باب في التعقيبات العامة التي ذكرها الشيخ عباس القمي في كتاب مفاتيح الجنان عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) وهي ما يعقب بها عامّة الصلوات فلا تخص صلاة خاصّة، وهي كثيرة اكتفى الشيخ بنقل جزء منها.
- مفاتيح الجنان
- » الباقيات الصالحات
- » التعقيبات العامة
أقول: قد ورد عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) للتعقيب أدعية كثيرة للدنيا والآخرة.
والصلاة هي أشرف العبادات الجوارحية ولتعقيباتها المأثورة أثر بالغ في تكميلها وتتميمها، كما أنها تورث رفع الدرجات والحطّ من السيّئات وحصول المطالب والحاجات، وهذا ما حملني على أن أورد نبذا منها هنا في هذه الرسالة اقتباسا في الأغلب من كتابي (البحار) و (المقباس) للعلامة المجلسي عطر الله مرقده الشريف.
فأقول: إنّ التعقيبات المأثورة نوعان عامّة وخاصّة:
فالتعقيبات العامة
وهي ما يعقب بها عامّة الصلوات فلا تخص صلاة خاصّة، وهي كثيرة ونكتفي بإيراد جملة منها:
الأول: تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام)، والأحاديث المأثورة في فضل هذا التسبيح تفوق حد الاحصاء.
وعن الصادق (عليه السلام) أنّه قال: إنا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة الزهراء (عليه السلام) كما نأمرهم بالصلاة فالزمه فإنّه لم يلزمه عبد فشقي.
وقد أتى في الروايات المعتبرة أنّ الذكر الكثير المأمور به في الكتاب العزيز هو هذا التسبيح ومن واظب عليه بعد الصلوات فقد ذكر الله ذكراً كَثِيراً وعمل بهذه الآية الكريمة: واذْكُروا الله ذِكْراً كَثِيراً.
وبسند معتبر عن الباقر (عليه السلام) أنّه قال: من سبّح تسبيح فاطمة سلام الله عليها ثم استغفر الله غفر الله له وهو مائة على اللّسان وألف في الميزان ويطرد الشيطان ويرضي الرب.
وبأسناد صحاح عن الصادق (عليه السلام) أنّه قال:من سبح بتسبيح فاطمة (عليها السلام) قبل أن يثني رجليه من صلاة الفريضة غفر له ووجبت له الجنة.
وفي سندٍ معتبر آخر عنه (عليه السلام) أنّه قال: تسبيح الزهراء فاطمة (عليها السلام) في دبر كل فريضة أحب إليّ من صلاة ألف ركعة في كل يوم.
وفي رواية معتبرة عن الباقر (عليه السلام) قال: ما عبد الله بشي من التسبيح والتمجيد أفضل من تسبيح فاطمة (عليها السلام) ولو كان شي أفضل منه لاعطاه النبي (صلّى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) والأحاديث في فضل ذلك أكثر من أن تستوعبها هذه الرسالة.
وفي وصف هذا التسبيح: فقد اختلفت الروايات وهو على الأشهر والأظهر: أربع وثلاثون مرة: الله أكْبَرُ، وثلاث وثلاثون مرة: الحَمْدُ لله، وثلاث وثلاثون مرة: سُبْحانَ اللّهِ. وذكر سبحان الله قد أتى في بعض الأحاديث مقدما على الحمد للّه. وقد جمع بين هذه الرويات بعض العلماء فراي أن يؤتى بالتسبيحات على الطريقة الأولى في أعقاب الصلوات وعلى الطريقة الثانية عند النوم، والعمل على الطريقة الأولى المشهورة هو الأولي على الظاهر سواء عند النوم، أو عقيب الصلوات.
ومن المسنون أن يهلل بعد التسبيحات قائلاً: لا إِلهَ إِلاّ اللّه. فعن الصادق (عليه السلام) أنّه قال: من سبح بعد كل فريضة بتسبيح فاطمة (عليها سلام اللّه) وعقبه بلا اله إِلاّ الله غفر الله له. والأفضل أن يحصي عدد التسبيحات بسبحة مصنوعة من تربة الحسين (عليه السلام) وهو سنّة في جميع الأذكار.
ويستحب للمرء أيضاً أن يحمل معه سبحة من تراب الحسين (عليه السلام) وهي حرز من البلايا ومورثة لمثوبات غير متناهية.
وروي أن فاطمة (عليها السلام) كانت سبحتها من خيط صوف مفتل معقود عليه، فكانت تديرها بيدها تكبّر وتسبح إلى أن قتل حمزة بن عبد المطلب (رضي الله تعالى عنه) فاستعملت تربته وعملت التسابيح فاستعملها الناس، فلما قتل الحسين سيّد الشهداء (عليه السلام) عدل بالأمر إليه فاستعملوا تربته. وعن الإمام المنتظر (عليه السلام) قال: من نسي الذكر وفي يده سبحة من تربة الحسين (عليه السلام) كتب له أجره.
وعن الصادق (عليه السلام): السبحة التي من قبر الحسين (عليه السلام) تسبح بيد الرجل من غير أن يُسبّح. وقال: من أدار الحجر من تربة الحسين (عليه السلام) فاستغفر به مرّة واحدة كتب الله له سبعين مرة، وإن أمسك السبحة بيده ولم يسبّح بها ففي كلّ حبّة منها سبع مرات.
وعلى رواية أخرى: إن أدارها مع الذكر كتب له بكل حبّة أربعون حسنة. وروي أن الحور العين إذا أبصرن بواحد من الاملاك يهبط إلى الأرض لأمر ما، يستهدين منه السبح والترب من طين قبر الحسين (عليه السلام).
وفي الصحيح عن الإمام موسى (عليه السلام) قال: لا يخلو المؤمن من خمسة: سواك، ومشط، وسجّادة، وسبحة فيها أربع وثلاثون حبّة وخاتم عقيق.
والظاهر أن للسبحة من الخزف أيضاً فضل، ولكنّها من الطين الذي لا يمسّه النار أحسن. وعن الصادق (عليه السلام) قال: من سبح بسبحة من طين قبر الحسين (عليه السلام) تسبيحة كتب الله له أربعمائة حسنة ومحا عنه أربعمائة سيئة وقضيت له أربعمائة حاجة ورفعت له أربعمائة درجة. وروي استحباب أن يكون لون خيطها أزرق. ويستفاد من بعض الروايات أن الأفضل للنساء أن يعقدن بالأنامل، ولكن الأحاديث الدّاله على استحباب العقد بالتربة مطلقا هي الأكثر والأقوى.
الثاني: يستحب أن يكبر بعد الفريضة ثلاثا يرفع عند كل تكبيرة يديه إلى حيال وجهه ثم ينزلهما إلى ركبتيه أو قريبا منهما. كما روى علي بن طاووس وابن بابويه بأسناد معتبرة عن المفضّل بن عمر قال: قلت للصادق (عليه السلام) لأي علة يكبّر المصلّي بعد التسليم ثلاثاً يرفع بها يديه؟ فقال (عليه السلام): لأن النبي (صلّى الله عليه وآله) لمّا فتح مكة صلّى بأصحابه الظهر عند الحجر الأسود فلما سلّم رفع يديه وكبّر ثلاثا وقال: لا إلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ وَحْدَهُ وَحْدَهُ أنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَأعَزَّ جُنْدَهُ وَغَلَبَ الاَحزابَ وَحْدَهُ، فَلَهُ المُلْكَ وَلَهُ الحَمْدُ يُحْيي وَيُميتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيٍ قَديرٌ.
ثم أقبل على أصحابه فقال: لا تدعوا هذا التكبير وهذا القول في دبر كل صلاة مكتوبة فإن من فعل ذلك بعد التسليم وقال هذا القول كان قد أدّى ما يجب عليه من شكر الله تعالى ذكره على تقوية الاسلام وجنده. وفي الصحيح عن الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) أنه كان إذا فرغ من الصلاة يرفع يديه فوق رأسه ويدعو. وعن الإمام محمّد الباقر (صلوات الله وسلامه عليه) أنه قال: إذا رفع العبد كفّه إلى الله تعالى استحى الله أن يردّها خالية فإذا دعوتم فلا تضعوا أيديكم إلا وتمسحون بها وجوهكم. الثالث: روى الكليني بسند معتبر عن الباقر (عليه السلام) أنه قال: من دعا بهذا الدعاء ثلاث مرات بعد الفريضة قبل أن يحوّل رجليه غفر الله ذنوبه وإن كانت كزبد البحار: أسْتَغْفِرُ الله الَّذِي لا إلهَ إِلاّ هُوَ الحَيُّ القَيّومُ ذُوالجَلالِ وَالاكْرامِ وَأتُوبُ إلَيْهِ. وعلى رواية أخرى أن من استغفر الله في كل يوم بهذا الاستغفار غفر الله له أربعين كبيرة من سيئاته.
الرابع: روى الكليني عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: لا تدع أن تقول بعد كل صلاة: أعيذُ نَفْسي وَما رَزَقَني رَبِّي بِالله الواحِدِ الصَمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفْوا أحَدٌ، وَأعِيذُ نَفْسي وَما رَزَقَني رَبِّي بِرَبِّ الفَلَقِ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ وَمِنْ شَرِّ النَفّاثاتِ في العُقَدِ وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إذا حَسَدْ، وَأعِيذُ نَفْسي وَما رَزَقَني رَبِّي بِرَبِّ النّاسِ مَلِكِ النّاسِ إلهِ النّاس مِنْ شَرِّ الوِسْواسِ الخَنّاسَ الَّذِي يُوَسْوِسُ في صُدُورِ النّاسِ مِنَ الجِنّةِ وَالنّاسِ.
الخامس: روى الكليني في حديث معتبر عن عليّ بن مهزيار قال: كتب محمد بن إبراهيم إلى أبي الحسن النقي (عليه السلام): إن رأيت يا سيّدي أن تعلّمني دعاء أدعو به في دبر صلاتي يجمع الله لي به خير الدنيا والآخرة فكتب (عليه السلام) تقول: أعُوذ بِوَجْهِكَ الكَريمُ وَعِزَّتِكَ الَّتي لاتُرامُ وَقُدْرَتِكَ الَّتي لا يَمْتَنِعُ مِنْها شَيٌ مِنْ شَرِّ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ وَمِنْ شَرِّ الاوْجاعِ كُلِّها. وزاد في اَّخره في بعض الروايات: وَلا حَوْلَ وَلا قُوَةَ إِلاّ بِالله العَليّ العَظيمِ.
السادس: روى الكليني وابن بابويه بأسناد صحاح وغير صحاح عن الباقر والصادق (عليه السلام): إن أدنى ما يجزي من الدعاء بعد المكتوبة أن تقول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أحاطَ بِهِ عِلْمُكْ وَأعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ أحاطَ بِهِ عِلْمُكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عافِيَتِكَ في أُموري كُلِّها وَأعوذُ بِكَ مِنْ خِزْي الدُّنْيا وَعَذابِ الاخِرَةِ. وعلى رواية ابن بابويه: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ… إلى آخر الدعاء.
السابع: من المسنون أن يقول إذا فرغ من الصلاة: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ وَأجِرْني مِنَ النّارِ وَأدْخِلْني الجَنَّةَ وَزَوجْني الحُورَ العينَ. كما في الحديث المعتبر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: لا يفتل العبد من صلاته حتى يسأل الله الجنة ويستجير به من النار ويسأله أن يزوّجه من الحور العين.
الثامن: بسند موثق عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: لما أمر الله عزَّ وجلَّ هذه الآيات أن يهبطن إلى الأرض تعلّقن بالعرش وقلن أي رب إلى أين تهبطنا إلى أهل الخطايا والذنوب؟ فأوحى الله عزَّ وجلَّ إليهنّ أن اهبطن، فوعزتي وجلالي لا يتلوكنَّ أحد من آل محمد وشيعتهم إِلاّ نظرت إليه بعيني المكنونة في كل يوم سبعين نظرة أقضي له في كل نظرة سبعين حاجة وقبلته على ما فيه من المعاصي. وقال على رواية أخرى من تلاها عقيب كل صلاة أسكنته حظيرة قدسي على ما فيه من المعاصي، وإن لم أصنع ذلك نظرت إليه نظرتي الخاصة في كل يوم سبعين نظرة، وإن لم أصنع قضيت له في كل يوم سبعين حاجة أدناها غفران الذنوب، وإن لم أصنع عوّذته من الشيطان ومن كل عدو ونصرته عليهم ولم يمنعه من دخول الجنة مانع سوى الموت. وهذه الآيات هي: سورة الفاتحة إلى آخرها، وآية الكرسي وقراءتها إلى: هم فيها خالدون أحسن، وآية الشهادة وهي: شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَالمَلائِكَةُ وَأولوا العِلْمِ قائِما بِالقِسْطِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ العَزيزُ الحَكيمُ إنَّ الدّينَ عِنْدَ الله الاسْلامُ وَمااخْتَلَفَ الَّذينَ أُوتوا الكِتابَ إِلاّ مِنْ بَعْدِ ماجأَهُمْ العِلْمُ بَغْيا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ الله فِإنَ الله سَريعُ الحِسابِ. وآية الملك وهي: قُلْ اللَّهُمَّ مالِكَ المُلْكِ تؤتي المُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ المُلْكَ مِمّنْ تَشاءُ وَتُعِزّ مِنْ تَشاءُ وَتُذِلّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيٍ قَديرٌ تُولِجُ اللّيْلَ في النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ في اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيّ وَتَرْزِقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ.
وبسند معتبر عن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يضره ذو حمة. وقال (عليه السلام) في رواية معتبرة أخرى قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي عليك بتلاوة آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة فإنّه لا يتحافظ عليها إِلاّ نبي أو صدّيق أو شهيد.
وعن النبي (صلّى الله عليه وآله) قال: من تلا آية الكرسي دبر كل صلاة فليس له مانع من دخول الجنّة سوى الموت.
وعلى رواية أخرى: من تلاها بعد كل فريضة قبلت صلاته وكان في أمان الله وصانه الله من البلايا والذنوب.
التاسع: روى الكليني وابن بابويه وغيرهما بأسناد معتبرة عن محمّد الباقر (عليه السلام) قال: أتى رجل النبي (صلّى الله عليه وآله) يقال له شيبة الهذلي فقال: يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إني شيخ قد كبرت سنّي وضعفتْ قوتي عن عمل كنت قد عوّدته نفسي من صلاة وصيام وحجّ وجهاد. فعلّمني يا رسول الله كلاما ينفعني الله به وخفّف عليّ يا رسول اللّه. فقال: أعدها فأعادها ثلاث مرات فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما حولك شجرة ولا مدرة إِلاّ وقد بكت من رحمتك فإذا صليت الصبح فقل عشر مرات:
سُبْحانَ العَظيمِ وَبِحَمْدِهِ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلي العَظيمِ فإن الله عزَّ وجلَّ يعافيك بذلك من العمى والجنون والجذام والفقر والهرم. فقال: يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) هذا للدنيا فما للآخرة. فقال: تقول في دبر كل صلاة:
اللَّهُمَّ اهْدِني مِنْ عِنْدِكَ وَأفِضِ عَليّ مِنْ فَضْلِكَ وَأنْشُرْ عَليَّ مِنْ رَحْمَتِكَ وَأنْزِلْ عَليَّ مِنْ بَرَكاتِكَ. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أما أنّه إن وافى بها يوم القيامة لم يدعها متعمداً فتحت له ثمانية أبواب الجنّة يدخلها من أيها شاء. والدعاء يختلف عن هذا الدعاء على رواية أخرى مروية أيضاً بأسناد معتبرة.
العاشر: أن يسبّح بالتسبيحات الأربعة كما روى الطوسي وابن بابويه والحميري بأسناد صحيحة عن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لأصحابه ذات يوم: أترون لو جمعتم ما عندكم من الآنية والمتاع، أكنتم ترونه يبلغ السماء قالوا: لا يا رسول الله، قال: أفلا أدلّكم على شي أصله في الأرض وفرعه في السماء. قالوا: بلى يا رسول اللّه.
قال: يقول أحدكم إذا فرغ من الصلاة: سُبْحانَ الله وَالحَمْدُ لله وَلا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أكْبَرُ. ثلاثين مرة فإن أصلهنَّ في الأرض وفرعهن في السماء، وهنّ يدفعن الحرق والغرق والهدم والتردي في البئر وافتراس السباع وميتة السوء وما ينزل في ذلك اليوم من السماء، وهنّ الباقيات الصالحات المذكورة في القرآن. وبأسناد أُخر صحيحة عن الصادق (عليه السلام) قال: مَنْ سبّح بهذه التسبيحات عقيب كل فريضة أربعين مرة قبل أن يتحول من مصلاه قضي له ما سأل.
وفي صحيح آخر عن الصادق (عليه السلام): أنّ من قال دبر الفريضة: سُبْحانَ الله ثلاثين مرة ما بقي عليه ذنب إِلاّ وتساقط. وعنه (صلّى الله عليه وآله) في صحيح اَّخر قال: الذكر الكثير الذي مدحه الله تعالى في كلامه المجيد هو أن تقول: سُبْحانَ الله بعد كل فريضة ثلاثين مرة. روى القطب الراوندي أنه: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) للبراء بن عازب: ألا أدلّك على أمر إذا فعلته كنت ولي الله حقا؟ قلت بلى. قال: تسبّح الله في دبر كل صلاة عشراً بالتسبيحات الأربعة. يصرف ذلك عنك ألف بليّة في الدنيا أحدها الردّة عن دينك، ويدخر لك في الآخرة ألف منزلة أحدها مجاورة نبيّك محمد (صلى الله عليه وآله).
الحادي عشر: عن الكليني عن الصادق (عليه السلام) قال: من قال في دبر الفريضة: يا مَنْ يَفْعَلُ ما يَشاءُ ولا يَفْعَلُ ما يَشاءُ أحَدٌ غَيْرَهُ ثلاثا ثم سأل، أعطي ما سأل.
الثاني عشر: روى البرقي في الموثق عن الصادق (عليه السلام) قال: من هلّل بعد فراغه من الصلاة قبل أن يزوّل ركبتيه بهذا التهليل عشر مرّات محا الله عنه أربعين ألف ألف سيئة وكتب له أربعين ألف ألف حسنة وكان مثل من قرأ القرآن اثنتي عشرة مرة. ثم التفت إليّ فقال: أما أنا فلا أزوّل ركبتي حتى أقولها مائة مرة وأما أنتم فقولوها عشر مرات: أشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ إِلها وَاحِداً أحَداً صَمَداً لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةٍ وَلا وَلَداً. وقد روي لهذا التهليل فضل كثير لا سيّما إذا عقب به صلاة الصبح وصلاة العشاء، وإذا قري عند طلوع الشمس وغروبها.
الثالث عشر: روى الكليني وابن بابويه وغيرهما بأسناد صحيحة عن الصادق (عليه السلام) قال: جاء جبرائيل إلى يوسف (عليهما السلام) في السجن وقال: قل في دبر كل صلاة: اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي فَرَجاً وَمَخْرَجاً وَارْزُقْني مِنْ حَيْثُ أحْتَسِبُ وَمِنْ حَيْثُ لا أحْتَسِبُ.
الرابع عشر: في كتاب (البلد الأمين) عن النبي (صلّى الله عليه وآله) قال: من أراد أن لا يوقفه الله يوم القيامة على قبيح أعماله ولا ينشر له ديوان، فليقرأ هذا الدعاء في دبر كل صلاة وهو: اللَّهُمَّ إِنَّ مَغْفِرَتَكَ أرْجى مِنْ عَمَلي وَإِنَّ رَحْمَتَكَ أوْسَعُ مِنْ ذَنْبِي، اللَّهُمَّ إنْ كانَ ذَنْبي عِنْدَكَ عَظِيما فَعَفوُكَ أعْظَمُ مِنْ ذَنْبِي، اللَّهُمَّ إنْ لَمْ أكُنْ أهْلاً أنْ تَرْحَمَني فَرَحْمَتُكَ أهْلٌ أنْ تَبْلُغَني وَتَسَعَني لاَنَّها وَسِعَتْ كُلَّ شَيٍ بِرَحْمتِكَ يا أرْحَمَ الرّاحِمينَ.
الخامس عشر: روى الكفعمي عن النبي (صلّى الله عليه وآله) أنّ رجلاً شكا إليه العلة والفقر فقال (صلى الله عليه وآله): قل في دبر الفرائض:
تَوَكَّلْتُ عَلى الحَيُّ الَّذِي لا يَموتُ وَالحَمْدُ لله الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ في المُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَليُّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبيراً.
وعلى رواية أخرى قال (صلى الله عليه وآله): ما عرضت لي شده إِلاّ وتمثل لي جبرائيل وقال: قل هذه الكلمات. وعلى روايات معتبرة يكرر هذا الدعاء لوساوس الصدور والدين والفاقة، وصُدّر الدعاء في بعض الروايات ب (لا حول ولا قوة إلاّ باللّه).
السادس عشر: أورد المفيد في المقنعة هذا الدعاء لتعقيب كل صلاة:
اللَّهُمَّ انْفَعْنا بِالعِلْمِ وَزَيِّنَّا بِالحِلْمِ وجَمِّلْنا بِالعافيةِ وَكَرِّمْنا بِالتَقْوى إنَّ وَليّيَ الله الَّذِي نَزَّلَ الكِتابَ وَهُو يَتَولّى الصّالِحينَ.
السابع عشر: عن الطوسي وابن بابويه وغيرهما بأسناد معتبرة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: من أحبّ أن يخرج من الدنيا وقد خلص من الذنوب كما يخلص الذهب لا كدر فيه، وليس أحد يطالبه بمظلمة فليقرأ في دبر الصلوات الخمس نسبة الله عزَّ وجلَّ قُلْ هُوَ الله أَحَد اثنتي عشرة مرة، ثم يبسط يده ويدعو بهذا الدعاء ثم قال (عليه السلام): هذا من المنجيات مما علمني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأمرني أن أعلمه الحسن والحسين (عليهما السلام) وهو هذا الدعاء:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ المَكْنُونِ المَخْزونِ الطّاهِرِ الطُّهْرِ المُبارَكِ وَأسأَلُكَ بِاسْمِكَ العَظيمُ وَسُلْطانِكَ القَديمُ، يا واهِبَ العَطايا يا مُطْلِقَ الاُسارى يا فَكّاكَ الرِّقابِ مِنَ النّارِ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ وَفُكَّ رَقَبَتي مِنَ النّار وَاخْرِجْني مِنَ الدُّنْيا آمِنا وَأدْخِلْني الجَنَّةَ سالِما، وَاجْعَلْ دُعائي أوَّلَهُ فَلاحا وَأوسَطَهُ نَجاحا وَآخِرَهُ صَلاحا إنَّكَ أنْتَ عَلاّ مُ الغُيوبِ.
والدعاء في بعض النسخ المعتبرة هكذا: يا فَكّاكَ الرّقابِ مِنَ النّارِ أسأَلُكَ أنْ تُصَلّي عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأنْ تَعْتِقَ رَقَبَتي مِنَ النّارِ وَأنْ تُخْرِجَني مِنَ الدُّنيا سالِما وَتُدْخِلَني الجَنَّةَ آمِنا وَأنْ تَجْعَلْ دُعائي أوَّلَهُ فَلاحا وَأوسَطَهُ نَجاحا وَآخِرَهُ صَلاحا إنَّكَ أنْتَ عَلاّ مُ الغُيوبِ.
وروى الكليني بسند معتبر عن الصادق (عليه السلام) أن من آمن بالله واليوم الآخر فلا يدع تلاوة قل هو الله أحد بعد كل فريضة فان من تلاها جمع الله له خير الدنيا والآخرة وغفر الله له ولوالديه ولمن انحدر عنهما. وفي رواية أخرى: من قرأ التوحيد دبر كل فريضة عشراً، زوّجه الله من الحور العين.
وروى السيد ابن طاووس عن النبي (صلى الله عليه وآله): أن من تلا سورة التوحيد بعد كل صلاة أمطرت عليه الرحمة من السماء وأنزلت عليه السكينة ونظر الله تعالى إليه نظر الرحمة وغفر له ذنوبه وقضى له ما سأل وكان في أمان اللّه.
الثامن عشر: روى الكليني رض وغيره بسند معتبر عن أهل البيت (عليهم السلام): إنّ من قال بعد كل صلاة وهو آخذ بلحيته بيده اليمنى ويده اليسرى مرفوعة بطنها إلى ما يلي السماء: يا ذا الجَلالِ وَالاكْرامِ ارْحَمْني مِنَ النّار ثلاثا ثم يقول ثلاثا: أجِرْني مِنْ العَذابِ الاليمِ.
ثم يؤخر اليمنى عن لحيته ويجعل بطنها مما يلي السماء ثم يقول: يا عَزيزُ يا كَريمُ يا رَحْمنُ يا غَفورُ يا رَحيمُ، ثلاثا ويقلب يديه ويجعل ظهورهما مما يلي السماء ثم يقول ثلاثا: أجِرْني مِنْ العَذابِ الاليمِ، ثم يقول: وَصَلَّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآله وَالمَلائِكَةُ وَالرّوحُ؛ من فعل ذلك غفر الله له ورضي عنه، ووصله جميع الخلائق بالاستغفار حتّي يموت إِلاّ الثقلين الجِنَّ والانس.
التاسع عشر: روى المفيد في المجالس عن محمد بن الحنفية قال: بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) يطوف بالبيت إذا رجل متعلق بالاستار وهو يدعو بهذا الدعاء، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) هذا دعاؤك؟ قال له الرجل: وهل سمعته؟ قال: نعم.
قال: فادع به في دبر كل صلاة فوالله ما يدعو به أحد من المؤمنين في أدبار الصلاة إِلاّ غفر الله له ذنوبه ولو كانت عدد نجوم السماء وقطرها وحصى الأرض وثراها. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) إنّ علم ذلك عندي والله واسع كريم. فقال له الرجل وهو الخضر (عليه السلام): صدقت والله يا أمير المؤمنين وفوق كل ذي علم عليم. ورواه أيضاً الكفعمي في كتاب (البلد الأمين) وهو هذا الدعاء: يا مَنْ لا يَشْغَلُهُ سَمْعٌ عَنْ سَمْعٍ يا مَنْ لا يُغَلِّطُهُ السّائِلونَ ويا مَنْ لا يُبْرِمُهُ إلحاحُ المُلحّينَ أذِقْنِي بَرْدَ عَفْوِكَ وَمَغْفِرَتِكَ وَحَلاوَةَ رَحْمَتَكَ.
العشرون: روى الديلمي في كتاب (أعلام الدين) عن ابن عبّاس أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال: من قرأ هذه الثلاث آيات ثلاث مرات دبر صلاة المغرب أدرك ما فات في يومه ذلك وقبل صلاته، فإن قرأها دبر كل صلاة من فريضة أو تطوع كتب له من الحسنات عدد نجوم السماء وقطر المطر وعدد ورق الشجر وعدد تراب الأرض فإذا مات أجرى له بكل حسنة عشر حسنات في قبره، وهي هذه الآيات: فَسُبْحانَ الله حينَ تُمْسُونَ وَحينَ تُصبِحُونَ وَلَهُ الحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالارضِ وَعَشِيَّا وَحينَ تُظْهِرُونَ. يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَيُحْيي الارضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ. سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلى المُرسَلينَ وَالحَمْدُلله رَبِّ العالَمينَ.
الحادي والعشرون: روى السيد ابن طاووس بسند معتبر عن جميل ابن دارج قال: دخل رجل على الصادق (عليه السلام) فقال له: يا سيدي علت سني ومات أقاربي وأنا خائف أن يدركني الموت وليس لي من اَّنس به وأرجع إليه. فقال له: إن من إخوانك المؤمنين من هو أقرب نسبا أو سببا وأنسك به خير من أنسك بقريب، وإذا أردت أن يطول عمرك وعمر أقاربك، فعليك بأن تقول عقب كل صلاة: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ، اللَّهُمَّ إنَّ رَسُولَكَ الصّادِقَ المُصَدَّقَ صَلَواتُكَ عَلَيهِ وَآلِهِ قالَ: إِنَّكَ قُلْتَ: ما تَرَدَّدْتُ في شَيٍ أنا فاعِلُهُ كَتَردُّدي في قَبْضِ روحِ عَبْديَ المؤمِنِ يَكْرَهُ المَوْتَ وَأكْرَهُ مُسائَتَهُ، اللَّهُمَّ فصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ لِوَليّكَ الفَرَجَ والعافِيةَ وَالنَصْرَ وَلا تَسؤْني في نَفْسي وَلا في أحَدٍ من أحِبَّتي.
وان شئت فسمّ أحبّتك واحداً واحداً فقل: وَلا في فُلانٍ وَلا في فُلانٍ. قال الرجل: والله لقد عشت حتى سئمت الحياة وهذا دعاء في غاية الاعتبار مرويّ في جميع كتب الدّعوات.