Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
نص المحاضرة (النسخة الأولية)

– إنّ المؤمن مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية، ذلك الربّ الذي نصفه في دعاء شهر رجب، فنقول: (يا من يعطي من سأله، يا من يعطي من لم يسأله ومن لم يعرفه؛ تحنناً منه ورحمة) الربّ الكريم هكذا ديدنه، وهكذا علاقته مع العباد.. الذي ينكر وجوده، يغدق عليه بالنعم؛ فكيف بمن سأله!.. إن الذي يريد أن يصل إلى شيء من هذه الرحمة الإلهية، عليه أن يكون رحيماً مع الآخرين.

– إنّ أولَّ الدوائر، وأقرب الدوائر للإنسان، هي دائرة الحياة الأسرية.. إنّ الذي يريد أن يتفرغ، لابدّ أن يكون خالياً من المشوشات.. فالمؤمن الذي يمشي في حقل الألغام، يحاول أن ينزع فتيل اللغم دائماً وأبداً، كيلا يمشي في أرضٍ من الممكن أن ينفجر فيه اللغم دفعةً واحدة.. ومن هذه الألغام الحياة الأسرية، فالمؤمن إذا رجع إلى المنزل لا يتوقع إلا الخير، بعض الناس يقف على باب المنزل، قبل أن يدخل على أهله: يقرأ آية الكرسي، ويعوذ نفسه بالمعوذتين؛ لئلا تقع مشكلة في تلك الليلة.. هذا الإنسان يقدم على بيته، هذا البيت ليس بسكن {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا}؛ ليس المعنى فقط السكن، بل من الممكن أن يكون بالنسبة له مكانا موحشا.. هذا الإنسان طبيعي أن يجلس في المنزل، وهو يعيش حالة من الغليان الباطني.. إذا وقف للصلاة بين يدي الله -عزّ وجلّ- يعيش مشاكله اليومية وهو في صلاته.. يقوم لصلاة الليل وزوجته نائمة، إذا كانت العلاقة متوترة، يصلّي لله -عزّ وجل- ولكن في نزاع وصراع وحديثٍ نفسي مع هذه المرأة.. أيّ حياةٍ هذه؟..

– إن من موجبات الترقي قلّة الكلام، ليس فقط الكلام الخارجي، حتى الثرثرة الباطنية.. بعض الأوقات الإنسان صموت لا يتكلم شيئا، ولكن في داخله نزاعا مع زيد ومع عمرو وبكر وخالد.. يعيش حالات الخصام والجدل، هناك من يتكلم معه في باطنه، وبعد فترة يقول: هنالك جنّ قد تلّبس بي، أيّ جنّ هذا؟!.. إنسان يحدّث نفسه، يوقع نفسه في المشاكل، ثم يأخذ ويعطي.. وإذا به يقول: هنالك من يحدثني في الباطن، ليس هناك أحد إلا أنت، أنت الذي تحدّث نفسك.. كيف نقطع هذا الحديث الباطني، وهذه الثرثرة الباطنية؟.. يتم ذلك بنزع الفتيل، وهذه الحركة قد تكون ثقيلة على النفس، ولكن كالدواء المرّ؛ طلباً للسلامة.. مثلا: هناك زميل في العمل، كلّ يوم ترى هذا الزميل، وأنت على خلاف معه، شكله، وجوده، سيرته، سلوكه يزعجك أثناء العمل.. حاولْ أن تحتويه، أدعُه إلى بيتك، أو إلى مطعم، أو قدّم له هدية.. المهم أن ترفع عنه هذه الحالة الموحشة؛ لأنك في مقام التعامل اليومي، إذن لا للتقرب لله -عزّ وجل- وإنما طلباً للسعادة الدنيوية.. لذا يجب أن ننقي العلاقات الأسرية من كلّ كدرٍ، ومن كلّ محطةٍ موحشة.

كيف نوفق بين وجهات النظر المختلفة بين الزوجين؟..
– إن هذه مسألة مسلّمة، كلّ إنسان تكوين مستقل عن الشخص الآخر، قد يكون هناك توأمان لا يمكن التمييز بينهما؛ ولكن هذا في عالم الأبدان.. أما في عالم الرؤى، والتفكير، والشخصية الباطنية، والتركيبة الذهنية؛ ليس في الوجود شخصان متشابهان أبداً.. هذه الأيام البصمة معتمدة في المطارات العالمية لتشخيص الهوية؛ لأن البصمة لا تتشابه.. والبصمة عبارة عن خطوط متعرجة دائرية في عقد من الإصبع، الذي هو من الآيات الكبرى: {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ} مساحة ضيقة كهذه المساحة، مليارات البشر يختلفون فيما بينهم.. إذا كان عقد إصبع بهذه المثابة من التنوع وهو على الجلد، فكيف بالنفوس، وكيف بالعقول، وكيف بالتوجهات؟!.. إنسان يتوقع أن يعيش مع زوجة، تتفق معه في كلّ شيء.. هذا الإنسان سوف يخيب ظنه، إذ لابدّ أنه في يوم من الأيام سيبرز خلاف في الحياة الزوجية.. طبعاً الخلاف الباطني موجود من أولّ يوم، يتكلم الزوج بكلام لا يعجب المرأة، فتسكت.. ولكن في يوم من الأيام، المرأة تقوم وتطرح أفكارها وآراءها وو…الخ؛ هنا الشيطان يدخل أنفه، يرى أنّ هذه هي الفرصة الذهبية؛ لكي يفتح له سفارة بين الزوجين، سفارة شيطانية، تارة يثير هذه، وتارة يثير هذا.. ليس الحلّ أن لا نختلف، نعم هناك طريق واحد لعدم الاختلاف، وهو أن يتحول أحدنا إلى حجر.. عندها ينتهي الموضوع، إذا لم يكن هناك تفكير، وليس هنالك رؤى، وليس هناك مواقف، وليس هناك وجهات نظر.. فإنه من الطبيعي أن هذه الاسطوانة لا تختلف مع هذه الاسطوانة؛ لأنه لا حركة فيها.

– إن الاختلاف متوقع، ولكن المشكلة أن لا يتحول الاختلاف إلى خلاف.. الفرق بين الاختلاف والخلاف لعله حرف، وفي هذا الحرف تكمن كلّ المشاكل والإصرار.. هنا لابدّ أن نقرر بعض المبادئ في التعامل.. الحياة الزوجية ليست أقل من الشركة، هذه الأيام حين تؤسس شركة، ويذهب الشريك إلى التسجيل العقاري، أول ما يقدّم في هذا المجال قانون هذه الشركة: أي ما هو هذا القانون الذي يحكم هذه الشركة.. والحياة الزوجية تحتاج إلى قانون، من أولّ يوم لابدّ وأن نقرر هذا القانون بين الزوجين، هذا القانون يتمثل في أن يقول الزوج للزوجة، والزوجة للزوج: أن كلّ قضية خلافية، لابدّ وأن تطرح في جوٍّ هادئ، وأول قانون في هذه الحوارية مبدأ احتمال الخطأ.. بسبب فقدنا لهذا المبدأ، وقعنا في المشاكل الكبرى.. هذا الإنسان عندما يتحاور مع الشخص، يتكلم وكأنه هو الوحي المنزل.. فالحق قد يكون خافياً على أحد الطرفين، والإنسان عندما يتكلم عليه أن يحتمل أنّ الحق مع الطرف الآخر.. فالذي يتكلم ويتوقع أن ينساق الغير مع أفكاره بشكلٍ إجباري، هذا الإنسان أقلّ ما يقال عنه: إنه إنسان ليس بأكاديمي، إنسان غير موضوعي، إنسان لم يستوعب قواعد البحث العلمي.. فإذن يتكلم ويقول دائماً: أنا أحتمل أنّ الخلاف غير ما أقول، ولكن هذه وجهة نظري.

ابن سينا من أعمدة الفلسفة، بعض كلمات ابن سينا لبّ الحكمة، طبعاً هذه من آيات الله -عز وجل- أن خلق عقولاً بشرية تتكلم بمنطق الأنبياء، الأنبياء منطقهم منطق الفطرة، بعض الفلاسفة والحكماء ينطلق من هذا المنطلق.. يقول ابن سينا: (كل ما قرع سمعك، فذره في بقعة الإمكان؛ حتى يذودك عنه واضح البرهان)؛ أي لا تنفي فوراً.. قد يسمع اكتشافا فيقول: هذا غير صحيح، ويسمع فضيلة من فضائل أهل البيت -عليهم السلام- يقول: هذا غلو.. كلّ مسألة غريبة ينفيها، ابن سينا يقول: هذا خطأ.. كلما قرع سمعك من العجائب، فذره في بقعة الإمكان، مادام لم يقم الدليل على خلافه، قلْ: هذا الأمر ممكن.

ولهذا في النقاشات الحامية، حاول أن تحترم المخاطب، قل له: كلامك له دليله، وهذه وجهة نظرك؛ ولكن وجهة نظري أنا هي كذا وكذا.. عندها الشخص يلين قلبه، ويستعد لأن يقبل كلامك.. وأما أن تتكلم معه بغير ذلك، فإنه لا ينفع.. البعض من الرجال عندما يحاور المرأة، البعض بشطر كلمة ينفّر المرأة من الدين ومن الكتاب ومن القرآن.. وإذا أصرّ على كلامه، قد يجرّ المرأة إلى الكفر، عندما يقول: نعم، يا فلانة، يا أم فلان {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} هذا الذي أقوله هو الحق، لابدّ أن تسمعي كلامي، أنا رجل.. وكأنّ الرجولة في عالم البحث العلمي من مرجحات تقوية الرأي الآخر.. هذا الكلام جريمة علمية، لا جريمة أخلاقية.. الإنسان دائماً يجعل هذه الآية في مقام إفحام المرأة {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء}.. نعم هناك قيمومة في مقام إدارة العائلة، وفي مقام تكوين الأسرة، وفيما يتعلّق بالمظاهر المادية.. أما في مجال الفكر، هل الرجولة من مقومات الترجيح؟.. بعض الأوقات قد تكون المرأة حجتها أبلغ، وبيانها أقوى، حتى طريقة الإلقاء أرتب من الرجل.. حتى إذا تخاصما إلى القاضي، وكان الحق مع الرجل، بعض الأوقات المرأة تتكلم بأسلوب يكاد الإنسان يقطع أنّ الحق معها، وهو يعلم أنّ الأمر ليس كذلك.

فإذن، إن في موضوع الاختلاف بين الزوجين، نحاول أن نطرح القضايا بكلّ هدوء.. والغرض هو أن نحكّم هذه الآية في حياتنا {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}.. هذه الأيام متعارف في غرفة النوم يجعلون مزهرية جميلة، أو لوحة زيتية.. طبعاً بعض الأوقات اللوحات الزيتية فيها إشكالات شرعية، فيها مناظر غير لائقة.. يشتروا لوحة بأغلى الأثمان، وبتكرار النظر لا يرى شيئاً.. فلم لا يعلق في المجالس لوحة كتب فيها بخط جميل هذه الآية {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}، أي أنّ الإنسان يعتقد الرقابة الإلهية في كلّ لحظة من لحظات حياته.. هذا من أجل ضبط النقاشات في المجالس والدواوين، أو هذه الآية {وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} أيضاً آية جميلة ومناسبة لمجالس الاستقبال.

وهنالك آية أخرى مناسبة لغرفة النوم، التي لا يدخلها كل أحد، فغرفة النوم محلّ للخلوة بين الزوجين، وفي هذه الخلوات الإنسان يتكلم وكأنه لا رقيب في البين، والآية هي: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}.. لو حكمنا هذه الآية في حياتنا الزوجية، هنالك فرق بين الخلوات وبين غير الخلوات.. أحد العلماء الأبرار يقول: التقوى بلغة عصرية، سابقا كانوا يشرحون التقوى بلغة أهل الزراعة، يقولون: التقوى أن يمشي الإنسان في أرض فيها شوك، كيف يمشي؟.. لا يضع قدمه إلا في موضع لا شوك فيه، ولكن هناك تعريفا للتقوى بلغة الفضائيات هذه الأيام يقول هذا العالم: التقوى أن يُجعل في منزل الإنسان كاميرا خفية، لا يراها أحد، تسجّل هذه الكاميرا نشاطه طوال اليوم، ثم يقال: يا فلان، أتسمح لنا أن نعرض هذا الفيلم على القناة الفلانية المعروفة، أو لا تسمح؟.. إذا قال: ليس هناك مانع، هذا هو المتقي.. أما إذا قال: واويلتاه!.. وافضيحتاه!.. أعطيكم مليون ريال أو درهم مقابل ألا تعرضوا هذا الفيلم على الفضائيات، إذا عرضتموه أين أدفن رأسي، أين أذهب؟.. لما يرونه الناس من أمورٍ لا يتوقعونها!.. هذه هي التقوى بلغة الفضائيات {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}، لو أنَّ هنالك في غرفة النوم بثّا مباشرا على كلّ القنوات المعروفة، الإنسان يحسب حساب النَّفس في غرفة النوم، إذا أراد أن ينام لا يتنفس بصوت عالٍ؛ لئلا تقوم الزوجة من منامها مثلاً، لئلا يزعجها بشخيره مثلاً، هكذا يراقب سلوكه.. ولكن مع الأسف جعلنا الله -عزّ وجلّ- أهون الناظرين.. لو جعلنا هذا هو القانون الإلهي فيما بيننا: هناك من يحمد الله -عز وجل- عندما تغضب زوجته عليه، يقول بأنها نفست عما في باطنها وارتاحت، وكنت بعدم ردي عليها سببا لسعادتها.. وهناك في حياة الأئمة -عليهم السلام- نماذج من هذا القبيل، تجاوز الذات، وتحمّل أذى الغير من باب الرفق بالناس.

– إن الإنسان يوم القيامة عندما يريه ربّ العالمين أعماله، يتمنى لو يكون تراباً تدوسه الأقدام، {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا} ولكن الكلّ يعيش هذه الحالة من الخجل بين يدي الله -عزّ وجلّ-، لعلّ في بعض النصوص إشارة إلى أنه بعض الناس من أمة النبي الخاتم محمد (ص)، النبي خاتم الأنبياء وأمته خاتمة الأمم، والشاهد على الأمم، يقولون: عندما يؤتى بالمسلم يوم القيامة وهو يزجّ إلى النار بفعله، رسول الله (ص) يستحي أمام الأنبياء، يستحي أمام موسى وعيسى (ع) أن يريا فردا من أمته يقاد إلى النار، يقول: نعم هذا من أمتي، ولكن ماذا أصنع؟.. من مسند عبد الله بن عباس قال: (ألا وأنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا رب أصحابي!.. فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)؟.. إذا كان الذين كانوا معه هكذا، فكيف بالمسلمين طوال التأريخ؟..

– إن بعض الشباب في قمة الحياة الشهوية، يحمل همّ نفسه، وهذا شيء ممتاز، يقول: أنا عندما أنظر المناظر المحرمة أتفاعل معها في الباطن، العين فيها كامل التحكم، لا يمكن أن أزيغ أبداً.. ولكن ماذا أعمل بهذه الهواجس، أنا لا أريد أن يكون في بالي صورة امرأة غير محرم.. يعلم الله أنّ هنالك بعض الناس تحت هذه السماء، لو تسأله أن يتذكر صورة امرأة غير محرم عليه، يقسم بالقرآن الكريم ويقول: والله ليس في ذهني منظر امرأة أجنبية، أنا أعرف خالتي، عمتي، أختي.. كلّ ما أحبّ أن أتصور امرأة أجنبية، لا تأتي إلا أن أخترع أنا صورة، وإلا ليس في بالي لا ممثلة، ولا مطربة، ولا مذيعة، ولا…الخ، أنا ليس في بالي صورة أجنبية.. ألا يعتبر هذه مزية في هذه الأيام، أن يكون ذهنه خاليا من كلّ صورة؟.. يقول: أنتظر فقط محرم واحدة، وهي زوجة المستقبل، نعم هذا محرم جديد، وإلا فأنا محارمي هم هؤلاء.. هذه حركة جيدة، ولكن في مقام العمل المؤمن بعض الأوقات تصفو نفسه، ويعقد عزمة من عزمات الملوك.. علينا أن نكون عباداً لله -عزّ وجل-، ولكن عبودية مطلقة: عبودية في الفكر، وعبودية في القلب، وعبودية في الجوارح.. هذه الأيام أغلب الناس عبوديتهم في الجوارح، أما الجوانح فيها ما فيها من خلط وخبط.

– إن المؤمن إذا عزم أن يكون عبداً صالحاً لله -عزّ وجلّ-، فالشيطان يثير مَن حوله، يرى حياته الزوجية مستقرة، وإذا بالزوجة أصبحت مشاكسة، لا تتحمل منه كلمة.. أول خطوة على العبد أن يقوم بها: أن يفتح الصحيفة السجادية، ويستعيذ بالله -عزّ وجلّ-.. عليه أن يعلم أنّ هنالك انتقاما من إبليس، يريد أن يلقي القبض على أحد الضعيفين: إذا كان الزوج هو القوي، والزوجة هي الضعيفة؛ فإنه يعشش في قلبها.. فليقل: يا ربّ، إدفع كيد الشيطان عني، ولا تجعل للشيطان علينا سبيلا.. وإذا كانت الزوجة هي القوية، والزوج في ليلة وضحاها يتغير، وتتغير مسيرته في الحياة: الذي كان قائماً في المسجد، يصبح مع شلة الفساد، ويذهب هنا وهناك، ما الذي جرى؟.. نعم، إنها الشياطين حريصة جداً على تغيير مسيرة العبد في هذه الحياة.

فإذن، إذا صار بوادر اختلاف بين الزوجين، على المرأة والرجل أن يصليا ركعتين بين يدي الله -عزّ وجلّ-، ويطلبا من الله -عزّ وجل- أن يرفع رجس الشيطان عنهما.. إنّ للشيطان في حياته مواقف يطير فيها فرحاً، ويعتبره إنجازا يعتدّ به.. ومن مواطن فرح الأبالسة، وعلى رأسهم الشيطان الكبير أن يفرّق بين زوجين، وعندما يدبّ الخلاف بينهما، الأمر يتعدّى للأولاد.. أو تعلم أنّ من صور انحراف الأولاد، اختلاف الأبوين؟.. الوالدان اللذان هما من وجهاء الناس، يصلون في الصفّ الأول، ويتقمصون ثياب الدين، ولكن سلوكهم في المنزل لا يمت للدين بصلة؟!.. عندها يقول الأولاد: إذا هذا كان هذا أثر الدين، وإذا كانت مدرسة المسجد هذا خريّجه؛ فلا داعي لهذا الدين ولا لهذا المسجد.. نعم بعض الشباب هذا منطقهم، يقول: إذا كان التدين أمر راجح لأثّر على أبي وعلى والدتي، ما بالهما يفحشان في القول، وما بالهما يضربان من دون سبب؟.. وتعظم المصيبة عندما يجتمع الأولاد ذكوراً وإناثاً لفضّ النزاع بين الأبوين، الأب يريد أن يضرب زوجته ويأتي الأولاد ويقبلون يدي والدهم ويطلبون منه أن لا يضرب والدتهم وهي في هذا السنّ.. طبيعي هذه كارثة ما وراءها كارثة، الشيطان في مثل هذه اللحظات يصعد إلى السموات فرحاً، بأنه أنجز مهمة في هذه الحياة.

– إن الخلاف أيام الشباب يصير أقلّ في حالة المحبة والغرام، فالمزاج الشبابي مزاج قوي يتحمل.. بعض الخلافات مضحكة في سن متقدمة، رجل في سنّ السبعين والثمانين ويذهب للمحاكم ليطلّق زوجته في سنّ الستين، هذه بأي منطق تُفسر؟.. الشيطان لا ييأس من الإنسان حتى في اللحظات الأخيرة.. استعذ بالله من العديلة، ليس العديلة فقط في الاعتقاد، البعض يقول: الحمد الله أنا مطمئن من حيث الاعتقاد، مستحيل أن يسلب الشيطان مني اعتقادي وقت الموت.. ولكن ماذا نعمل بالعديلة في الأخلاق، وبالعديلة في السلوك، وبالعديلة في الكلام؟..

– إن الذي يجعل المؤمن في اضطراب دائم، هو الخوف من عواقب الأمور.. لا ينبغي للإنسان أن يرتاح من وضعه الفعلي، هذا الوضع الفعلي يا ليته يدوم، فالخوف من المفاجآت!.. بعض أصحاب أمير المؤمنين (ع) نقل في التأريخ عنهم أنه شرك في دم الحسين (ع).. يبدو أن آخر الزمان هو زمان الانتكاسات الكبرى، يغدو الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، خاصة الذين يذهبون إلى بلاد الغرب من دون حصانة، يذهب سنة إلى بلاد الغرب، فينكر كلّ شيء، حتى الذات الإلهية المقدسة.. نعم جعل كلّ ذلك في خانة الإنكار.. من موجبات تثبيت العقيدة وحسن العاقبة، ذكر أهل البيت (ع)، هناك اعتقاد من باب التجربة: الذين يخدمون مجالس الحسين (ع)، الذين قلوبهم في مثل هذه البيوت، هناك بعض المؤمنين في محرم، وفي صفر، وفي الأيام الفاطمية، وفي أيام شهر رمضان.. هذه المحطات الأربعة المباركة، لو قيل لهم: هنالك أرقى فيلم في العالم في قبال المسجد، وفي قبال المأتم، تعال نذهب إلى هناك!.. فإنهم لا يعيشون حالة التردد في رفض ذلك.. مع الأسف هذه الليالي، بعض الناس يترك المجالس العامرة من أجل مسلسل فكاهي يقوم به بعض الفسقة وبعض الفاسقات.. الذين يحيون مجالس أهل البيت (ع)، ولو بتقديم الشاي للجمهور، هؤلاء كأنه لهم -إن شاء الله- حصانة في يوم ما.. نعم، هذه الخدمة سواء في المساجد أو في المآتم، هؤلاء سيؤخذ بأيديهم في يوم من الأيام.

Layer-5.png

ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.