ليلة النصف من شعبان هي أفضل الليالي بعد ليلة القدر وفيها ولد الإمام صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه) ذكر لها الشيخ عباس القمي في كتاب مفاتيح الجنان أعمالا كثيرة تتناسب وعظمة هذه الليلة المباركة منها: الغسل ومنها إحياء الليل بالصلاة والدعاء والاستغفار، وهي متوفرة لكم في موقع السراج.
- مفاتيح الجنان
- » أعمال أشهر السنة
- » ليلة النصف من شعبان
وهي ليلة بالغة الشرف، وقد روي عن الصادق (عليه السلام) قال: «سئل الباقر (عليه السلام) عن فضل ليلة النصف من شعبان فقال (عليه السلام) : هي أفضل الليالي بعد ليلة القدر فيها يمنح الله العباد فضله ويغفر لهم بمنّه، فاجتهدوا في القربة إلى الله تعالى فيها فإنّها ليلة آلى الله عز وجل على نفسه أن لا يردّ سائلاً فيها مالم يسأل المعصية، وإنها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبينّا (عليه السلام) ، فاجتهدوا في دعاء الله تعالى والثناء عليه»… الخبر.
ومن عظيم بركات هذه الليلة المباركة أنّها ميلاد سلطان العصر وإمام الزمان أرواحنا له الفداء ولد عند السحر سنة خمس وخمسين ومائتين في سرّ من رأى وهذا ما يزيد هذه الليلة شرفاً وفضلاً، وقد ورد فيها أعمال:
أولها: الغسل، فإنّه يوجب تخفيف الذنوب.
الثاني: إحياؤها بالصلاة والدعاء والاستغفار كما كان يصنع الإمام زين العابدين (عليه السلام) . وفي الحديث: «من أحيا هذه الليلة لم يمت قلبه يوم تموت فيه القلوب».
الثالث: زيارة الحسين (عليه السلام) ، وهي أفضل أعمال هذه الليلة وتوجب غفران الذنوب، ومن أراد أن يصافحه أرواح مائة وأربعة وعشرين الف نبي فليزره (عليه السلام) في هذه الليلة، وأقلّ ما يزار به (عليه السلام) أن يصعد الزائر سطحاً مرتفعاً فينظر يمنة ويسرة ثمّ يرفع رأسه إلى السماء فيزوره (عليه السلام) بهذه الكلّمات: السَّلامُ عَلَيكَ يا أبا عَبدِ الله السَّلامُ عَلَيكَ وَرَحمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ.
ويُرجى لمن زار الحسين (عليه السلام) حيثما كان بهذه الزيارة يُكتب له أجر حجة وعمرّة، ونحن سنذكر في باب الزيارات ما يختصّ بهذه الليلة منها إن شاء الله.
الرابع: أن يدعو بهذا الدعاء الذي رواه الشيخ والسيد وهو بمثابة زيارة للإمام الغائب (صلوات الله عليه) :
اللهُمَّ بِحَقِّ لَيلَتِنا وَمَولودِها وَحُجَّتِكَ وَمَوعودِها الَّتي قَرَنتَ إلى فَضلِها فَضلاً فَتَمَّت كَلِمَتُكَ صِدقاً وَعَدلاً، لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِكَ وَلا مُعَقِّبَ لآياتِكَ نورُكَ المُتَألِّقُ وَضياؤُكَ المُشرِقُ وَالعَلَمُ النّورُ في طَخياء الدَيجورِ، الغائِبُ المَستورُ جَلَّ مَولِدُهُ وَكَرُمَ مَحتِدُهُ وَالمَلائِكَةُ شُهَّدُهُ وَالله ناصِرُهُ وَمُؤَيِّدُهُ إذا آنَ ميعادُهُ وَالمَلائِكَةُ أمدادُهُ، سَيفُ الله الَّذي لا يَنبو وَنورُهُ الَّذي لا يَخبو وَذو الحِلمِ الَّذي لا يَصبو مَدارُ الدَّهرِ وَنَواميسُ العَصرِ وَوُلاةُ الأمرِ وَالمُنَزَّلُ عَلَيهِم ما يَتَنَزَّلُ في لَيلَةِ القَدرِ وَأصحابُ الحَشرِ وَالنَشرِ تَراجِمَةُ وَحيِهِ وَوُلاةُ أمرِهِ وَنَهيِهِ.
اللهُمَّ فَصَلِّ عَلى خاتِمِهِم وَقائِمِهِم المَستورِ عَن عَوالِمِهِم، اللهُمَّ وَأدرِك بِنا أيامَهُ وَظُهورَهُ وَقيامَهُ وَاجعَلنا مِن أنصارِهِ وَاقرِن ثَأرَنا بِثَأرِهِ وَاكتُبنا في أعوانِهِ وَخُلَصائِهِ وَأحيِنا في دَولَتِهِ ناعِمينَ وَبِصُحبَتِهِ غانِمينَ وَبِحَقِّهِ قائِمينَ وَمِنَ السّوءِ سالِمينَ يا أرحَمَ الرَّاحِمينَ وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ وَصَلَواتُهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبيِّنَ وَالمُرسَلينَ وَعَلى أهلِ بَيتِهِ الصَّادِقينَ وَعِترَتِهِ النَّاطِقينَ وَالعَن جَميعَ الظَّالِمينَ وَاحكُم بَينَنا وَبَينَهُم يا أحكَمَ الحاكِمينَ.
الخامس: روى الشيخ عن إسماعيل بن فضل الهاشمي قال: علّمني الصادق (عليه السلام) هذا الدعاء لأدعو به ليلة النصف من شعبان:
اللهُمَّ أنتَ الحَيُّ القَيّومُ العَليُّ العَظيمُ الخالِقُ الرَّازِقُ المُحيي المُميتُ البَدئُ البَديعُ، لَكَ الجَلالُ وَلَكَ الفَضلُ وَلَكَ الحَمدُ وَلَكَ المَنُّ وَلَكَ الجودُ وَلَكَ الكَرَمُ وَلَكَ الأمرُ وَلَكَ المَجدُ وَلَكَ الشُّكرُ وَحدَكَ لا شَريكَ لَكَ، يا واِحدُ يا أحَدُ يا صَمَدُ يا مَن لَم يَلِد وَلَم يولَد وَلَم يَكُن لَهُ كُفواً أحَدٌ؛ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغفِر لي وَارحَمني وَاكفِني ما أهَمَّني وَاقضِ دَيني وَوَسِّع عَلَيَّ في رِزقي، فَإنَّكَ في هذِهِ الليلَةِ كُلَّ أمرٍ حَكيمٍ تَفرُقُ وَمَن تَشاءُ مِن خَلقِكَ تَرزُقُ فَارزُقني وَأنتَ خَيرُ الرَّازِقينَ، فَإنَّكَ قُلتَ وَأنتَ خَيرُ القائِلينَ النَّاِطِقينَ: وَاسألوا الله مِن فَضلِهِ فَمِن فَضلِكَ أسألُ وَإياكَ قَصَدتُ وَابنَ نَبيِّكَ اعتَمَدتُ وَلَكَ رَجَوتُ فَارحَمني يا أرحَمَ الرَّاحِمينَ.
السادس: ادع بهذا الدعاء الذي كان يدعو به النبي (صلى الله عليه وآله) في هذه الليلة:
اللهُمَّ اقسِم لَنا مِن خَشيَتِكَ ما يحَوُلُ بَينَنا وَبَينَ مَعصيَتِكَ وَمِن طاعَتِكَ ما تُبَلِّغُنا بِهِ رِضوانَكَ وَمِنَ اليَقينِ ما يَهونُ عَلَينا بِهِ مُصيباتُ الدُّنيا، اللهُمَّ أمتِعنا بِأسماعِنا وَأبصارِنا وَقوَّتِنا ما أحيَيتَنا وَاجعَلهُ الوارِثَ مِنَّا وَاجعَل ثأرَنا عَلى مَن ظَلَمَنا وَانصُرنا عَلى مَن عادانا وَلا تَجعَل مُصيبَتَنا في دينِنا وَلا تَجعَل الدُّنيا أكبَرَ هَمِّنا وَلا مَبلَغَ عِلمِنا، وَلا تُسَلِّط عَلَينا مَن لا يَرحَمُنا بِرَحمَتِكَ يا أرحَمَ الرَّاحِمينَ.
وهذه من الدعوات الجامعات الكاملات، ويغتنم الدعاء به في سائر الأوقات. وفي كتاب (عوالي الّلألي): أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) كان يدعو بهذا الدعاء في كافّة الأوقات.
السابع: أن يقرأ الصلوات التي يدعى بها عند الزوال في كلّ يوم.
الثامن: أن يدعو بدعاء كميل الذي أثبتناه في الباب الأوّل من الكتاب، وهو وارد في هذه الليلة.
التاسع: أن يذكر الله بكلّ من هذه الأذكار مائة مرّة: سُبحانَ اللهِ وَالحَمدُ للهِ وَلا إلهَ إلاّ اللهُ وَاللهُ أكبَرُ، ليغفر الله له ما سلف من معاصيه ويقضي له حوائج الدنيا والآخرة.
العاشر: روى الشيخ في (المصباح) عن أبي يحيى في حديث في فضل ليلة النصف من شعبان أنه قال: قلت لمولاي الصادق (عليه السلام) : ما هو فضل الأدعية في هذه الليلة؟ فقال: «إذا صلّيت العشاء فصلّ ركعتين تقرأ في الاُوّلى الحمد وسورة الجحد وهي سورة قل يا أيها الكافرون، وفي الثانية الحمد وسورة التوحيد وهي سورة قل هو الله أحد، فإذا سلّمت قلت: سُبحانَ اللهِ ثلاثاً وثلاثين مرّة، والحَمدُ لله ثلاثاً وثلاثين مرّة، واللهُ أكبَرُ أربعاً وثلاثين مرّة ثمّ قل:
يا مَن إلَيهِ مَلجأُ العِبادِ في المُهِمَّاِتِ وَإليهِ يَفزَعُ الخَلقُ في المُلِمَّاتِ يا عالِمَ الجَهرِ وَالخَفياتِ يا مَن لا تَخفى عَلَيهِ خَواطِرُ الأوهامِ وَتَصرُّفُ الخَطَراتِ يا رَبَّ الخَلائِقِ وَالبَريات يا مَن بيَدِهِ مَلَكوتُ الأرضينَ وَالسَّماواتِ، أنتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أنتَ أمُتُّ إلَيكَ بِلا إلهَ إلاّ أنتَ فيالا إلهَ إلاّ أنتَ اجعَلني في هذِهِ الليلَةِ مِمَّن نَظَرتَ إلَيهِ فَرَحِمتَهُ وَسَمِعتَ دُعاءَهُ فَأجَبتَهُ وَعَلِمتَ استِقالَتَهُ فَأقَلتَهُ وَتَجاوَزتَ عَن سالِفِ خَطيئَتِهِ وَعَظيمِ جَريرَتِهِ فَقَد استَجَرتُ بِكَ مِن ذُنوبي وَلَجَأتُ إلَيكَ في سَترِ عُيوبي، اللهُمَّ فَجُدْ عَلَيَّ بِكَرَمِكَ وَفَضلِكَ وَاحطُطْ خَطايايَ بِحِلمِكَ وَعَفوِكَ وَتَغَمَّدني في هذِهِ اللَّيلَةِ بِسابِغِ كَرامَتِكَ وَاجعَلني فيها مِن أوليائِكَ الَّذينَ اجتَبَيتَهُم لِطاعَتِكَ وَاختَرتَهُم لِعِبادَتِكَ وَجَعَلتَهُم خالِصَتَكَ وَصَفوَتَكَ، اللهُمَّ اجعَلني مِمَّن سَعَدَ جَدُّهُ وَتَوَفَّرَ مِنَ الخَيراتِ حَظُّهُ وَاجعَلني مِمَّن سَلِمَ فَنَعِمَ وَفازَ فَغَنِمَ وَاكفِني شَرَّ ما أسلَفتُ وَاعصِمني مِنَ الازديادِ في مَعصيَتِكَ وَحَبِّب إلَيَّ طاعَتَكَ وَما يُقَرِّبُني مِنكَ وَيُزلِفُني عِندَكَ. سَيِّدي، إلَيكَ يَلجَأُ الهارِبُ وَمِنكَ يَلتَمِسُ الطَّالِبُ وَعَلى كَرَمِكَ يَعَوِّلُ المُستَقيلُ التائبُ أدَّبتَ عِبادَكَ بِالتَّكَرُّمِ وَأنتَ أكرَمُ الأكرَمينَ وَأمَرتَ بِالعَفوِ عِبادَكَ وَأنتَ الغَفورُ الرَّحيمُ، اللهُمَّ فَلا تَحرِمني ما رَجَوتُ مِن كَرَمِكَ وَلا تُؤيِسني مِن سابِغِ نِعَمِكَ وَلا تُخَيِّبني مِن جَزيلِ قِسَمِكَ في هذِهِ اللَّيلَةِ لأهلِ طاعَتِكَ وَاجعَلني في جُنَّةٍ مِن شِرارِ بَريَّتِكَ. رَبِّ إن لم أكُنْ مِنْ أهلِ ذلِكَ فَأنتَ أهلُ الكَرَمِ وَالعَفوِ وَالمَغفِرَةِ وَجُدْ عَلَيَّ بِما أنتَ أهلُهُ لا بِما أستَحِقُّهُ فَقَد حَسُنَ ظَنّي بِكَ وَتَحَقَّقَ رَجائي لَكَ وَعَلِقَت نَفسي بِكَرَمِكَ فَأنتَ أرحَمُ الرَّاحِمينَ وَأكرَمُ الأكرَمينَ، اللهُمَّ وَاخصُصني مِن كَرَمِكَ بِجَزيلِ قِسَمِكَ وَأعوذُ بِعَفوِكَ مِن عُقوبَتِكَ وَاغفِر لي الذَّنبَ الَّذي يَحبِسُ عَلَيَّ الخُلُقَ وَيُضيِّقُ عَلَيَّ الرِّزقَ حَتّى أقومَ بصالِحِ رِضاكَ وَانعَمَ بِجَزيلِ عَطائِكَ وَأسعَدَ بِسابِغِ نَعمائِكَ، فَقَد لُذتُ بِحَرَمِكَ وَتَعَرَّضتُ لِكَرَمِكَ وَاستَعَذتُ بِعَفوِكَ مِن عُقوبَتِكَ وبِحِلمِكَ مِن غَضَبِكَ فَجُد بِما سألتُكَ وَأنِل ما التَمَستُ مِنكَ أسألُكَ بِكَ لا بِشيءٍ هُوَ أعظَمُ مِنكَ ».
ثمّ تسجد وتقول: يا رَبّ عشرين مرّة، يا اللهُ سبع مرّات، لا حَولَ وَلا قوَّةَ إلاّ بِاللهِ سبع مرّات، ما شاءَ اللهُ عشر مرّات، لا قوَّةَ إلاّ بِاللهِ عشر مرّات، ثمّ تصلّي على النبي (صلى الله عليه وآله) وآله وتسأل حاجتك، فوالله لو سألت بها بعدد القطر لبلّغك الله عزّ وجلّ إياها بكرمه وفضله.
الحادي عشر: قال الطوسي والكفعمي: يقال في هذه الليلة:
إلهي تَعَرَّضَ لَكَ في هذا اللَّيلِ المُتَعَرِّضونَ وَقَصَدَكَ القاصِدونَ وَأمَّلَ فَضلَكَ وَمَعروفَكَ الطَّالِبونَ وَلَكَ في هذا اللَّيلِ نَفَحاتٌ وَجَوائِزٌ وَعَطايا وَمَواهِبُ تَمُنُّ بِها عَلى مَن تَشاءُ مِن عِبادِكَ وَتَمنَعُها مَن لَم تَسبِقَ لَهُ العِنايَةُ مِنكَ، وَها أنا ذا عُبَيدُكَ الفَقيرُ إلَيكَ المُؤَمِّلُ فَضلَكَ وَمَعروفَكَ، فَإن كُنتَ يا مَولاي تَفَضَّلتَ في هذِهِ اللَّيلَةِ عَلى أحَدٍ مِن خَلقِكَ وَعُدتَ عَلَيهِ بِعائِدَةٍ مِن عَطفِكَ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ الطَيِّبينَ الطَّاهِرينَ الخَيِّرينَ الفاضِلينَ، وَجُدْ عَلَيَّ بِطَولِكَ وَمَعروفِكَ يا رَبَّ العالَمينَ، وَصَلَّى اللهَُ عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبيّينَ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ وَسَلَّمَ تَسليماً، إنَ الله حَميدٌ مَجيدٌ. اللهُمَّ إنّي أدعوكَ كَما أمَرتَ فَاستَجِب لي كَما وَعَدتَ إنَّكَ لا تُخلِفُ الميعادَ. وهذا دعاء يُدعى به في الأسحار عقيب صلاة الشفع.
الثاني عشر: أن يدعو بعد كلّ ركعتين من صلاة الليل وبعد الشفع والوتر بما رواه الشيخ والسيد.
الثالث عشر: أن يسجد السجدات ويدعو بالدعوات المأثورة عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، منها مارواه الشيخ، عن حماد بن عيسى، عن أبان بن تغلب قال: قال الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) : «كان ليلة النصف من شعبان وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند عائشة، فلما انتصف الليل قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن فراشه فلما انتبهت وجدت رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد قام عن فراشها، فداخلها ما يدخل النساء ـ أي الغيرة ـ وظنّت أنّه قد قام إلى بعض نسائه، فقامت وتلفّفت بشملتها، وأيم الله ما كانت قزّاً ولا كتّاناً ولاقطناً ولكن سداه شعراً ولحمته أوبار الإبل فقامت تطلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجر نسائه حجرة حجرة، فبينا هي كذلك إذ نظرت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ساجداً كثوب متلبّد بوجه الأرض، فدنت منه قريباً فسمعته يقول في سجوده:
سَجدَ لَكَ سَوادي وَخيالي وَآمَنَ بِكَ فُؤادي هذِهِ يَدايَ وَما جَنَيتُهُ عَلى نَفسي يا عَظيمُ تُرجى لِكُلِّ عَظيمٍ اغفِر ليَ العَظيمَ فَإنَّهُ لا يَغفِرُ الذَّنبَ العَظيمَ إلاّ الرَبُّ العَظيمُ.
ثمّ رفع رأسه وأهوى ثانيا إلى السجود وسمعته عائشة يقول:
أعوذُ بِنورِ وَجهِكَ الَّذي أضاءَتْ لَهُ السَّماواتُ وَالأرضونَ وانكَشَفَتْ لَهُ الظُّلُماتُ وَصَلَحَ عَلَيهِ أمرُ الأوّلينَ وَالآخِرينَ مِن فُجأةِ نَقِمَتِكَ وَمِن تَحويلِ عافيَتِكَ وَمِن زَوالِ نِعمَتِكَ، اللهُمَّ ارزُقني قَلباً تَقياً نَقياً وَمِنَ الشِّركِ بَريئاً لا كافِراً وَلا شَقيا.
ثمّ عفّر خديه في التراب وقال: عَفَّرتُ وَجهي في التُّرابِ وَحُقَّ لي أن أسجُدَ لَكَ.
فلمّا همّ رسول الله بالانصراف هرولت إلى فراشها وأتى النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الفراش، وسمعها تتنفس أنفاساً عالية، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما هذا النفس العالي؟ تعلمين أيّ ليلة هذه؟ ليلة النصف من شعبان، فيها تقسم الأرزاق وفيها تكتب الآجال وفيها يكتب وفد الحاج، وإنّ الله تعالى ليغفر في هذه الليلة من خلقه أكثر من شعر معزى قبيلة كلّب، وينزل الله ملائكته من السماء إلى الأرض بمكة».
الرابع عشر: أن يصلّي صلاة جعفر، كما رواه الشيخ عن الرضا (صلوات الله عليه).
الخامس عشر: أن يا تي بما ورد في هذه الليلة من الصلوات وهي كثيرة منها ما رواها أبو يحيى الصنعاني عن الباقر والصادق (عليهما السلام) ورواها عنهما أيضاً ثلاثون نفراً ممّن يوثق بهم ويعتمد عليهم، قالوا: قالا (عليهما السلام) : «إذا كانت ليلة النصف من شعبان فصلّ أربع ركعات تقرأ في كلّ ركعة الحمد وقل هو الله أحد مائة مرّة، فإذا فرغت فقل:
اللهُمَّ إنّي إلَيكَ فَقيرٌ وَمِن عَذابِكَ خائِفٌ مُستَجيرٌ، اللهُمَّ لا تُبَدِّلْ اسمي وَلا تُغَيِّر جِسمي وَلا تَجهَد بَلائي وَلا تُشمِتْ بي أعدائي، أعوذُ بِعَفوِكَ مِن عِقابِكَ وَأعوذُ بِرَحمَتِكَ مِن عَذابِكَ وَأعوذُ بِرِضاكَ مِن سَخَطِكَ وَأعوذُ بِكَ مِنكَ جَلَّ ثَناؤُكَ أنتَ كَما أثنَيتَ عَلى نَفسِكَ وَفَوقَ ما يَقولُ القائِلونَ».
واعلم أنّه قد ورد في الحديث فضل كثير لصلاة مائة ركعة في هذه الليلة، تقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة والتوحيد عشر مرّات، وقد مرّ في أعمال شهر رجب صفة الصلاة ست ركعات في هذه الليلة يقرأ فيها سورة الحمد ويس وتبارك والتوحيد.