Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
نص المحاضرة (النسخة الأولية)

ان مشكلة الاحباط من الامور التى يعانى منها الكثير فى هذه الايام ، الى حد توصل البعض الى حالة الشلل ، فيفقد امله فى الحياة الناجحة ، ليصبح اخيرا فريسة للوهم والتخبط ، وترك الامور تسير بسكل مسيب .. وبذلك يكون امره اشبه بسائق فقد سيطرته على سيارته ، ليرتطم فى كل ساعة بعقبة من العقبات الى ان يسقط فى الهاوية !.

ان الاحباط له مجالات مختلفة : فتارة يكون فى مجال التعامل مع الله تعالى ، وتارة فى مجال التعامل مع النفس ، وتارة فى مجال التعامل مع المفردات الحياتية ، وتارة فى مجال التعامل مع الوسط الاجتماعى الذى يعيش فيه الفرد .. ومن اراد التخلص من موجبات الاحباط جميعا ، فلا بد له من القضاء على تلك الموجبات فى كل حقل من الحقول السالفة .

ان البعض يبتلى بالاحباط فى العلاقة مع ربه ، بمجرد ارتكاب ذنب أو كان كبيرة من الكبائر، فيرى احساسا بالبعد الباطنى عن مولاه الى درجة يحس بان علاقته معه قد انهارت ، ولا مجال لاعادة الصلة معه ، فيقيس ربه الرحيم بغيره من الذين يقفون موقفا مع كل زله ، والحال ان رأفة الخالق بمخلوقه لا تحيط بها عقولنا ، ويكفى لاثبات ذلك سعة تلك الرحمة الى درجه يطمع فيها ابليس المطرود من رحمة ربه !! .. فمن الممكن ان يعيش الانسان حالة الادبارللتقصير فى حق مولاه ، ولكن ذلك لا يعنى السقوط القاتل ، ليقول بوحى من الشيطان : انا الغريق فما خوفى من البلل ؟!.

واما الاحباط فى مجال التعامل مع البشر، فعليه ان يدرك ان للناس امزجة مختلفه ، وليس من المنطق ابدا ان يتوقع الانسان من الاخرين ان يبرمجوا امورهم وفق مزاجه !! .. كما انه هو ايضا لا يرضى ان يرتب مزاجه على وفق مزاج الاخرين .. وعليه فان خفض مستوى التوقع من الغير، اضافة الى الاعتقاد بان اشرف الكائنات وهو النبي المصطفى (ص) لم يحقق جميع آماله فى الامة ، فلطالما آذوه فى نفسه واهل بيته ، الى درجة كان يصرح بعدم رضاه على بعض ما يجرى حوله ، بل ان جميع الانبياء لم يصلوا الى ما كانوا يطمحون اليه فى تغيير الوسط الذى يعيشون فيه .. حتى ان موسى (ع) شكى ما يلقاه من الخلق ، طالبا كفهم عن الحديث الذى لا يرضيه، فكان مضمون الخطاب الالهى :ان هذا شيء لم اجعله لنفسي !!

ان شعار العامل فى المجتمع هو : ان على العبد ان يعمل ما فيه رضا ربه من دون ان يتوقع نتيجة سريعه لعمله ، فانه{ ليس للانسان الا ما سعى } ، ولم يقل الا ما انتج .. وقد طلب القران الكريم منا ان نكون خير امة اخرجت للناس نامر بالمعروف وننهى عن المنكر كوظيفة رسالية ، ومن المعلوم ان الموظف الذى اخذ اجرته كامله ، لا يهمه بعد ذلك طبيعه عمله ومدى تاثيره ، بعد ان أدى ما عليه .

واما الاحباط فى تحقيق الامال فى حركة الحياة ، فليعلم الفرد بان الله تعالى خلق الوجود مع ارخاء العنان للعبيد ، للتصرف فى هذا الوجود تحقيقا لعالم الاخذ بالاسباب ، ومن هنا نشأ التضاد فى المصالح .. فكل يريد ان يستغل بنى جنسه لتحقيق مآربه ، وان ادعى ما ادعى من خدمة النوع وما شابه من الدواعى العريضة ، فان حب الذات اقوى الدوافع فى الوجود الانسانى ، و اما الايثار ونكران الذات فلا نجده الا فى االنفوس الصافية ، بطينتها او بالمجاهدة .

واما الاحباط فى مجال التعامل مع الامة ، فليعلم ان الله تعالى أغير على دينه قياسا الى كل من يمكن ان يكون له هاجس الخوف على الدين واهله ، فان صاحب الدين اولى بدينه من اتباع ذلك الدين ، وهو الذى سلط الطير الابابيل على جند ابرهه لما ارادوا الكيد بالبيت ، وهو الذى نصر نبيه بالملائكة المسومة فى معركة بدر . والمدد الالهى للامة ياتى فى الوقت المناسب ، فان نبيه المصطفى (ص) عاش سنوات المعاناه وهى 13 سنة اكثر من سنوات الحكومة وهى 10 سنوات .. والله تعالى لا يعجل بعجلة العباد ، وانما يعجل من يخاف الفوت ، وانما يحتاج الى الظلم الضعيف .. وقد تعالى عن ذلك علوا كبيرا.

ان من موجبات بعث الهمة فى نفوس الامة – وخاصة فى ظروف تغلب الشر – هو تذكر الوعد الالهى القاطع فى كتابه الكريم من استخلاف عباده الصالحين فى الارض ، وان طالت المدة : اختبارا للعباد ، وسوقهم الى قطع الامل من كل مصدر نجاة غير مرتبط بالسماء ، وهو الذى لم يكتب النجاة لبنى اسرائيل الا عندما بلغ الطغيان مداه ( يذبحون ابناءكم ويستحيون نساءكم ) .. ان الاعتقاد بان الارض بدات بمرحلة من الصلاح من ( خلقة آدم ) وتنتهى بالصلاح ( دولة المهدى عليه السلام ) يجعل الانسان لا يضطرب عندما يرى حاكمية غير الله تعالى فى الارض ، وقد ورد ان للباطل جوله وللحق دوله .

Layer-5.png

ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.