجب السالفة.
أقول: زيارة الحسين تزداد فضلاً في الأوقات الشريفة والليالي والأيام المباركة ممّا لم يخص بالذكر لا سيما فيما انتسب إليه من تلك الأوقات كيوم المباهلة ويوم نزول سورة هل أتى ويوم ميلاده الشريف وليالي الجمعة وغير ذلك من شريف الازمان. ويستفاد من بعض الروايات أن الله تعالى ينظر إلى الحسين في كلّ ليلة من ليالي الجمعة بعين الكرامة فيبعث إلى زيارته كلّ نبيّ أو وصيّ نبيّ.
وروى ابن قولويه عن الصادق : «إنّ من زار قبر الحسين في كلّ جمعة غفر الله له ولم يخرج من الدنيا حسراً وكان في الجنة مع الحسين ». وفي حديث الأعمش أنّه قال له بعض جيرانه: رأيت في المنام رقعاً تتساقط من السماء فيها أمان لمن زار الحسين ليلة الجمعة.
وستأتي الإشارة إلى هذا في أعمال الكاظمية عند ذكر قصّة الحاج علي البغدادي.
وروي أن الصادق سئل عن زيارة الحسين هل لها وقت أفضل من غيره؟ قال: زوروه في كلّ زمان فإنّ زيارته خير مقرّ، من أكثر منها كثر نصيبه من الخير. ومن أقلّ منها قلّ نصيبه منه، واجتهدوا في زيارته في الأوقات الشريفة ففيها يضاعف أجر الصالحات وتنزل فيها الملائكة من السماء لزيارته» الخبر.
ولم نعثر على زيارة خاصة له تخص هذه الأوقات المذكورة، نعم قد خرج من الناحية المقدّسة في اليوم الثالث من شعبان وهو يوم ميلاده دعاء ينبغي قراءته، وقد مضى في خلال أعمال شهر شعبان.
واعلم أيضاً أنّ لزيارته في غير كربلاء من البلاد البعيدة فضلاً كثيراً أيضاً ونحن نقتصر في ذلك على ذكر حديثين مرويين في (الكافي) و(الفقيه) و(التهذيب).
الحديث الأول: روى ابن أبي عمير، عن هشام، عن الصادق قال: «إذا بعدت بأحدكم الشقة ونأت به الدار فليعل أعلى منزله فيصلّي ركعتين وليومي بالسلام إلى قبورنا فإنّ ذلك يصير إلينا».
الحديث الثاني: عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: قال لي الصادق: «يا سدير تزور قبر الحسين في كلّ يوم؟»
قلت: جعلت فداك لا. قال: «ما أجفاكم فتزوره في كلّ جمعة؟» قلت: لا. قال: «فتزوره في كلّ شهر؟» قلت: لا.
قال: «فتزوره في كلّ سنة؟» قلت: قد يكون ذلك. قال: «يا سدير ما أجفاكم بالحسين أما علمتم أنّ لله ألفين من الملائكة ـ وفي رواية (التهذيب) و(الفقيه) ألف ألف ملك شعثاً غبراً يبكون ويزورون لا يفترون؟ وما عليك يا سدير أن تزور قبر الحسين في كلّ جمعة خمس مرات وفي كلّ يوم مرة». قلت: جعلت فداك إنّ بيننا وبينه فراسخ كثيرة.
فقال: «تصعد فوق سطحك ثمّ تلتفت يمنة ويسرة ثمّ ترفع رأسك إلى السماء ثمّ تتحول نحو قبر الحسين ثمّ تقول:

السَّلامُ عَلَيكَ يا أبا عَبدِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيكَ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ. تكتب لك زورة، والزورة حجة وعمرة». قال سدير: فربما فعلته في الشهر أكثر من عشرين مرة.
وقد مضى في أوّل الزيارة المطلقة الاُولى ما يناسب المقام.
تذييل في فضل تربة الحسين المقدسة وآدابها
اعلم أنّ لنا روايات متظافرة تنطق بأنّ تربته شفاء من كلّ سقم وداء إلاّ الموت وأمان من كلّ بلاء. وهي تورث الأمن من كلّ خوف. والاحاديث في هذا الباب متواترة وما برزت من تلك التربة المقدّسة من المعجزات أكثر من أن تذكر وإنّي قد ذكرت في كتاب (الفوائد الرضوية) في تراجم العلماء الإمامية عند ترجمة السيد المحدّث المتبحّر نعمة الله الجزائري أنه كان ممّن جهد لتحصيل العلم جهداً وتحمل في سبيله الشدائد والصعاب وكان في إبّان طلبه العلم لا يسعه الإسراج فقراً فيستفيد للمطالعة ليلاً من ضوء القمر، وقد أكثر من المطالعة في ضوء القمر ومن القراءة والكتابة حتى ضعف بصره فكان يكتحل بتربة الحسين المقدّسة وبتراب المراقد الشريفة للأئمة في العراق (عليهم السلام) فيقوى بصره ببركتها.
وإنّي قد حذرت هناك أيضاً أهالي عصرنا أن يعجبوا لهذه الحكاية إثر معاشرتهم الكفّار والملاحدة. فقد قال الدميري في (حياة الحيوان): إنّ الافعى إذا عاش مائة سنة عميت عينه فيلهمه الله تعالى أن يمسحها بالرازيانج الرطب لكي يعود إليها بصرها فيقبل من الصحراء نحو البساتين ومنابت الرازيانج وإن طالت المسافة حتّى يهتدي إلى ذلك النبات فيمسح بها عينه فيرجع إليها بصرها.
ويروى ذلك عن الزمخشري وغيره أيضاً، فإذا كان الله تعالى قد جعل مثل هذه الفائدة في نبات رطب وتهتدي إليه حيّة عمياء فتأخذ نصيبها منه فأيّ استبعاد واستعجاب في أن يجعل في تربة ابن نبيه (صلوات الله عليه) الذي استشهد هو وعترته في سبيله شفاءً من كلّ داء وغير ذلك من الفوائد والبركات لينتفع بها الشيعة والأحباب! ونحن في المقام نقنع بذكر عدّة روايات:
الاُولى: روي أنّ الحور العين إذا ابصرن بواحد من الاملاك يهبط إلى الأرض لأمر ما يستهدين منه السبح والتربة من طين قبر الحسين.
الثانية: روي بسند معتبر عن رجل قال: بعث إليّ الرضا من خراسان رزم ثياب وكان بين ذلك طين فقلت للرسول ما هذا؟ قال: هذا طين قبر الحسين ما كان يوجّه شيئاً من الثيا ب ولا غيره إلاّ ويجعل فيه الطين فكان يقول: «هو أمان بإذن الله».
الثالثة: عن عبد الله بن أبي يعقوب قال: قلت للصادق: يأخذ الإنسان من طين قبر الحسين فينتفع به ويأخذ غيره فلا ينتفع به.
فقال: «لا والله ما يأخذه أحد وهو يرى أنّ الله ينفعه به إلاّ نفعه الله به».
الرابعة: عن أبي حمزة الثمالي قال: قلت للصادق: إنّي رأيت أصحابنا يا خذون من طين الحسين يستشفون به هل في ذلك شيء مما يقولون من الشفاء؟ قال: «يستشفى بما بينه وبين القبر على رأس أربعة أميا ل وكذا طين قبر جدّي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكذا طين قبر الحسن وعليّ ومحمد فخذ منها فإنّها شفاء من كلّ سقم وجنّة مما تخاف ولا يعدلها شيء من الاشياء التي يستشفى بها إلاّ الدعاء وإنّما يفسدها ما يخالطها من أوعيتها وقلّة اليقين ممن يعالج بها، فأما من أيقن أنّها له شفاء إذا يعالج بها كفته بإذن الله تعالى من غيرها ممّا يتعالج به، ويفسدها الشياطين والجنّ من أهل الكفر منهم يتمسحون بها وما تمرّ بشيء إلاّ شمّها.
وأمّا الشياطين وكفّار الجن فإنّهم يحسدون ابن آدم عليها فيمسحون بها فيذهب عامّة طيبها ولا يخرج الطين من الحائر إلاّ وقد استعدّ له مالا يحصى منهم والله إنّها لفي يدي صاحبها وهم يتمسّحون بها ولا يقدرون مع الملائكة أن يدخلوا الحائر ولو كان من التربة شيء يسلم ما عولج به أحد إلاّ برئ من ساعته.
فإذا أخذتها فاكتمها وأكثر عليها ذكر الله عزّ وجلّ وقد بلغني أنّ بعض من يا خذ من التربة شيئاً يستخف به حتى إنّ بعضهم ليطرحها في مخلاة الابل والبغل والحمار أو في وعاء الطعام وما يمسح به الأيدي من الطعام والخرج والجوالق، فكيف يستشفي به من هذا حالها عنده؟ ولكنّ القلب الذي ليس فيه اليقين من المستخف بما فيه صلاحه يفسد عمله».
الخامسة: روي أنّه إذا تناول التربة أحدكم فليأخذ بأطراف أصابعه وقدره مثل الحمّصة فليقبّلها وليضعها على عينه وليمرّها على سائر جسده وليقل:

اللهُمَّ بِحَقِّ هذِهِ التُّربَةِ وَبِحَقِّ مَن حَلَّ بِها وَثَوى فِيها وَبِحَقِّ جَدِّهِ وَأبِيهِ وَاُمِّهِ وَأخِيهِ وَالأئِمَّةِ مِن وُلدِهِ وَبِحَقِّ المَلائِكَةِ الحافِّينَ بِهِ إلاّ جَعَلتَها شِفاءً مِن كُلِّ داءٍ وَبُرءً مِن كِلِّ مَرَضٍ وَنَجاةً مِن كُلِّ آفَةٍ وَحِرزاً مِمّا أخافُ وَأحذَرُ. ثمّ ليستعملها.
وروي أنّ الختم على طين قبر الحسين أن يقرأ عليه سورة إنّا أنزلناه في ليلة القدر. وروي أيضاً أنّك تقول إذا طعمت شيئاً من التربة أو أطعمته أحداً:

بِسمِ اللهِ وَبِاللهِ اللهُمَّ اجعَلهُ رِزقاً وَاسِعاً وَعِلماً نافِعاً وَشِفاءً مِن كُلِّ داءٍ إنَّكَ عَلى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ.
أقول: لتربته الشريفة فوائد جمّة منها: استحباب جعلها مع الميت في اللحد واستحباب كتابة الاكفان بها واستحباب السجود عليها. فقد روي أنّ السجود عليها يخرق الحجب السبعة (أي يورث قبول الصلاة عند ارتقائها السماوات)، واستحباب أن يصنع منها السبحة فتستعمل للذكر أو تترك في اليد من دون ذكر فلذلك فضل عظيم، ومن ذلك الفضل أنّ السبحة تسبّح في يد صاحبها من غير أن يسبّح.
ومن المعلوم أنّ هذا التسبيح بمعنى خاص غير التسبيح الذي يسبّحه كلّ شيءٍ كما قال تعالى:
وَإن مِن شَيءٍ إلاّ يُسَبِّحُ بِحَمدِهِ وَلكِن لا تَفقَهُونَ تَسبِيحَهُم.
وبالإجمال فالتسبيح الوارد في هذه الرواية هو تسبيح خاص بتربة سيد الشهداء أرواحنا له الفداء.
السادسة: عن الرضا : «من أدار السبحة من تربة الحسين فقال:
سُبحانَ اللهِ وَالحَمدُ للهِ وَلا إلهَ إلاّ اللهُ وَاللهُ أكبَرُ. مع كلّ حبّة منها كتب الله له بها ستّة آلاف حسنة ومحا عنه ستة آلاف سيئة ورفع له ستة آلاف درجة وأثبت له من الشفاعة مثلها».
وعن الصادق: «إنّ من أدار الحصيات التي تعمل من تربة الحسين أي السبحة من الخزف، فاستغفر بها مرة واحدة كتب له سبعون مرّة، وإن أمسك سبحة في يده ولم يسبّح كتب له بكلّ حبة سبعاً».
السابعة: في الحديث المعتبر أنّ الصادق (صلوات الله عليه) لما قدم العراق أتاه قوم فسألوه: عرفنا أنّ تربة الحسين شفاء من كلّ داء، فهل هي أمان أيضاً من كلّ خوف؟ قال: «بلى من أراد أن تكون التربة أماناً له من كلّ خوف فليأخذ السبحة منها بيده ويقول ثلاثاً:

أصبَحتُ اللهُمَّ مُعتَصِماً بِذِمامِكَ وَجِوارِكَ المَنِيعِ الَّذي لا يُطاوَلُ وَلا يُحاوَلُ مِن شَرِّ كُلِّ غاشِمٍ وَطارِقٍ مِن سائِرِ مَنْ خَلَقْتَ وَما خَلَقتَ مِن خَلقِكَ وَالصَّامِتِ وَالنَّاطِقِ في جُنَّةٍ مِن كُلِّ مَخُوفٍ بِلِباسٍ سابِغَةٍ حَصِينَةٍ، وَهِيَ وَلاءُ أهلِ بَيتِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله) مُحتَجِزاً مِن كُلِّ قاصِدٍ لي إلى أذِيَّةٍ بِجِدارٍ حَصِينِ الإخلاصِ في الاعتِرافِ بِحَقِّهِم وَالتَّمسُّكِ بِحَبلِهِم جَميعاً، مُوِقناً أنَّ الحَقَّ لَهُم وَمَعَهُم وَمِنهُم وَفِيهِم وَبِهِم، اُوالي مَن وَالوا وَاُعادي مَن عادَوا وَاُجانِبُ مَن جانَبُوا فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأعِذني اللهُمَّ بِهِم مِن شَرِّ كُلِّ ما أتَّقِيهِ، يا عَظِيمُ حَجَزتُ الأعادي عَنّي بِبِدِيعِ السَّماواتِ وَالأرضِ إنّا جَعَلنا مِن بَينَ أيدِيهِم سَدّاً وَمِن خَلفِهِم سَدّاً فَأغشَيناهُم فَهُم لا يُبصِرُونَ.
ثمّ يقبّل السبحة ويمسح بها عينيه ويقول:
اللهُمَّ إنّي أسألُكَ بِحَقِّ هذِهِ التُّربَةِ المُبارَكَةِ وَبِحَقِّ صاحِبِها وَبِحَقِّ جَدِّهِ وَبِحَقِّ أبِيهِ وَبِحَقِّ اُمِّهِ وَبِحَقِّ أخِيهِ وَبِحَقِّ وُلدِهِ الطَّاهِرِينَ اجعَلها شِفاءً مِن كُلِّ داءٍ وَأماناً مِن كُلِّ خَوفٍ وَحِفظاً مِن كُلِّ سُوءٍ.
ثمّ يجعلها على جبينه فإن عمل ذلك صباحاً كان في أمان الله تعالى حتى يمسي، وإن عمله مساءً كان في أمان الله تعالى حتى يصبح» وروي في حديث آخر أنّ من خاف من سلطان أو غيره فليصنع مثل ذلك حين يخرج من منزله ليكون ذلك حرزاً له.
أقول: لا يجوز مطلقاً على المشهور بين العلماء أكل شيء من التراب أو الطين إلاّ تربة الحسين: المقدّسة استشفاء من دون قصد الالتذاذ بها بقدر الحمصة والأحوط أن لا يزيد قدرها على العدسة، ويحسن أن يضع التربة في فمه ثمّ يشرب جرعة من الماء ويقول:
اللهُمَّ اجعَلهُ رِزقاً وَاسِعاً وَعِلماً نافِعاً وَشِفاءً مِن كُلِّ داءٍ وَسُقمٍ.
قال العلّامة المجلسي: الأحوط ترك التبايع على السبحة من التربة أو ما يصنع منها للسجدة بل تهدى إهداءً ولعلّه ممّا لا بأس به أن يتراضى عليها المتعاملان تراضياً دون اشتراط سابق.
ففي الحديث المعتبر عن الصادق قال: «من باع تراب قبر الحسين فكأنّما تبايع على لحمه ».
أقول: حكى شيخنا المحدّث المتبحّر ثقة الإسلام النوري (رحمه الله) في كتاب (دار السّلام) قال: دخل بعض إخواني على والدتي رحمها الله فرأت في جيبه الذي في أسفل قبائه تربة مولانا أبي عبد الله فزجرته وقالت: هذا من سوء الادب ولعلّها تقع تحت فخذك فتنكسر، فقال: نعم انكسرت منها إلى الان اثنتان وعهد أن لا يضعها بعد ذلك فيه ولما مضى بعض الأيام رأى والدي العلّامة رفع الله مقامه في المنام، ولم يكن له اطّلاع بذلك، أنّ مولانا أبا عبد الله دخل عليه زائراً وقعد في بيت كتبه الذي كان يقعد فيه غالباً فلاطفه كثيراً وقال: ادع بنيك يا توا إليّ لأكرمهم، فدعاهم وكانوا خمسة معي فوقفوا قدّامه عند الباب وكان بين يديه أشياء من الثوب وغيره، فكان يدعو واحداً بعد واحد ويعطيه شيئاً منه، فلمّا وصلت النوبة إلى الاخ المزبور سلمه الله نظر إليه شبه المغضب والتفت إلى الوالد وقال: ابنك هذا قد كسر تربتين من تراب قبري تحت فخذه، ثمّ طرح إليه شيئاً ولم يدعه إليه. وببالي أن ما أعطاه كان بيت المشط‍ الذي يعمل من الثوب الذي يقال له بالفارسية ترمه فانتبه وقص ما رآه على الوالدة رحمها الله فأخبرته بما وقع فتعجّب من صدقه، انتهى.

Layer 5